العدد 5206 - الأربعاء 07 ديسمبر 2016م الموافق 07 ربيع الاول 1438هـ

معارضون يريدون وقف إطلاق النار مع اقتراب الجيش من استعادة حلب

دعا معارضون مسلحون في شرق مدينة حلب السورية المحاصر أمس الاربعاء (7 ديسمبر/ كانون الأول 2016) إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة خمسة أيام وإجلاء المدنيين والجرحى لكنهم لم يذكروا أي إشارة على استعدادهم للانسحاب كما طلبت دمشق وموسكو.

وحقق الجيش السوري والقوات المتحالفة معه مكاسب سريعة على حساب المعارضين في الأسبوعين الماضيين وبدا أقرب من أي وقت مضى إلى استعادة السيطرة الكاملة على حلب- أكثر المدن السورية سكانا قبل الحرب - وتحقيق أهم نصر في الصراع الذي يمضي في عامه السادس.

ودعا المعارضون في بيان لإجراء محادثات بشأن مستقبل المدينة فور تحسن الوضع الإنساني لكنهم لم يذكروا شيئا عن إجلاء المقاتلين الذين يدافعون عن منطقة تتناقص مساحتها باستمرار في شرق حلب.

وقالت سوريا وروسيا التي تدعم الرئيس بشار الأسد إنهما تريدان أن يغادر مقاتلو المعارضة حلب ولن تدرسا وقفا لإطلاق النار ما لم يتحقق ذلك.

وقال أحد سكان حلب "الوضع مأساوي هنا منذ فترة طويلة لكنني لم أشاهد من قبل مثل هذه الضغوط على المدينة. لا يمكنك أن تستريح حتى لخمس دقائق. القصف مستمر."

وأضاف الساكن الذي اتصلت به رويترز وطلب عدم نشر اسمه "أي حركة في الشوارع يعقبها قصف على الفور."

ويسيطر الخوف على السكان المتبقين مع قطع إمدادات الغذاء والمياه.

وستمثل استعادة حلب نجاحا كذلك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تدخل لإنقاذ الأسد حليف موسكو في سبتمبر أيلول 2015 بغارات جوية ولإيران الشيعية التي تكبدت قواتها خسائر في القتال في صف قوات الأسد.

وتبدو الحكومة الآن أقرب إلى النصر من أي وقت مضى منذ عام 2012 العام التالي للجوء المعارضين للسلاح للإطاحة بالأسد في حرب قتل فيها مئات الألوف وشرد أكثر من نصف سكان سوريا وأوجدت أسوأ أزمة لاجئين في العالم.

وخارج حلب تمارس الحكومة وحلفاؤها كذلك ضغوطا كبيرة على معاقل المعارضين الأخرى.

ونقلت قناة الميادين الموالية لدمشق عن الأسد قوله في مقابلة مع صحيفة "قرار تحرير كل سوريا مُتخذ وحلب من ضمنه." ووصف المدينة بأنها "الأمل الأخير" لمقاتلي المعارضة وداعميهم.

*الجيش يستعيد المدينة القديمة

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجيش السوري انتزع السيطرة على جميع أجزاء مدينة حلب القديمة- المدرجة على قائمة منظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي بما في ذلك المسجد الأموي- التي كان المعارضون يسيطرون عليها.

وأمكن سماع دوي انفجارات ونيران المدفعية في لقطات بثها التلفزيون السوري من مناطق محيطة بالقلعة التي تطل على المدينة القديمة مع مواصلة الجيش هجومه.

وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن قصف قوات المعارضة أودى بحياة 12 شخصا في أحياء تسيطر عليها الحكومة في حلب.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب إن المعارضين فقدوا السيطرة على نحو 75 بالمئة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في شرق حلب خلال أقل من عشرة أيام.

ودعت وثيقة "المبادرة الإنسانية" التي أصدرتها قوات المعارضة إلى إجلاء نحو 500 من الحالات الطبية الحرجة.

وقال الكرملين اليوم إن اتفاقا أمريكيا روسيا محتملا للسماح لمقاتلي المعارضة السورية بالخروج من مدينة حلب سالمين ما زال مطروحا.

كانت دمشق وموسكو تطالبان بانسحاب مقاتلي المعارضة من المدينة وتخليهم عن سلاحهم وقبولهم بممر آمن وهي إجراءات اتخذت في مناطق أخرى خرج مقاتلو المعارضة منها بعد حصارها في الأشهر القليلة الماضية.

والتقي وزير الخارجية سيرجي لافروف بنظيره الأمريكي جون كيري في هامبورج الأربعاء.

وأصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي بيانا قال فيه إن كيري ولافروف "بحثا الجهود متعددة الأطراف الجارية للتوصل إلى وقف الأعمال القتالية في حلب بالإضافة إلى توصيل المساعدات الإنسانية" للمدنيين هناك.

وقال كيري للصحفيين عقب الاجتماع إنه ولافروف "سيتواصلان" صباح الخميس.

ولم يرد المزيد من التفاصيل عن مشاوراتهما لكن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر قال في تصريحات للصحفيين يوم الأربعاء إن كيري ولافروف يبحثان مقترحات لوقف القتال في حلب يمكن أن تشمل توفير المرور الآمن لمقاتلي المعارضة للخروج من حلب أو وقف القتال مؤقتا حتى يتسنى إدخال المساعدات الإنسانية.

* "انتصار استراتيجي"

استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) يوم الاثنين ضد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف لإطلاق النار لمدة أسبوع. وقالت موسكو إن مقاتلي المعارضة استغلوا مثل هذا التوقف في القتال في السابق لتعزيز قواتهم.

وقال وزير المصالحة السوري علي حيدر للصحفيين في دمشق إن تقدم الجيش السوري "انتصار استراتيجي" سيمنع التدخل الأجنبي ويغير العملية السياسية.

وأضاف "ما عاد صار ورانا موضوع رفع المعنويات .. بتصور هذا الانهيار السريع اللي ما كان حدا (أحد) يتصوره بهذه السرعة إلا المؤمنين بالانتصار السوري بيعرف إن هذه المعنويات أصبحت في الحضيض وأن هذه الانهيارات التي بدأت هي كأحجار دومينو."

وقال مسؤول من جماعة معارضة في حلب طلب عدم الكشف عن هويته لرويترز إن الولايات المتحدة ليس لديها موقف فيما يبدو بشأن هجوم الجيش السوري على حلب قبل أسابيع فقط من تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب السلطة.

وقال المسؤول المقيم في تركيا نقلا عن اتصالات غير مباشرة مع مسؤولين أمريكيين الليلة الماضية "ما في موقف أمريكي سوى الأجندة الروسية. عمليا الروس بدهم يطلعوا المقاتلين فهم (الأمريكيون) مستعدون ينسقوا أيضا هذا الموضوع."

ويقول مقاتلو المعارضة إن بإمكانهم التصدي للهجوم لفترة أخرى لكن المسؤول يقول إن القتال يتعقد بسبب وجود عشرات الألوف من المدنيين داخل المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة والكثير منهم من أقارب المقاتلين.

وقال لرويترز إن عبء المدنيين ثقيل جدا في منطقة صغيرة.

الوضع "مفجع"

مع قدوم فصل الشتاء أصبحت الأوضاع تحت الحصار سيئة للغاية وتفاقم الوضع مع تزايد أعداد النازحين ونقص المياه والمواد الغذائية.

وقال مسؤول بالأمم المتحدة اليوم إن نحو 31500 شخص من شرق حلب نزحوا في أنحاء المدينة بأكملها على مدار الأسبوع الماضي مع نزوح مئات آخرين اليوم.

ومع عزل المستشفيات والعيادات وقطع إمدادات المياه والغذاء قال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إن الوضع "مفجع".

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "لم يغادر سوى عدد قليل للغاية (من مقاتلي المعارضة) وما زال معظمهم هناك"ووصف الباقين منهم هناك بأنهم "إرهابيون" يتحدون حول مقاتلين من جماعة كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة وكانت على صلة بتنظيم القاعدة.

لكن محللين يرون على نطاق واسع شرق حلب كمعقل للمعارضة المعتدلة وأن وجود المقاتلين المتشددين محدود للغاية في المدينة.

وقالت الوثيقة إن المدنيين الراغبين في مغادرة شرق حلب يجب إجلاؤهم إلى ريف حلب الشمالي وليس إدلب. وتهيمن جماعات إسلامية متشددة منها جماعة فتح الشام التي كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة على إدلب وتواجه قصفا مكثفا من المقاتلات الروسية.

كان مقاتلون ومدنيون من مناطق تسيطر عليها المعارضة في مختلف أرجاء سوريا ينقلون من قبل إلى إدلب بموجب اتفاقات تسوية تم التوصل إليها مع الجيش السوري. لكن وثيقة المعارضة قالت إن إدلب أصبحت خطرة للغاية بسبب كثافة القصف الجوي ولم تعد قادرة على استيعاب المزيد من النازحين.

وقال دبلوماسي أوروبي كبير رفض نشر اسمه "روسيا تريد نقلهم إلى إدلب. المقاتلون لديهم خيار: البقاء لأسبوعين آخرين بالذهاب إلى إدلب أو القتال حتى النهاية والموت في حلب.

"الأمر بسيط بالنسبة لروسيا. ضعهم جميعا في إدلب ثم يكون لديهم حينئذ كل البيض الفاسد في سلة واحدة."

وبشأن المحادثات الروسية الأمريكية قال الدبلوماسي "المفترض أن الولايات المتحدة لها تأثير على الأرض. لا أعتقد أن الوضع كذلك."





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً