العدد 28 - الخميس 03 أكتوبر 2002م الموافق 26 رجب 1423هـ

بناء قرية إسكانية وزيارة عيسى قاسم ووضع حجر أساس المدينة الشمالية

ثلاث قضايا أسفرت عنها جولة ولي العهد

المحافظة الشمالية - عباس بوصفوان 

03 أكتوبر 2002

شهدت المحافظة الشمالية يوم أمس حراكا تنمويا وسياسيا واجتماعيا، قاده ولي العهد، ومن أبرز نتائجه صدور أمر ملكي بتحويل المقشع إلى قرية إسكانية نموذجية، وإجراء حوارات «خيّرة» مع الشيخ عيسى قاسم، فضلا عن الاحتفال بوضع حجر أساس المدينة الشمالية.

فقد أصدر عظمة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، أمرا بالبدء فورا بتطوير المقشع حتى تكون «قرية إسكانية نموذجية يتمتع أهلها بكل الخدمات الحديثة والعيش الكريم».

وصدر الأمر الملكي على إثر زيارة قام بها ولي العهد، القائد العام لقوة دفاع البحرين، رئيس لجنة الإسكان والإعمار، سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، للمحافظة الشمالية، وشملت قرية المقشع التي يعاني أهلها من وضع سكني صعب، ورفع سموه تقريرا إلى عظمة الملك ضمّنه مشاهداته عن «الحالة الخاصة بالمنازل التي لا تتوافر فيها المتطلبات المعيشية اللائقة والأساسية».

وجاءت زيارة سمو ولي العهد للمقشع ضمن جولة استهدفت وضع حجر أساس المدينة الشمالية، وأعطى سموه بزيارته الشيخ عيسى قاسم، أحد الرموز الدينية البارزة، بعدا سياسيا. وأخذت أيضا بعدا اجتماعيا بعد جولته في قرية المقشع، وزيارته الحاج أحمد منصور العالي في قرية جنوسان.

وفي تصريح خاص بـ «الوسط»، قال سمو ولي العهد: إن الزيارة «تقدير لفضيلة الشيخ عيسى، في هذا اليوم المبارك الذي سنعلن فيه إنشاء المدينة الشمالية، قررنا أن نزوره ونزور أهالي المنطقة...، والزيارة المهمة هي زيارة قرية المقشع، التي رأينا فيها البيوت والحالة التي يرثى لها لأهالي المنطقة».

وأضاف: «أن الكل له جهد، بغض النظر عن انتمائه السياسي، في إعادة بناء هذه المناطق، وكل مناطق البحرين، وإذا استطعنا أن نجتمع على ذلك فنحن بخير، لأن المصلحة العامة والمصلحة الفردية في هذا الوقت لهؤلاء الأشخاص ضرورة ملحة، ونأمل من الله أن يوفقنا».

وفي إشارة إلى مدى الأثر الذي تركته زيارة سموه للمقشع، قال ولي العهد: «كان عندنا تصور أن يتم إصدار قرار لإعادة بناء بعض البيوت لكن من الذي رأيناه، واجب علينا أن نبني كل ما نقدر عليه، (وندعو) أهالي المنطقة، خاصة التجار وأصحاب الثروة، أن يشاركونا في هذا العمل».

وتأتي أهمية الزيارة، التي تعتبر الأولى لولي العهد، بعد التصويت على صيغة «الميثاق الوطني»، وما سبقه وتلاه من أحداث سياسية، وفي ظل مقاطعة أربع جمعيات سياسية، أبرزها جمعية «الوفاق الوطني الإسلامية»، التي كانت قواعدها المحرك الرئيس للحركة المطلبية التي عمت البلد في 1994 - 1998، وللشيخ عيسى مكانة مهمة وفي وسط جمعية «الوفاق».

وقد نفى سمو ولي العهد في تصريحه لـ «الوسط»، إن كان قد ناقش موضوع المشاركة في الانتخابات في اثناء لقائه مع الشيخ عيسى قاسم الذي استمر حوالي ساعة كاملة، إذ قال: «نحن اجتمعنا على الخير وليس على الاختلاف».

من جانبه أكد الشيخ عيسى قاسم في تصريح أدلى به إلى «الوسط» «أن الحوار كان بعيدا عن المجاملات، واتسم بالصراحة والتناصح، وانطباعي عن الزيارة أنها تنم عن الإحساس بضرورة التلاقي الشعبي والحكومي على آراء من شأنها المحافظة على سلامة البلد وتقدمه، وهو أمر يحتاج إلى خطوات جريئة من الدولة».

وأكد الشيخ عيسى أن «الشعب دائما مستعد لاحتضان أية خطوة إصلاحية تقدم عليها الدولة»، وبيّن أنه ذكر لسمو ولي العهد أن «الشعب يمكن أن يثبت دائما تعاونه والتفافه حول القيادة من خلال المشروع العملي الذي يتسم بالعدل والإنصاف، ونظام يتصف بالعدالة...، وأعني بالنظام هنا المؤسسات الدستورية، والدستور نفسه».

وأضاف أنه «قد تم التصريح لسمو ولي العهد، أنني استبعد جدا أن يكون عند الناس نيّة سوء ضد الحكم، لأنهم في الأمس القريب صوّتوا مع النظام الوراثي للعائلة الحاكمة بنسبة عالية، فلابد أن يكون وراء الامتعاض شيء آخر، ليس هو الإضرار بالحكم، وإنما إحساس بنوع من التراجع عن خط الإصلاحات، مما يؤشر تماما وبدرجة واضحة إلى حاجة لمزيد من الإصلاحات، واستقرار حركة الإصلاحات».

واعتبر الشيخ قاسم «الجلسة ودية، اتسمت بنوع من التبادل في الرأي حول الشأن العام»، وأضاف أن «سمو ولي العهد ليس في المركز الأول في صنع القرار، لكنه يبدي نية وجِدا وعزما في العمل على الإصلاح من ناحية عملية، ويقدر للناس حاجاتهم، وأبدى أحاسيس متألمة جدا لما شاهده في المقشع، وصرّح أنه حالة غير طبيعية أن يكون واحد في قمة الهرم من ناحية مالية، وأناس لا يملكون مسكنا يأمنون على أنفسهم منه».

وأضاف الشيخ قاسم أنه كانت لسمو ولي العهد «أحاسيسه الطيبة، وكلماته المبشرة، وآمل أن تعدل زيارته عن اهتمام بقضايا الناس من ناحية دينية ودنيوية، وهذا كان تركيزي أن المواطن في البحرين يختلف عن المواطن في اليابان، فالأخير كل ما يتوقعه هو الرفاه المادي، أما هنا فيتوقع المواطن رفاها ماديا، وأيضا سلاما روحيا»، وأوضح الشيخ قاسم أنه «تعرّض للسياحة، ووجوب انضباطها».

ورفض الشيخ قاسم إبداء رأيه في الانتخابات النيابية المقبلة، كما رفض التعليق على موقف الجمعيات التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات، قائلا: «إن ذلك شيء لا أتحدث فيه».

وقال: «إن ولي العهد أبدى تمنيا باستمرار اللقاءات ونحن مع هذه اللقاءات المثمرة ذات المردود العملي الفعلي النافع للناس، وليس اللقاءات الشخصية».

وأضاف الشيخ «أوجه كثيرا لعدم العنف، وأعترض عليه بشدة، وأتمنى من جانب الحكم أن يصادر مثل هذه الحالة، بتنشيط خط الإصلاحات وأن يكون الناس كثيري التعقل، وأكدت لولي العهد بأن الأسرة الواحدة خطّها العام هو خط الائتلاف وخط الانسجام والود والمحبة، لكن المشكلات يمكن أن تحدث في داخل البيت الواحد والأسرة الواحدة، وهذه الأسرة لا تستورد حلولها من الخارج، وإنما حلولها دائما تقوم من الداخل».

وكان الاحتفال بوضع حجر الأساس قد بدأ بكلمة لوزير الإسكان، وأخرى لمحافظ المحافظة الشمالية، وثالثة لأهالي المنطقة.

من جهة أخرى، تجمهر عدد من المواطنين يحملون شعارات تدعو لمقاطعة الانتخابات أمام دوار الدراز، انتهى الأمر من دون أن يربك حركة السير.


وضع حجر الأساس للمدينة الشمالية صاحبه وضع حجر أساس أخرى في الحوار السياسي

المحافظة الشمالية - الوسط

وضع حجر الأساس للمدينة الشمالية كان عدة مناسبات في مناسبة واحدة، إذ تفضل ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بزيارة العوائل الفقيرة في قرية المقشع ثم زيارة الحاج أحمد منصور العالي في جنوسان، وتلت ذلك زيارة الشيخ عيسى أحمد قاسم بالدراز. وعلى رغم أن حفل الاستقبال بدأ منذ الساعة الثالثة عصرا باصطفاف الضيوف وطلاب المدارس، إلا أن مجموعة الزيارات المهمة التي قام بها ولي العهد قبل وضعه حجر الأساس أدت إلى تأخر الافتتاح قرابة الساعة. ولعل زيارة ولي العهد للشيخ عيسى قاسم بحد ذاتها تعتبر حدثا فريدا من نوعه لما للزيارة من رمزية مهمة.

فالشيخ عيسى قاسم يعتبر واحدا من الرموز الدينية الكبيرة في البلاد، وبالإضافة إلى كونه عضوا في المجلس الوطني السابق، فإنه ومع الشيخ عبدالأمير الجمري والسيد عبدالله الغريفي يعتبرون الآباء الروحيين للاتجاه الإسلامي الذي تمثل واجهته السياسية جمعية الوفاق. وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها التي تحمل في مضامينها ورمزيتها الكثير من المعاني.

هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها ولي العهد للمحافظة الشمالية في ظل المستجدات السياسية بعد التصويت على الميثاق وإصدار التعديلات الدستورية وإجراء الانتخابات البلدية، وتأتي قبيل الانتخابات النيابية.

وعلى رغم أن الزيارة هي أساسا لوضع حجر الأساس؛ فإن المحافظة الشمالية هي المعقل الرئيسي للاتجاه الإسلامي الذي كان يقود أحداث الانتفاضة الشعبية في التسعينات. وتضمين زيارة ولي العهد برنامجا سياسيا من الدرجة الأولى بزيارة الشيخ عيسى قاسم يعتبر حدثا لا يقل أهمية عن وضع حجر أساس المدينة الشمالية. ويمكن اعتبار الزيارة وضع حجر أساس أخرى لتأسيس علاقات مميزة مع أهالي المحافظة الشمالية.

إن وضع حجر الأساس للمدينة الشمالية سيوفر لـ 150 ألف مواطن الذين سيعيشون في 30 ألف وحدة سكنية مصممة على جزر محاطة بالمياه والزراعة التي صممت لتوفير مناظر جميلة تناسب العيش في القرن الحادي والعشرين. وإذا كانت حجر الأساس المادية ستوفر وحدات سكنية، فإن حجر الأساس المعنوية المتمثلة في زيارة ولي العهد للشيخ عيسى قاسم ستعزز نهجا بدأه عظمة الملك بفتح قنوات الحوار والاتصال وتبادل الأفكار، وزيارات الإخاء التي تعطي مفهوما جديدا للتعامل السياسي في العهد الحالي.

وضع حجر الأساس للمدينة الشمالية، إذا، صاحبه وضع حجر أساس أخرى في مسيرة الإصلاح السياسي، وأهالي المحافظة الشمالية ينظرون إلى هذه الزيارة النوعية في هذه الفترة الحرجة على أنها بارقة أمل للخروج من الصعاب التي واجهتها المسيرة السياسية بعد إعلان عدد من الجمعيات السياسية مقاطعة الانتخابات. فالزيارة تفتح مجالا أوسع للعلاقات السياسية وترفد العمل الوطني بروافد جديدة قوامها التفاهم والتعاون وقبول التعدد في الآراء التي تتفق على خدمة الوطن والمواطنين.

وقد بدأ الحفل بكلمة ألقاها وزير الإسكان الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة أشار فيها إلى أن «رعاية صاحب السمو ولي العهد القائد العام لهذا الحفل لوضع حجر الأساس لهذه المدينة تأتي بداية لنشاطات لجنة الإسكان والإعمار برئاسة سموه والتي ستليها مدن جديدة أخرى تنفيذا لتوجيهات صاحب العظمة ملك البلاد المفدى».

وأضاف الوزير «أن النهضة العمرانية والطفرة الإسكانية التي تشهدها مملكة البحرين حاليا تعتبر امتدادا لطفرة إسكانية انطلقت العام 1963 بوضع حجر الأساس لمدينة عيسى، المدينة الأولى الجديدة في البحرين التي شكلت بداية الانطلاقة التي تتالت بعدها المشاريع الإسكانية على أسس وسياسات ودراسات هادفة».

وأوضح «أن إنشاء لجنة الإسكان والإعمار يعد امتدادا ومواصلة للعطاء في مجال الإسكان التي بدأت بالعمل الفوري في الإعداد لعمل الدراسات والمخططات العمرانية لأربع مدن جديدة تستوعب 50 ألف أسرة بحرينية وتلبي احتياجاتهم الإسكانية».

وأشار وزير الإسكان والزراعة إلى أنه سيتم الانتهاء من التصاميم الأساسية للمدينة الشمالية خلال الأشهر القليلة المقبلة. وقال: «إن المدينة تقع شمالي الساحل الشمالي وتمتد من قلعة البحرين إلى منطقة البديع على مساحة تبلغ حوالي ألف وخمسمائة هكتار، ويتم تعميرها على هيئة سلسلة من الجزر المنفصلة التي تحيط بها مياه الخليج، وتتسع هذه المنطقة لحوالي مئة وخمسين ألف مواطن يعيشون في ثلاثين ألف وحدة سكنية يتوافر فيها المحيط العمراني المتطور... وتقدر التكاليف الإنشائية لهذه المدينة بألف مليون دينار».

وأعلن وزير الإسكان أنه سيصاحب إنشاء هذه المدينة الجديدة مشروع جديد لتطوير القرى القائمة وإعادة إعمارها لتكون على المستوى نفسه من الخدمات والمرافق والمظهر وذلك بإزالة المباني المتهالكة وإعادة بنائها ووضع الأرصفة وإعادة تبليط الطرق على أسس تخطيطية جديدة متكاملة».

كما ألقى محافظ العاصمة الشمالية أحمد محسن بن سلوم كلمة أكد فيها «أن مملكة البحرين تعيش أجمل أيامها وسط أجواء وأعراس ديمقراطية تشهدها هذه المملكة الفتية في مختلف الميادين».

وأشار أحمد بن سلوم إلى «أن هذا المشروع الإسكاني يأتي في سياق السياسة الحكيمة التي رسمتها القيادة الحكيمة لهذه المملكة العريقة في مجال الخدمات الإسكانية التي تحتل مكانة متميزة في الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تلبية للاحتياجات السكنية باعتبار أن توفير السكن الملائم للمواطنين كافة هو من أبرز أولويات التنمية وحق من الحقوق التي كفلها دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني».

وأكد بن سلوم أن النظرة المستقبلية لواقع مسيرة العمل الوطني في المرحلة المقبلة تتطلب منا جميعا ضرورة التعاون والدعم المستمرة للقيادة الحكيمة لجهودها الكبيرة لإنجاز المهمات والمسئوليات الكبيرة الملقاة على عاقتها.

كما ألقى سيدأحمد الوداعي كلمة نيابة عن أهالي المحافظة رفع فيها باسم أهالي المحافظة الشمالية أسمى آيات الشكر إلى حضرة صاحب العظمة عاهل البلاد المفدى «على ما تفضل به من مكرمات والتي كانت من أبرزها بناء مدرسة الدراز للبنات وأمره السامي بتخصيص أرض لإقامة مركز صحي كبير يخدم أهالي القرى الواقعة على شارع النخيل».

وقال: «إن الإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة طوال العقود الماضية في مجال الإسكان وخصوصا في مدينة عيسى ومدينة حمد والمناطق الأخرى قد ساهمت بشكل واضح في توفير السكن للمواطنين بصورة عامة».

من جانبه علق رئيس المجلس البلدي الشمالي مجيد السيد علي على زيارة سمو ولي العهد بأنها «فاتحة خير في هذا الوقت بالذات، وخصوصا أنها تلامس منطقة تعاني من مشكلة الإسكان، وأن أهاليها بأمسّ الحاجة إلى مساكن تراعي متطلباتهم الاجتماعية والحياتية»، مشيرا إلى أن «ما يميز هذه المحافظة أنها مناطق قروية وبالتالي فهي بحاجة إلى استمرارية ترابطها الأسري وبقاء أهلها بالقرب من قراهم الأصلية».

ودعا إلى «أن تكون الأولوية لامتلاك الوحدات السكنية لأهالي المحافظة الشمالية، لكي تكون امتدادا طبيعيا للمجمعات السكنية الحالية».

وعن زيارة سمو ولي العهد للشيخ عيسى قاسم قال: «إن هذه الزيارة لا تقل أهمية عن وضع حجر الأساس للمدينة الشمالية، لأنها تؤكد التواصل والعلاقة بين القيادة السياسية والرموز الشعبية، وهو ما يؤسس لحياة سياسية واجتماعية قائمة على أساس المحبة و التفاهم من أجل الوطن»

العدد 28 - الخميس 03 أكتوبر 2002م الموافق 26 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً