العدد 5264 - الجمعة 03 فبراير 2017م الموافق 06 جمادى الأولى 1438هـ

الحمود: شبكات التواصل المجتمعي أسقطت النخب ودعمت الحضور الجماهيري

«رفض التغيير» أبرز عوائق الفعل التنموي في المجتمعات الخليجية

عبدالله بن ناصر الحمود
عبدالله بن ناصر الحمود

قال أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الإمام بالرياض، وأستاذ كرسي اليونسكو للإعلام المجتمعي عبدالله بن ناصر الحمود، في ورقته «شبكات التواصل المجتمعي والتنمية في دول الخليج العربي، رؤية نقدية مع نموذج مقترح لإنتاج الفرص التنموية في دول الخليج العربي مما تفرزه شبكات التواصل المجتمعي من تحديات» التي قدمها في المنتدى السابع والثلاثين للتنمية الخليجية أمس الجمعة (3 فبراير/ شباط 2017)، إن «رفض التغيير كان من أبرز عوائق الفعل التنموي في المنطقة، وكان الرفض غالباً نتيجة هيمنة أقليات في المجتمعات الخليجية على وسائل المعرفة والنشر، فينقاد العامة تبعاً لما تراه تلك الأقليات «النخب»، غير أن شبكات التواصل المجتمعي أسقطت النخب، ودعمت الحضور الجماهيري العريض».

وذكر في مستهل ورقته «شرفني منتدى التنمية الخليجي بدعوة كريمة للمشاركة في لقاء حيوي من اللقاءات المهمة التي يعقدها بكفاءة عالية، منذ إنشائه في العام 1979م، في مجال التنمية المستدامة في دول الخليج العربي، ففي ضوء أهداف المنتدى الساعية لتحليل الواقع التنموي في دول الخليج واستشراف التطورات المستقبلية وتبادل الخبرات والمعرفة والاستفادة من التجارب الناجحة، كان تحديد موضوع هذه الورقة حول ما تفرزه شبكات التواصل المجتمعي من تحديات، وما تكشف عنه من فرص في قضايا وموضوعات التنمية في الدول الخليجية».

وأضاف الحمود «يبدو أن هذا الموضوع من الموضوعات السهلة الممتنعة، فبقدر ما تبدو خصائص الإعلام والاتصال المعاصر واضحة، وبقدر ما تمت مناقشة التعقيدات التنموية في دول الخليج العربي في العصر الحاضر، واتضحت العديد من خصائص التنمية الشاملة في المنطقة، لا يمكن القطع بسهولة الجمع بين المتغيرين، تقنيات الاتصال الراهنة، من جانب، والتنمية الخليجية الشاملة، ومن جانب آخر، بغرض قياس الفرص والتحديات التي يمكن أن تنتج جراء هذا الجمع، إذ تشير أدبيات التنمية في دول الخليج العربي إلى أنه تبعاً لعوامل عديدة من أبرزها قدرة المجتمعات الخليجية على التناغم مع مستجدات بيئة الاتصال، تظهر أمام مخططي العمل التنموي العديد من التحديات ذات العلاقة بالجمهور الذي بدا مع ظهور مرحلة شبكات التواصل الاجتماعي الراهنة، جمهوراً أكثر ضراوة ودراية، وأقدر على النقاش بل والجدل في قضاياه التنموية، بشكل غير مسبوق. لقد كانت المؤسسات الرسمية في المراحل التقليدية للتنمية، وخصوصا ما قبل ظهور الإنترنت إجمالاً مع مطلع التسعينيات الميلادية الماضية، أقدر على السيطرة على القرار التنموي في كافة مراحله، وعلى تبني الفعل التنموي كيفما تراه هي محققاً للمصلحة، لكن الزمن الراهن قلب المعادلة تماما، وبات الجمهور يمتلك حصة ليست هينة في مخاض صنع القرار التنموي، نتيجة ما أتاحته بيئة الإعلام والاتصال من مصادر متعددة ومتنوعة للأخبار والمعلومات والأفكار، التي أصبحت تؤثر بشكل كبير على اتجاهات وسلوك الجماهير في المنطقة، وبالتالي، بات أمرا واقعا أن يدخل الجمهور في معادلة التنمية الخليجية، ليس فقط مستفيدا هذه المرة، ولكن، أيضا، شريكا انتزع صلاحية مشاركته انتزاعا بفضل ما أتاحته له بيئة الإعلام والاتصال المعاصرة من أدوات التمكين، وبشكل عام، تسجل معدلات استخدام شبكة الإنترنت في العالم العربي ارتفاعاً ملحوظاً لتصل إلى 55 في المئة بحلول العام 2018 مقارنةً بـ 37.5 في المئة خلال العام 2014. وهي بذلك تتفوق بـ 7 في المئة تقريباً على معدل النمو العالمي المتوقع والبالغ 3.6 مليارات مستخدم».

وأردف «وتتوقع مراكز البحوث مثل (أورينت بلانيت) للأبحاث، نموّاً في عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في العالم العربي ليبلغ نحو 226 مليون مستخدم بحلول العام 2018، وذلك وفقاً لتقرير اقتصاد المعرفة العربي 2015 و2016، تتصدر دولُ الخليج العربي الدول العربية في منظومة كبيرة من امتلاك واستخدام وسائل وشبكات التواصل المجتمعي».

وواصل «إذا كان من المستقر معرفيّاً أن فئة الشباب هم الفئة الغالبة في دول الخليج العربي، وأن مستخدمي شبكات التواصل المجتمعي هم من الشباب أيضاً بنسبة غالبة جدّاً، فإن أدبيات التنمية المعاصرة في الخليج والدول العربية تجعل الشباب، أيضاً، مرتكزاً مهماً من مرتكزات الفعل التنموي، ومن أبرز شواهد ذلك، أن تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016، الشباب وآفاق التنمية في واقع متغير، يناقش التحديات والفرص التي تواجه الشباب في المنطقة العربية، وخاصة منذ العام 2011، ويسعى لتقديم لمحة عامة عن الشباب في المنطقة، ولتحفيز نقاش جاد يشارك فيه الشباب أنفسهم مع أهم الأطراف الأخرى في المجتمع حول مستقبل التنمية في المنطقة بالنظر إلى وضع الشباب ودورهم باعتبارهم قضية محورية في هذا الوقت بالذات».

وأكمل «ينطلق التقرير من حقيقة أن جيل الشباب الحالي يمثل أكبر كتلة شبابية تشهدها المنطقة على مدى السنوات الخمسين الماضية، إذ تبلغ نسبتهم 30 في المئة من سكانها الذين يبلغ عددُهم 370 مليون نسمة، وينبه التقرير إلى أن البلدان العربية تستطيع تحقيق طفرة حقيقية ومكاسب كبيرة في مجالي التنمية، وتعزيز الاستقرار، وتأمين هذه المكاسب على نحو مستدام إذا تبنت سياسات تعطي الشباب حصة يستحقونها في تشكيل مجتمعاتهم».

وتابع الحمود «ويدعو التقرير دول المنطقة إلى الاستثمار في شبابها وتمكينهم من الانخراط في عمليات التنمية، كأولوية حاسمة وملحة في حد ذاتها وكشرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، ويبدو أن هذه الدعوة تكتسب امكانية خاصة اليوم حيث تسارع كافة البلدان إلى إعداد خططها الوطنية لتنفيذ (خطة 2030) للتنمية المستدامة».

وذكر الحمود أن «المجتمع يقوم عادة بأدوار مهمة جدّاً في معالجة القضايا والموضوعات التنموية معتمداً على الطاقة الشبابية فيه بشكل رئيس، وتساعد وسائل الإعلام والاتصال بشكل عام، ووسائل الإعلام والاتصال المجتمعي بشكل خاص على وجود مجتمع واعٍ ومتفهم لحقوق الجميع ولواجباته، وفي الوقت نفسه يهيئ أجيالا تدافع عن حقوقها من جانب، وعن مكتسباتها التنموية من جانب آخر، ويساعد في ذلك ما تحقق للمجتمع الإنساني المعاصر من شبكات الاتصال المجتمعي التي تمتلك القدرة على (التشبيك) المجتمعي بشكل غير مسبوق».

وأكمل «ومن هنا يمكن الإقرار بأنه يقع على المجتمع دور مهم في خلق البيئة التنموية الملائمة، وأن الأمر لم يعد رهناً بما تفعله المؤسسات الرسمية وحسب، بل أيضاً على مبادرات المجتمع ونشاطاته الاقتصادية والاجتماعية، وتذكر ريمان محمد أنه قد أمكن في السنوات الأخيرة ملاحظة الأدوار المحورية التي بات يتقلدها المجتمع وأنه قد أصبح ضروريّاً أن تعمل الحكومات على تمكين وتعزيز مشاركة شعوبها في فضاء التنمية الشاملة».

وأفاد «ويذكر الهيتي في كتابه (التنمية المستدامة الإطار العام والتطبيقات)، أبرز التحديات التي تعوق التنمية المستدامة في دول الخليج العربي مقدماً أنموذج دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تحديات نتجت في مجملها جراء التطورات الراهنة التي يشهدها الواقع الثقافي الاجتماعي في المنطقة وتداعيات عوامل مهمة عليه في مقدمها التطورات الإقليمية والاتصالية».

وتابع «ويشير المؤلف إلى خيارات مهمة اتبعتها الدولة من أجل مواجه تحديات التنمية، وذلك من خلال وضع الاستراتيجيات المناسبة، وعقد الاتفاقيات الدولية، وسن التشريعات والقوانين، وإقامة المؤسسات الكفيلة بإنجاز أهداف التنمية المستدامة ومواجهة تحدياتها، لقد كتب الهيتي هذه الهواجس في العام 2009م، ويعني ذلك أنها هواجس سبقت العديد من التحديات الأضخم المستجدة بعد ذلك، وخصوصاً أحداث ما سمي بالربيع العربي التي اندلعت في العام 2011م، وما تبعها من تطورات حقيقية ملحوظة في البنى الاتصالية وبروز شبكات الإعلام المجتمعي».

وواصل الحمود «ذلك أنه في المقابل، يؤكد عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب في كتابه «واقع ومستقبل الاقتصاد الخليجي» الذي أصدره في العام 2012م، أن منطقة الخليج قدمت هذه الورقة العلمية قراءة نقدية لجوانب من تعقيدات العلاقة بين شبكات التواصل المجتمعي وقضايا وموضوعات التنمية في دول الخليج العربي، وتأسست الجدلية الرئيسة في هذا الموضوع على أنه قد بات من المستقر أن شبكات التواصل المجتمعي أتاحت فضاء رحباً للشعوب الخليجية لأن تحتل مراكز جديدة في خيارات صناعة البرامج التنموية، وأن هذه الشعوب، بفضل ما باتت تمتلكه من وسائل الفعل الاتصالي غير المرتبط بالمؤسسة الحكومية تحديات تفرزها شبكات التواصل المجتمعي فرص يمكن إنتاجها من رحم التحديات».

وأوضح «قدمت هذه الورقة العلمية قراءة نقدية لجوانب من تعقيدات العلاقة بين شبكات التواصل المجتمعي وقضايا وموضوعات التنمية في دول الخليج العربي، وتأسست الجدلية الرئيسة في هذا الموضوع على أنه قد بات من المستقر أن شبكات التواصل المجتمعي أتاحت فضاء رحبا للشعوب الخليجية لأن تحتل مراكز جديدة في خيارات صناعة البرامج التنموية، وأن هذه الشعوب، بفضل ما باتت تمتلكه من وسائل الفعل الاتصالي غير المرتبط بالمؤسسة الحكومية الرسمية بالضرورة، قد فرضت خياراتها بناء على فهم دقيق لاحتياجاتها، وأيضاً لسبل تحقيق تلك الاحتياجات».

وشدَّد «لقد ألقت هذه الحقيقة بثقلها على الواقع التنموي في منطقة الخليج العربي التي تعد من أكثر مناطق العالم تأثراً بتداعيات تقنيات الاتصال نظراً للقدرة التي تتمتع بها شعوبها على امتلاك واستخدام هذه التقنيات، بالقدر الذي احتلت به مراتب متقدمة على مستوى الدول العربية والعالم، نسبة إلى سكانها، كما ساهم التواصل العالمي الإنساني الذي تحقق عن طريق هذه الشبكات في تقليص الفجوات المجتمعية والمعرفية، وساعد على فهم الآخر وفي أحيان كثيرة تقر له بقدر لم يكن مسبوقاً».

وأشار الى أن «رفض التغيير كان من أبرز عوائق الفعل التنموي في المنطقة، وكان الرفض غالباً نتيجة هيمنة أقليات في المجتمعات الخليجية على وسائل المعرفة والنشر، فينقاد العامة تبعا لما تراه تلك الأقليات «النخب»، غير أن شبكات التواصل المجتمعي أسقطت النخب، ودعمت الحضور الجماهيري العريض».

وختم الحمود «وتوصلت الورقة في نهايتها إلى طرح نماذج من توليد الفرص من رحم التحديات التي أفرزتها شبكات التواصل المجتمعي، مما يفيد في أنه في الوقت الذي لا يمكن فيه قبول التداعيات السالبة لشبكات التواصل المجتمعي، يمكن، بشيء من التفكير المنظم، جعل التحديات فرصاً تنموية فريدة، وفي نهاية هذه الورقة، عرض الباحث نموذجاً مقترحاً لإنتاج الفرص التنموية في دول الخليج العربي مما تفرزه شبكات التواصل المجتمعي من تحديات».

العدد 5264 - الجمعة 03 فبراير 2017م الموافق 06 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً