العدد 5313 - الجمعة 24 مارس 2017م الموافق 25 جمادى الآخرة 1438هـ

المؤتمر العربي لعلوم الاجتماع... الدولة والمجتمع (1 - 3)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

شاركت في المؤتمر الثالث للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية، تحت عنوان «الدولة والسيادة والفضاء الاجتماعي في المنطقة العربية... قراءات تاريخية ومقاربات نظرية جديدة» في بيروت خلال 10 - 12 مارس/ آذار 2017. ممثلاً للشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية. وقد شارك في المؤتمر الحاشد ما يزيد على 150 باحثاً وأكاديمياً عربياً وأجنبياً متخصصين في العلوم الاجتماعية، يزيد على 40 بلداً من أميركا حتى اليابان. قدموا العشرات من البحوث على امتداد جلسات عامة، وورشاً في مختلف المواضيع التي تمحورت بشأن عنوان المؤتمر. ومن المعروف أن المجلس العربي لعلوم الاجتماع هو منظمة عربية أهلية للمتخصصين والأكاديميين في علوم الاجتماع، وعددهم تجاوز الستين وقد مضى عقد على تأسيسه، والذي جرى في مدينة لارنكا القبرصية بعد تعذر عقده في عاصمة عربية في العام 1974، كما هو الحال مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان. ويقود المجلس مجلس أمناء من 12 شخصاً يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة، ويتم تجديد النصف في كل مؤتمر، وآخر رئيس للمجلس هو الإماراتي عبدالخالق عبدالله؛ أستاذ علم الاجتماع في جامعة العين، والذي لم يستطع الحضور لأسباب لم يفصح عنها؛ ولكنها معروفة وقد خاطب المؤتمر عبر «السكايب» فتأمل.

المؤتمر على امتداد ثلاثة أيام، حافل بالنشاط، بحيث يبدأ الساعة 9 صباحاً حتى 7 مساءً مع استراحة ساعة فقط للغداء، واستراحات قصيرة فيما بين الورش. افتتحت الجلسة العامة صباح 10 مارس بكلمة المديرة العامة للمجلس، ستناي شامي سلطت فيها الأضواء على التحضيرات للمؤتمر، والأوضاع العربية الصعبة المحيطة بانعقاده، وكذلك المواضيع الأساسية التي سيتناولها المؤتمر وأوراق العمل. ثم خاطب رئيس المجلس عبدالخالق عبدالله، المؤتمر مسلطاً الأضواء على مسيرة المجلس، والعقبات التي واجهته، والإنجازات التي حققها، والبرامج الجديدة التي يطلقها، وأهمها الزمالات الدراسية للأفراد والمنظمات، والشراكات التي أنجزها مع مؤسسات ومنظمات ذات علاقة، ومجموعة الاجتماعيين الشباب التي يجرى تشكيلها في مختلف البلدان العربية، برعاية وتوجيه عضو من مجلس الأمناء أو من يعينه، وحث المانحين على أن يزيدوا من دعمهم لاحتياجات البرامج الجديدة.

ثم تحدث المتحدث الرئيسي عالم الاجتماع والسياسة ورئيس جامعة سيانس بو، في باريس (Sciences Po) غسان سلامة، وبالفعل كانت محاضرة موسوعية استمرت لساعة ونصف الساعة، وفي محاضرته الجامعة قدم سلامة عرضاً لنشوء الدول والمفاهيم التي رافقتها عبر رحلة تاريخية وجغرافية وعلمية، وتوقف طويلاً أمام تطور مفهوم الدولة في إطار المركزية الأوروبية، وزيادة عدد الدول من بضعة دول ثم الزيادة في أعداد الدول، إثر موجات تاريخية، وهي موجه الاكتشافات والاستعمار الغربي للعالم، ثم الموجه التي تبعت الحرب العالمية الأولى، ثم الموجه الأكبر والتي تبعت الحرب العالمية الثانية، وتحرر الدول من الاستعمار، بحيث بلغت أكثر من 200 دولة حالياً تضمها الأمم المتحدة ووكالاتها، وتنتظم في أحلاف ومجموعات إقليمية وقارية عسكرية، ومنها جامعة الدول العربية مثلاً. كما عرض لأهم مفكري الدولة مثل العالم العربي عبدالرحمن ابن خلدون وشرايبر، ونور بيك الياس وبيتر ايفانز، ودور كهايم ثم تناول علاقة الدولة بالمجتمع في العالم العربي، وعرض لأعراض فشل الدولة العربية في عهد الاستقلال، وأهمها الفشل في حماية السيادة والحدود من الغزو والاحتلال والتدخل، والفشل في حماية المواطنين والموارد من الأجهزة الحكومية والقوى الخارجية، والفشل في الانتقال الديمقراطي لتأسيس دولة مستدامة وفاعلة ومعبرة عن إرادة الشعب، وتمتلك شرعية الحكم مع تداول سلمي للسلطة، وشخص سلامة أن الكيانات والحدود العربية التي ترتبت على اتفاق سايكس بيكو في تغير دراماتيكي، محذراً من مزيد من تقسيم الدول العربية وخصوصاً ليبيا واليمن وسورية والعراق بعد أن تم تقسيم الصومال، ويخشى قيام دول دينية أو إثنية على أنقاض الدول الوطنية كما هو حال دولة «داعش» مثلاً. كما عرض لظاهرة العولمة العابرة للبلدان والقارات والسيادات، والتي تواجه اليوم تحدياً جديداً بصعود اليمين، ونجاحه في أميركا بوصول ترامب للرئاسة وإمكانية ذلك في عدد من الدول العربية، مما ينذر بتوجه انعزالي لعدد من الدول وموجة من العنصرية.

وإلى جانب الجلسة الافتتاحية العامة، فقد عقدت جلسات عامة تخصصية ومنها:

1 - عرض فيلم وثائقي بشأن الاجتماعيين الشباب في عدد من الجامعات العربية لعدد من البلدان العربية، وفيها عرضوا لتصوراتهم وتجاربهم الشخصية في علم الاجتماع وتطبيقاته، وقد أبدى معظمهم حماساً وتفاؤلاً بمستقبلهم المهني والمهمات التي تنتظرهم. وقد تبع ذلك نقاش حاد أحياناً، وخصوصاً من قبل الجيل القديم من أكاديميي علم الاجتماع الذين عرضوا لتجارب مريرة ومعاناة حالية من التهميش والتجاهل، وما يعتبرونه غياب علم اجتماع عربي يسهم في التغيير المطلوب وعدم الاكتفاء بالتحليل.

2 - جلسة عامة للمرصد العربي للعلوم الاجتماعية، حيث عرض كل من منسق المشروع محمد باحية وعبدالله حمودي الذي قاد فريق بحث الدورة الأولى لأعمال المرصد وستناي شامي (الأمنية العامة) لما أنجز في هذا الشأن، وضرورة استكمال متطلبات المرصد، بحيث يصبح تقريره السنوي دليلاً كاشفاً على الأوضاع العربية، وقضايا محورية.

3 - الجلسة الختامية والتي تم فيها الإعلان عن نتائج انتخابات نصف أعضاء مجلس الأمناء المكمل، والتي تنافس على مقاعدها الستة، أحد عشر مرشحاً.

ثم عرضت شامي تلخيصاً لنتائج المؤتمر، وأعلن قرار مجلس الأمناء عن التجديد لشامي لأربع سنوات أخرى.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 5313 - الجمعة 24 مارس 2017م الموافق 25 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:06 م

      أستغرب كيف للدكتور غسان سلامة أن لا يتطرق لمشكلة عدم إستقلالية العقل العربي حين تكلم عن أسباب فشل الدول العربية بعد الإستقلال! نعم، أستقلت الدول العربية و لكن لم تستقل العقول العربية، أثناء الإستعمار كان العربي مسّير جبراً و بعد الإستقلال أصبح العربي مسّير طوعاً بأسم الولاء للدين و الطائفة و القبيلة، ..

اقرأ ايضاً