العدد 5254 - الثلثاء 24 يناير 2017م الموافق 26 ربيع الثاني 1438هـ

البحرين المشهورة باللؤلؤ

سي. ستانلي مالريا يسجِّل ملاحظات مريض في جناح مستشفى ميسن التذكاري (1907)
سي. ستانلي مالريا يسجِّل ملاحظات مريض في جناح مستشفى ميسن التذكاري (1907)

الموضوع الذي بين يدي القارئ مقتطف من التقرير السنوي للإرسالية العربية (الأميركية) في الخليج العام 1949 والمنشور في العدد 219 المؤرخ في ربيع 1950 من مجلة أريبيا كولنج Arabia Calling التي تصدرها الإرسالية.

الآن، ننتقل إلى البحرين الواقعة في مركز الخليج. إن تجارة اللؤلؤ وجميع مظاهر الحياة الغريبة المتعلقة بها والتي كانت الجزيرة مشهورة بها قد اختفت حالياً. ولم يعد مصدر ثرائها اللؤلؤ الأبيض اللامع الملتقط من قاع البحر بل أصبح الزيت الأسود المستخرج من أعماق الأرض. وتدل النيران المتوهجة في الليل وأعمدة الدخان في النهار على أن البحرين هي مركز للنفط الآن. وهذه الحقيقة تتغلغل في كل ناحية من نواحي الحياة لكن المبشرين لا يزالون هناك ولا زالوا يقدمون للمواطنين اللؤلؤة ذات الثمن العظيم وأن الحقيقة بأن هناك الآن عدداً قليلاً جداً ممن يقدّرون أو يقبلون هذه الهدية مما يشكل عبئاً ثقيلاً على قلوبهم.

ويبدأ لودنز تقريره بالإشارة إلى أننا أصبحنا الآن بعيدين جداً عن أيام الشكوك والنية السيئة والتعصب التي واجهها المبشرون لدى وصولهم للمرة الأولى. فقد أصبح لودنز يجد الاستقبال الودي الحار في كل مكان لكنه يعدّل من رضاه على هذه الحالة من الأمور بفكرة أن نجاحنا عندما يقاس بعدد المتحولين إلى المسيحية فإن الترحيب به ربما يكون أقل. فالقليل جداً قد غيروا ديانتهم لدرجة أن المسلمين لم يعودوا يخشون تحول الناس بأعداد كبيرة. كذلك إن من بين الشبان الأكثر تعليماً هناك أولئك الذين اتخذوا موقفاً نبيلاً بأن الإنجيل والقرآن متساويان في الجودة وهذا يعني أنهم ليسوا متأثرين بهذا الدين أو ذاك.

وقد تم نشر الإنجيل بجميع الطرق القديمة وبعض الطرق الجديدة. لذلك فإن الكثير من قرى الجزيرة تمت زيارتها وتمت دراسة مشاكل التبشير بعناية. وكانت عمليات الوعظ في العيادات الخارجية وزيارة المرضى في المستشفى وسائل أخرى لدفع الإنجيل إلى وعي الناس. وإلى هذه النقطة ساهم متجر الإنجيل أيضاً. واتبعت طريقة جديدة هي التعليم المرئي. ومن المناسبات البارزة التي كتبت عنها أيضاً الآنسة دالنبيرج كانت عرض فيلم حول حياة المسيح الذي كان مصحوباً بالتعليق الشفهي وتم عرضه في تجمع كبير يتألف من جميع نساء العائلة تقريباً. وأعطت هذه الرسالة انطباعاً عميقاً لمجموعة من النساء اللواتي يصعب الوصول إليهن عادة بوسائل أخرى.

واستمر العمل بين النساء بنشاط مرة ثانية. فزيارة النساء في بيوتهن كانت لسنوات طويلة ميزة للعمل في البحرين، وأصبحت أبواب البيوت تفتح بصورة أكبر عن ذي قبل وبترحيب أكثر حرارة. أما اليوم الأسبوعي المفتوح الذي يعقد في الإرسالية فلا يزال يلقى شعبية كالسابق ولا يزال ملجأ الأيتام يقدم نقاطاً أكثر للاتصال.

وحين يتعلق الأمر بالعمل الطبي فإن مستشفى الإرسالية لم يعد المستشفى الوحيد في البحرين كما كان سابقاً. فقد نتج عن أموال النفط إمكانية فتح مستشفيين من قبل الحكومة، كلاهما مجهزان جيداً بالموظفين والمعدات. لكن على رغم ذلك فالمرضى يأتون متدفقين إلى مستشفانا من أماكن قريبة وبعيدة والعديد منهم من مناطق بعيدة جداً. والبعض يمر على المستشفى الحكومي ثم يأتي لنا لأخذ الدواء بالإضافة إلى الاهتمام الشخصي والرعاية.

ويشعر الطبيب هوسنكفلد بأن الإرسالية ينبغي أن تفعل كل شيء ممكن لمواكبة الأزمنة المتغيرة ويقترح طرقاً مختلفة لتفعيل هذا الشيء. ففي البحرين، كما في جميع محطاتنا، العمل الطبي محدود بقلة عدد الأطباء الكافين ويطرح تساؤلاً فيما إذا كان بالإمكان تعيين أطباء مسيحيين هنود كأعضاء في الإرسالية ويؤكد على أن الإرسالية ينبغي أن تدرب موظفين محليين أكثر كمساعدين في المستشفى.

وقد كتبت كل من الآنسة دالنبيرج والآنسة بورسما تقريراً حول العمل الذي قامتا به في قطر، شبه الجزيرة البارزة في الخليج والواقعة جنوب البحرين. هناك أنشأ الشيخ (الحاكم) مستشفى على حسابه الخاص، متوقعاً أن الإرسالية ستقوم بتجهيزه بالموظفين. كما أشارتا إلى الاستقبال الطيب الذي لقيتاه والاحتياجات الطبية الكبيرة والعمل الكثير الذي نفّذ.

وبالنسبة إلى جناح الولادة الجديد الذي شيّد بأموال محلية وافتتح العام الماضي، فقد برّر بصورة أكبر رؤية الذين خططوا له. وبلغ عدد النساء اللواتي جئن للعناية في مرحلة ما قبل الولادة وحجزن غرفاً مسبقة للأوقات التي سيلدن فيها 181 امرأة. ما أبعدها من صيحة عن الأيام المبكرة للإرسالية حينما كانت القابلات الجاهلات والممارسات غير الصحية تجني حصاداً محبطاً بين الأمهات اللواتي يلدن في الفترة الأخيرة.

مهدي عبدالله - قاص ومترجم بحريني
مهدي عبدالله - قاص ومترجم بحريني




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً