العدد 5296 - الثلثاء 07 مارس 2017م الموافق 08 جمادى الآخرة 1438هـ

الرئة الخضراء في بانكوك تقاوم مشاريع التنمية الحضرية

وسط البنى الاسمنتية الضخمة في بانكوك، مساحة تقاوم مشاريع التنمية الحضرية وتتعايش فيها مئات اجناس النباتات والطيور فيما تجول دراجات هوائية بأعداد تفوق السيارات.
غير أن السكان والناشطين البيئيين يحذرون من خطر يتهدد الطابع الفريد للرئة الخضراء الوحيدة في العاصمة التايلاندية ويتمثل بإقناع مروجين عقاريين سكانا محليين بالتخلي عن اراضيهم لمصلحة اصحاب مشاريع انشاءات من خلال اغرائهم بمبالغ كبيرة.
المنظر من الجو يظهر تناقضا صاعقا، اذ يمكن رؤية بانغ كراتشاو الممتدة على مساحة 16 كيلومترا مربعا بما يشبه واحة هدوء على ضفاف نهر تشاو برايا في قلب العاصمة النابضة بالحياة على مقربة من وسط بانكوك الصاخب والكثير الازدحام.
غير أن المساحة الفسيحة المتوافرة في الموقع والقرب من وسط المدينة والارتفاع الكبير في اسعار الاراضي في المناطق الاخرى في بانكوك، عوامل جعلت من بانغ كراتشاو ملاذا اخيرا للباحثين عن الهدوء في قلب مدينة تشهد طفرة عقارية كبيرة.
إلا أن عددا متزايدا من سكان بانغ كراتشاو يقعون في اغواءات المروجين العقاريين الذين يبدون اهتماماً كبيراً في حيازة اراضيهم.
سوبي ساينغتا البالغة من العمر 62 عاما هي من بين هؤلاء. فهذه المرأة التي عاشت طوال حياتها في هذه المنطقة تستعد بصعوبة لترك قطعة الارض العائلية الممتدة على مساحة 6400 متر مربع والمقدرة قيمتها بأربعة وعشرين مليون بات (684 الف دولار).
وتقول "لا ارغب في بيع ارضي لكن عمتي مريضة وهي بحاجة للمال لدفع تكاليف العناية الطبية".
وتترافق الزيادة في عدد المباني مع ازدياد مواز في الطرقات وهو تغيير جذري في منطقة لا يزال كثيرون من سكانها يتنقلون عبر شبكة طرق بدائية في وسط المساحات الزراعية.
ويقول جاكافان ثروادماراخا وهو ناشط بيئي مولود في المنطقة "عندما سيزداد عدد الانشاءات والطرق والمباني، ستُهدم هذه الدروب لتحل محلها طرق كبيرة تؤثر سلبا على الانسياب الطبيعي للمجاري المائية".
ويوضح "بتنا نرى المياه راكدة في بعض الاقنية"، متطلعا الى تنمية مستدامة في بانغ كراتشاو.

السياحة البيئية هي الحل؟

ويخوض سكان في هذه الواحة الخضراء وناشطون بيئيون معركة لانقاذ بانغ كراتشاو من المشاريع التي تتهددها.
ويبدو أن هذه المعركة تنال دعما من اعلى السلطات في البلاد، اذ نقل عن الملك التايلاندي بوميبول ادوليادي الذي توفي في أكتوبر/تشرين الأول 2016 رغبته في الحفاظ على الرئة الخضراء لبانكوك للاجيال المقبلة بحسب الحكومة.
وقد قامت ابنته الاميرة سيريندهورن بزيارات عدة الى المنطقة.
وبعيد وفاة الملك، اعلن المجلس العسكري الحاكم في البلاد برنامجا يمتد على ثلاث سنوات للحفاظ على الطابع الفريد لهذه المنطقة بمشاركة المديرية الملكية لحفظ الغابات وجامعة كاسيستارت وشركة "بي تي تي" النفطية التايلاندية ويهدف لتجديد المساحات الخضراء وضمان اعفاء ما لا يقل عن 60 % من المساحة الاجمالية للموقع من مشاريع البناء.
وتحذر الاستاذة في جامعة كاسيستارت مونتاثيب سوميتشاي من انه "في حال لم نقم بأي تحرك، فمن شأن ذلك ان يؤدي الى زوال نمط الحياة التقليدي مع منازل في وسط الاراضي الزراعية وغابات المانغروف".
ونظرا الى تراجع عدد السكان الذين يعتاشون من الزراعة في بانغ كراتشاو، يتعين ايجاد وسائل اخرى لاستخدام الاراضي الزراعية وفق سوميتشاي.
ومن بين الاحتمالات الواردة تنمية الزراعة الحيوية كي تصبح المنطقة "بنك غذاء حضريا" للعاصمة التايلاندية.
كذلك هناك احتمال آخر يتمثل في تطوير انشطة السياحة البيئية، وفي هذا الاطار يشكل الفندق الوحيد في المنطقة مشروعا طليعيا في هذا المجال.
وتقول مديرة فندق "تري هاوس" الذي فتح ابوابه قبل خمس سنوات تانابورن ويتاياسيريبايبون "الأهم بالنسبة لنا هنا هو ان الجو كان مطابقا لما هو عليه في الريف".
ويستعين الفندق بالطاقة الشمسية ويؤكد أنه يعول على تصميم يراعي البيئة ويحاكي الاجواء الريفية.
غير ان ذلك قد لا يكفي لمقاومة الشهية الكبيرة للمستثمرين العقاريين خصوصا في اظل استشراء الفساد في البلاد. فلطالما وجد المروجون العقاريون والشركات الكبرى وسائل للتحايل على تدابير حماية البيئة أو تجاهلها.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً