العدد 5159 - الجمعة 21 أكتوبر 2016م الموافق 20 محرم 1438هـ

القطان: كل مسلم مظلوم أو معتدى عليه فهو أهل للنصرة السياسية والإعلامية والعسكرية

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن «كل مسلم مظلوم في دينه أو في دنياه، أو معتدى عليه في نفسه أو في أهله أو ماله، فهو أهل للنصرة.

القطان في خطبته يوم أمس الجمعة (21 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، التي عنونها بـ «نصرة المظلومين في عصر الظلمة»، أوضح أن «المسلم يلحق في وجوب النصرة أهل الذمة والمعاهدين في دار الإسلام، وكل مستضعف في الأرض أياً كان دينه أو جنسه أو لغته».

وبيّن أن «للنصرة في الإسلام صوراً متعددة وأنواعاً مختلفة، منها النصرة الإغاثية وتكون بتوفير ما يحتاج إليه المعتدى عليه من طعام أو شراب أو دواء وغير ذلك من ضرورات الحياة، والنصرة الإعلامية، ونعني بها الإعلام بالظلم الواقع على المظلومين والتشهير بجرائم الظالمين، بالصوت والصورة، أو بالقلم والريشة، أو بالنثر والقافية، وبكل وسيلة إعلامية متوفرة، والنصرة السياسية، وهي التدابير الكفيلة بنصرة المظلوم، مما يقوم بها الحكام والقادة وأهل الحل والعقد من المسلمين، من إدانة الظلم وملاحقة الظالمين وسن القوانين الصارمة لرعاية الحقوق، ثم تسخير جميع أجهزة الدولة في تحقيق ذلك.

وأوضح أن من أنواع النصرة أيضاً «النصرة العسكرية، وتكون بقتال الظالمين المعتدين على حقوق الناس والمنتهكين لأعراضهم، أو بإعانة المعتدى عليهم ومدهم بما يدفعون به الظلم، ومنها النصرة بالدعاء، وهي من أهم أنواع النصرة وأنفعها للمنصور، وأفتكها بالمنصور عليه، وهي مع ذلك ذات طبيعة إيمانية لا يمارسها إلا أهل الإيمان بالله عكس الأنواع الأخرى من النصرة، ومع ذلك فإن بعض الجهلة أصلحهم الله، وضعاف الإيمان من المسلمين، يهونون من شأن الدعاء والله المستعان».

وأردف قائلاً: «لقد كان خلق النصرة للمظلوم، من أبرز وأظهر الأخلاق عند المسلمين حكاماً ومحكومين»، لافتاً إلى أن أخلاق المسلمين كانت «نجدة وعزة وكرامة وهيبة ونصرة للمظلوم».

وتساءل إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي: «هل من وثبة لنصرة المظلومين في أقطار الأرض ودول العالم التي يتعرض فيها المسلمون للقتل والسجن والحرب والتعذيب والانتقاص من الحقوق وإهدار الكرامات؟ سواء كانت هذه الأفعال من الظلمة والطغاة في مجتمعات المسلمين أو حتى من قبل الأعداء المتربصين بالأمة».

وانتقد عدم نصرة المظلومين، ومن تنتهك أعراضهم وتنتهك كرامتهم، ويُسلب مالهم، مشيراً إلى أن هذا الأمر «أصبح ضائعاً وغريباً في حياتنا».

ودعا للنظر إلى «حال المسلمين في هذا العصر والزمان، في بعض البلدان، كيف يمارس الظلم على المستضعفين منهم، ويستغيث هؤلاء بإخوانهم، ولا يجدون من يتحرك لنصرتهم، ويأخذ لهم حقهم، ولو حتى بأبسط أدوات النصرة ووسائلها!، بالكلمة، والنصيحة، والزجر، والدلالة على الخير، وبذل المعروف، وكف الأذى عن صاحب المظلمة، والدعاء للمظلومين، أو على الأقل أن يشعر المرء بتأنيب الضمير، ويعتذر إلى الله بضعفه وعدم قدرته... ولكن تجد الكثير منا إلا من رحم الله، يتفرج ويشاهد ويسمع ولا يتأثر أو يحس، أو على الأقل لا يتمعر وجهه غضباً لله وإنكاراً لهذا المنكر».

ورأى أنه «لذلك تضيع حقوق، وتهدر كرامات، ويشيع الظلم، ويعم البلاء، وتتعدد المظالم، ويكثر الظلمة، ويتطاول الإنسان على أخيه الإنسان من دون خجل أو حياء».

وأكد أن «هذا الموقف السلبي لا يمكن أن يكون مقبولاً من أحد -حاكماً كان أو محكوماً- في دنيا المسلمين وحياتهم»، مبيناً أن «نصرة المظلوم من الفروض الكفائية فإذا قام بها البعض وتمت النصرة سقطت عن الباقين في المجتمع المسلم، وإذا لم يقم بها أحد أثم من كان مستطيعاً وعنده القدرة على ذلك».

وقال: «انظروا إلى التأريخ وهو يحدثنا عن موقف إنساني فذ فريد للنبي محمد (ص) قبل بعثته، أعطاه القيمة الكبرى بعد البعثة، وهو موقفه في حلف الفضول، وحلف الفضول كان تجمعاً وميثاقاً إنسانياً تنادت فيه المشاعر الإنسانية لنصرة الإنسان المظلوم، والدفاع عن الحق المضيع، لم تحدثه سلطات، ولا قوى دولية، بل أنشأته قوى اجتماعية بدوافع إنسانية، وإحساس وجداني عميق بضرورة نصرة المستضعفين والمظلومين».

ولفت إلى أن «القائم بخلق النصرة يجب أن يكون الباعث على قيامه بهذا الخلق قصد وجه الله تعالى، ومنع الظلم بأنواعه، وتحقيق العدل على جميع الناس، وإعانة الفقراء والمحتاجين على لوازم الحياة الكريمة، فلا ينتصر لعرق أو حزب أو طائفة، أو ينصر أحداً لطلب مال أو شرف أو جاه، فكل ذلك من خصال الجاهلية، وطباع البهيمية السافلة».

وقال أيضاً: «لقد حرص الإسلام على أن يعيش أبناؤه في ترابط وتعاون وتكافل وتناصر واتحاد؛ حتى يسود المجتمعَ الأمنُ والأمان، والمحبة والحنان؛ الحقوق محفوظة ومصونة، والواجبات معروفة ومطلوبة، من شأنها أن تشد الروابط بين المسلمين، وتزيد الألفة فيما بينهم في مشارق الأرض ومغاربها، وتحفظ وحدتهم، وتصون كرامتهم، وتحفظ حقوقهم».

وأضاف «المؤمن شأنه أن يعيش عزيزاً؛ فهو يحمل رسالة عظيمة، وينتمي لأمة عظيمة، ورسوله (ص) أعظم الرسل، وبقدر تمسك الفرد منا بهذه القيم والواجبات، وجعلها نظام عمل في هذه الحياة، بقدر ما يكون قريباً من الله، قريباً من خَلقه».

وذكر القطان أن «من أهم الواجبات والحقوق، التي على المسلم لأخيه المسلم، ما ورد في حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ (رض) قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ (ص) بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وإتباع الْجَنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوِ الْمُقْسِمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ... الحديث».

وتساءل أيضاً: «أين نحن من القيام بهذه الحقوق والواجبات؟، كما أمرنا رسول الله (ص)؟ قد نقوم ببعض هذه الحقوق مع تقصيرنا الشديد فيها، فمنا من قد يزور مريضاً، وآخر قد يشيع جنازة، ويشمت عاطساً، وآخر قد يجيب الداعي ويبر القسم؛ لكن، أين من ينصر مظلوماً في هذا الزمان؟ وما أكثر المظلومين في زماننا! وكم يرى الناس من إنسان ينتهك عرضه، وتداس كرامته، ويسلب ماله، ويسفك دمه، ثم لا يجد من ينصره أو من يقف بجانبه! وأصبح هذا الحق والواجب ضائعاً وغريباً في حياتنا».

العدد 5159 - الجمعة 21 أكتوبر 2016م الموافق 20 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:22 ص

      بارك الله فيكم شيخنا الكريم ، لسان فصيح وكلام موزون ، الوحده والوقوف مع المستضعفين في العالم واجب الجميع ، فما نوع التفرقه الطائفيه التي يستغلها البعض الا يجب علينا الوقوف مع الجميع بدون استثناء ولم لم نقف مع المضطهدين والمستضعفين في البلاد ، اللهم نسألك الامن والامان

    • زائر 4 | 2:22 ص

      اتمنى ان نكون اذكياء في نصرة المستضعفين لا ان يلعب بنا الاعلام كما يشاء ليحقق اهداف الصهاينة ودول كبرى ومن يتبعهم في منطقتنا على حساب اهداف الامة في صراعها مع الصهاينة.

    • زائر 3 | 1:45 ص

      صباح الخير

      شيخنا الفاضل ولا كرهتمونا في دنيانا وديننا ما نكاد نعرف أيهما أفضل الاقربون أو من وراء المحيط هناك قوم مظلومين وتحل دمائهم وتستحي نسائهم وتقطع ارزاقهم ولا نسمع ناصيه حق فيهم هل أصبح هناك مظلوم أخضر واحمر واصفر واسود وابيض أو هناك ظلم مقبول وممدوح به وهناك ظلم يجب محاربته

    • زائر 2 | 12:00 ص

      رحم الله أمرءً أحيا حقاً وأمات باطلاً وأدحض الجور وأقام العدل

    • زائر 1 | 11:03 م

      آخ ياشيخ هالفقرة كسرت قلبي

      وما أكثر المظلومين في زماننا! وكم يرى الناس من إنسان ينتهك عرضه، وتداس كرامته، ويسلب ماله، ويسفك دمه، ثم لا يجد من ينصره أو من يقف بجانبه! وأصبح هذا الحق والواجب ضائعاً وغريباً في حياتنا»

    • زائر 5 زائر 1 | 2:32 ص

      وفوق هذا الظلم

      قالو عنهم خونه وعملاء واخرجوهم حتى من ملة الاسلام

اقرأ ايضاً