العدد 5255 - الأربعاء 25 يناير 2017م الموافق 27 ربيع الثاني 1438هـ

هل يحق للآباء فرض أحلامهم على أبنائهم؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

قبل فترة شاهدت فيلما هندياً، وقلما أفعل، يعرض في قاعات السينما لدينا في البحرين. الفيلم هو «دنجل» المأخوذ عن قصة حقيقية للمصارع الهندي «ماهفير سينج» الذي علم ابنتيه رياضة المصارعة لتكونا أولى الفتيات الهنديات اللاتي يلعبن تلك الرياضة المعروفة بالعنف.

في الفيلم الكثير من المشاهد الصادمة، صادمة لأنها تجعل المشاهد يقف أمام نفسه، ويحطم، أو ربما يعزز، كثيراً من القوانين التي طالما اتخذها خوفاً على أبنائه، وسعياً لتهيئة ظروف مريحة لهم وقادرة على ضمان تنشئتهم بشكل مميز وسليم.

كان الأب في الفيلم مصارعاً متقاعداً طالما حلم بإحراز ميدالية ذهبية عالمية لوطنه، ولكنه فشل في ذلك، فأسرّها في نفسه وظن أن أحد أبنائه سيقوم بذلك نيابة عنه ليتحقق حلمه؛ لكن الله لم يهبه إلا البنات، ليتحطم حلمه قبل أن تشارك طفلتاه في شجار، جعله يفكر في تعليمهما المصارعة ضارباً بالعادات والتقاليد عرض الحائط.

لكي يحقق الأب هذا الحلم، حرم الطفلتين من الكثير مما يتمتع به الأطفال في مثل سنهما، فقص شعرهما كالفتيان في مشهد معبر، ومنعهما من اللعب واللهو؛ فكان يخرج بهما لأداء التمارين منذ الخامسة فجراً، وعرضهما للكثير من السخرية من قبل زميلاتهما في المدرسة. وحرمهما الطعام الذي تحبان، وألبسهما الـ «الشورت» والـ «تي شيرت» وهو الأمر الذي أثار حنق أهل قريته عليه، خصوصاً وهي قرية محافظة. واضطر إلى إطعامهما الدجاج مخالفاً تعاليم دينهم، فأثار والدتهما التي لم تكن تستطع تغيير الواقع ولو بالكلام، فاتخذت موقفاً سلبياً صامتاً تجاه كل ما يحدث لطفلتيها.

بعد كل هذه المشاهد والحوادث، ينجح الأب في إشراك ابنتيه في المسابقات والمنافسات داخل قريته، ثم خارجها إلى أن يصل إلى إدخالهما المنتخب الهندي، فتستطيع إحداهما إحراز الميدالية الحلم.

الفيلم جعلني أتساءل إن كان من حق الآباء فرض أحلامهم على أبنائهم؛ فقط لأنهم يعتقدون أنهم يستطيعون توفير حياة أفضل لهم من خلال رسم طريقهم، واختيار نوع دراستهم ونوع الهوايات التي يجب عليهم ممارستها. وهل من الضروري أن يقسو الآباء على أطفالهم ليحققوا أحلامهم، أو ليحرزوا نجاحاً هنا وتفوقاً هناك؟

كما أنه يحيل لسؤال آخر وهو: هل قام الأب بكل ذلك لأنه أراد أن يجنب طفلتيه الزواج المبكر وهو الشائع في تلك القرية؟ وخصوصاً أن صديقتهما في المدرسة زوجت من شيخ كبير فتحطمت أحلامها؟

لكن الفيلم من جانب آخر، أراد أن يوصل رسالة، وهي أن المرأة قادرة على النجاح والتميز في أي موضع تكون فيه، فأن تخرج فتاة نشأت في قرية لا تعرف شيئاً عن عالمها الخارجي، لتكون بطلة عالمية في مجال طالما اعتبر حكراً على الرجال، فهذا نوع من التحدي الكبير ربما لا يستطيع كثير من الرجال تخطيه بنجاح.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5255 - الأربعاء 25 يناير 2017م الموافق 27 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:47 م

      نعم استطيع في حدود المعقول وعلى حسب امكانيات ابنائي وميولهم ان اختار معهم رغباتهم المشتركه معا

اقرأ ايضاً