العدد 5208 - الجمعة 09 ديسمبر 2016م الموافق 09 ربيع الاول 1438هـ

بالفيديو والصور: السباحة سلاح أطفال بوسنيين من ذوي الاحتياجات الخاصة في وجه الإقصاء

يمارس إسماعيل أبن الأعوام الستة المولود من دون ذراعين السباحة في المسبح الأولمبي في ساراييفو، بعدما تعلم هذه الرياضة على يد مدربه الذي يكافح ضد التراخي الرسمي إزاء تعزيز حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في البوسنة.

وقد نظمت الأمم المتحدة السبت الماضي اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة والذي يرمي من بين أهدافه إلى تحسين قدرة أفراد هذه الفئة في الحصول على الخدمات الاجتماعية.

غير ان الطريق أمام تحقيق هذه الغاية لا تزال طويلة في البوسنة التي يعتبر حوالي 10 % من سكانها على أنهم من ذوي الإعاقات.

ويتنقل إسماعيل برفقة والديه ثلاث مرات أسبوعيا ذهابا وإيابا إلى العاصمة البوسنية من مدينة زنيتسا الصناعية الواقعة على بعد 70 كيلومترا إلى الشمال، ما يكبد عبئا ماليا كبيرا على الأب العامل البسيط وزوجته العاطلة عن العمل.

ويتقاضى إسماعيل مساعدة شهرية من الدولة قدرها 400 مارك بوسني (220 دولارا) أي نصف الراتب الوسطي في البوسنة لكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة. غير ان هذا المبلغ غير كاف اذ ان الوالدين يؤكدان انه يستخدم لتغطية قيمة شراء المعدات الطبية ودفع أتعاب المساعدين.

غير أن إسماعيل بات يسبح بمفرده بفضل مدربه عامل كابو (30 عاما) مع بضعة متطوعين من طلاب الرياضة في ساراييفو.

ويصطف خلف اسماعيل سبعة فتيان وفتيات قرب حوض السباحة واضعين مناشف حول أجسامهم فيما بعضهم يعرج. هؤلاء هم السباحون اليافعون في "سبيد"، نادي السباحة الوحيد للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في البوسنة.

ويروي مدرب السباحة عامل كابو أنه رصد هؤلاء الأطفال الذين كانوا يأتون إلى الحوض من دون أي مواكبة مختصة. وقد أنشأ في فبراير/ شباط ناديا لهؤلاء بعدما اقتنع ان أحدا لن يرفض دعم مثل هذا المشروع خصوصا من جانب السلطات.

لكنه مخطئ في هذا الأمر، على رغم تلقي مساعدة فريدة قدرها حوالي 1100 دولار من وزارة الثقافة، وهي المساعدة الرسمية الوحيدة.

هذه المدرسة لتعليم السباحة مجانية. غير ان الفاتورة الشهرية لإستخدام المسبح البلدي تناهز 700 دولار. وهو مبلغ تدفعه شركتان أحداهما متخصصة في الأتصالات والأخرى في الصناعات الدوائية بعدما نجح المدرب الشاب في اقناعهما بفائدة التمويل.

ويدرب عامل كابو وثلاثة زملاء آخرين الأطفال بشكل تطوعي فيما يراقب الأهل أبناءهم من مقهى في الأعلى. ويقول كابو "لقد اصبحنا بمثابة عائلة".

ويضيف كابو "ثمة حاليا في النادي حوالي خمسين طفلا من سائر أنحاء البوسنة. قام المسئولون عن النادي بالاتصال بأهل اسماعيل بعدما رأوا صورة للطفل في مسابقة تصوير".

حلم الرياضات البارالمبية

وتضم البوسنة، البلد الفقير، 300 ألف شخص مصنفين على أنهم من ذوي الإعاقات من أصل عدد سكان إجمالي يبلغ 3,5 ملايين نسمة وفق إحصاء للعام 2016، بينهم 84 ألفا من مصابي الحرب التي عصفت بالبلاد بين سنتي 1992 و1995.

وتستحوذ المخصصات الاجتماعية على حيز كبير من الميزانية في هذا البلد الذي يعاني ما يقرب من نصف أفراد القوى العاملة فيه من البطالة. كذلك ثمة معاملة تفضيلية واضحة لقدامى المحاربين على حساب غيرهم من ذوي الأحتياجات الخاصة.

ويلفت رئيس الاتحاد من أجل الدمج الاجتماعي زاركو بابيتش إلى ان قيمة المخصصات الاجتماعية الشهرية العائدة لمعوق مدني من الفئة الأولى تقارب 220 دولارا في حين تصل إلى 700 دولار لكل ضحية مدني من الحرب وحوالي 1100 دولار لقدامى المحاربين.

ويؤكد زاركو بابيتش أن "ثمة تمييزا منهجيا يحصل بدفع من القانون (...) فمع انتهاك بهذه الخطورة لحقوق الإنسان، لن تستطيع البوسنة نيل العضوية الكاملة في الإتحاد الأوروبي".

وتقر المسئولة في وزارة حقوق الإنسان البوسنية صالحة ديوديريا بضرورة إجراء إصلاح في هذا المجال. غير أن زيادة العدالة في توزيع المخصصات الاجتماعية يواجه مقاومة قوية في بلد يتمتع قدامى المحاربون فيه بثقل سياسي كبير.

وتشير صالحة ديوديريا إلى ان "ذوي الاحتياجات الخاصة هم الفئة السكانية الأكثر عرضة لشتى أنواع الإقصاء" الاجتماعي، مع انها تلفت إلى ان البوسنة صادقت في العام 2010 على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المعوقين وأصدرت أخيرا قانونا يمنع أي شكل من أشكال التمييز بسبب الإعاقة.

ويقول عصمت والد اسماعيل البالغ 32 عاما "هذه حال دولتنا، غير أني والد فخور".

ولم ترسل البوسنة إلى الألعاب البارالمبية في ريو دي جانيرو سوى فريق لرياضة كرة الطائرة واثنين من رمي الكرة الحديد. غير أن عصمت والد اسماعيل يؤمن بالمستقبل اذ يقول "وضع هذا البلد سيتحسن يوما ما وابننا سيدافع عن علم الوان علم المنتخب".

 

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

شاهد أيضا