العدد 5223 - السبت 24 ديسمبر 2016م الموافق 24 ربيع الاول 1438هـ

المؤسسات الصغيرة... بين رؤية الوزير والتاجر الكبير

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

في ملتقى «ألواني الإقليمي الرابع» الذي نظمته جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أواخر الأسبوع الماضي، سعدنا بوجود وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد الزياني، وكذلك الرئيس الفخري للجمعية الوجيه فاروق المؤيد، وقد حدثت مناقشة ودية طريفة ومهمة أيضاً بين الاثنين وددت التعليق عليها.

في فيديو قصير تم تسجيله لفاروق المؤيد لإذاعته خصيصاً في افتتاح الملتقى، قال إن «الفترة القادمة بما تحمله من تحديات وتداعيات لانخفاض أسعار النفط عالمياً، وما ترتب على ذلك من خفض النفقات الحكومية، ستؤدي إلى أن المؤسسات الصغيرة في البحرين ستواجه أوقاتاً صعبة، وهو ما يستوجب دعمها ومساندتها». وشدّد المؤيد على أن «الجمعية والمركز الذي يشرف برئاستهما سيسعيان في هذا الاتجاه ما استطاعا إليه سبيلاً، من واقع مسئولية القطاع الخاص عن دعم الاقتصاد الوطني».

وعندما قام الوزير وألقى كلمته في المؤتمر، وأثنى في ختام الكلمة بشدة على فاروق المؤيد، ومبادرته الكريمة لمساعدة صغار المؤسسات، والتي نبعت منه شخصياً ومن دون طلب أي جهة رسمية أو مسئول حكومي... وبعدها قال الوزير بمنتهى الود أنه يريد التعليق على كلمة «بو محمد» ويختلف معه في رؤيته بشأن المؤسسات الصغيرة والصعوبات التي قد تواجهها، وشرح الوزير كيف أن الحكومة تولي اهتماماً كبيراً بهذا القطاع، وسيجد منها كل تسهيلات ممكنة، والوزارة التي يرأسها تخص القطاع برعاية كبيرة، وتحث على تطويره ودعمه في كل مناسبة. ودلّل الوزير على اهتمام القيادة الرشيدة بهذا الشأن، بأن سمو ولي العهد بنفسه وجّه إلى عمل محفظة استثمارية بقيمة 100 مليون دولار أميركي لدعم هذه المؤسسات، وأنه سيلتقي بعد ساعات مع رئيس مجلس التنمية الاقتصادية خالد الرميحي، لوضع تصور لاستراتيجية شاملة للمساعدة والنهوض بالقطاع، وهو الخبر الذي أفردت له الصحف «مانشيتات عريضة» في اليوم التالي.

نحن الآن أمام وجهتي نظر، قد يراهما البعض متناقضتين، وأن واحدة صائبة والأخرى على خطأ، لكن في الواقع فإن وجهتي النظر صائبتان ومكملتان لبعضهما البعض وليستا متناقضتين، كيف ذلك؟ هذا ما سأوضحه في السطور التالية.

وجهة نظر تاجر كبير مثل المؤيد بأن هناك صعوبات في السوق، وتداعيات لأزمة النفط لا شك فيها مطلقاً، وهو أمر نلمسه جميعاً، وقوله إن المؤسسات الصغيرة ستتأثر أكثر من الكبيرة لا شك في ذلك أيضاً، ولا أدل على ذلك من قول الوزير نفسه بأن هناك توجيهاً من صاحب السمو الملكي ولي العهد لعمل محفظة استثمارية بقيمة 100 مليون دولار أميركي لدعم هذه المؤسسات. وقول الوزير أن القيادة الرشيدة مهتمة جداً بتنمية القطاع، وأن الحكومة تبذل جهوداً ملموسة وخاصة ما يبذله الوزير شخصياً، فنحن جميعاً وأي شخص منصف سيشهد بذلك دون شك.

المسألة ببساطة شديدة مرتبطة برد فعل الشخص المتلقي... «الطرف الثالث» في هذه المعادلة، وهو صاحب المؤسسة الصغيرة نفسه، فالتاجر الصغير أو رائد العمل الذي سيبذل بعض الجهد في متابعة ما تقدّمه له الحكومة والوزارة، ويسير وفق الاشتراطات التي يستحق عليها الدعم والمساندة، ويطوّر من نفسه ومن أدائه سيكون من ينطبق عليهم قول الوزير بأنه سيلقى كل الدعم والمعونة، وسيستشعر فعلاً بأن الحكومة تسانده، وتقدم له أكثر ربما ما يتوقع.. وسيقوده ذلك إن شاء الله إلى نجاح مبهر في عمله.

أما التاجر المتكاسل غير المهتم، أو الذي يظهر الشكوى والتململ بمناسبة أو دون مناسبة، فهذا ما سينطبق عليه قول فاروق المؤيد بأنه سيستشعر حجم الأزمة أضعافاً مضاعفة، وسيكون بعيداً عن تطبيق الاشتراطات التي تطلبها الحكومة في الدعم، وبالتالي لن يحصل عليها.. وستكون تبعات الأزمة عليه كبيرة، وسيحاول رجل مثل فاروق المؤيد وغيره من كبار التجار – من خلال المؤسسات القائمة في السوق - مساعدته وتقديم العون له، ولكن أنا أنصحه بأن يساعد هو نفسه أولاً، ويتخلص من السلبيات التي أدت به إلى التعثر أو التراجع أو الخسائر أو الفشل حسبما يحلو له أن يطلق على نفسه.

كلا الفئتين من التجار تستحق الدعم بالطبع، ولكن سيختلف الأمر بكل تأكيد، فالفئة الأولى الحريصة المتابعة الشغوفة بعملها ستكون أسرع في الأداء وفي تحقيق النتائج، أما الفئة الثانية ستحتاج إلى التوعية قبل الدعم، ستحتاج أن تعرف وتتعلم وتغيّر أدواتها، قبل أن تحصل على أي نوع من الدعم قد يذهب سدى دون أي عائد إيجابي؛ لأنه سيذهب في نفس الاتجاه الأولي الذي أدى بها إلى الخسائر.

أخيراً... أعتقد أن الشارع التجاري وعموم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في شغف كبير حالياً بشأن تفاصيل المحفظة الاستثمارية التي أعلن عنها الوزير، وكيفية توزيع الدعم ومن هم مستحقوه، وأعتقد أننا سنكتب عن ذلك مقالاً مفصلاً في مرة مقبلة إن شاء الله.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 5223 - السبت 24 ديسمبر 2016م الموافق 24 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:41 ص

      الكاتب بمقالاته نزل للهاوية وا أسفاه فما معنى هذه العبارة التي يشمئز منها القارئ (وسيحاول رجل مثل فاروق المؤيد وغيره من كبار التجار مساعدته وتقديم العون له) الناس لا تستجدي يا استاذ فكرامة التجار البحرينيين اكبر بكثير ولنترك التصفيق ونكون واقعيين والسلام ختام

    • زائر 3 | 9:15 ص

      طيب

      وماذا لو كان الوزير تاجراً كبيرا أو كان التاجر الكبير وزيرا !؟

    • زائر 1 | 3:01 ص

      لم ولن تحصل المؤسسات على اي دعم يذكر فقط فرقات إعلامية

اقرأ ايضاً