العدد 5201 - الجمعة 02 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الاول 1438هـ

الشريف: التاريخ أضاف لي الكثير فنياً

لا فنان من دون رسالة...

إحدى لوحات الشريف
إحدى لوحات الشريف

مدينة عيسى - سوسن دهنيم 

تحديث: 12 مايو 2017

فنانة ملتصقة بالشعوب وهمومها، تريد للفنان أن يكون منخرطاً في قضايا العالم من حوله. تؤمن بأهمية التعبير عن القضايا بشكل لوحة؛ «فكيف يكون الفنان صاحب رسالة إن لم يبدع من خلال تصوير الواقع ولو رمزاً»؟

هي الفنانة كوثر الشريف، بدأت مشوارها مع الفن في العام 1994، على رغم أنها أحبَّته منذ نعومة أظفارها. وفي العام 1996 أقامت أول معرض شخصي لها في باكستان، وتلته بمعرضين حتى العام 1998. وبعدها بعام واحد انتقلت إلى الصين، فأقامت معرضاً في متحف التاريخ. ثم أقامت معرضاً فنياً أولاً في موطنها مصر في العام 2002، بقاعة المكتبة الموسيقية بدار الأوبرا وتوالت معارضها بعد ذلك في عدد من البلدان من بينها البحرين.

كان لنا معها هذا الحوار:

للتوِّ اختتم معرض «صحوة مصر» في دار الأوبرا المصرية. لماذا هذا العنوان تحديداً؟ وكيف كان صدى المعرض لدى الجمهور؟

- ضم المعرض 65 لوحة رسمْتها من وحي الأحداث المتتالية على مصر، والأخبار التي نسمعها ونقرأها ونشهدها خلال الفترة الأخيرة التي مرَّت بها البلاد. وأنا بطبيعة الحال اعتدت رسم ما يعني الآخرين، وما يرتبط بالبيئة من حولي وما يعكسها، كي أكون صوتاً لغيري، ملتصقة بهموم الإنسانية، وغير بعيدة عمَّا يهتم به البشر في العالم وما يدور فيه من أحداث.

اليوم مصر تعيش حالة خاصة، وتمرُّ بظروف تدلُّ على صحوتها شعباً ودولة؛ وهذا ما حاولت أن أوضحه في المعرض.

وقد حاز المعرض اهتمام وتقدير الفنانين والنقاد الذين أبدوا إعجابهم بالجرأة في التعبير، واستخدام الألوان، والتطرُّق للقضايا المعاصرة للمجتمع في هذه المرحلة التي تواجه تحديات كبيرة وتغيرات غير متوقعة.

أقمتِ معرضاً في أبريل/ نيسان 2015 في البحرين تحت عنوان «مصر تستيقظ»، هل كان يحمل اللوحات ذاتها؟

- لا، كانت تلك لوحات مختلفة، وقد استوحيت فكرة عنوان المعرض من كلمة للرئيس السيسي كان يقول فيها: «إن مصر تستيقظ». فأنا متفائلة بأن مصر ستحقق الكثير من النجاحات في المستقبل القريب، وهو ما تؤكده كل المؤشرات خلال الأعوام القليلة الماضية.

وكيف وجدت البحرين من حيث اهتمامها بالفن؟

- في الواقع لم يكن هذا معرضي الأول هنا في البحرين؛ إذ أقمت العديد من المعارض الشخصية ففي العام 2003 أقمت معرضاً في قاعة الفنون بمتحف البحرين الوطني، والمعرض الثاني في العام 2005 في قاعة مركز كانو الثقافي، والمعرض الثالث أقيم في بيت القرآن في العام 2007، بالإضافة إلى مشاركتي في العديد من المعارض الجماعية، حيث شاركت بمعرض في إطار الأنشطة الثقافية للجاليات العربية الذي أقامته السفارات العربية بالتعاون مع وزارة الثقافة البحرينية في البحرين العام 2008، وشاركت في معرض أقامته جمعية الأم والطفل، وغيرها من المعارض، وأنا اليوم أعيش في البحرين وأحب الحياة فيها، وخصوصاً أن معظم إنتاجي الفني في السنوات الأخيرة أبدعته في البحرين. واهتمام البحرين واضح جداً بالفن جمهوراً وقيادة وهو ما يؤكده افتتاح سمو رئيس الوزراء لمعرض البحرين للفنون في كل عام.

تخصصتِ في التاريخ وعملتِ في المجال نفسه، ثم أصبحتِ معلمة للغة الإنجليزية، لكنك في النهاية قررتِ أن تتخصَّصي في الفن من خلال الاستفادة من موهبتك. لِمَ لم تدرسي الفن واتجهت لغيره على رغم حبكِ له منذ صغرك؟

- كنتُ منذ طفولتي أحب الفن بالفعل، ووصل شغفي به إلى حدِّ أنني لم أكن أكوِّن صداقاتي إلا مع المهتمّين بالفن والرسم في فترة الطفولة، لكن وكما تعلمين للأهل سلطتهم التي ترى ما لا نراه، فقد أصرَّ والدي على دراستي وتخصُّصي في شيء «أستفيد منه» في المستقبل، يكون لي وسيلة لكسب الرزق في وظيفة تتيح لي مكانة جيدة في المجتمع، فاخترت التاريخ الذي استفدت منه كثيراً في مجالي الآن. إذ فتح عينيّ على الحضارات المختلفة والحضارة الفرعونية تحديداً التي استخدمت ثيماتها في لوحاتي.

حصدتِ الميدالية الذهبية في بينالي بكين في العام 2008، كيف وجدتِ مشاركتكِ هناك وأنتِ التي شاركتهم سنوات متعددة؟

- للصينيين فنهم الخاص الملتصق بالتراث، والذي لم يبرحه إلا مؤخراً، لكنهم شعب مهتم جداً بالفن، فجمهور المعارض الفنية كبير، واهتمام الدولة بالفنانين المحليين كبير جداً، إذ يولونهم الاهتمام ويسعون لإبرازهم من خلال وضع لوحاتهم في الصفوف الأولى، بعكس ما نفعله نحن العرب بفنانينا المحليين الذين لا نعترف بهم في حضرة غيرهم. كان لحصولي على الميدالية الذهبية أثره الجميل في نفسي، وخصوصاً أنني أعرف صعوبة حصول غير الصيني عليها، والجميل أنني في العام نفسه كنت ضمن المتحدثين في الندوات المصاحبة.

يظهر من خلال لوحاتك ومعارضك، اهتمامك الواضح بقضايا العالم في شتى المجالات: المرأة والطفولة والقضايا التراثية وما يحدث في العراق وسورية وفلسطين وغيرها. هل مازلت تعتقدين أن الفنان اليوم قادر على إيصال رسالته كما السابق؟ وخصوصاً مع ظهور موجة من الفنانين الذين يؤمنون بمصطلح الفن للفن، وينأون عن كل ما هو عام لينحصروا في الشخصي؟

- للأسف الشديد بعض الفنانين والفنانات اليوم يحصرون فنهم في رسم المشاهد الخاصة والأجساد العارية، لكن السؤال هو: ما الذي ستجنيه من هذا الأسلوب؟

وهنا عليَّ أن أقول: ليس بالضرورة أن تباع لوحتك لكي تكون فناناً متميّزاً، ولكن من المهم أن تكون لك رسالتك التي تودُّ إيصالها للجمهور في كل البقاع. نعلم جيداً ألَّا أحد يريد اقتناء لوحة تحمل مناظر الدم والصراعات الواقعة اليوم، إلا نادراً، ولكن يمكنك أن تتحايل على هذا من خلال الرمز الذي يوصل الرسالة كما تريد.

هل تعتقدين بأن هذا الاهتمام بالشأن العام تولّد لديك لأنك متزوِّجة برجل دبلوماسي متشبّع بالسياسة؟ أو دعيني أعيد صوغ السؤال كالآتي: كيف أثَّرت علاقتك بزوجك محمد نعمان جلال، وهو الدبلوماسي والسياسي؟

- في الواقع كلانا أثّر في الآخر، وبالفعل تأثّرت به جداً وتشبّعت بالسياسة، فحياتنا عبارة عن مشاركة، كلانا يؤمن بأن الحياة الزوجية هي حياة مشاركة تبقى طيلة العمر، ولا تجمد بمجرد أن يتقدم الطرفان في العمر كما نشاهد اليوم في بعض البيوت، إذ تتوقف الحوارات بين الزوجين وتتحوّل الحياة إلى روتين ممل. زوجي يقترح عليّ أحياناً أسماء بعض لوحاتي، وهو الذي شجّعني على العودة للرسم والمشاركة في المعارض، إلى جانب أنني حين نضطر للسفر لدولة ما بسبب عمله، ولأن عليّ أخذ إجازة من العمل بحسب القوانين، كنت أرسم كثيراً وأشارك في معارض كثيرة فكان التأثير إيجابياً.

الزميلة سوسن دهنيم أثناء حوارها مع كوثر الشريف
الزميلة سوسن دهنيم أثناء حوارها مع كوثر الشريف




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً