العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ

القطاع الزراعي المتهم بالمساهمة في الإحترار يسعى لتقديم حلول للمشكلات المناخية

يسعى القطاع الزراعي، المعروف بكونه ضحية للتغير المناخي العالمي وأحد اسبابه ايضا، الى اثبات قدرته على توفير حلول لمشكلات الاحترار عن طريق تحسين طرق استخدام الاراضي والمساحات الزراعية.
ففي هذه السنة، شهد المغرب تراجعا في محاصيل القمح بنسبة 70 في المئة اثر موجة جفاف قاسية.
كذلك سجلت فرنسا، أكبر دولة مصدرة للقمح في اوروبا، انخفاضا بنسبة 30 في المئة في عدد حبات القمح مقارنة مع العام الفائت بعد موسم ربيعي شهد امطارا غزيرة وفيضانات.
وفي اميركا اللاتينية، الحقت ظاهرة "النينيو" المناخية التي تفاقمت بفعل الاحترار المناخي اضرارا كبيرة بالمحاصيل الزراعية.
غير ان القطاع الزراعي مسؤول عما لا يقل عن ربع الانبعاثات العالمية للغازات المسببة لمفعول الدفيئة وهو يساهم مباشرة بالاحترار بنسبة 17 في المئة، خصوصا من خلال الزراعة الحيوانية، يضاف اليه 7 إلى 14 في المئة من الانبعاثات المتصلة بالتغيير اللاحق باستخدام الاراضي (كإزالة الغابات) بحسب منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي.

تحد هائل ومتشعب

وقد اشارت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016 الى ضرورة اخضاع الزراعة والانظمة الغذائية الى "تحول عميق" لمواجهة التحدي الهائل والمتشعب الذي تجابهه هذه الانشطة والمتمثل بتقليص الانبعاثات من جهة، مع زيادة كميات الانتاج الزراعي لتلبية الحاجة المتزايدة في ظل النمو السكاني المطرد، من جهة اخرى.
فبعد ان كان عدد سكان العالم 3.7 مليارات نسمة سنة 1970، من المتوقع ان يرتفع إلى 9.7 مليارات سنة 2050.
ويسجل ازدياد في المبادرات الزراعية خصوصا في افريقيا التي لا تنجح في بلوغ الاكتفاء الذاتي على الصعيد الغذائي، من بينها مشروع "اغريكلتشر فور ايمباكت" الذي اطلقه اساتذة جامعيون بريطانيون ومبادرة "تكييف الفلاحة الافريقية" في المغرب.
كذلك يقترح علماء فرنسيون مدعومون من الحكومة مشروعا اكثر شمولا يحمل اسم "اربعة بالألف" او "العلم البيئي الزراعي".
وبحسب هؤلاء، من شأن زيادة استخدام الحقول والبساتين سنويا كمضخات للكربون في الارض وعبر تغيير الانماط الزراعية، السماح بتخزين نسبة اضافية تبلغ 0,4 % (او اربعة بالألف) من الكربون سنويا في الاراضي ووقف الزيادة في تركيز ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وقد اتخذت مسألة استخدام الاراضي الزراعية هذه موقعا مركزياً في المفاوضات المناخية التي استؤنفت قبل ايام في مراكش برعاية الامم المتحدة للمرة الاولى منذ توقيع اتفاق باريس المناخي في ديسمبر/كانون الأول.
وبحسب الاستاذ في كلية "امبريال كولدج" في لندن غوردون كونواي فإن المشروع البريطاني يستند ايضا الى تحسين استخدام الكربون في الاراضي ما يسمح ببروز اثر ايجابي ثان يتمثل في تحسين المردود الزراعي بفضل زيادة الخصوبة في هذه الاراضي.
وأوضح مدير مركز بحوث متخصص في الانظمة الزراعية والغذائية المستدامة بيار ماري اوبير لوكالة فرانس برس ان تحقيق هذا الهدف المنشود يتطلب تمويل مشاريع خلاقة واقناع صناع القرار بأهميتها.

توصيات زراعية

وفضلا عن تقليص استخدام الاسمدة الزراعية ومنتجات الصحة النباتية، يتعين القيام بسلسلة خطوات قابلة للتكييف تبعا للموقع الجغرافي للاراضي.
وتشمل هذه التدابير مكافحة تعرية الاراضي واعادة المساحات الزراعية التي طاولها الزوال. كذلك يتعين زيادة كميات البقوليات والعدس والحمص المزروعة... وهي نباتات تتميز بقدرة مزدوجة على امتصاص النتروجين من الهواء، وهو سماد طبيعي، وإطلاقه مجددا في الارض لاستخدامه في المحاصيل الزراعية اللاحقة.
كذلك من بين التوصيات يتعين استخدام المحراث من دون ترك الاراضي جرداء خلال الشتاء وترك زراعات دفينة لتغذية الاراضي والزرع تحت الاشجار واعتماد المداورة في الانشطة الزراعية.
هذه الجهود يجب ان تترافق مع تحسين عمليات الانتقاء الوراثي للاجناس النباتية لتوفير مقاومة لها على الجفاف والامراض.
وأكد رئيس مركز "ميلينيوم" في واشنطن المكلف اقامة نماذج رياضية لحساب الامم المتحدة في شأن التنمية المستدامة أن "العالم ينتج اليوم ضعف ما يحتاجه على الصعيد الغذائي: 4600 سعرة حرارية يوميا لكل نسمة، في حين نحتاج الى 2300 سعرة حرارية فقط".
وأضاف "على اوروبا والولايات المتحدة التوقف عن الاعتقاد بأنهما المسؤولان عن تغذية العالم. يمكن لافريقيا الاعتماد على نفسها في توفير غذائها".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً