العدد 5217 - الأحد 18 ديسمبر 2016م الموافق 18 ربيع الاول 1438هـ

الشيخ بن بيه: «دولة الخلافة» وهمٌ وقتل النفوس من أجلها لا مبرر شرعيّاً له

400 شخصية ناقشت «مفهوم السلم في المُجتمعات المسلمة» في أبوظبي أمس

رئيس منتدى تعزيز السلم الشيخ عبدالله بن بيه
رئيس منتدى تعزيز السلم الشيخ عبدالله بن بيه

قال رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الشيخ عبدالله بن بيه: إن «الأهداف أو المبررات التي تدفع ببعض الأفراد إلى قتل أنفسهم، ليست لها أسس تاريخية أو مبررات شرعية»، ذاكراً أن «أولئك الذين يقتلون أنفسهم من أجل خلافة أو تصور أو تخيل، لا وجود له أصلاً بالتاريخ».

وأضاف الشيخ بن بيه «هناك أناس يقتلون أنفسهم وغيرهم اليوم، ويتجاوزون كل حدود الدين (النفس، العرض، الدين، المال، العقل) ، كل ذلك يتجاوزونه من أجل ذلك الوهم، نريد أن نبين ذلك باجتماعنا هذا في هذا الفضاء المبارك فضاء التسامح والسلام فضاء المحبة والوئام».

جاء ذلك في بدء أعمال مؤتمر «مفهوم السلم في المجتمعات المسلمة»، الذي افتتح اعماله يوم أمس الأحد (18 ديسمبر/ كانون الأول 2016) في العاصمة الاماراتية أبوظبي، برعاية وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وحضور وزير الثقافة وتنمية المعرفة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الشيخ عبدالله بن بيه، وعدد كبير من رجال الدين والمفكرين ورجال الدولة.

وافتتح وزير الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، فعاليات الملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم صباح أمس (الأحد)، بفندق «جميرا أبراج الاتحاد» في أبوظبي.

وقال في كلمته: إن «منتدى تعزيز السلم هو في صميم نهج دولة الإمارات منذ تأسيسها، وأنه من حسن الطالع، أنكم اتخذتُّم، شعاراً طيباً، لهذا الملتقى، هو «دروب السلام، من أبوظبي تبدأ»، فمرحباً بكم جميعاً، في أبوظبي».

وذكر أن «الإمارات العربية المتحدة، هذه الدولة ذات المكانة المرموقة في مسيرة الأمة والعالم، حريصة كل الحرص، على دعم قُدرات المجتمعات المسلمة؛ لمواجهة كل التحديات. إننا ولله الحمد، في الإمارات، إنما نمثل، دولة وطنية ناجحة، بكل المقاييس، هي الآن، في نظر الجميع، النموذج العالمي المرموق، لا نقول فقط، في البناء والاستقرار، بل أيضاً، في الازدهار والرخاء، نحن بحمد الله، دولة وطنية موحدة، قوية بمؤسساتها، وتشريعاتها، تعتز وتفخر، بنظامها، وقادتها، تهتم كثيراً، بأبنائها وبناتها، إنها الدولة، التي تتسم وبحق، بالتلاحم القوي، بين الشعب والقيادة، بل والحرص الجماعي المتماسك والمتين، على أن نكون معاً ودائماً، وطناً للحكمة والسلام، وطناً يدعم الأشقاء، ويسعى دائماً، إلى استمرارية تقدم وتطور الأمة، في كافة المجالات».

وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك «من نعم الله على هذه الدولة الوطنية الرائدة، أن قيض لها قادة أكفاء، يتسمون بالحكمة، وبُعد النظر، بدءاً، من مؤسس الدولة، المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - (عليه رحمة الله ورضوانه)، وامتداداً، إلى خير خلف لخير سلف، رئيس الدولة صاحب السمو الوالد، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، واستمراراً، بإخوانه الكرام، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وأخيه ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، إننا في الإمارات، نعرف طريقنا بوضوح، في أن القيادة الناجحة، هي أهم المتطلبات، لبناء الدولة الوطنية، على أسس ثابتة ومتينة، القيادة الناجحة، متطلب ضروري، لتحقيق مشروعية الدولة الوطنية، وتمكينها في الوقت نفسه، من العمل المثمر والنافع، في سبيل تحقيق النجاح والتقدم، والقدرة على التنافس الناجح، في المضمار العالمي، للأمة كلها».

وختم الشيخ نهيان كلمته بالقول: «إن وجودكم معنا في مجتمع الإمارات، أيها الاخوة والأخوات، هذا المجتمع، الذي يقوم على التسامح والتعايش بين الجميع، إنما هو أيضاً، تذكرة، بأن الدولة الوطنية القوية، في المجتمع الإسلامي، هي تلك الدولة، القادرة على التعامل الناجح، مع التعدد والتنوع، في الثقافات والحضارات، وإننا نعتز غاية الاعتزاز، بأن المجتمعات الإسلامية، على مرِّ العصور، كانت مجتمعات متنوعة، في الأجناس والأعراق، وأن عبقرية الدين الحنيف، قد جعلت من هذا التنوع، مصدر قوة خلاقة، وإيجابية، بل وكذلك، جعلت منها أيضاً، نبع حضارة خالدة ومتجددة، قادرة تماماً، على الإسهام الفاعل، في مسيرة البشرية، دون تشدد أو تعصب، ودون تحيز أو إسراف».

من جهته أكد الشيخ عبدالله بن بيه أن «دولة الخلافة صيغة حكم غير ملزمة، موضحاً بالتأصيل العلمي أن بعض المفاهيم ولدت في القرن الماضي بغير ضبط علمي، فالمفهوم تارة يؤصله العلماء ويضعونه كمفهوم، لكنه أحياناً يُلقى بالساحة من خلال أناس، ليست لديهم خلفيات علمية منضبطة».

وأضاف «نحن نعالج اليوم موضوعاً مهمّاً متفجراً وهو موضوع الدولة الوطنية، وأن بعض المفاهيم ولدت بالقرن الماضي، لكن هذه المفاهيم نشأت بغير ضبط علمي، فالمفهوم يؤصله العلماء أو الفلاسفة، ويضعونه كمفهوم، لكنه يُلقى أحيانا بالساحة من طرف أناس خلفياتهم العلمية ليست منضبطة».

وأردف «في القرن الماضي الرابع عشر والقرن العشرين ألقيت بالساحة مفاهيم شتى، منها مفهوم «الدولة الإسلامية» ومفهوم «الخلافة» ضمن حمولة خاصة، ومنها مفهوم «الحاكمية» وسيادة الشرع»، إنه كلام جميل لكنه كلام حق أريد به باطل، كما قال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)».

وتابع «لكن ما هي المضامين الصحيحة لهذه المفاهيم، هل أن كل الدول الإسلامية هي خارج الشرعية والمشروعية؛ لأنها لم تنضم إلى كيان واحد نسميه الخلافة أو الإمامة، أو الامارة أو سمها ما شئت! أو أنها لا تتفق مع رأي بعض الناس في تطبيق بعض الأحكام؟ أو لأنها مقصرة؟ أو لأسباب كثيرة أخرى».

وأكمل «لا يجوز نزع الشرعية عن الدول الوطنية، التي نشأت في هذا القرن، فهي موافقة لمقاصد الشريعة في النظام والانتظام وفي العمران البشري وفي المحافظة على الامن والسلام والشعائر، ومع ذلك، ولكن لانعدام العناوين نريد أن نقول، إن مقاصد الشريعة، لا تهتم بالشكليات، إنما بالمضامين والمصالح البشرية».

وتابع «نريد أن نصل بين الأطراف جميعا وألا نيأس، وأن نقول لأولئك الذين يقتلون أنفسهم من أجل خلافة أو تصور أو تخيل، لا وجود له أصلا بالتاريخ، أنه في زمن النبي (ص) كانت توجد دولة أخرى على رأسها ملك مسلم، سماه رسول الله (ص)، لم يأمره بالهجرة والمجيء إليه، فالنجاشي أصحمة، أسلم وأرسل بيعته للنبي (ص)، لكن النبي (ص) تركه في ملكه هناك، في الحبشة، علماؤنا تجاوزوا هذا ويذكرونه في باب الجنائز، إن الله تعالى أطلع نبيه غيبا على أن النجاشي مات فقام وكبر أربع تكبيرات عليه، النجاشي هذا يحكم دولة غير مسلمة وهو مطيع للنبي (ص)، وزكاه ولم يأمره بالهجرة».

وواصل «هناك اناس يقتلون أنفسهم وغيرهم اليوم، ويتجاوزون كل حدود الدين (النفس، العرض، الدين، المال، العقل)، كل ذلك يتجاوزونه من أجل ذلك الوهم، نريد أن نبين ذلك باجتماعنا هذا في هذا الفضاء المبارك فضاء التسامح والسلام فضاء المحبة والوئام، وأرجو ان نوفق ونصل إلى نتائج إيجابية من منطلقات النقل والعقل والنصوص والمقاصد، والتنزيلات فيما نسميه بتحقيق المناط».

وأشار الشيخ بن بيه إلى «خطورة اعتبار جميع المسلمين إرهابيين، نظراً إلى أن أغلبهم هم ضحايا للإرهاب، وهم في الوقت عينه يحاربون الإرهابيين، وكذلك لأن هذه التهمة تضعف الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب»، موضحاً أن «الأهداف أو المبررات التي تدفع بعض الأفراد إلى قتل أنفسهم، ليست لها أسس تاريخية أو مبررات شرعية»، معتبراً أن «مقاصد الشريعة لا تهتم بالشكليات بل بالمضامين والمقاصد».

 وزير الثقافة وتنمية المعرفة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان
 وزير الثقافة وتنمية المعرفة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان

العدد 5217 - الأحد 18 ديسمبر 2016م الموافق 18 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً