العدد 5196 - الأحد 27 نوفمبر 2016م الموافق 27 صفر 1438هـ

مدينة حلب ساحة معارك محورية في النزاع السوري

تشكل مدينة حلب الجبهة الابرز في النزاع السوري والاكثر تضررا منذ اندلاعه العام 2011، اذ من شأن اي تغيير في ميزان القوى فيها ان يقلب مسار الحرب التي تسببت بمقتل 300 الف شخص وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية.

خسرت الفصائل المعارضة الاثنين كامل القطاع الشمالي من الاحياء الشرقية التي تسيطر عليها منذ 2012 في حلب، اثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها في هجومها لاستعادة هذه المناطق، فيما فر آلاف السكان من منطقة المعارك.

ولم يبق من المدينة العريقة التي كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا سوى خراب. وبعدما كان عدد سكانها 2,5 مليون نسمة قبل النزاع، تراجع اليوم الى نحو 1,5 مليون نسمة.

- في قلب الحرب - بعد اسابيع على اندلاع التحركات الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد منتصف اذار/مارس 2011، شهدت شوارع مدينة حلب تظاهرات طلابية واسعة سرعان ما تم قمعها بالقوة.

ومع تحول الحراك في سوريا الى نزاع مسلح، شنت فصائل "الجيش السوري الحر" حينها هجوما كبيرا على المدينة في تموز/يوليو العام 2012، انتهى بسيطرتها على الاحياء الشرقية.

وفي مطلع اب/اغسطس من العام ذاته، بدأت قوات النظام التي شنت هجوما بريا استخدام اسلحة ثقيلة في القصف ثم طائرات حربية للمرة الاولى.

وتشهد المدينة منذ ذلك الحين، معارك شبه يومية بين قوات النظام في الاحياء الغربية والفصائل المعارضة في الاحياء الشرقية.

- مدينة مدمرة- منذ مطلع العام 2013، بدأت قوات النظام قصف الاحياء الشرقية بالبراميل المتفجرة التي تلقيها المروحيات والطائرات العسكرية، ما تسبب بمقتل الالاف واثار تنديد الامم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية.

وترد الفصائل المعارضة باستهداف الاحياء الغربية بالقذائف التي غالبا ما تتسبب بوقوع قتلى.

ودفع سكان مدينة حلب ثمنا باهظا للنزاع منذ اندلاعه بعدما باتوا مقسمين بين احياء المدينة. ويقطن نحو 250 الفا في الاحياء الشرقية ونحو مليون و200 الف آخرين في الاحياء الغربية.

ويعيش سكان الاحياء الشرقية ظروفا انسانية صعبة جراء الحصار والقصف الذي لا يستثني المرافق الطبية ومقار الدفاع المدني الذي ينشط متطوعوه في اسعاف الجرحى وانتشال القتلى من تحت الانقاض.

وفي شباط/فبراير الماضي، توصلت موسكو وواشنطن الى اتفاق لوقف الاعمال القتالية في سوريا شمل مناطق عدة بينها مدينة حلب، لكنه سرعان ما انهار بعد شهرين فقط من دخوله حيز التنفيذ.

-هجوم لكسر الحصار- في 17 تموز/يوليو، تمكنت قوات النظام من محاصرة الاحياء الشرقية بالكامل بعد قطعها طريق الكاستيلو، الذي كان طريق الامداد الوحيد الى شرق حلب، ما ادى الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية وصولا الى نفاد معظمها من الاسواق.

ومنذ 31 تموز/يوليو، شنت الفصائل المقاتلة والجهادية، وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) هجمات عدة بهدف فك الحصار عن الاحياء الشرقية.

ونجحت تلك الفصائل في السادس من اب/اغسطس بالتقدم والسيطرة على مواقع استراتيجية لقوات النظام جنوب غرب المدينة، وتمكنت من كسر الحصار عبر فتح طريق امداد الى الاحياء الشرقية يمر في منطقة الراموسة.

لكن قوات النظام تمكنت من قطع هذه الطريق في الثامن من ايلول/سبتمبر بعدما استعادت عددا من المواقع التي خسرتها في المنطقة لتصبح الاحياء الشرقية محاصرة تماما في ظل فشل الامم المتحدة في ادخال المساعدات.

وتتواصل الاشتباكات جنوب غرب مدينة حلب، بين الفصائل المقاتلة والجهادية من جهة، وقوات النظام مدعومة من مقاتلين ايرانيين ومن حزب الله اللبناني وبغطاء جوي روسي من جهة اخرى.

وبعد اعلان الجيش السوري في 19 تموز/يوليو انتهاء هدنة استمرت اسبوعا من 12 من الشهر نفسه بموجب اتفاق روسي اميركي، تعرضت الاحياء الشرقية لغارات كثيفة تشنها طائرات سورية وروسية اوقعت عشرات القتلى من المدنيين وفق المرصد السوري.

والاثنين خسرت الفصائل المعارضة كامل القطاع الشمالي من الاحياء الشرقية اثر تقدم سريع احرزته قوات النظام وحلفاؤها، في اكبر خسارة للفصائل المقاتلة المعارضة للنظام منذ سيطرته على الاحياء الشرقية عام 2012.

ومنذ بدء الهجوم الاخير لقوات النظام على شرق حلب منتصف الشهر الحالي، أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 225 مدنيا بينهم 27 طفلا جراء القصف والغارات، فيما قتل 27 مدنيا بينهم 11 طفلا في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل.

ويجمع محللون على ان معركة حلب اشبه ب"معركة تحديد مصير"، ومن شان نتائجها ان تحسم مسار الحرب السورية.

- عراقة المدينة - تعد حلب واحدة من اقدم مدن العالم وتعود الى اربعة آلاف عام قبل الميلاد. وقد توالت الحضارات على هذه المدينة المعروفة بصناعة وتجارة النسيج والتي تتميز بموقعها بين البحر الابيض المتوسط وبلاد ما بين النهرين.

وبين العامين 1979 و1982، شهدت المدينة فصولا من قمع النظام السوري لجماعة الاخوان المسلمين. وعادت في التسعينات لتزدهر مجددا نتيجة حراك تجاري ترافق مع سياسة انفتاح اقتصادي انتهجتها البلاد.

ومنذ اندلاع النزاع في العام 2011، دمرت المعارك المدينة القديمة واسواقها المدرجة على لائحة يونيسكو للتراث العالمي. وفي العام 2013، ادرجت منظمة يونيسكو الاسواق القديمة التي تعرضت للحرق والدمار على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر.

وطاول الدمار ايضا مواقع تعود الى سبعة آلاف عام، وتحولت مئذنة الجامع الاموي العائدة الى القرن الحادي عشر الى كومة من الركام.

كما لحقت اضرار كبيرة بقلعة حلب الصليبية التي استعادتها قوات النظام من المعارضة بعد قتال عنيف.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:02 م

      كل من يحمل السلاح ضد الحكومة الشرعية القائمة في دمشق هو ارهابي يستحق الموت ولا عزاء للإرهابيين وداعميهم .

اقرأ ايضاً