العدد 5299 - الجمعة 10 مارس 2017م الموافق 11 جمادى الآخرة 1438هـ

سلمان مُحذِّراً: تخلِّي الحكومة عن «البحرنة» سيؤدي لإفقار المواطنين

سيار دعا إلى إصلاح حقيقي لسوق العمل بجعل البحريني خياراً مفضلاً...

المتحدثون في الندوة (من اليمين): عيسى سيار، مدير الندوة، عبدالنبي سلمان
المتحدثون في الندوة (من اليمين): عيسى سيار، مدير الندوة، عبدالنبي سلمان

ذكر الأمين العام السابق لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان أنه «جرى التخلي رسمياً عن البحرنة كتوجه، واعتبرت أنها سياسة معيقة وفاشلة»، لافتاً إلى أن ذلك سيؤدي «لمزيد من إفقار الناس وزيادة أعباء الدولة نتيجة تراجع الطبقة الوسطى التي هي عصب رئيسي لنجاح مجمل السياسات الاقتصادية».

جاء ذلك في ندوة عقدت في مقر جمعية التجمع القومي في الزنج، حول «سياسات الدعم والأسعار والبطالة وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية»، مساء الإثنين (6 مارس/ آذار2017).

فيما دعا الباحث الاقتصادي عيسى سيار الى إصلاح حقيقي لسوق العمل يجعل البحريني الخيار الاول لأرباب العمل فعلا، وتشكيل لجنة عليا وطنية يشترك فيها كل الاطياف والقوى من اجل اعادة هيكلة الاقتصاد البحريني من خلال حزمة اجراءات مترابطة ومتكاملة».

وفي ورقته قال سلمان: «لابد لنا من قراءة عنوان ندوتنا لهذه الليلة والذي حدد بموضوعات 3 أساسية انصبت حول توجهات الحكومة خلال الفترة الماضية بالنسبة لسياسات رفع الدعم عن السلع الأساسية مثل المحروقات وبعض السلع الغذائية، وعلاقة ذلك بمستويات الأسعار والتضخم وانعكاس ذلك على سلة الاستهلاك اليومية لشرائح مختلفة من المواطنين والمقيمين على حد سواء، وصولا الى ما سيترتب نتيجة لذلك من اختلالات قادمة بلا شك بالنسبة للأوضاع المعيشية في البلاد، وقد بدأت ملامحها في الظهور بالفعل، وخاصة اذا ربطنا كل ذلك بجملة من الاشكالات الاقتصادية القائمة في بنية الاقتصاد الوطني، ومقاربة ذلك قدر الامكان بكيفية تعاطي الجهات المعنية معها، مثل الحكومة والسلطة التشريعية على وجه الخصوص».

وأضاف سلمان «فالأرقام المعلنة تقول لنا ان البحرين تتجه بتسارع نحو مزيد من الاستدانة، حيث من المتوقع ان يصل حجم الدين العام مع نهاية العام الجاري الى 10 مليارات دينار (اي اكثر من 26 مليار دولار)، وجميع المؤشرات تؤكد أن العجز في الموازنة العامة للدولة سيستمر بنفس الرتم الحالي على احسن تقدير في حدود 800 مليون دينار عن كل سنتين، علما ان تقديم الموازنة لمجلس النواب قد تأخر حتى الآن اكثر من 4 اشهر، ومن الواضح هنا تردد الحكومة في تقديمها لمجلس النواب، وذلك نتيجة لتعذر حسم مسألتين رئيستين على الأقل، كما اعتقد وهما السعر التقديري لبرميل النفط، خلال العامين القادمين حيث مازال النفط يمثل اكثر من 89 في المئة من ايرادات الدولة، وهذا مؤشر واضح على حجم الارباك الرسمي تجاه كيفية معالجة الاختلالات القائمة من خلال الموازنة العامة للدولة، وكذلك بسبب عدم حسم موعد وتسلسل فرض حزمة الاجراءات الضريبية القادمة إلينا بتسارع، وما الذي سيمكن تمريره منها خلال الفترة القريبة القادمة».

وأردف «ما نطمح ان نركز عليه في هذه الندوة بطبيعة الحال هو انعكاس جملة السياسات الأخيرة على الواقع المعيشي والاجتماعي للناس، فعندما نريد ان نناقش مسألة رفع الدعم تقفز مباشرة للسطح مسائل اساسية، من بينها كيفية ادارة موارد الدولة وثرواتها وحقيقة الأرقام المعلنة والشفافية الغائبة بكل اسف ضمن ما نطمح اليه في دولة يجب ان يحكمها القانون وتديرها المؤسسات ولا ترتجل فيها القرارات المتعلقة بمعيشة ومستقبل الناس، بل ضمن شراكة حقيقية في صوغ القرار الاقتصادي والسياسي على حد سواء، وهذه مسألة مازالت مؤجلة بل وغائبة، وتحضر فيها مسألة الرقابة والمحاسبة الحقيقية، وحجم الفساد والهدر في الموارد العامة، بما يوصلنا الى اقتصاد حقيقي يتمتع بكفاءة اقتصادية وانتاجية يمكن قياسها والبناء عليها وصولا لتنمية شامل وحقيقية مازالت بكل أسف شعارا بعيد المنال، والدليل ان جملة القرارات الأخيرة المتعلقة برفع الدعم عن السلع وزيادة الضرائب وتوقعات قرب فرض ضريبة القيمة المضافة العام القادم، وهي ستفرض في بعض الدول الخليجية نهاية العام الجاري، كثيرا ما خضعت وتخضع لردود فعل شعبية رافضة، كدليل على فوقية تلك القرارات وغياب الشفافية في الأرقام، وهي بالتالي لا تحظى بتوافق مجتمعي حتى الآن وتسود مخاوف حقيقية بعد إعلان بعض دول الجوار انتهاء عصر دولة الرفاه، كما اعلنت الكويت الدولة الغنية عن ذلك مؤخرا».

وتابع ان «كفاءة وانتاجية اي اقتصاد هي إحدى ركائز وجود نمو اقتصادي حقيقي ورفاه مجتمعي، وتكمن غاية الكفاءة الاقتصادية اساسا في الوصول بالدرجة الأساس لمؤشرات قياس جيدة من العدالة الاجتماعية تحقق نتيجة لها حالة مرجوة من الأمان الاجتماعي لمختلف الشرائح والفئات الاجتماعية وتقود في نهاية المطاف لاستقرار سياسي يفترض ان يكون هو طموح مشترك للجميع حكومة وشعبا، فهل نحن فعلا نسير في هذا الاتجاه، انا لا أشك، بل انني متيقن اننا بهكذا اوضاع نسير فعلا عكس ذلك بكل تأكيد، ولن تنقذنا او تنفعنا لغة الاعلام الرسمي والشعارات المرفوعة حول ذلك».

وأكمل «علينا ان نطرح مرئياتنا بكل وضوح، متأملين ان تصل رسالتنا الى اصحاب القرار، فذلك جزء من رسالتنا ومسئوليتنا الاجتماعية والسياسية تجاه هذا الوطن، فالطبقة الوسطى لدينا على سبيل المثال وهي الطبقة المفترض ان تكون الأكبر والمحرك الحقيقي للاقتصاد الوطني، وهي عنوان ومؤشر معتمد عالميا لازدهار المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، هذه الطبقة اصبحت منذ فترة ليست بالقصيرة في حالة تراجع مخيف، رغم غياب الأرقام الرسمية بل ومجافاتها الحقيقة احيانا كثيرة، وهي ترتبط بأمور عدة من بينها معدلات النمو الاقتصادي ومستوى الأجور وسياسات ونسب الاستثمار ومعدلات التوظيف ومعدلات البطالة الحقيقية والفقر في المجتمع».

وتساءل سلمان «كيف يراد لنا ان نفهم واقع البطالة في البحرين عندما تقول لنا ارقام وزارة العمل والشؤن الاجتماعية ان معدل البطالة في حدود4 في المئة، بينما نجدها لدى مجلس التنمية الاقتصادية الجهة المعنية بالتخطيط للاقتصاد الوطني هي في حدود 7.3 في المئة، فمن نصدق وكيف نعالج قضية البطالة اذا كنا لا نعرف رقمها الحقيقي؟ ولا يحتاج المتابع احيانا لأدوات استثنائية لرصد معالم هذه الظاهرة، فسوق العمل البحريني ونتيجة لهيكلة الاقتصاد الحالية، اضحى ينتج فرص عمل بغزارة، لكنها محصورة وبحسب ارقام وزارة العمل واتحاد عمال البحرين بالدرجة الأساسية في قطاع الانشاءات وبأجور متدنية جدا وشروط عمل تجعل من الصعب استيعابها لجيش من العاطلين من ابناء وبنات البحرين، لذلك فهي فرص تذهب للعمالة الاجنبية بكل تأكيد، وليستمر الخلل في ميزان سوق العمل لصالح الأجانب دون ان نلحظ توجها جديا لعلاج هذ الخلل البنيوي، وما يترتب عليه من تداعيات خطيرة اجتماعية واقتصادية وحتى أمنية ايضا».

وواصل «واذا علمنا ان سياسات دعم السلع عادة ما ترتبط بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية، والتي تحتم بدورها ايجاد حلول من قبل الدولة للتعاطي مع المعضلات الاجتماعية كالفقر والبطالة مثلا، وهي كذلك مرتبطة احيانا بمحدودية الموارد او شحها وكيفية ادارتها، علاوة على مدى فاعلية الهياكل الاقتصادية القائمة، لذلك نرى ان الدول المتقدمة اقتصاديا تلجأ باستمرار لسياسات دعم تتسم بالمرونة والنظر في اعادة هيكلتها بشكل سنوي او دوري، وتحكمها منظومة تشريعات وقوانين منضبطة تراعي جوانب البيئة وحتى تغيير سلوكيات الاستهلاك ذاتها وتتميز في العادة بشفافية ومشاركة شعبية وخاصة في فترات الانتخابات وبرامج المترشحين وجمعيات حماية المستهلكين، لذلك هي تستمد مشروعيتها من مطالب الناس في الحياة الكريمة وتحقق العدالة للجميع، وبالتالي تتعزز الثقة الشعبية التي هي ضرورية لإسناد خطط الدولة لتحقيق شبكة امان اجتماعي قوامها اقتصاد كفوء ومنتج، ووجود رقابة ومساءلة حقيقية وعدالة اجتماعية وشفافية لا يرقى اليها الشك، وهنا يحق لنا ان نتساءل هل علينا ان نحلم قليلا بشيء من ذلك؟ ام هل علينا ان نقبل بالتخلي عن دولة الرفاه، وبالتالي القبول بمراجعة وربما التخلي مستقبلا عن مفهوم الدولة الريعية ذاته الذي يشكل جزءا مهما من منظومتنا التشريعية والاجتماعية حتى الآن؟ وما الذي علينا ان ننتظره بعد ذلك يا ترى؟».

وشدد «من المهم ونحن ندخل الى مساحة مراجعة منظومتنا الاجتماعية والتشريعية وواقعنا الاقتصادي بشكل عام، فهي كفيلة بأن تجيبنا على سؤال كثيرا ما يطرح دون ان نوفيه حقه من الاجابة، وهو هل كان امام الحكومة بدائل للتعاطي مع جملة الأوضاع المعيشية والاقتصادية القائمة؟ دعونا نلقي الضوء على بعض منها ولو بشكل عابر انطلاقا مما وعدتنا به رؤية البحرين 2030 منذ تدشينها في اكتوبر 2008 حتى اليوم، فقد ذكر معالي نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وهو يقدم الرؤية بمعية سمو ولي العهد الى ملك البلاد ما يلي «ان الرؤية تتمحور حول المواطن ويتمثل هدفها الرئيسي في زيادة دخل الأسرة الحقيقي الى اكثر من الضعف بحلول العام 2030، وهذا يمثل ما سعينا الى تحقيقه منذ البداية، مستوى معيشي افضل لشعب البحرين نتيجة زيادة معدلات العمالة وارتفاع الأجور». وقال ايضا ان من واجبنا ان نهيئ السبل والفرص التي تضمن للمواطن الحصول على عمل محترم يمكنه من اعالة نفسه واسرته بكرامة وعزة، ويضيف بأن الاعتماد على مبدأ العدل يعني ان الحكومة ملزمة بمعالجة المسائل القائمة والمتعلقة بكرامة المواطن البحريني وخاصة السكن الملائم وايصال الدعم لمستحقيه من المواطنين، كما يجب على الحكومة ان توفر الاطار القانوني والنظامي الذي يضمن المعاملة العادلة لأصحاب الأعمال واستئصال الفساد والسعي الجاد للتطبيق العادل للقوانين. وقال ايضا في معرض تقديمه الرؤية لملك البلاد: «ان رؤيتنا تملي علينا كمملكة ان نطمح في الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية الى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالميا، ترسم الحكومة معالمه ويتولى القطاع الخاص الرائد عجلة تنميته، بشكل يوسع الطبقة الوسطى من المواطنين البحرينيين، بحيث ينعمون بمستويات معيشية عالية جراء زيادة معدلات الانتاجية والوظائف ذات الأجور العالية، وسيعتمد مجتمعنا وحكومتنا مبادئ الاستدامة والتنافسية والعدالة؛ لكي تتهيأ لكل مواطن بحريني السبل التي تمكنه من تجسيد قدراته الكاملة وعيش حياة كريمة آمنة».

وأوضح «كذلك، فإن أرقام وزارة العمل الأخيرة تقول لنا بوضوح أن هناك اكثر من 45000 اسرة بحرينية لا تتجاوز رواتب معيليها 300 دينار بحريني، وهناك اكثر من 117 ألف اسرة بحرينية تعتمد على علاوة الغلاء، وأكثر من 14 الف اسرة مسجلة لدى وزارة الشئون الاجتماعية وتعتمد على المساعدات الاجتماعية».

وأضاف «هنا نحتاج ان نتوقف لنرى بموضوعية وبعد مرور اكثر من 9 سنوات على تدشين الرؤية، هل نحن نسير في تلك الاتجاهات التي طرحتها الرؤية؟ واين اخفقنا واين اصبنا؟ الملاحظة الأولى انه جرى التخلي رسميا عن البحرنة كتوجه، واعتبرت انها سياسة معيقة وفاشلة، وهذا ما تابعناه من خلال تصريحات كبار المسئولين ومن ضمنهم كبار المسئولين في مجلس التنمية الاقتصادية، الذي ساهم بالجهد الأوفر من وضع تصور الرؤية، كما ان تنويع القاعدة الاقتصادية التي اعطيت الحكومة باعتقادي كامل الحرية للمضي فيه منذ منتصف السبعينات، وتحديدا منذ حل المجلس الوطني عام 1973 ودون اي اعاقات، وها هي ارقام ومعطيات الموازنة العامة للدولة تقول اننا نسير عكس ذلك، والدليل استمرار الاعتماد المتزايد على النفط كمورد اساسي على حساب تنويع القاعدة الاقتصادية، فالنفط بات يشكل كما اسلفنا 89 في المئة من ايرادات الدولة».

وواصل «كذلك فإن احصاءات وزارة العمل ومجلس التنمية الاقتصادية تقول ان غالبية الرواتب ذات الأجور المرتفعة تذهب للأجانب، وهناك اكثر من 95 في المئة من الوظائف التي يخلقها سوق العمل ذات الاجور العالية (الف دينار فما فوق) تذهب للاجانب، ونصيب البحريني منها لا يتجاوز الـ 5 في المئة فقط، كما ان اكثر من 70 في المئة من العمالة الاجنبية تتحصل على تأمين صحي، واكثر من 67 في المئة من الاجانب يحصلون على علاوات سفر، ويحصل اكثر من 60 في المئة من الاجانب على بدل سكن، فيما لايزال معدل البطالة في صفوف البحرينيين كما اسلفنا غير متفق عليه حتى الآن بين وزارة العمل والشئون الاجتماعية ومجلس التنمية الاقتصادية، الشيء الثابت هنا أن تلك المؤشرات تجيبنا بوضوح ودون لبس حول الأسباب التي صنفت بسببها البحرين كأفضل بلد في العالم يحبذ الاجانب العيش فيه، وذلك بحسب المسح الذي قام به (بنك اتش سي بي سي) ونشر مؤخرا».

وذكر سلمان «يحق لنا ان نتساءل، هل مازالت الحكومة متمسكة فعلا برؤية 2030 التي تطرح اركانها الثلاثة الاستدامة والتنافسية والعدالة مقومات لتحقيق تنمية حقيقية وعدالة اجتماعية فيما لو تم الالتزام بها فعلا! ولكي لا تصبح مجرد حبر على ورق، فأين نحن من سياسات عدالة توزيع الثروة عندما يتم التخلي عن أهم اركانها، وهو جعل البحريني هو الخيار الأفضل ومحور سياسات التنمية وإصلاحات سوق العمل».

وأوضح «كذلك هو الحال مع سياسات تنويع القاعدة الاقتصادية التي بشرنا بها منذ عقود وجاءت الرؤية لتطرحها مجددا، فهل يكفي ان يخرج علينا وزير الصناعة والتجارة او رئيس البنك المركزي ليقال لنا ان سقف الدين العام مازال عند الحدود المقبولة، واننا نسير على طريق التنوع الاقتصادي بل وفي مقدمة دول المنطقة، في الوقت الذي نتابع بمرارة خصخصة المشاريع وبيع اصول الدولة دون توقف، وتراجع السياحة والمشاريع الصناعية، في حين يستمر اعتمادنا المزمن على سلعة واحدة ووحيدة هي النفط، تلك السعة الناضبة. ثم ان علينا ان نذكر ان على الدولة التزامات دستورية وقانونية وادبية تجاه مواطنيها، وفي مقدمتها توفير العيش الكريم والتعليم والصحة والسكن اللائق وبقية الخدمات الأساسية، وهذه جميعها تتطلب ميزانيات ضخمة وموارد مالية مستدامة، علاوة على توفير شبكة الأمان الاجتماعي لفئات المتقاعدين والفئات الضعيفة الأخرى من المجتمع... فهل يكمن الحل في مزيد من الاستدانة التي هي اصلا متضخمة؟ وللعلم فإن الدول المتقدمة اقتصاديا لا تستدين لمجرد تغطية عجوزاتها ودفع الرواتب، وانما لتنمية اقتصادها وخلق استثمارات جديدة وبالتالي خلق فرص عمل».

وأكمل «نقول كل ذلك وبهذا الوضوح لأننا نعتبر انفسنا شركاء في الهم الوطني العام نحن والحكومة، وان المسئولية تحتم علينا الارشاد الى مكامن الخلل والمخاطر المحدقة، الأمر الذي يدفعنا للقول ان استمرار تجاهل الصوت الشعبي لن يساعد ابدا في خلق اجواء من الثقة المطلوبة للتعاطي مع المشكلات والأزمات القائمة، فمثلا لماذا يتم التجاوز الرسمي كثيرا للمطالب الشعبية حول ضرورة اعادة هيكلة سياسات الدعم وتحديد الفئات المحتاجة لها بدلا من إلغائها بالكامل، ولماذا يتم الشروع في سياسات ضريبية دون حوار اجتماعي حقيقي من شأنه ان يضمن خلق حالة من التفاهم ويعزز عوامل الثقة بين صناع القرار ومؤسسات المجتمع وفعالياته؟ ولماذا يتم التساهل مع الغاء سياسات البحرنة؟ اليس في ذلك دعوة لمزيد من افقار الناس وزيادة اعباء الدولة نتيجة تراجع الطبقة الوسطى التي هي عصب رئيسي لنجاح مجمل السياسات الاقتصادية؟ كذلك فإن سياسة ردات الفعل في التعامل مع التوجهات الاقتصادية لا تستند على خطط واضحة او حتى مزمنة، وبالتالي هي غير مرشحة ألبتة ان تبني اقتصادا حقيقيا قابلا للاستدامة والنمو، وان الاعتماد المستمر على النفط هو احد اسباب تراجعنا الاقتصادي، وعلينا الخروج من دائرة المراوحة والاعتماد على هذه السلعة الناضبة والمرشحة لمزيد من التراجع في ظل وجود بدائل حقيقية قادمة بقوة، ونحن مازلنا بعيدين عن مجرد التفكير فيها، كما ان زمن المساعدات الخارجية اصبح جزءا من الماضي، فالجميع مشغول بمعالجة اوضاعه الاقتصادية والسياسية، في ظل الأزمات الكثيرة التي تمر بها المنطقة، والتي وإن سمح لها بالتوقف فإن تداعياتها ستستمر لسنوات طوال بكل أسف».

وختم سلمان «لذلك فإننا يجب ان نركز بشكل جاد على اوضاعنا المحلية اقتصاديا وسياسا واجتماعيا بدلا من السقوط دون ان نشعر في زحمة الاستقطابات الجارية في المنطقة، حيث ان لذلك تبعات عدة تطال بشكل مباشر مقدراتنا وثرواتنا وحتى سيادتنا الوطنية، وليس مقبولا ان تستمر رؤية 2030 مجرد تجميل لواقع مريض مليء بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الى ما لا نهاية، فلابد من ان تكون الرؤية استشرافا حقيقيا للمستقبل وادارة واعية للحاضر ضمن مسئولية وشراكة وطنية حتى نضمن جميعنا نجاحها، فأبجديات علم الادارة تعلمنا درسا مهما وهو ضرورة الاعتراف بالمشكلة ليصبح وضع الحلول لها ممكنا فيما بعد، وهذا امر لا يحدث لدينا بكل اسف، وأمام هذا الكم من المصاعب والأزمات المتداخلة، هل من الحصافة الاستمرار في تجاهل كل ذلك والهروب بعيدا الى الأمام وعدم القبول او التسليم حتى بوجود ازمات سياسية واقتصادية ومعيشية في البحرين؟».

فيما أشار الباحث الاقتصادي عيسى سيار الى ان الحكومة لم تقدم اجراءات كافية لمواجهة العجز المتزايد في الموازنة العامة، مرجعا ذلك الى عدة اسباب منها ترهل الجهاز الحكومي، وغياب سياسات اقتصادية واضحة لمواجهة التحديات الاقتصادية، وتدني مستوى الشفافية وارتفاع مؤشرات الفساد، وفق ما اوضح ذلك ديوان الرقابة المالية».

ودعا سيار الى اصلاح حقيقي لسوق العمل يجعل البحريني الخيار الاول لأرباب العمل فعلا، وتشكيل لجنة عليا وطنية يشترك فيها كل الاطياف والقوى من اجل اعادة هيكلة الاقتصاد البحريني من خلال حزمة اجراءات مترابطة ومتكاملة، وتغيير معايير الجودة في التوظيف في القطاع الحكومي وخاصة المناصب القيادية، وتطهير الجهاز الاداري من الفاسدين، والاخذ بما جاء في تقارير الرقابة المالية والادارية، وانشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد».

العدد 5299 - الجمعة 10 مارس 2017م الموافق 11 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 12:57 ص

      تأذن في خرابه يا سلمان
      النور والعدل بين ولاكن ،،،،

    • زائر 7 | 3:28 ص

      تخلي القطاعين العام والخاص عن البحرنة سيؤدي إلى قتل الأجانب

    • زائر 6 | 2:59 ص

      ياريت تعود تلك الفترة لما كانت البلديات تحت قيادة مركزية حيث ومن واقع عملي في البلدات لا توجد عراقيل لتوظيف المواظن اضعف الأيمان كنا نوظفهم عمال في قسم المنتزهات وهم اليوم اغلبهم متقاعدين سن مبكر ومعاشهم التقاعدي مع العلاوة في حدود 400دينار

    • زائر 5 | 2:50 ص

      الرزق على الله مو عليهم ياولد الحلال.

    • زائر 4 | 1:57 ص

      التخلي عن البحرنه في التوظيف هو قتل الاقتصاد البحريني ، شي طبيعي ما يحرك اقتصاد البلد اله ولد البلد ومستحيل أجوف اجتبي يصرف مثل البحريني

    • زائر 1 | 10:45 م

      يجب فرض رسوم شهرية عالية للشركات التي لا تلتزم بسقف البحرنة ويتم تخصيصها كرواتب للباحثين عن عمل، أما 300 دينار تدفع مرة واحدة فالنتيجة تشجيع جميع الشركات على عدم توظيف البحرينيين.

اقرأ ايضاً