العدد 5199 - الأربعاء 30 نوفمبر 2016م الموافق 29 صفر 1438هـ

ما علمك صوت المطر؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لفصل الشتاء نكهته الخاصة... دروبه المشبعة بالحنين... لمسته الأنيقة... رائحته الممتزجة بدخان القهوة وطعم الزنجبيل ولذعة الليمون وحلاوة العسل.

الفصل الذي طالما حلم به الحالمون، وتغنى بأجوائه الرومنسيون. وكتب فيه الشعراء أجمل قصائدهم.

وحين الحديث عن الشتاء يتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر، صوت المطر وهو يبلل الأرض العطشى. ويسقي الطفولة الكامنة في أعماق كل فردٍ سعادةً وراحة. صوت المطر وهو ينقر النافذة صباحاً ويبشر بيوم جميل.

مطرٌ تأتي به غيمات مشبعة بالخير، فترتسم الابتسامة على وجوه الكبار قبل الصغار، وتتعالى ضحكات الأطفال وهم يلعبون بما تجمع منه في أحيائهم، وما بلل رؤوسهم وهم يركضون ويلهون ممارسين طفولتهم بكثير من البراءة وشيء من الحذر عما سيحدث حين دخول المنزل.

كل هذه الفرحة بالأمطار، لا تعني أبداً عدم وجود من يحسب لمجيئه ألف حساب، وخصوصا تلك الأم التي مازالت ترقب سقف بيتها وهو يتعذر عن حماية أثاثه الرث وجدرانه المتهالكة، وذلك الأب الذي يحصي نقوده، كلما بشّر الفلكيون بهطول الأمطار قريباً، ويتساءل إن كانت تكفي لطلاء سطح منزله بواقٍ من الأمطار؛ كي لا ينزعج أهل بيته وهم يسمعون صوت المطر يتجمع في الأواني التي تناثرت في غرف المنزل؛ كي لا تبلل مياه الأمطار السجاد، وخصوصاً بعد تعثر مشاريع بناء البيوت الآيلة للسقوط.

ولا تعني أن الشوارع أيضا قادرة على استيعاب الفرحة، حتى مع تكرار تصريحات المسئولين التي تسبق كل موسم بأن كل شيء على ما يرام، والشوارع والأحياء ستكون بخير. فهم يؤكدون أن الأمطار لن تتجمع، وأن الشوارع مجهزة بمجارٍ قادرة على استيعاب منسوب الأمطار، وأن المدارس تمت صيانتها وصيانة الطرق المؤدية إليها.

وإذا ما عدنا إلى الواقع وجدنا عكس كل هذه التصريحات، فالأمطار مازالت تكّون «بحيرات اصطناعية» طالما حلم بها الشعب، وخصوصاً مع وجود النوارس والطيور المهاجرة التي تكون في كل عام مناظر يفرح لها المصورون الذين يصطادون طبيعة تزين صورهم، ويصعب ذهاب الأطفال إلى مدارسهم بعد أن امتلأت الساحات المقابلة لها بالأمطار، وفي بعض المدارس تمتلئ ساحاتها أيضا بمياه هي مصدر لأمراض متعددة إذا ما بقيت. والشوارع حتى تلك الجديدة منها مازالت تمتلئ بمياه الأمطار فتؤدي إلى تشكل زحمة مرور تؤدي في بعض الأحيان إلى الحوادث.

وهكذا، فبين الحلم بالمطر وأجوائه الجميلة وبين الواقع الصادم، تكمن محبة الشتاء أو كرهه لدى الأفراد، كل بحسب مكانه ووضعه ودوره.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5199 - الأربعاء 30 نوفمبر 2016م الموافق 29 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 2:58 م

      المطر هو بيانو الجنة

      كما تقول المغنية الفرنسية ميراي ما ثيو

    • زائر 5 | 11:45 ص

      المطر
      تحيّة للكاتبة الأستاذة سوسن دهنيم، و شُـكراً للمطر .. على فيضِ المحبّة العارم !

    • زائر 4 | 12:15 ص

      ذكّرني المطر بأغنية عبد الحليم (إني أغرق إنّي أغرق إنّي اغرق اغرق اغرق ) رسالة من تحت الماء
      اصبحت البحرين تسمى رسالة من تحت المطر

    • زائر 3 | 11:17 م

      لغة جميلة مميزة وافكار مرتبة

    • زائر 2 | 10:39 م

      احب الشتاء كثيرا واعشقه

    • زائر 1 | 10:23 م

      من ضمن الدروس التي علمنا اياه المطر أن لا فساد ولا مفسدين في البحرين

اقرأ ايضاً