جهود حثيثة تبذلها وزارة الإسكان، ووزيرها باسم الحمر في احتواء الأزمة الإسكانية، وتصفير طلباتها القديمة.

جهود تتحدَّث عنها 5 مدن إسكانية في مختلف مناطق مملكة البحرين، وعليها يعقد البحرينيون الأمل والآمال.

من بين ذلك، أسرة المواطن محمد علي أحمد، والتي تنتظر وحدتها السكنية منذ العام 1993.

صبرٌ مرٌّ هو ما عبر عنه المواطن محمد علي وزوجته، لحظة زيارة «الوسط»، للشقة التي تقطن فيها الأسرة والتي تقع في بيت شقيق المواطن محمد علي.

على رغم ذلك، كان حديث الزوجة اللافت والناضج «نوجه شكرنا إلى الوزير الحمر، ونقدر جهوده وجهود الوزارة، كما نؤكد احترامنا لمعيار الأقدمية الذي تعتمده الوزارة، لكننا أيضاً لم نفقد الأمل في حل إنساني من قبل الوزير لينتشل أسرتنا من وضعها المزري».

وضعٌ بدا كارثيّاً، ذلك الذي عاينته «الوسط» بشكل مباشر، فالأسرة المكونة من 6 أفراد تعيش في شقة مكونة من غرفتين وممر وحمام ومطبخ، يتكدس أبناؤها الأربعة في غرفة متوسطة الحجم، وعلى الأرض ينامون.

ولحظة التنقل بين أرجاء الشقة، كانت الكتب المدرسية المتناثرة أرضاً والثياب التي ملأت غرفة الأولاد وفاضت بها، لتضطر إلى نقل ما تبقى إلى الممر الذي تسميه الأسرة (صالة).

وقبل 5 سنوات، اضطرت الأسرة إلى تقليص مساحة شقتها، وذلك بعد قرار ابن أخ المواطن محمد علي (أصحاب البيت)، تشييد شقة الزوجية.

معاناة بدت مركَّبة، ظاهرها السكن، وباطنها تداعيات نفسية عميقة.

يتحدث المواطن محمد علي، وقد غزا الشيب رأسه، ليقول «عمري اليوم 51 عاماً، وأعيش مع أسرتي وضعاً صعباً، وكل أملي في صدور توجيهات من قبل وزير الإسكان باسم الحمر لمنحي أولوية الحصول على قسيمة سكنية ضمن المشروع المجاور للبيت والذي تشتغل عليه الوزارة».

وعن بداياته مع تقديم الطلب الإسكاني، قال: «تزوجت في العام 1993 وبعد ذلك بعام توجهت إلى الديوان الأميري (آنذاك) وهناك كان لقائي المباشر مع الأمير الراحل المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة»، مضيفا «أتذكر وقتها، كان سموه يسألني (من وين انت؟)، وبعد أن تسلم الرسالة مني قال (خير إن شاء الله)».

وتابع «لم يشأ القدر لي في الحصول على وحدة، ما اضطرني إلى اللجوء إلى وزارة الإسكان والتي كانت تخيرني بين تسجيل الطلب عندها وإلغاء الطلب في الديوان، وبين استمرار انتظار الديوان».

وأردف «بعد سنوات علمت بإلغاء الطلبات في الديوان وتحويلها إلى الوزارة. كان ذلك في العام 2002 لحظتها توجهت إلى «الإسكان»، وسجلت رسميّاً لديها».

يواصل المواطن محمد أحمد سرد حكايته مع وزارة الإسكان، فـ «قبل 3 أشهر كنت أراجعهم، محاولا دمج السنوات الـ 23 وليأتي رد الوزارة بطلب الإثبات وهو ما دفعني إلى العودة إلى الديوان، وهناك كانت المفاجأة: البيانات تلفت من السجلات!».

على إثر ذلك، ظل طلب الأسرة مسجلاً لدى وزارة الإسكان منذ العام 2002، وبتاريخ (18 يوليو/ تموز 2016)، كان المواطن محمد علي يستعين بجهود رئيس بلدي الشمالية سابقاً يوسف البوري والتي أثمرت اتصالا من الوزارة.

يعلق على ذلك المواطن محمد علي: «سأل موظف الوزارة عن كل شيء، وعن كل التفاصيل، وليطلب مني بعد ذلك انتظار اتصال آخر، وهاأنذا انتظر على رغم مرور أكثر من 3 أشهر».

تعاود الزوجة أم أحمد تسلم أطراف الحديث، لتقول: «تقدم بنا العمر ونأمل في وحدة سكنية أو قسيمة في المنطقة نفسها، فبعد كل هذا العمر وهذا الاستقرار في منطقتنا سيصعب علينا الانتقال إلى منطقة أخرى».

وفي سرد لمعاناتها ومعاناة أسرتها، قالت: «بكل صراحة لو لم يكن أهل زوجي (أجاويد) لكنا الآن في الشارع»، وتساءلت: «من يمكن أن يتحمل غيره في مثل هذه الأيام؟».

وأضافت «لدي 4 أبناء، أكبرهم يبلغ من العمر 19 عاماً وبسبب ذلك هو يتحاشى النزول من الشقة كثيرا، تفاديا لازعاج بنات عمه وحرجاً منهن».

وتابعت «الابن الثاني لشقيق زوجي على أعتاب الزواج، ولا شك أنه بحاجة إلى مكان يؤويه».

ومن بين ما تحدثت عنه الأسرة من معاناة، كان عنوان «فقدان الخصوصية»، وحول ذلك تتحدث الزوجة أم أحمد: «لك أن تتخيل أن الفاصل بين شقتنا وشقة ابن شقيق زوجي هو حائط من مادة الجبس. حائط لا يمنع انتقال الصوت وهو ما يضطرنا إلى الهمس والحديث الخافت، حتى في لحظة الشجار والاختلاف».

وبعد سنوات من العمل، اختار الزوجان التقاعد عن العمل، لتستقر الأسرة على مجموع دخل شهري لا يتجاوز اليوم 600 دينار، للزوج 417 ديناراً وللزوجة 128 ديناراً.

معاناة أخرى تحدثت عنها الزوجة أم أحمد بالقول، وهي ترد على سؤال لـ «الوسط»، بشأن كيفية تعامل الأسرة مع مصروفات الشهر: «نصرف على قد اللي عندنا»، وأردفت «كل ما تراه من أجهزة في الشقة هي بفضل اشتراكي في الجمعيات المالية، والتي أساعد من خلالها زوجي في تدبير احتياجات الأبناء».

وبشأن الأبناء تقول أم أحمد: «على لسانهم دائما السؤال التالي (أبغي سرير)، وهو أقل ما يحق لهم طلبه»، وأضافت «أشدد كثيرا عليهم لعدم زيارة أصدقائهم في منازلهم خجلا من ضرورة ردهم للزيارة وهو ما تعجز عنه شقتنا المتواضعة، وأبعد من ذلك، إذ يجد اخواني صعوبة في زيارتي وحين يأتون في المناسبات أقع في حرج شديد وأحتاج إلى سابق إنذار لتهيئة الشقة».

أم أحمد التي تقول إنها أوقفت علاقاتها مع صديقاتها للسبب ذاته، استعانت بمثال أوضحت بكلماته المحدودة حجم الضيق الذي يخنق الأسرة «لا يمكن للممر أن يستوعب صلاة اثنين في وقت واحد، وحين تبدأ المذاكرة أضطر إلى فصل أبنائي عن بعضهم بعضاً بنقل أحدهم لغرفتي وترك الآخر في الممر أو الصالة».

ومن رحم المعاناة، أنتجت قريحة المواطن محمد علي بضع أبيات لخص فيها حكايته، وفيها يقول:

بسم الله وعليه أتوكل

صبرت حتى كل الصبر

فقال لله ذرك يا رجل

قلت له وماعساني أفعل

العين بصيرة واليد قصيرة

والآن أناشد أبا سلمان

لعل الأمل يصل

لكم جزيل الشكر مني

وبكم نصل الأمل

لكي أحظى بقسيمة

أو بيت في هذا الوطن.