العدد 41 - الأربعاء 16 أكتوبر 2002م الموافق 09 شعبان 1423هـ

النساء والقضاء الشرعي: اختلاط الشعارات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بعض الشعارات التي رفعتها النساء المحتجات على بعض القضاة في المحكمة الشرعية يضرُّ بالهدف الذي من أجله خرجن مطالبات بحقوقهن. بعض الهتافات بدا وكأن النسوة ضد الشريعة الاسلامية، إلا أن الواقع يقول إنهن يطالبن بحقوق ضمنتها لهن الشريعة، وان الظلم الذي وقع على بعضهن انما حصل بسبب عدم الالتزام بنصوص واضحة من الشريعة الاسلامية.

فالشريعة الاسلامية كانت ومازالت أهم تشريع عرفته الانسانية للدفاع عن بني البشر بغض النظر عن لونهم وانتمائهم او كونهم رجلا او امرأة. ولكن المشكلة هي في اسلوب تطبيق بعض احكام الشريعة بعيدا عن الاعتبارات الظرفية الخاصة بالزمان والمكان، والمشكلة الأخرى هي في اعتقاد البعض ان تنفيذه بعض احكام الشرع يعطيه حصانة تمنع مساءلته من قبل الآخرين.

والحديث عن ضمان حقوق المرأة ليس حديث شعارات، ففي دراسة أعدتها احدى الباحثات في احدى الجامعات الأميركية قبل خمس سنوات درست وضع المرأة في المغرب وايران وكيف يتم التعامل معها قانونيا ووجدت ان المشكلات الموجودة لدى المغربيات والايرانيات هي نفسها الموجودة لدى الأميركيات والأوروبيات، وأن المرأة المغربية والمرأة الإيرانية استطاعتا حماية حقوقهما-قدر الامكان- من خلال الأطر المعمول بها في بلديهما تماما كما تفعل النساء الغربيات في بلدانهن. ووجدت الباحثة ان المرأة الايرانية، مثلا، استطاعت تضمين العقود (عقود الزواج والإرث وغيرها) شروطا مقبولة اسلاميا، وهذا أدى للصعود بمستوى المرأة إلى مستوى الرجل.

واحدى الملاحظات التي خرجت بها الدراسة هي ان المرأة المسلمة في عالم اليوم تعي ما لها وما عليها وان كثيرا من الاحكام المتحيزة ضدها تشابه الاحكام المتحيزة ضد المرأة في البلدان الأخرى. وان ذلك راجع إلى سيطرة الرجل على السلطات العامة، واستمرار تلك السيطرة قرونا من الزمن مما أدّى إلى نسيان حقوق للمرأة، يراها غير المسلم أنها حقوق طبيعية، ويراها المسلم أنها حقوق ترتبط بفطرة الانسان التي خلقها الله سبحانه وتعالى.

وانطلاقا من هذا المفهوم، فان المسلم الملتزم بالشرع بإمكانه الدفاع عن المرأة وحقوقها، من دون أن يعني ذلك تعديا على الشريعة. وانطلاقا من هذا المفهوم أيضا، فان النسوة اللاتي أعلن رفضهن بعض الممارسات سيحصلن على الدعم من فئات المجتمع المختلفة فيما لو حاسبن لبعض الشعارات والهتافات والكتابات التي توحي بأمور لم تكن في حسبانهن وهن يطالبن بحقوقهن.

لقد كان من بين الذين صرحوا ضد بعض التصرفات النسوية المجلس الأعلى للمرأة، وهنَّ بأمس الحاجة إلى مساندة هذه المؤسسة الرسمية الكبرى، كما ان الاتحاد النسائي البحريني (تحت التأسيس) لم نسمع منه موقفا بالتأييد او الاستنكار ما يعني ان الحوادث فرضت نفسها عليه وهو لم يستطع مواكبتها بالطريقة المطلوبة. إلا ان النسوة بحاجة إلى المجلس الأعلى وبحاجة إلى الاتحاد النسائي على المدى البعيد، والأفضل لهن ان يتحالفن مع هاتين المؤسستين بعد ان تمكنّ من ايصال اصواتهن بهذه الدرجة العالية.

والنسوة ايضا بحاجة إلى مساندة علماء الدين الذين يناصرون مطالبهن ولكنهم ليسوا على استعداد لأن يبدوا وكأنهم ضد الشريعة الاسلامية. وهناك عدد من علماء الدين، بمن فيهم قضاة شرع لهم كلمتهم المسموعة ويودونّ مناصرة النساء ولكنهم يشعرون بالحرج بعد التصعيد الأخير. ولذلك فإن النساء اللاتي نجحن في حركتهن الاعتراضية بصوت مرتفع عليهن الآن مواصلة ذلك النجاح ولكن عبر التحالف مع المجلس الأعلى للمرأة والاتحاد النسائي وعلماء الدين العادلين، وبذلك سيتحقق لهن ما أردن

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 41 - الأربعاء 16 أكتوبر 2002م الموافق 09 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً