العدد 5221 - الخميس 22 ديسمبر 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1438هـ

معركة حلب وتحديات الزمن المقبل

شفيق الغبرا comments [at] alwasatnews.com

تؤكد معركة حلب الكبرى أن الحرب في سورية لن تنتهي في المدى المنظور، خروج المدنيين السوريين من حلب الشرقية، عوضاً عن الاكتفاء بخروج المسلحين والجرحى سيؤسس لحرب طويلة ممتدة. ما حل بحلب الشرقية يذكر بما حل في بيروت عندما احتلها الجيش الإسرائيلي وصنع مجازر صبرا وشاتيلا. معركة حلب لن تجلب الاستقرار للنظام السوري ولا للتدخل الروسي والإيراني في سورية. حلب التي صمدت لسنوات أربع صنعت قصة ممتدة، فالتناقض من الآن فصاعداً سيتحول نحو الاحتلال الروسي أولاً ثم الإيراني ثانياً قبل أن يكون مع جيش النظام الذي دمرته الحرب.

القوة المدافعة عن حلب بالتحديد من المعارضة السورية وخاصة «الجيش الحر» وقوامها مكون من أكثر من ثمانية آلاف مقاتل، هي من أفضل عناصر المعارضة السورية، كما أن الكثير من النشطاء السوريين ممن قرروا البقاء في حلب، هم من أفضل النشطاء في الثورة السورية، ومن أكثرهم معرفة بضرورات استراتيجية موحدة ومختلفة للثورة السورية. أما «جبهة النصرة» المرتبطة بـ «القاعدة» فلم تتجاوز بضعة مئات من المقاتلين في حلب، فهي لم تكن القوة الرئيسية على امتداد تاريخ المعركة في حلب، لكنها كانت الذريعة الدائمة للروس لتدمير حلب.

وتتحمل المعارضة السورية المسئولية الناتجة عن عدم الاستعداد لمواجهة وحشية النظام السوري، وحليفيه الروسي والإيراني، وذلك بفضل تفككها في الداخل والخارج. بعض المعارضين وعددهم تجاوز خمسة آلاف مقاتل كانوا قريبين من حلب، لكنهم لم يفعلوا شيئاً وبعض المعارضين في مناطق إدلب وعددهم يتجاوز العشرين ألفاً كان بإمكانهم عمل شيء لإنقاذ حلب؛ لكنهم اكتفوا بما يعتبرونه مناطق محررة. عجز المعارضة بقياداتها الراهنة فرض على النشطاء والمناضلين في حلب ظروفاً كانت الأقسى.

على مدى مسار الثورة السورية تم قتل بعض أفضل قادة الثوار في نزاعات مفتعلة، كما دعمت شخصيات من الخارج على رغم عدم تمتعها بالكفاءة من أجل لعب دور عسكري في المعارضة، وبالوقت نفسه جاءت قوى محسوبة على الجماعات المتطرفة للسيطرة على الساحة ما أفاد النظام. ويتضح من المشهد أن العناصر الأفضل من المعارضين لم تتبوأ المشهد، هذا أضعف الثورة.

عند المقارنة بين معركة حلب ومعركة الموصل في العراق يبرز فارق كبير في البعد العسكري الميداني. «داعش» ذات الايديولوجية المتطرفة شيدت مدينة كاملة تحت الموصل كما مارست عبقرية عسكرية في مواجهة الهجوم عليها. كل التقديرات تشير إلى أن الجيش العراقي فقد مئات الدبابات والآليات في معركة الموصل الأخيرة، كما فقد المناطق التي سبق له أن احتلها في المرحلة الأولى من المعركة ضد تنظيم الدولة. معركة الموصل تبدو لصالح «داعش» حتى اللحظة. لقد جهزت «داعش» لمعركة الموصل منذ اليوم الأول لاحتلالها للموصل. كما نجحت «داعش» من جانبها في بناء مصادر تمويل ذاتية سمحت لها بالاستقلالية عن الدول المحيطة، بينما لم تنجح المعارضة السورية في تحقيق ذلك.

سيكون لزاماً على الثورة السورية في المرحلة القادمة النزول تحت الأرض، وتفادي حرب موقعية إلا ضمن توازنات واضحة. المرحلة القادمة ستتضمن حرب عصابات في طول البلاد وعرضها، لكن ذلك سيتطلب من الثورة السورية القيام بثورة على الثورة، وذلك لتجديدها ودفعها للأمام. في سورية سيتعمق النزاع مع الاحتلال بشقيه الروسي والإيراني والتي تنعكس على حالة إضعاف النظام السوري الراهن. تلك أصبحت حرباً مفتوحة لن تخلو من المفاجآت والمنعطفات. لقد حقق النظام السوري تقدمه في حلب فوق أرض محروقة، لكنه سيكتشف بعد حين كم كانت حلب انتصاراً وهمياً، انتصاره في حلب أضر بالمعارضة تكتيكياً لكنه أفادها استراتيجياً. في حلب نقطة التحول الأهم في الثورة السورية وقضيتها.

إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"

العدد 5221 - الخميس 22 ديسمبر 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 39 | 5:57 م

      ليبيا العراق اليمن غزة فضلا عما يحدث في مصر دمرتها روسيا وايران؟!

    • زائر 38 | 4:14 م

      لك موقف معارض للحكومة السورية ولكن على الأقل احترم عقول ومشاعر القراء

    • زائر 36 | 7:18 ص

      تحديات الزمن المقبل لن تكون على سوريا فهي عاشتها بعمق فيما مضى من 2011 الى الان 2016م والتحديات من الان الى مابعد ستصب على الدول العربية كاملاً

    • زائر 33 | 5:58 ص

      مع الاسف ضاع من عمري بعض الوقت في قراءة مقال وتحليل سياسي هزيل من كاتب حر واكاديمي مرموق عودنا على المصداقية والشفافية والعقلانية. دكتور شفيق عود كما كنت وسمي الاشياء بمسمياتها.

    • زائر 32 | 5:44 ص

      ثانيا لماذا لا تخوف سوريا من أمريكا وتركيا وفرنسا وأوروبا ومن لهم وجود وقواعد في سوريا غير شرعية ؟ انهم الهاجس المخيف على سوريا ولكن خوفهم يزول ويندثر لوجود روسيا وايران والصين في الميدان السوري والعالمي يبقى الخوف كله على سوريا ليس من التكفيريين الإرهابيين انه من إسرائيل التي اخوف ما تخافه هو سوريا المقاومة لهذا هي الان تعيش قلق وارق من انتصار سوريا وخبرات حزب الله المكتسبة من حرب سوريا

    • زائر 31 | 5:35 ص

      أولا تخويفك سوريا من روسيا وايران غير منطقي ايران أتت قانونيا ورسيا أيضا من حكومة شرعية-سوريا- واعتبارك انتصار حلب انتصارا وهميا هذا غير صحيح انه انتصار حقيقي فقد بعث الرعب في أوروبا وامريكا وكل حلفائها فهو بداية تحرير كل شبر من سوريا وحرب العصابات الذي تقوله صحيح لكنه مقدور عليه وهو دليل ضعف للمجموعات الإرهابية وبداية انهزامها ومحوها من الكرة الأرضية وليس في سوريا فقط

    • زائر 27 | 3:58 ص

      تحليل غير منطقي ومتحامل ومعلب

    • زائر 22 | 1:17 ص

      لايكون صدقت إن أفراد هؤلاء العصابات ثوار يريدون رسم مستقبل أفضل للسوريين
      افتح عينيك وقلبك
      ماهولاء إلا مجموعات من المرتزقة أدت دورها وانتهت

    • زائر 21 | 1:02 ص

      طوال هذه الخمس سنوات ولم أرى مما تسمي نفسها معارضة للنظام السوري أي فعل يدلّل على اهتمامها للشعب السوري من حيث الإيواء والاغاثة والاعانة على الحياة ومحاولة اسعاف الناس الابرياء المتضرّرين من الشعب السوري.
      فقط كل ما نسمعه عنهم يلهثون وراء المال ويعالجون جرحاهم حتى في اسرائيل من دون حرج ولا يهمّهم تدمير البنية التحتية ولا غير ذلك يعني ما خلّوا ولا بقّوا

    • زائر 20 | 12:55 ص

      بس اللي نشوفه ان الشعب الحلبي يحتفل بتحريره من قبضات الإرهاب

    • زائر 24 زائر 20 | 1:21 ص

      كيف لا وهم تعرضوا للقصف من الجماعات الإرهابية طاول خمس سنوات وحتى الحصار سنة ٢٠١٣ قبل أن يفتح الجيش طريق أثريا خناصر ولم نسمع صوت لا أمم متحدة ولا أمم بطيخ

    • زائر 19 | 12:50 ص

      عن نفسي وكعربي أخاف من طعنة في الظهر فيما لو ناصرت القضية الفلسطينية بعد الذي حصل

    • زائر 18 | 12:49 ص

      رد على رقم 14
      والقنابل التي القتها داعش والنصرة واضرابها والي موّلت من دول ... كانت كفيلة بحرق اسرائيل عشرات المرّات ولا زالت كميّات من اطنان الاسلحة بيد الجيش السوري اطلع وسيطلع العالم على ما تبقى منها

    • زائر 14 | 12:12 ص

      أنت ماكل مقلب في دعم النظام السوري لفلسطين، دعمه للفلسطينيين سياسي نفعي و ليس عقائدي أو مبدأي ... هو من أقلية تحكم أكثرية، كيف تريده أن يسوق الموضوع، هل هناك غير فلسطين؟ القنابل التي أسقطت على حلب الأشهر الماضية كانت كافية لتحرير القدس 10 مرات.

    • زائر 13 | 11:54 م

      للأسف النظام السوري هو أكثر من دعم القضية الفلسطينية وكان ملاذا للفصائل الفلسطينية ولكثير من باقي الشعوب الهاربة من ... انظمتها، لكن لا ادري هل فعلا الفلسطينيين ما ينقع في عيونهم.
      أنا لا أدافع عن نظام الأسد لكنه نظام كباقي الانظمة كلها نفس النهج وربما هناك من الانظمة من يزيد على نظام بشّار لكن ما لنظام بشّار من محاسن تحسب له هناك الكثير واعتقد ان الشيخ حسون مفتي سوريا ذكر ذلك وفصّل فيه.
      ّّاما الاخوة الفلسطينيين فأتمنى منهم مراجعة انفسهم والا فسيكون الندم محالفا لهم على مواقفهم

    • زائر 16 زائر 13 | 12:24 ص

      لا يوجد من الفلسطينيين طاعن في الظهر سوى جماعة حماس الإخونجية والطامة أن حزب الله لا يزال يجاملهم وإيران تدعمهم ولا لشيء إلا لأنهم جماعة إسلام السياسي.

    • زائر 12 | 11:50 م

      بشار و القاعدة و داعش يجوزون مع بعض ... و لكن يجب أن تعرف أن هذه الحركات الإسلامية المسلحة يحركها الإنتقام و الثأر و هي لا تقر أبدا بالهزيمة، ما يدفعها هو الثأر و الإنتقام و ليس أي شيء آخر. بشار و ايران فتحوا على أنفسهم باب هم كانوا في غنى عنه، بل كانوا يغازلون هذه الجماعات بغض النظر عنها عندما كانت تهاجم أعدائهم أمريكا أو حلفائها.

    • زائر 11 | 11:47 م

      اصلا اغلب الشعب مع النظام وان كانت المعارضة موجودة فهي وتحمل صبغة طائفية والطائفيين لا يمكن لهم حكم بلد فيه تنوع الطوائف والمذاهب مثل الشبعة والعلويين والدروز والمسيحيين وقوميات مختلفة وثانيا مع انتصار حلب أكيد راح يكون في مخربين ولكن ان شالله النظام يُطفئ كل نار يحاول إشعالها الطائفيون

    • زائر 17 زائر 11 | 12:26 ص

      وهنا يأتي دو الأمن والمخابرات في اصطياد المخربين.

    • زائر 9 | 11:38 م

      8

      سمعنا هذا النهيق والنباح أثناء تحرير الفلوجه ومدن عراقيه أخرى والآن حلب وغد إدلب وهكذا ،، مش الحال ومثل ما يقولون متعوده دايمن .

    • زائر 8 | 11:15 م

      الصراخ على قدر الألم

    • زائر 25 زائر 8 | 1:33 ص

      صح الله لسانك
      قل موتوا بغيظكم (وماالنصر إلا من عند الله)

    • زائر 6 | 10:51 م

      تحديات الزمن المقبل سيكون بشار نسخة مطورة من صدام حسين بعد تحرير الكويت. سيسيطر بشار على المدن الرئيسية، و يترك تدمر و الرقة لداعش، سيحكم بلد مدمر و مفلس و معزول دوليا و متخاصم مع جيرانه... خرافات الممانعة و المقاومة ما راح أحد يشتريها بفلس حمر، ايران خسرت جمهورها من غير الطائفة ... روسيا بعد أن دخلت سورية، قد يستهويها أن تصنع من بشار قاديروف آخر يحكم سورية بإسمها (و لكن هذا غير مؤكد، فذلك يورط روسيا أكثر، الأفضل أن تدير المشهد من بعيد و تتدخل فقط عندما يصبح النظام على وشك الخسارة).

    • زائر 10 زائر 6 | 11:39 م

      مقارنة مضحكة وفاشلة صدام حسين دخل حرب مع إيران ٨ سنوات وهي حرب الخليج الأولى قبل الحرب الثانية في الكويت وواجه تمرد في الجنوب وتمكن من إخماده إنما أنهك العراق الحصار ١٣ سنة. سبحان الله... في السابق كنتم تلومون الأسد على الدمار أما اليوم بعد هزيمة حلب أنتم فرحون وتتفاخرون بانكم سبب هذا الدمار.

    • زائر 5 | 10:50 م

      وهج الإنتصار في حلب ..تذكر: أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين

    • زائر 2 | 9:48 م

      .....
      أولاً لم تذكر وجود الجيش التركي أليس احتلال أيضاً ودعك من التركي ماذا عن اﻷمريكي جاؤوا بدون طلب أحد وقبل الروس والإيرانيون الذين جاؤوا بطلب الحكومة السورية. ثانياً ما يسمى بالجيش الحر انتهى عملياً ٢٠١٤ ولم يعد له سوى الاسم بعد أن أضعفته داعش وأجهزت عليه النصرة. ثالثاً حرب العصابات التي تروج لها استخدمت ٢٠١١ و٢٠١٢ وفشلت قبل أن يتحول الإرهابيون الذين تسميهم "ثوار" إلى ما يشبه الحرب النظامية.

    • زائر 28 زائر 2 | 4:00 ص

      دكتور الشفيق من اروع دكاتره كليتي العلوم السياسيه تحليل منطقي والله يحفظ شعوب امة محمد (ص)

    • زائر 1 | 8:56 م

      نتمنا لجميع الشعب السوري السلام والاستقرار .

اقرأ ايضاً