العدد 5135 - الثلثاء 27 سبتمبر 2016م الموافق 25 ذي الحجة 1437هـ

دستور أميركا الديمقراطي جعل شخصاً مثلي يُنتخب رئيساً (3)

باراك أوباما comments [at] alwasatnews.com

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

(كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة)

إنني أدرك أن ليس كل بلد موجود في هذه القاعة سيتبع نفس نموذج الحكم. أنا لا أعتقد أن أميركا يمكن -أو ينبغي- أن تفرض نظام حكمنا على الدول الأخرى. ولكن يبدو أن هناك مسابقة متنامية بين السلطوية والليبرالية في الوقت الحالي. وأريد أن يفهم الجميع أنني لست على الحياد في هذه المسابقة. أنا أؤمن بالنظام السياسي الليبرالي - النظام الذي لا يبنى فقط من خلال الانتخابات والحكومة التمثيلية، بل أيضاً من خلال احترام حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والهيئات القضائية وسيادة القانون.

وأنا أعلم أن بعض الدول التي تدرك الآن قوة الأسواق الحرة مازالت ترفض نموذج المجتمعات الحرة. وربما أولئك الذين هم منا والذين يروجون للديمقراطية يشعرون بالإحباط إلى حد ما منذ نهاية الحرب الباردة، لأننا عرفنا أن الديمقراطية الليبرالية لن تصل إلى جميع أنحاء العالم في موجة واحدة. اتضح أن بناء المؤسسات الخاضعة للمساءلة هو عمل شاق - عمل يحتاج إلى أجيال. غالبا ما تكون المكاسب هشة، وأحيانا نأخذ خطوة واحدة إلى الأمام ومن ثم خطوتين إلى الوراء. في البلدان التي جمعتها حدود مرسومة من قبل القوى الاستعمارية، مع جيوب عرقية وانقسامات قبلية، يمكن أحيانا أن تبدو السياسة والانتخابات لعبة محصلتها صفر. وهكذا ونظراً لصعوبة إقامة ديمقراطية حقيقية في مواجهة هذه الضغوط، فإنه ليس من المستغرب أن يجادل البعض أن المستقبل يفضل الرجل القوي، وهو نموذج من أعلى إلى أسفل، أكثر منه كمؤسسات قوية وديمقراطية.

ولكن أعتقد أن هذا التفكير خاطئ. أعتقد أن الطريق إلى الديمقراطية الحقيقية لايزال المسار الأفضل. وأعتقد أن الاقتصادات في القرن الـ 21 يمكن أن تنمو فقط إلى نقطة معينة حتى تحتاج إلى أن تنفتح - لأن أصحاب المشاريع يحتاجون إلى الحصول على المعلومات من أجل الابتكار. يحتاج الشباب إلى التعليم العالي من أجل الازدهار. تحتاج وسائل الإعلام المستقلة للتحقق من إساءات استخدام السلطة. ومن دون هذا التطور، لن تتحقق توقعات الناس في نهاية المطاف. سيتكرس القمع والركود. ويظهر التاريخ أن الأقوياء يواجهون طريقين - طريق القمع الدائم الذي يشعل الصراع في الداخل، أو طريق التضحية بأعداء الخارج، والذي يمكن أن يؤدي إلى حرب.

والآن سأعترف بأن إيماني بأن تخدم الحكومات الفرد وليس العكس تكوّن من خلال قصة أميركا. بدأت أمتنا بوعد الحرية التي طبق فقط على عدد قليل من الناس. ولكن بفضل دستورنا الديمقراطي وشرعة الحقوق وقيمنا المثالية، استطاع الناس العاديون أن ينظموا أنفسهم ويقوموا بمسيرات واحتجاجات وفي نهاية الأمر تمكنت هذه المثل من الفوز - فتحت الأبواب للنساء والأقليات والعمال في سبل جعلت اقتصادنا أكثر إنتاجية وحولت تنوعنا إلى قوة. وهذا أعطى المبدعين الفرصة لتغيير كل مجال من المساعي الإنسانية. الأمر الذي جعل من الممكن لشخص مثلي أن ينتخب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية.

ولذلك نعم، إن وجهات نظري تشكلت من تجارب محددة في أميركا، ولكن لا أعتقد أن هذه القصة حالة فريدة وخاصة بأميركا. انظروا إلى التحول الذي يحدث في دول مختلفة مثل اليابان وتشيلي وإندونيسيا وبوتسوانا. البلدان التي نجحت هي البلدان التي يشعر فيها الناس أن لديهم مصلحة.

في أوروبا، يقف تقدم تلك البلدان في الكتلة السوفياتية السابقة والتي تبنت موقفاً ديمقراطيّاً في تناقض واضح مع تلك التي لم تفعل ذلك. فبالنتيجة، لا يخرج شعب أوكرانيا إلى الشوارع بسبب مؤامرة ما تفرض من الخارج. هم نزلوا إلى الشوارع لأن قياداتهم كانت معروضة للبيع ولم يكن لديهم ملاذ آخر يلجأون إليه. وطالبوا بالتغيير لأنهم رأوا أن حياة الناس أصبحت أفضل في دول البلطيق وفي بولندا والمجتمعات التي كانت أكثر ليبرالية وديمقراطية ومنفتحة أكثر منهم.

ولذلك بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالديمقراطية مثلنا، نحن بحاجة إلى التحدث علنا وبقوة لأن كلا من الحقائق والتاريخ، باعتقادي، هي في صالحنا. هذا لا يعني أن الديمقراطية تخلو من العيوب ولكن هذا يعني أن علاج ما تعانيه الديمقراطيات لدينا يتم من خلال مشاركة وتفاعل أكبر من قبل مواطنينا - وليس أقل من ذلك.

نعم. يوجد الكثير من المال في السياسة في أميركا. يوجد الكثير من التحزب الراسخ. توجد مشاركة ضئيلة للغاية من قبل المواطنين، وهذا يعزى جزئيا إلى الخليط من القوانين التي تجعل من الصعب التصويت. في أوروبا، أصبحت بروكسل ذات النوايا الحسنة غالبا ما معزولة جدا عن الدفع والجذب العادي في السياسات الوطنية. في كثير من الأحيان وفي العواصم، ينسى صناع القرار أن الديمقراطية تحتاج إلى تكون مسيّرة من خلال المشاركة المدنية من الأسفل إلى الأعلى، وليس الحكم من قبل الخبراء من الأعلى إلى الأسفل. وهذه هي المشاكل الحقيقية، وكقادة للحكومات الديمقراطية ولإثبات أهلية نموذج الديمقراطية في الخارج، يجب أن نسعى للعمل بشكل أفضل لنصبح قدوة أفضل في بلداننا.

فضلاً عن ذلك، فإن كل بلد سينظم حكومته على أساس معرفته بقرون من التاريخ، والظروف الجغرافية، والمعتقدات الراسخة لشعبه. لذلك فأنا أدرك أن المجتمع التقليدي يضع قيمة للوحدة والتماسك أكثر من بلد متنوع مثل بلدي، والذي أسس على ما كان في ذلك الوقت فكرة راديكالية - فكرة حرية الأفراد الذين وُهبوا حقوقا معينة من الرب. ولكن هذا لا يعني أن الناس العاديين في آسيا، أو إفريقيا، أو في الشرق الأوسط يفضلون بطريقة أو بأخرى الحكم التعسفي الذي يحرمهم من صوت في القرارات التي يمكن أن تصيغ حياتهم. وأعتقد أن هذه الروح هي عالمية. وإذا كان أحدكم يشك في شمولية تلك الرغبة، استمعوا إلى أصوات الشباب في كل مكان والذين يدعون للحرية والكرامة وفرصة التحكم بحياتهم الخاصة.

وهذا يقودني إلى الشيء الثالث الذي نحتاج لأن نقوم به ألا وهو يجب علينا أن نرفض كل أشكال الأصولية، أو العنصرية، أو الإيمان في التفوق العرقي الذي يجعل هوياتنا التقليدية غير متماشية مع المدنية. وبدلا من ذلك، نحتاج إلى اعتناق التسامح الذي ينبع من احترام جميع البشر.

من البديهي أن يؤدي الاندماج في الاقتصاد العالمي إلى تصادم الثقافات، والتجارة، والهجرة، وشبكة الانترنت، ويمكن لكل هذه الأشياء أن تمثل تحديا وزعزعة هوياتنا التي نعتز بها. ونحن نرى المجتمعات الليبرالية تعبر عن معارضتها عندما تختار النسوة أن يغطين أنفسهن. ونحن نرى الاحتجاجات ردا على نشر الرسوم الكاريكاتورية الغربية التي تصور النبي محمد. في هذا العالم الذي ودع عصر الامبراطورية، نرى روسيا تحاول استعادة المجد الضائع عن طريق القوة. تتجادل القوى الآسيوية بخصوص المطالب المتضاربة للتاريخ. ونرى الناس في أوروبا والولايات المتحدة تتصارع مع المخاوف بشأن الهجرة والتغير الديموغرافي، والإيحاء بطريقة أو بأخرى أن الناس الذين يبدون مختلفين يفسدون طابع بلداننا.

إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"

العدد 5135 - الثلثاء 27 سبتمبر 2016م الموافق 25 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 6:37 ص

      هل انتم فعلا تستحقون الديموقراطية؟ لا اعتقد ذلك والدليل العراق ولبنان واليمن وإيران. ..

    • زائر 9 | 3:51 ص

      الانتخابات التعددية في امريكا اثبتت ان هناك فريقان فقط يتنافسون على المناصب الجمهوريون و الديمقراطيون و هي انتخابات لا ترقى لديمقراطية حقيقية و ما يحكم الشعب هو نظام اشبه بالمافيات و اللوبيات تحركه المصالح و الغلبة لمن يدفع اكثر اخلاقيا و ماديا. وامريكا صارت اشبه بالقنبلة الموقوتة القريبة للانفجار. وهي لا تصلح ان تكون مثالا يحتذى به على كل حال.

    • زائر 7 | 1:28 ص

      حلال عليك وحرام على غيرك؟
      ليس تدعمون انظمة لا تتمتع بأضعف انواع الديمقراطية ؟

    • زائر 6 | 1:10 ص

      الديمقراطية جعلت مثلك رئيسا امريكا
      وجعلت مني أنا كمواطن بحريني لا استطيع الحلم بالعمل في أهم وزارات الدولة (لا استطيع مجرد الحلم)

    • زائر 11 زائر 6 | 6:43 ص

      لن يغيّر الله ما بقومٍ متي يُغٓيّروا مابأنفسهم

    • زائر 5 | 1:05 ص

      بريطانيا وأمريكا يمارسان الديمقراطية ويتنعمان بها لكنهم لا يرتضون لباقي الشعوب فماذا يعني ذلك؟

    • زائر 4 | 1:03 ص

      انها قمة الانانية ان تفخروا بالديمقراطية في بلدكم وتمنعونها من شعوب أخرى
      الا ترى يا سيادة الرئيس انكم متناقضون في ذلك؟

    • زائر 2 | 12:50 ص

      صباح الخير

      كلام جميل لهادا يا سيد الرئيس أوباما انتم عجزتم كسر حاجز بينكم وبين الرؤس كما كان الاتحاد السوفيتي السابق الضعيف روسيا ليست أفغانستان التي جلبتم اليها كل حثالات الأرض من مرتزقة ووحوش بربريه بنكته الشيوعية والماركسية اليوم روسيا هيه بوتن لا تهاب أحد

    • زائر 1 | 11:27 م

      وهل كنت الشخص الاكثر استحقاقاً أو الاكثر صلاحاً للحكم ؟؟؟

اقرأ ايضاً