يجهد سكان المدن والقرى الواقعة في غرب السنغال قرب النهر في مدينة جوال للتصدي لخطر زوال اشجار المانغروف والحفاظ على الثروة الحيوية المذهلة التي تحويها هذه المنطقة.
وتشكل أشجار المانغروف التي تنمو عادة في المياه العذبة أو المالحة، أحد أغنى الانظمة البيئية في العالم، كذلك فإنها تعتبر منطقة لتكاثر الاجناس وملجأ للكثير منها.
ويشكل تدهور هذه الغابات أحد أسباب تراجع اعداد الفقريات بحسب التقرير نصف السنوي الصادر أخيراً عن الصندوق العالمي للطبيعة بعنوان "الكوكب الحي".
وفي الجهة المقابلة للنهر الذي تحول مالحا بعد تمازج مياهه مع مياه المحيط، ثمة مساحة شاطئية عريضة تنتشر فيها في بعض المواضع اجذال اشجار مانغروف.
ويقول المسئول عن المنطقة البحرية المحمية عبد الله ساغنا، في جوال الممتدة على مساحة 174 كيلومترًا مربعاً وقد رسمت حدودها الدولة لحماية الثروة النباتية والحيوانية البحرية، إن "المساحات الفارغة هي مناطق زالت منها اشجار المانغروف".
ويبحر المركب المصنوع من الالياف الزجاجية على المياه قبالة الساحل، وفي الامكان عبره رؤية محار واصداف بحرية معلقة على جذور اشجار المانغروف. كذلك تتسلل اعدادا من السلطعون بين الثقوب التي حفرتها في الارض الموحلة.
وتمثل النباتات المنتشرة في مواضع متفرقة نعمة لطيور البجع ومالك الحزين وغيرها من الطيور التي تبني اعشاشها على الاشجار او ترتاح على المياه. وتضم المساحة ايضا اعدادا من الضباع والقردة.
ولفت ساغنا الى ان "هذه الاجناس كلها ضحية لزوال اشجار المانغروف التي تستقي منها غذاءها" وتشكل ملجأ لها.

إعادة تشجير

هذا التدهور في مساحات اشجار المانغروف مرده الى جملة عوامل وفق الاخصائيين بينها التغير المناخي والقطع المفرط للغابات بهدف الحصول على حطب للتدفئة أو للبناء إضافة الى جمع المحار والجفاف وارتفاع مستوى الملوحة في التربة والاشغال العامة.
ويوضح العضو في لجنة إدارة المنطقة البحرية المحمية عبده كريم سال "لم يكن هناك شيء هنا، لا اشجار مانغروف، لكن اعتبارا من سنة 2009، اجرينا عمليات اعادة تشجير".
وأضاف "في القرى غير المشمولة بالمنطقة البحرية المحمية، مستوى تراجع أشجار المانغروف أكثر حدة. نخشى زوال هذه الأشجار في بعض المناطق التي يتم فيها قطع هكتارات كاملة" من الغابات.
ويؤكد وزير البيئة السنغالي السابق الخبير البيئي حيدر العلي استنادا الى احصائيات للامم المتحدة أن السنغال "فقدت 40 في المئة من مساحات المانغروف منذ السبعينات".
أما المسئولة عن مجموعة بائعات لمنتجات بحرية في جوال ماري مادلين ضيوف فتلفت الى انه "في السابق كان يكفي الصيد في عمق لا يتعدى عشرة امتار في النهر للحصول على المحار" لكن الان "يتعين البحث على عمق اكبر بكثير".
وتضيف "لا نحصل على الكمية المطلوبة في حين بات الطلب اعلى" من السابق.

تقاليد حامية للاشجار

وفي مواجهة حالات النقص هذه، انشئ متنزه خاص لاسماك المحار في جوال لزيادة الانتاج.
ويعمل الخبير في تربية هذه الاسماك ليوبولد ندونغ حاملا سكينه على سحب المحار الملتصق على جذور اشجار المانغروف قبل "زرعها" في الوحل.
ويوضح "انها اسماك محار صغيرة" تصل الى مرحلة البلوغ "في غضون اثني عشر شهرا".
وتضم مدينة جوال، مسقط رأس رجل الدولة والشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سينغور، احد اكبر موانئ الصيد غير الصناعي في البلاد وهي تجذب سكانا كثرا اليها.
ويشير الى ان التقاليد القديمة في جوال كانت تمنع قطع اشجار المانغروف وكان جميع السكان يحترمون هذا المنع ما ساهم في الحفاظ على هذه الاشجار، "لكن حاليا ثمة مهاجرون كثيرون في جوال لا يكترثون" بهذه التقاليد ولا يبالون بالحفاظ على المانغروف.
غير أن ماري مادلين ضيوف تؤكد أن زوال المانغروف ليس قدرا حتميا ويتعين بذل جهود كبيرة للحفاظ على هذه الغابات.
وتقول "يجب اعادة زرع الاشجار يوميا لأن الناس يواظبون على القطع".