العدد 2495 - الأحد 05 يوليو 2009م الموافق 12 رجب 1430هـ

مؤشرات «الحكم الصالح» جرس إنذار لتحسين «التمثيل السياسي» و«مكافحة الفساد»

طالبوا بديمقراطية المشاركة والتمثيل العادل للشعب... فعاليات وطنية:

اعتبرت فعاليات وطنية موقع البحرين في مؤشرات الحكم الصالح التي أصدرها «البنك الدولي» بمثابة جرس إنذار للحكومة لتحسين المؤشرات التي شهدت تراجعا فيها، والمتمثلة في (التمثيل السياسي والمساءلة، وجودة الإجراءات، ومكافحة الفساد)... وطالبت الفعاليات الحكومة الالتزام جديا بمكافحة الفساد واعتمادها كسياسة رسمية، والشفافية في المعلومات، وتحقيق التمثيل العادل والحقيقي للشعب، وتطبيق «ديمقراطية المشاركة»، وخصوصا في ظل تراجع مؤشرات الحكم الصالح في البحرين بالمقارنة مع دول تتوافق معها في المساحة والأنظمة، كموريشيوس وسنغافورة.

وكان التقرير الذي أصدره «البنك الدولي» في 29 يونيو/ حزيران الماضي قد أشار إلى أن البحرين تقدمت، عند مقارنة العام 2008 بالعام 2007، في مؤشرين هما (الاستقرار السياسي، وفاعلية الحكومة) وتراجعت في ثلاثة مؤشرات هي (التمثيل السياسي والمساءلة، وجودة الإجراءات، ومكافحة الفساد)، بينما لم يتغير الوضع بالنسبة لمؤشر «حكم القانون».

وفي هذا الصدد، وصف رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب عبدالجليل خليل تقرير البنك الدولي بـ»الدقيق»، معتبرا أن تراجع الحكومة في ثلاثة مؤشرات هو نتيجة منطقية، وخصوصا فيما يتعلق بالتمثيل السياسي والمساءلة ومكافحة الفساد، مبينا أنه وعلى رغم الدعوات التي صدرت من ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بشأن مكافحة الفساد، فإن الأمر لم يتحول بعد إلى ممارسة عملية والتزام جدي من قبل الحكومة في التعاطي مع هذا الملف.

وقال: «حتى تصبح هذه الدعوات جدية في شأن المساءلة ومكافحة الفساد، فإن هذا الموضوع يتطلب أولا الشفافية في المعلومات ثم الإجراءات القانونية في شأن من يرتكب تلك المخالفات». وأضاف «في تقديري فإن الشفافية في المعلومات، لم تصل للمستوى المطلوب، وأكبر مثال على ذلك الحسابات الختامية التي رفضتها اللجنة المالية للعامين 2006/2007 وذلك بعد أن امتنعت بعض الوزارات عن تسليم المعلومات المطلوبة، فبين 39 رسالة لطلب المعلومات لم تتسلم اللجنة المالية إلا 8 رسائل».

وأوضح خليل «طلبنا كلجنة مالية معلومات منها ما يتعلق بمشتريات الأسلحة وبعض مصروفات تنفيذ المشروعات للتأكد أن ما اعتمد في الموازنة صُرف للغرض نفسه ولم يذهب لأية جهة أخرى، ولم نحصل على معلومات. كما يجب التذكير بشبهة الفساد في شراء الأمونيا من الشركة الأميركية «ألكوا»، والتي تراوحت الأرقام بين مليار ونصف وملياري دولار، وعلى رغم أن سويسرا فتحت القضية في المحكمة، ووزارة العدل الأميركية أيضا دخلت على الخط، إلا أن موضوع «ألكوا» لم يفتح في البحرين، وسعت اللجنة المالية للاطلاع على تفاصيل هذه القضية في أكثر من اجتماع ولم تحصل على المعلومات المفصلة الدقيقة للموضوع، وعلى هذا الأساس اضطرت اللجنة المالية الى رفض الحساب الختامي للعام 2005 في وقت سابق، وتبعه بعد ذلك الحساب الختامي للعامين 2006 و2007».

وفي الوقت نفسه أشاد خليل بالخطوة التي قام بها رئيس مجلس إدارة شركة «ألبا» محمود الكوهجي في موضوع شركة «غلينكور»، لافتا إلى أن اللجنة المالية التقت برئيس الشركة للاطلاع على تفاصيل الصفقة المالية التي تمت مع شركة «غلينكور»، وأن هذا اللقاء ستتم متابعته أيضا من قبل اللجنة مع المعنيين باعتبار أنه كان اللقاء الأول الذي يتطلب متابعة مستمرة من قبل اللجنة.

وقال: «كل تلك أدلة تشير إلى غياب الشفافية وتقود بالنتيجة إلى تراجع البحرين في موضوع المساءلة ومكافحة الفساد، وهذا أيضاَ يتطابق منطقيا مع ما نشر في تقرير مؤشر الحكم الصالح، ومع الأسف تتراجع البحرين عن مالطا وسنغافورة التي يتوافق وضعها مع البحرين من حيث المساحة والأنظمة».

وتابع: «على رغم أن البحرين تأتي في المرتبة الخامسة على مستوى العالم العربي بشأن التمثيل السياسي والمحاسبة ومكافحة الفساد، إلا أن ذلك لا يعد مقبولا أبدا وخصوصا إذا ما قورنت ببعض دول الخليج التي تقدمت علينا على رغم أنها لا تمتلك هامشا من الحرية الصحافية أو مجلسا نيابيا أو مجتمعا حيويا كما هو الحال في قطر وعُمان والإمارات».

وأكد خليل أهمية مؤشرات الحكم الصالح لقياس مستوى التقدم والتراجع، منوها بضرورة أن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لتعديل مرتبة البحرين بما يتناسب ووضعها السياسي، وألا تكتفي بالشعارات أو النداءات التي تصبح فقاعات تتلاشى عند ملامستها للأرض، على حد تعبيره.

وشدد على أهمية أن تقوم الحكومة بتوفير المعلومات والالتزام بمبدأ الشفافية وعدم تغييب المعلومات بحجة وبلا حجة، لافتا إلى دور اللجنة المالية في استخدام كل الوسائل الدستورية والقانونية من أجل الحصول على المعلومات أو استخدام الأدوات البرلمانية من أجل التأكد والتحقق من عدم وجود ممارسات يشوبها الفساد، مؤكدا أهمية دور مجلس النواب الممثل للشعب في السعي جديا لحماية المال العام والحفاظ عليه من أجل أن تكون للبحرين مكانة تتناسب ووضعها الاجتماعي والثقافي والسياسي.

واختتم حديثه بالقول: «لا بد من الدفع مجلسا وحكومة باتجاه إقرار قانون حق الحصول على المعلومات، وكذلك هيئة مكافحة الفساد، باعتبارها آليات ضرورية لمكافحة الفساد بغيرها يصبح الكلام شعارا في الهواء، إذ لا يمكن القبول بتاتا بالتساهل في موضوع مكافحة الفساد الذي يمكن من خلاله الاستفادة من الأموال التي تم تضييعها في مشروعات تنموية».

ومن جهتها، قالت المحامية جليلة السيد في تعليقها على تقييم مؤشرات الحكم الصالح في البحرين: «ما يُؤسف له أن ما كان يروج له من أن مشاركة قطاعات أكبر من المواطنين في الانتخابات النيابية سيقود إلى تمثيل أكثر توازن لشعب البحرين قد أثبتت الوقائع على الأرض أنه أمر بعيد عن الواقع بدلالة النتائج التي طالعنا بها تقرير «البنك الدولي» والتي تثبت أن مستوى التمثيل السياسي قد تدنى».

وتابعت «إن ذلك يقودنا مرة أخرى إلى الحديث عن الأسباب ذاتها التي نراها عائقا من دون تحقيق تمثيل عادل وحقيقي لشعب البحرين في مؤسسات الحكم القائمة، ونقصد بذلك غياب الأساس الحقيقي الذي تقوم عليه فكرة الديمقراطية».

وأضافت «ما دام مستوى الديمقراطية في تراجع، وتلك بالنسبة إلي هي الحال في البحرين، فإن النتيجة الطبيعية لذلك أن يتناقص التمثيل السياسي لشعب البحرين في مؤسسات الحكم، وكنتيجة طبيعية لتغييب دور المواطن الفاعل في رسم سياسات وطنه فإن دوره الرقابي بالتبعية يتقلص وهو ما يخلق بيئة ملائمة ليرتع فيها الفساد والمفسدون».

واعتبرت السيد أنه مع عدم المواجهة بصدق ووضوح مع الأسئلة الكبرى والمتمثلة فيما إذا كان بالإمكان قبول مثل هكذا مستوى متدنٍ من التمثيل الشعبي والصلاحيات لممثلي الشعب في مؤسسات الحكم، فإن البحرين ستظل تراوح مكانها فيما يتعلق بكل المسائل الأخرى المترتبة على ذلك، بما في ذلك تراجع مستوى الخدمات والحقوق.

أما الأمين العام للجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري فأشار إلى أن حلول البحرين في المرتبة السادسة عربيا على صعيد مستوى «التمثيل السياسي» بحسب المؤشر، يؤكد أن طرح التغيير في نظام المشاركة السياسية ليس مطلب شخصيات بحرينية فقط وإنما يؤكده «البنك الدولي»، ما يعني أن الأمر أصبح ملحا، وأضاف «من الواضح أن التمثيل السياسي في السلطة التشريعية يكتنفه خلل واضح، وهذا ما يتطلب تغييرا حاسما ونوعيا في مسألة التمثيل السياسي، وخصوصا على صعيد صلاحيات مجلس النواب وطريقة الانتخاب والدوائر النيابية والاقتراحات الأخرى العديدة».

وتابع «ما يُطرح في العالم حاليا هو ديمقراطية غير تمثيلية وإنما ديمقراطية المشاركة، وهذا يعني أن كل فئة اجتماعية من مكونات السكان يجب أن يكون لها دور بطريقة ما في إدارة الدولة لشئونها، وهذا ما يسمى بديمقراطية المشاركة، ومن الواضح أن البحرين بعيدة عن ذلك».

وفي تعليقه على موقع البحرين في المرتبة الثانية عربيا في مؤشر «الاستقرار السياسي»، قال العكري: «نحن لا نعيش في وضع مستقر من دورات العنف والاعتقالات والمحاكمات، وأصبح الأمر متكررا، ويجب على الدولة أن تعيد النظر في المعالجات الأمنية للمشكلات الاقتصادية والسياسية، فطريقة الحل الحالي عقيمة ولا تؤدي للاستقرار الذي يعتبر معيارا مهما للاستثمارات».

وأشار إلى أن مؤشر «فاعلية الحكومة» يقاس في تنفيذ البرامج المعتمدة، وأن هناك كثيراَ من المشروعات معلقة، أبسطها مشروع المدينة الشمالية الذي لم تعرف له موازنة بعد، ومشكلة الإسكان، واستمرار البطالة بين الخريجين، والبيوت الآيلة للسقوط، معتبرا ما سبق أدلة على وجود مشكلة في الخدمات التي تقدمها الحكومة، وقال: «فاعلية الحكومات العربية جميعها متدنية ومن الممكن أن تكون الدول المتقدمة على البحرين تتوافر فيها الإمكانات المادية، إلا أن البحرين تتميز بكادر مميز، غير أنها قد لا تستغل هذا الكادر بصورة جيدة».

وتطرق العكري إلى السياسة المعلنة للحكم الصالح كما عبر عنها البيان المشترك لرئيس الوزراء وولي العهد بشأن مكافحة الفساد والتصديق على اتفاقية مكافحة الفساد من قبل الحكومة، وهو ما اعتبره خطوة إيجابية بحاجة لأن تتحول إلى آلية وتشريعات وهيئات لمكافحة الفساد.

وأضاف: «حتى الآن مكافحة الفساد هي نوايا معلنة لم تتحول إلى سياسة رسمية، وهناك حاجة لإقرار الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وإصدار تشريعات تترجم هذه الاتفاقية، وآليات لتتنفيذها، كما أننا بحاجة إلى هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، وإلى أن تتحرك النيابة العامة للتحقيق في قضايا الفساد التي تناولتها الصحف المحلية، والأهم من ذلك وجود إرادة سياسية لمكافحة الفساد».

كما أشار إلى أن مؤشر «حكم القانون» يقاس بتطبيق القانون على الجميع وأن يكون القانون عادلا، معتبرا أن قانون العقوبات غير عادل، ولا يطبق على الجميع، مشيرا بذلك إلى قضية «ألبا» التي حوكم عليها الصغار وترك الكبار، على حد تعبيره.

وأكد العكري أهمية معايير الحكم الصالح التي يعتمدها البنك الدولي لتقييم البلدان، وخصوصا على صعيد الاستثمار والتجارة وغيرها، آملا أن يكون التقرير قد دق جرس إنذار للحكومة وأن تأخذ في الاعتبار ما تضمنته مؤشرات الحكم الصالح للبحرين.

ومن جانبه أرجع الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي تقدم مؤشر البحرين بشأن «الاستقرار السياسي» إلى مشاركة المعارضة في الانتخابات الأخيرة، وهو ما أدى لوجود نوع من الثقة السياسية.

أما بشأن تراجع مؤشر «التثميل السياسي والمساءلة»، فاعتبر الدرازي أن عدم مشاركة المجتمع بشكل متساوٍ في التمثيل السياسي على مستوى الوظائف العامة من ناحية، ناهيك عن عدم وجود نظام تداول السلطة كما هو موجود في دول أخرى، ناهيك عن عدم وجود التمثيل الجندري في الحكومة سبب تراجع مؤشر البحرين.

كما أشار الدرازي إلى اقتراح تشكيل هيئة للفساد وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل الحكومة، ناهيك عما اعتبره أنه عدم تقدم في وضع اليد على أماكن الفساد، وعدم تقديم الفاسدين سواء الفساد الإداري أو المالي إلى محكمة علنية.

واعتبر أن التأخر في تنفيذ الإجراءات يؤدي إلى تعطيل الكثير من القضايا على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، الأمر الذي يستدعي حلحلة في هذا المجال.

وعن ثبات مؤشر البحرين في «حكم القانون»، قال الدرازي: «ربما ان عدم وصولنا لمرحلة مساواة الجميع أمام القانون من دون تمييز سبب عدم تقدم البحرين في هذا المجال، وبالتالي فإنه على رغم القوانين المتطورة الموجودة فإن المشكلة تكمن في التطبيق بشكل تام ومن دون تمييز».

وأضاف «بشكل عام هناك تطور في مؤشر البحرين بالنسبة للحكم الصالح، ونأمل ألا ينظر إلى هذه التقارير نظرة سلبية وإنما بشكل إيجابي وكيفية الاستفادة منها، وأخذ الانتقادات الموجهة لها برحابة صدر والبدء في الاستفادة منها وتطبيق ما جاء بها على الأقل في الأمور التي قد لا تستغرق وقتا طويلا».

وأشار إلى أن تقدم البحرين في مؤشري «فاعلية الحكومة» و «الاستقرار السياسي» حدث لأن الحكومة بدأت بأخذ الأمور بشكل إيجابي، مؤكدا ضرورة البدء في دراسة كيفية إمكان تطبيق ما جاء في هذه التقارير بشكل سريع ليعكس الصورة الأفضل للبحرين.

يذكر أن البنك الدولي يصدر تقريره عن الحكم الصالح منذ العام 1996 لجميع بلدان العالم، ويعرّف البنك الدولي الحكم الصالح بأنه «ذلك الحكم الذي يتألف من تقاليدَ ومؤسساتٍ تستخدم لممارسة السلطة صلاحياتها، وتشمل العملية التي يتم بها اختيار الحكومات، ورصدها ومحاسبتها وتبديلها سلميا، وقدرة الحكومة على صوغ سياسات سليمة وتنفيذها على نحو فعّال، مع احترام المواطنين والدولة للمؤسسات التي تحكم التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية في ما بينها».

العدد 2495 - الأحد 05 يوليو 2009م الموافق 12 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً