العدد 5243 - الجمعة 13 يناير 2017م الموافق 15 ربيع الثاني 1438هـ

بالفيديو ... النمط الاستهلاكي ينخر ميزانية الأسرة البحرينية

جعفر الصايغ - حسن فتيل
جعفر الصايغ - حسن فتيل

منذ انخفاض أسعار النفط، بدأت البحرين فرض ضرائب مالية جديدة، ورفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، يقابل ذلك ثبات في الرواتب، وكان وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان قد صرح لـ «الوسط» من ديسمبر/ كانون الأول 2016 بأن متوسط الأجور في القطاعين العام والخاص يبلغ 519 ديناراً للفرد. ما يطرح تساؤلاً بشأن كيفية تنظيم هذا المبلغ ليتماشى مع تكاليف الحياة للأسرة البحرينية.

وتعليقاً على ذلك تحدث رئيس جمعية الاقتصاديين، جعفر الصايغ لـ «الوسط»: «لا يوجد معيار ثابت بأن مبلغ دخل معيناً قد يكفي لجميع الأسر فقد يكفي لأسرة ويضيق بأخرى، لأن كل ذلك يعتمد على حجم الأسرة وأولوياتها ونمط الاستهلاك لديها، لكن التخطيط المالي لكل أسرة، قد يساعد على تنظيم الميزانية وعدم الحاجة للاقتراض».

ومن جانبه، أضاف المواطن البحريني حسن فتيل بأن ارتفاع متطلبات المعيشة يجب أن يتوافق مع ارتفاع الدخل، وقال: «في تسعينات القرن الماضي كان راتبي لا يتجاوز 200 دينار، وكان يكفيني حتى أنني اشتريت سيارة دون اللجوء لقروض وكنت أسافر بشكل مستمر، و لكن الآن يصل راتبي تقريباً ألف دينار ولكنه بالكاد يكفي تكاليف الحياة. وقد أصبح الوضع الاقتصادي يلعب دوراً اجتماعياً مهماً ويؤثر حتى على خيارات الزواج، فقد صار الشباب يبحثون في الزواج عن المرأة التي تعمل لأن الدخل الواحد لم يعد يكفي».

«القروض تأكل نصف راتبي»

ويؤكد حسن فتيل الذي يعمل في وزارة البلديات كمفتش، بأن راتبه الإجمالي يصل إلى ألف دينار تقريباً، وعلى الرغم من ذلك ومع ظروف الحياة الصعبة كما يصفها، يجد نفسه مضطراً لما يسميه الحركة التجارية البسيطة، لتغطية التزاماته المالية.

وأضاف: «لو كنت أتسلم راتبي كاملاً بدون استقطاعات بالطبع كان ليكفيني، ولكنني ملتزم بقرض الإسكان وقرض شخصي آخر، وعندي قرض التقاعد، وهذه الالتزامات تستقطع أكثر من نصف راتبي، وأعتقد بأن هذا هو حال غالبية المواطنين البحرينيين الذين يلجأون للقروض لتدبير أمورهم، مثل بناء منزل أو شراء سيارة، والآن حتى للسفر أنت بحاجة للاقتراض».

لكن فتيل استدرك قائلاً: «كل شخص يجب أن تكون لديه خطة مالية، وبدونها لن يستطيع مواصلة الشهر كله، على سبيل المثال أنا أعتمد على التوزيع الصحيح، وتقسيم المصاريف إلى أجزاء، الترفيهية منها والغير أساسية مثل المطاعم والسفر والكماليات، تعتمد على الفائض من الأساسيات، ولا تكون ضمن التوزيع الأساسي للراتب».

الصايغ: «النمط الاستهلاكي لا يحقق الاستقرار والاقتراض يقود للفقر»

تعاني مجتمعاتنا الخليجية من نمط استهلاكي غير إنتاجي، لا يساعد على الإنتاج والاستقرار المالي، ولا يسمح بمواجهة التحديات غير المتوقعة، حسب رئيس جمعية الاقتصاديين جعفر الصايغ.

وتحدث الصايغ للوسط: «لدينا استهلاك وبذخ في أمور كثيرة، بسبب غياب التخطيط والرؤية، أبسط مثال نراه يومياً في ثلاجات البيوت التي استحالت مخازن للمواد الغذائية، وهذه عادات سيئة، لأن صلاحية المواد الغذائية قد تتضرر بعد تخزينها لفترات طويلة مثل الأسماك والروبيان التي لا يكتب عليها تاريخ انتهاء».

وأكد الصايغ بأن هذا النمط يجعل الأسرة معرضة للاقتراض والأوضاع المعيشية الصعبة، مستدلاً بكلامه على أن كثير من الأسر انتهت إلى الفقر بسبب غياب التخطيط وتطورات غير متوقعة لا يعرف رب الأسرة كيفية التصرف معها فيضطر لبيع بعض الأصول، أو الاقتراض الذي هو استهلاك للإيرادات المستقبلية.

وأضاف: «يفترض أن تكون لنا التزامات مستقبلية نراعيها، كما نراعي التزاماتنا الحالية».

وللقضاء على النمط الاستهلاكي ينصح الصايغ الأسر بتسجيل الاستهلاك الشهري وإعادة النظر في نمط الحياة والأولويات، الى أن تعرف حجم احتياجاتها الأساسية، وستلاحظ الأسرة أن كثيراً من السلع لم تكن ضرورية، وستجد الأسرة نفسها قادرة على الادخار و لو بنسبة بسيطة.

مبدأ الادخار ضرورة للأسر الغنية والفقيرة على حد سواء

اعتماد مبدأ الادخار والتعود عليه مهم جداً لكل الأسر بمختلف مستوياتها المعيشية، وذلك ما أكده الصايغ: «مثلما نطالب الدولة أن تدخر في صندوق الأجيال القادمة، ونطالب أي مؤسسة إنتاجية بالادخار لتجنب الاقتراض، إذاً حتى على مستوى الأسر فهي مطالبة بالادخار. فأهمية الادخار تساوي أهمية الاستهلاك الحالي. والادخار تعوّد، كما هو الاستهلاك.

ويقود الادخار للاستثمار حسب الصايغ، حيث يؤكد بأنه بعد تراكم مبالغ الادخار ينتقل الفرد لمرحلة أخرى، ماذا سيفعل بهذا المبلغ وتتطور الفكرة للاستثمار.

لكن المواطن فتيل لا يتفق مع الصايغ بأن الادخار يجنب الفرد الاقتراض، حيث قال فتيل :»لديّ بند في حياتي أسميه بند الطوارئ موجود دائماً، صحيح بأنه ينفعني في أوقات الطوارئ، مثل علاج في الطب الخاص أو مشكلة في السيارة، لكنني حتى لو جمعته لنهاية السنة مثلاً لا يصل لمبلغ يمكنني من السفر أو تغيير أثاث أو شراء سيارة، و أجد نفسي مضطراً للاقتراض، وما أراه في الواقع البحريني أن غالبية الناس لا يكفيهم دخلهم لنهاية الشهر، ما بالك بالادخار».

قروض إنتاجية وليست استهلاكية للادخار الاجباري

ومن أهم طرق الادخار حسب الصايغ، عزل المبالغ في حساب آخر في البنك أو عادة الجمعيات التي يقوم بها الناس في المجتمع البحريني.

وتحدث الصايغ عن نوع آخر وهو الادخار الإجباري للأشخاص الذين لا يملكون القدرة على الادخار: «يمكن شراء الأصول مثل العقارات من خلال الاقتراض لإجبار الفرد نفسه على مبدأ الادخار، وعلى الرغم من المخاطر القليلة لهذه الطريقة فهي تظل إيجابية لأنك أجبرت نفسك هنا على مواجهة النمط الاستهلاكي غير الإنتاجي، مثلاً لو فقدت الوظيفة وأنت ما زلت ملتزماً بالقرض، البنك سيقوم ببيعها لك و تسديد ما تبقى عليك».

رغبة المرأة في الكماليات تحاصر الراتب

كثير من السلع غير الضرورية تحولت إلى سلع أساسية حسب جعفر الصايغ، فعلى سبيل المثال الطعام سلعة ضرورية ولكن الإفراط في تناول الطعام والذهاب إلى أغلى الأثمان منه غير ضروري، ولكنه بفعل الإعلان وتغيّر نمط حياة المجتمع أصبح ضرورياً.

وأكد المواطن فتيل على ذلك بقوله: «بعض الكماليات أصبحت ضرورة وأصبح هذا الواقع مفروض علينا لتغيّر نمط الحياة، مثلا أي شاب أو شابة لا يملكون هاتفاً ذكياً حديثاً ينظر لهم أقرانهم نظرة نقص، وأي بيت لا يحتوي على أكثر من 4 أجهزة تلفزيون يعتبر ناقصاً».

و وجد فتيل بأن مسئولية الخضوع للكماليات تقع على عاتق المرأة: «الرغبة للكماليات غالباً تكون سببها المرأة، لأنها ترغب في التغيير دائماً، فيقف الزوج حائراً و يضطر لأخذ قرض، والقرض يدمر الميزانية وتعيش الأسرة في ضغط طوال الشهر، الزوجة تقبل بهذا الضغط لأنها ترى نفسها أمام الناس قد غيّرت في حياتها».

التخطيط والرؤية المستقبلية الواضحة للاستقرار المالي

وأكد رئيس جمعية الاقتصاديين أهمية التخطيط المالي التخطيط المالي بشكل عام، سواء كان على مستوى الدولة أو المؤسسات أو الأفراد، وأهمية وجود رؤية واضحة يبنى على أساسها المستقبل.

وأضاف: «لا يمكن للفرد أن يضمن مستقبل زاهر ومستقر دون أن يفكر ماهي أهدافه في المستقبل وكيف سيستغل أمواله المتاحة، أعتقد أن كثير منا يتجاهل التخطيط، بينما نحن كأسرة لدينا أبناء سيكبرون ويلتحقون بالجامعة، ولدينا احتياجات منزلية وتعليمية وصحية وغير ذلك. لذا لا يمكن أن أبني مستقبلي على المجهول».

العدد 5243 - الجمعة 13 يناير 2017م الموافق 15 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 12:53 ص

      نحن نفتقد ثقافة الاقتصاد والتوفير في مجتمعنا العربي بصفه عامة والخليجي بصفة خاصه ترى الدينار والدرهم في أيدينا سواء. متى نغير طريقة تفكيرنا؟

    • زائر 11 | 9:30 ص

      اتفق مع قاله الدكتور الفاضل جعفر الصائغ الادخار حاجة ماسة للفرد والمجتمع مهما كان راتب الفرد ضئيل استقطاع مبلغ ولو بشكل تدريجي نسبة الزيادة به يعتبر حماية للفرد من الأزمات المالية والظروف الطارئة كما أنه بات من الضروري التخطيط السليم لأولويات الاستهلاك والابتعاد عن الكماليات ومجاراة الإسراف المفرط .

    • زائر 10 | 1:59 ص

      خخخخخ
      حلوة ينخر ميزانية الاسرة أنتوا نخرتو عينة مو بس الميزانية او لاتستغربون إذا شفتونة ناكل نعل اب سببكم.

    • زائر 9 | 1:55 ص

      السفر ضرورة…. ولو يومين…. لان الحياة في البحرين صارت هم و غم… ما تسمع الا الاخبار الشينة… و نقاط التفتيش و غرامات المرور…. و زحمة الشوارع…… اي توفير الله يهديكم!!!!

    • زائر 8 | 1:07 ص

      أستغرب من كلام الاخ فتيل
      يقول أربعة تلفزيونات بالبيت
      وتلفون ذكى
      ليش عشان تجارى الناس
      لكن ما قال وقت القرض من اللى بيدفع والكل يعرف بعد القرض تحدث المشاكل والضيق
      على الاسرة أكثر من قبل
      وتالى خل الناس تدفع عنك

    • زائر 7 | 1:00 ص

      موضوع جميل وبه أفكار جيدة وخصوصاً: أن نمط الاستهلاك غير إنتاجي، حسيت كأني أول مرة أقرأ عن الادخار... كما أن إخراج الفيديو أعجبني كثيراً

    • زائر 6 | 12:27 ص

      اعطوا المتقاعدين وساندوهم وضد التعطل

    • زائر 5 | 12:18 ص

      انا اقول لو الشعب يخفف عدد السفرات السنوية و يخليها كل 3 سنوات بيوفرون و زياده الان وصل الحال في كل سنه لا تقل عن 3 سفرات ، السفر يعد ترف و للاغنياء و ليس لناس عايشه على راتبها

    • زائر 4 | 11:36 م

      شوفوا الايجارات كانت جدا بسيطه واليوم الخرابه غرفه بحمام 150. والسلع الاستهلاكيه الضروريه تشب نار.والانترنت والحاسوب متطلب لابد منه لتلبية طلبات معلمات المدارس وابحاثهم.واكتفاء الشركات بالموظفين الاجانب والغاء المواصلات للموظفين المواطنين سبب لامتلاك كل افراد المنزل سيارات خاصه.مشكلة الاسكان من بساطة حجم الوحده السكنيه وبعد موطن اصحابها عدم توافر مساحات للعب الاطفال واختلاف الناس في المجمعات السكنيه الجديده والخوف من خروج الابناء يضطر اهاليهم لشراء اجهزه حديثه وانترنت يقبل بتحديثات البرامج

    • زائر 3 | 11:05 م

      القوه الشرائيه للدينار اصبحت تكاد تعادل 300 فلس .. بمعنى .. نرجع للثمانينات والتسعينات ابرك من كلام مأخوذ خيره وتفاخر على الطل.. واحسبوها ابتداء من قيمة بيت العمر الى السلعه الغذائيه التي يحتاجها اي مواطن

    • زائر 1 | 10:29 م

      من قال ان رواتب البحرينيين مثل ماوضحت التقاعد 370

    • زائر 2 زائر 1 | 10:56 م

      صح فيه. هالظروف. ولغلا كل يوم يكثر لو راتبك اوصل 2000. دينار. ماتقدر اتوفر وله دينار واحد بعد الله اكون فيه عون الفقير الا عليه. اسرة كبيره وقروض

اقرأ ايضاً