العدد 5140 - الأحد 02 أكتوبر 2016م الموافق 01 محرم 1438هـ

بحث في علاقة الشيخ عيسى بن علي والملك عبدالعزيز... والتمثيلات الثقافية

«الوثيقة» في عددها الثاني، المجلَّد 33 لشهر يوليو الماضي...

الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن  - الشيخ عيسى بن علي
الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - الشيخ عيسى بن علي

قدَّمت وتقدِّم دورية «الوثيقة» التي تصدر عن مركز عيسى الثقافي، إضافات جادَّة في الحقل التوثيقي والتاريخي، باستقطابها باحثين جادِّين، ساعدها على ذلك استعانتها بمحكِّمين مؤهلين في المحاور التي تتناولها، ما يجعلها متوافقة مع المعايير العالمية المعتمدة في الدوريات العلمية المحكَّمة.

تركَّزت معظم أوراق وبحوث العدد على موضوعات تناولت حقبة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن علي، وعلاقته بالعاهل مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، وأخرى تناولت شخصيته من خلال معاصرية، ضمن دراسة في التمثيلات الثقافية وإشكاليات التأويل».

نعرض هنا تلخيصاً لأهم ما احتواه العدد الثاني، المجلَّد 33 من الدورية، لشهر يوليو/ تموز 2016، من بينها أربع أوراق علمية رصينة في تاريخ البحرين السياسي والثقافي الحديث، تناقش الأولى «علاقة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة بالإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل»، ليوسف الثقفي، أما ورقة خليفة ياسين بن عربي «واقع وتطور الشعر والأدب في البحرين في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة (1351 – 1286هـ/ 1869 - 1932م)، فتتناول عجلة الحراك الثقافي، وتوثيق مظاهر الارتقاء بالشعراء وبالآداب وبالفنون وبالصحافة. وحملت ورقة ضياء الكعبي عنوان «الشيخ عيسى بن علي آل خليفة من خلال معاصريه: دراسة في التمثيلات الثقافية وإشكاليات التأويل»، وفي الفضاء نفسه يتناول منصور سرحان «معالم الحركة الثقافية في البحرين في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين». وورقة في التاريخ القديم للجزيرة العربية. وورقة «النشاط الكشفي والتجاري للبطالمة في سواحل البحر الأحمر وأثره على تجارة عرب الحجاز وجنوب الجزيرة العربية خلال الفترة من 305 إلى 221 ق.م» لأحمد بن صالح العبَّادي، أما ورقة خلفان بن زاهر الحجي فناقش فيها «تحديات وحلول رقمنة المخطوطات»، وورقة أخرى لحليمة عمايرة بعنوان «نافذة على إعادة تحقيق كتب التراث وإخراجه: كتاب المسائل العسكريات لأبي علي الفارسي أنموذجاً»، و»عندما صنعت النخب الخليجية تاريخها المعاصر لعبدالله يتيم.

العلاقة التاريخية

يقدم يوسف الثقفي ملخصاً لبحثه الذي يتناول علاقة الشيخ عيسى بن علي بالإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، من خلال الوثائق، حيث يشير إلى أن البحث يدرس طبيعة العلاقات بينهما، منذ وصول الملك عبدالعزيز مع أسرته إلى البحرين سنة 1309هـ/ 1891م، حتى زيارته في العام 1348هـ/ 1930م، منوهاً إلى أن الإمام عبدالعزيز كان خلال تلك الفترة ملقباً بالإمام والذي قد استُبدل بلقب الملك بعد اكتمال توحيد المملكة السعودية في العام 1351هـ/ 1932م.

ويعتمد البحث على مجموعة من أرشيف سجلات وزارتي الخارجية البريطانية والهندية «لما لهما من دور في إقليم الخليج العربي إبان فترة الدراسة»، كما يتوغل البحث عميقاً في توثيق مؤازرات الشيخ عيسى بن علي إبان معارك بناء وتوحيد الدولة السعودية «فضلاً عن دعمهما لتوجهات الوحدة العربية». ومن خلال مرجعية الوثائق، يوضح البحث أن السياسة البريطانية لم تكن موافقة على حُسن العلاقات بين القيادتين إلا في حالات الاضطرار، منهياً البحث تلخيصه لأبرز المعلومات التي استند إليها، مع قائمة ببلوغرافيا للمراجع والوثائق، ومصادر الكتب.

الأدب في عهد الشيخ عيسى بن علي

دراسة خليفة بن عربي «واقع وتطور الشعر والأدب في البحرين في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة (1351 - 1286هـ/ 1869 - 1932م)، تسلِّط الضوء ابتداء، على النهضة الأدبية الكبرى في الوطن العربي، منذ حملة نابليون بونابرت الفرنسية على مصر، وإدخالها للمطابع والمجامع العلمية للمرة الأولى في التاريخ العربي المعاصر، مروراً بالمشروع التنويري الشامل إبان عهد محمد علي باشا والخديوية، ممثلاً في البعثات العلمية الأولى وتطوير التعليم، بالإضافة إلى ما منيت به بلاد الشام من بروز أدبي واضح لكثير من الأدباء؛ علاوة على انعكاس النهضة الأدبية على الوطن العربي الكبير، وعلى منطقة الخليج العربي عموماً، والبحرين خصوصاً.

كما تتناول الدراسة عوامل النهضة في منطقة الخليج العربي «التي هي في الأصل امتداد تاريخي لثقافة عريقة منذ ما قبل الإسلام وبعده». مشيرة إلى واقع الثقافة في عهد الشيخ عيسى بن علي «التي كانت تتسم بالانفتاح وبالتنوع، نظراً لتوفر بيئة الاستقرار السياسي والاقتصادي»، وما نتج عن ذلك من قيام التعليم النظامي، واستجلاب الصحف والمجلات العربية، وإنشاء المكتبات الأهلية والمدارس الدينية.

ويوضح بن عربي أن الفترة تلك بما اكتنفها من ملامح وجود مدارس التبشير، جسدت حافزاً كبيراً ودافعاً قوياً للمثقفين ليقوُّوا من مداركهم العلمية والفكرية لمواجهة المد التبشيري، وجعلت الواقع الثقافي يتسم بثراء وانفتاح فكري وأدبي متميز، تزاحمت فيه الثقافات وتناظرت بشكل لافت.

كما تستعرض الدراسة تطور الحالة الشعرية والأدبية في عصر الشيخ عيسى بن علي، منوِّهة إلى شاعرية الشيخ عيسى نفسه، مع الإشارة إلى العديد من نصوصه في الشعر النبطي والفصيح، والتواصل الدائم والوثيق بين الشيخ عيسى بن علي مع شعراء عصره، حيث «سُجِّلت بينه وبين مجموعة منهم محاورات ومعارضات شعرية، يُذكر منها نموذج المحاورة مع ابن عمه الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة». كما تتناول الدراسة ظهور النوادي الأدبية، وتنظيم الفعاليات الأدبية في تلك الفترة، ونشاط المجادلات الفكرية والأدبية.

التمثيلات الثقافية وإشكاليات التأويل

يقدِّم بحث ضياء الكعبي «الشيخ عيسى بن علي آل خليفة من خلال معاصريه: دراسة في التمثيلات الثقافية وإشكاليات التأويل»، بحسب ملخصها «مقاربة ثقافية تأويلية لحقبة تاريخية تعد من أهم الحقب الإشكالية والمؤسِّسة لتاريخ البحرين الحديث»، في عهد الشيخ عيسى بن علي. وترى الكعبي أن الإشكالية تلك «تكمن في وجود عهد إصلاحي سياسي قائم على المناصحة الوطنية بين الحاكم والمحكوم دشَّنه الشيخ عيسى بن علي، ومهَّد به الطريق لنشوء الدولة المدنية الحديثة في البحرين منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتى الربع الأول من القرن العشرين، حيث شهدت هذه الفترة تجليات بزوغ الحركة الوطنية البحرينية، وبدايات تشكّل الوعي السياسي عند نخبة من مثقفي البحرين لمناهضة الهيمنة والسيطرة البريطانية بشقيها العسكري وخطابها السياسي».

ويتألف بحث الكعبي من تمهيد تاريخي يستعرض بواكير الحركة الثقافية في البحرين في عهد الشيخ عيسى بن علي «من خلال أبرز المؤثرات الثقافية المشكِّلة والحاكمة لها». أما المحور الآخر من البحث فينهض على بيان تلقِّي الشيخ عيسى من خلال معاصريه، وهو تلقٍ يرتكز على معاصريه من المثقفين والشعراء والأدباء والرحَّالة والمؤرخين البحرينيين والعرب والأجانب.

يكشف بحث الكعبي في خاتمته، تناولها لتمثيلات الشيخ عيسى بن علي بين معاصريه المثقفين «عن ثراء التمثيلات وقابليتها لتعدد القراءة والتأويل وفقاً لأنساقها السياسية والفكرية والثقافية الصادرة عنها»، إذ ترى أن عهد الشيخ عيسى بن علي كان عهداً مؤسِّساً وإشكالياً؛ إذ ظهرت فيه إرهاصات عصر التنوير البحريني الحديث، وعهد تأسيس الدولة المدنية الحديثة، وإنشاء المؤسسات الثقافية الأهلية الرائدة على مستوى دول الخليج العربي.

غلاف العدد
غلاف العدد




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً