العدد 5278 - الجمعة 17 فبراير 2017م الموافق 20 جمادى الأولى 1438هـ

المثقف... وللتهميش جوائز

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كيف يمكن لدولة خليجية رائدة في الثقافة والفكر والتعليم منذ قرون، مقارنة بشقيقاتها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مثل مملكة البحرين، لا توجد فيها جوائز لكتّابها ومثقفيها ومفكريها. جوائز في مجال الشعر والقصة والرواية والنقد والفكر والمسرح؟

الفن التشكيلي تم اختزاله في الجائزة السنوية لمعرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

ماذا عن المجالات المذكورة آنفاً؟ الموازنات الضخمة التي تُصرف على فعالية ثقافية واحدة، ولا نقول إن جميعها غير مهم، يمكن أن تخصص ضمن أنشطتها جوائز في حدث أخذ حضوره ومداه عربياً كـ «ربيع الثقافة»، ما يجعل منها مناسبة وتوقيتاً لتتذكَّر البحرين أن لديها كتاباً ومثقفين ومفكرين.

تم تناول هذا الموضوع عشرات المرات من قبل كثيرين، ويبدو أن عدم تعاطي الجهات المعنية مع الموضوع بالأدنى من الاهتمام، أو حتى تكليف نفسها عناء الرد، ولو كان إنشائياً كالعادة، يكرس الوضع كي يكون على ما هو عليه.

لم يتخذ تناوله وقتها التماساً أو تنطعاً لأي جهة بقدر ما استشعر المسئولية والحق لعدد كبير من المبدعين في هذا البلد، وخاصة إذا ما رأينا جميع الدول الشقيقة في المنطقة وغيرها تولي مثقفيها ومبدعيها ومفكريها الاهتمام الكبير، ليس عبر تخصيص مثل تلك الجوائز وحدها، بل بحفظ مكانتهم وحقوقهم المادية أيضاً فيما يطبعون ويصدرون من أعمال، وفيما يقام على أراضيها من فعاليات.

هل تتذكرون المجلس الوطني للثقافة والآداب؟ أين هو الآن؟ هل تتذكرون الجائزة التشجيعية التي أقرها؟ أين هي الآن؟ لماذا كتب علينا في هذا البلد التورط في ارتجال المشروعات التي تنتهي بالسرعة التي تم فيها إقرارها؟ تماماً مثل ارتجال بعض المطبوعات التي كانت تصدرها جامعة البحرين ثم اختفت. الأمر نفسه حصل مع جائزة البحرين للكتاب التي استمرت لسنوات قليلة ثم ألغيت بصمت، ومن دون مقدمات.

كل الاهتمام الآن منصب على جائزة كبرى لا علاقة للمبدع البحريني بها، يتم منحها لكتاب غير بحرينيين، وتحديداً لكاتب ومبدع عربي، وعلينا هنا أن نقلّب في شروط معظم الجوائز العربية التي لن نجد فيها ما يشابه الجائزة التي نحن بصددها وعندنا، من حيث حرمان المبدع المحلي من مجرد الاقتراب منها.

هل مثل هذا الوضع سليم في توجهه؟ هل يصب في صالح المبدع والمثقف هنا؟ هل ثمة استراتيجية في هذا السبيل تتوخى تهميش المثقفين، بفعل حذفه من الذاكرة ووضعه في الصفوف الخلفية من المسرح؟

الجوائز ليست هي المسألة، ولكن التهميش ليس هو الطريقة الوحيدة التي تسهم في فناء أو احتضار أو تجفيف ما يمور وما ينجز من إبداع وفن وفكر. في الوقت الذي يجب على الجهات المعنية أو التي من المفترض أن تكون معنية الالتفات والعناية بهم، وتبني أساليب تسهم في منحهم أفقاً أوسع، وحياة لا تنشغل بالمعدة وتفاصيل الاستهلاك اليومي، بما يعيد لهم اعتبارهم وقيمتهم وحضورهم.

بالجوائز أو من دونها، سيستمر الشعراء والقصاصون والروائيون والنقاد والمفكرون والفنانون في أدوراهم وعطائهم ورسالتهم ومشاريعهم، لكن ذلك لا يعفي تلك الجهات من وقفة جادة وحقيقية وبعيدة عن المزاج والمشاريع المرتجلة، إلى مشاريع مدروسة وقابلة للتحول، وذات أعمار طويلة، وتعطي انطباعاً للذين هم في طريقهم ليكونوا ضمن أولئك الشعراء والقصاصين والروائيين والنقاد والمفكرين والفنانين، بأن جهودهم ومشاريعهم لن «تذهب مع الريح».

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5278 - الجمعة 17 فبراير 2017م الموافق 20 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:12 ص

      المسؤلين غير مستعدين لتنمية وصقل واكتشاف المواهب في البلد

اقرأ ايضاً