العدد 5313 - الجمعة 24 مارس 2017م الموافق 25 جمادى الآخرة 1438هـ

الذكرى الستون لمعاهدة روما

ميشيل سيرفون

سفير ورئيس المندوبية الأوروبية لدى المملكة العربية السعودية

في 25 مارس يحتفل الاتحاد الأوروبي بمرور 60 عاماً على توقيع معاهدات روما، الخطوة الأولى نحو توحيد أوروبا، منذ ولادة المجتمعات الأوروبية في عام 1957، حيث تمتع مواطنو الدول الأعضاء بستة عقود من السلام، والرخاء والأمن لم يسبق لها مثيل. بالمقارنة بين هذه الفترة وبين النصف الأول من القرن العشرين... حدث في أوروبا حربان كارثيتان بين عامي 1914 و 1945 خلفتا ملايين القتلى، وقارة مدمرة، مقسمة ومنهكة القوى. أما بالنسبة للدول التي مرت بحالة حرب طويلة جاء التكامل الأوروبي كأكثر مشروع سلام ناجح في تاريخنا.

ومع ذلك، نحن نعيش في أوقات لايمكن التنبوء بها، والذكرى الـ 60 لمعاهدات روما هي فرصة ليس فقط لنؤكد من جديد التزامنا بالقيم والأهداف التي يقوم عليها المشروع الأوروبي ولكن أيضاً لاتخاذ خطوات عملية وطموحة إلى الأمام.

مملكة البحرين

تعتبر البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي شركاء استراتيجيين مهمين للاتحاد الأوروبي. حيث أبرمت الكتلتان علاقات ثنائية من خلال اتفاق التعاون لعام 1988، بهدف تعزيز الاستقرار في منطقة ذات أهمية استراتيجية؛ وتسهيل العلاقات السياسية والاقتصادية؛ وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والتقني؛ وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والصناعة والتجارة والخدمات والزراعة وصيد الأسماك والاستثمار والعلوم والتكنولوجيا والبيئة.

وينص الاتفاق على عقد اجتماعات سنوية/ وزارية مشتركة بين الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ولجان التعاون المشترك على مستوى رفيع المستوى. وأتاح الاتفاق إقامة تعاون وثيق في مجالات الطاقة والنقل والبحث والابتكار والاقتصاد.

يسعى كل من الاتحاد الأوروبي والبحرين إلى توثيق علاقاتهم السياسية، الاقتصادية والقطاعية والعلاقة بين الشعبين. كما تسعى أيضاً البحرين إلى تعزيز روابط الاختلافات الاقتصادية مع تنمية مستدامة من خلال زيادة النشاطات المشتركة. ولدى كلا الطرفين مجموعة عمل مختصة في حقوق الإنسان، التي تسمح بتأسيس حوار جوهري في هذا المجال الهام.

العالم يمر بوقت فيه الكثير من الغموض: توازن القوى العالمي يتحول وكثيراً ما تكون أسس وأنظمة الدول تدور حولها التساؤلات. وسيكون الاتحاد الأوروبي قوة حيوية متنامية في الحفاظ وتعزيز النظام العالمي.

الاتحاد الأوروبي هو الاقتصاد العالمي الثاني. نحن أكبر سوق عالمي ورواد الاستثمار الأجنبي في معظم أنحاء العالم. حقق الاتحاد الأوروبي موقفاً قوياً من خلال العمل معاً بصوت واحد على الساحة العالمية، من خلال لعب دور رئيسي في إزالة الحواجز أمام التجارة بوصفه عضواً في منظمة التجارة العالمية، وكذلك توقيع الاتفاقيات التجارية الثنائية مع العديد من الشركاء البارزين في جميع أنحاء العالم - مثل صفقة CETA مؤخراً مع كنداً. حيث يسمح هذا لشركات الاتحاد الأوروبي المصدرة أن تزدهر ولخلق أكثر من 30 مليون وظيفة.

نحن نستثمر في مجال التعاون الإنمائي والمساعدات الإنسانية أكثر من بقية دول العالم مجتمعة. والاتحاد الأوروبي متنامي النشاط كمزود للأمن العالمي.

الاتحاد الأوروبي سيبقى قوة متينة متعاونة ومصدر قوة. شركاؤنا يعرفون ما هي مبادؤنا.

نحن ندعم مع التعددية، وحقوق الإنسان، والتعاون الدولي.

ونحن ندعم التنمية المستدامة، والجمعيات الشمولية ومحاربة كل أوجه عدم المساواة - في مجالات التعليم والديمقراطية وحقوق الإنسان. بالنسبة لنا، هذا ليس عمل خيري بل هو أيضاً استثمار ذكي في أمننا وازدهارنا.

الاتحاد الأوروبي هو أكبر مانح للمساعدات المالية للتنمية في العالم. وكان لنا دور فعال في التخطيط لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وبدأنا بالفعل في تنفيذهم، وكذلك العمل على تحديث توافق أوروبي على سياسة التنمية. ومساعدات الاتحاد الأوروبي للتنمية تذهب لنحو 150 دولة في العالم، وتركز بشكل متزايد على الأماكن الأكثر فقراً في العالم. وفي الفترة 2014 - 2020، ما يقرب 75 في المئة من دعم الاتحاد الأوروبي سيذهب إلى البلدان التي تتعرض غالباً لأضرار من جراء الكوارث الطبيعية أو الصراعات، الأمر الذي يجعل المواطنين أكثر تأثراً. الاتحاد الأوروبي هو المانح الوحيد في العالم الذي يعطي الدعم في جميع البلدان التي هي هشة أو تعاني من الصراع.

ونحن ندعم قوانين عالمية أفضل والتي تحمي الناس من سوء المعاملة وتعمل على توسيع الحقوق ورفع المعايير. وبفضل مشاركتنا - الاتحاد مع الدول الأعضاء مجتمعة - فإن المجتمع العالمي أقام الاتفاقيات المبتكرة مثل الأهداف الإنمائية المستدامة، واتفاقية باريس بشأن تغير المناخ وبرنامج عمل أديس أبابا لتمويل التنمية. وفي عالم تستفيق فيه سياسات السلطة، سيكون للاتحاد الأوروبي دور ذو أهمية أكثر.

مع بيئة دولية أكثر هشاشة تستدعي تدخلاً كبيراً، وليس لخفض النفقات. لهذا السبب سيواصل الاتحاد الأوروبي دعم ومساعدة الأمم المتحدة: وتعاوننا مع الأمم المتحدة يغطي كل من بعثات السلام، الجهود الدبلوماسية، حقوق الإنسان، معالجة الجوع ومكافحة الإجرام. الاتحاد الأوروبي هو أيضاً شريك قوي ونشط في المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي، ورابطة أمم جنوب شرق آسيا ومجلس القطب الشمالي.

ويبقى الاتحاد الأوروبي على استعداد لمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية والتي هي من صنع الإنسان. حيث يستمر تزايد الأزمات الإنسانية المتسببة في خسائر فادحة على الصعيد الدولي، وفي عام 2016 خصص الاتحاد الأوروبي مساعدات الإغاثة بأكثر من 1.5 مليار يورو من الغذاء والمأوى والحماية والرعاية الصحية إلى 120 مليون شخص في أكثر من 80 بلداً. كان الاتحاد الأوروبي، منذ بدء النزاع السوري في عام 2011، أكبر متبرع للمساعدات الإنسانية لرعاية الملايين من الرجال والنساء والأطفال المشردين بسبب النزاع. وأي بلد في العالم يمكن أن يتصل على آلية الحماية المدنية في الاتحاد الأوروبي للمساعدة. منذ إطلاقها في العام 2001، تدخلت في أكثرية الكوارث المدمرة التي واجهت العالم، مثل الزلزال في هايتي (2010)، والكوارث الثلاثية في اليابان (2011)، والفيضانات في صربيا والبوسنة والهرسك (2014)، وتفشي مرض الإيبولا (2014)، والصراع في أوكرانيا (2014)، والزلزال في نيبال (2015)، وأزمة اللاجئين في أوروبا، وإعصار ماثيو في هايتي (2016).

مهما ستجلب الأحداث في المستقبل، هناك شيء واحد مؤكد: سيواصل الاتحاد الأوروبي في تعزيز السلام والأمن الدوليين، والتعاون الإنمائي وحقوق الإنسان والاستجابة للأزمات الإنسانية في قلب سياساتها الخارجية والأمنية.

إقرأ أيضا لـ "ميشيل سيرفون"

العدد 5313 - الجمعة 24 مارس 2017م الموافق 25 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:29 ص

      لم تندلع اللسنة النيران بسب الحرب العالميه الأولى والحرب العالميه بسبب حب البربر للارهاب وانما من اجل الثروه والبراءة من اهل قريش. فخروج دوله عظمي قامت على خيرات البلدان التي كانت ضيفة فيها يعني .... فهل الدول الاوربيا مثل ايطاليا والمانيا وفرنسا لم يكن من حارب وقاتل من اجل نزف ما في باطن الارض او البحر او الصحراء?

اقرأ ايضاً