العدد 5319 - الخميس 30 مارس 2017م الموافق 02 رجب 1438هـ

الطوف الجليدي في انتاركتيكا في طور الانحسار؟

يبقى التساؤل في شأن امكان تقلص مساحة الأطواف الجليدية في المحيط المتجمد الجنوبي على غرار ما هو حاصل في القطب الشمالي من دون إجابة حاسمة، مع أن الاحترار المناخي يصيب القارة البيضاء في الصميم.
وأوضح الباحث في المركز الوطني لبحوث الطقس في هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية دافيد سالاس إي ميليا أن "التقلبات لا تزال كبيرة بين سنة وأخرى لكن كان يسجل حتى العام 2014 اتجاه طفيف نحو الارتفاع" لمساحة الطوف الجليدي في المحيط المتجمد الجنوبي.
وللمفارقة، هذا التمدد الطفيف لم يكن مؤشرا لتراجع الحرارة على القارة حيث ارتفعت الحرارة ثلاث درجات مئوية تقريبا خلال السنوات الخمسين الأخيرة وفق الباحث.
لكن في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهي فترة الربيع في النصف الجنوبي من القارة الأرضية، تم تسجيل "تباعد غير عادي" في الاحصائيات المسجلة، على ما أوضح دافيد سالاس إي ميليا خلال لقاء مع الصحافيين.
وقد حصل ذوبان "استثنائي" كما أن الطوف الجليدي المكون من مياه مالحة متجمدة فقد ما يقرب من مليوني كيلومتر مربع مقارنة مع المعدل خلال العقود الثلاثة الأخيرة في هذه الفترة: 14,5 مليون كيلومتر مربع في مقابل 16,35 مليون كيلومتر مربع في الفترة بين 1981 و2010.
وتاليا فإن المستوى الجديد أقل بكثير من المستوى الأدنى القياسي السابق في أشهر نوفمبر والذي كان 15.5 مليون كيلومتر مربع سنة 1986.
ولفت العالم الذي يشرف على وحدة للبحوث تضم 80 شخصا يعملون على وضع تصاميم عن المناخ وتوقعات موسمية إلى أن "هذه الظاهرة تتخذ بعدا غير مسبوق ونحن نتوق لرؤية كيف سيكون وضع الطوف الجليدي في 2017".
وقال إن "درجات الحرارة المرتفعة للغاية التي سجلت في انتاركتيكا السنة الماضية قد تفسر الرقم القياسي في نوفمبر".
وفي نهاية الصيف الجنوبي (نهاية فبراير/شباط - مطلع مارس/آذار) ومع ذوبان الجليد، تم تحطيم رقم قياسي آخر لكن هذه المرة مع فارق أقل حدة مقارنة مع نوفمبر.
وقد كان المستوى الأدنى للطوف الجليدي في أقل مستوياته على الإطلاق إذ بلغ 2.1 مليون كيلومتر مربع في مقابل 2.29 مليون كيلومتر مربع في 1997.
وعلى قاعدة هذين الرقمين القياسيين، هل يمكن تخيل أن يكون الطوف الجليدي في انتاركتيكا قد دخل حلقة جديدة في مسار تراجعي واضح كما الحال في القطب الشمالي؟

قاعدة بيانات

واعتبر الباحث أنه "من المبكر جدا تأكيد ذلك" حتى لو أن "غطاء الطوف الجليدي" خلال القرن الحالي سيسجل على الأرجح تدنيا في انتاركتيكا كما الحال في القطب الشمالي بفعل الاحترار المناخي العالمي.
لكن على المدى القصير، لا تزال الظواهر التي تفسر المنحى التصاعدي خلال السنوات الأخيرة موجودة.
وأولى هذه الظواهر هي تصاعد قوة رياح الجنوب، وهو أمر متصل بثقب طبقة الأوزون، ما يدفع بالجليد في الأطواف الجليدية في اتجاه الشمال ويساهم في تمدده.
أما العامل الثاني فيرتبط بكميات المياه العذبة المتأتية من ذوبان الأطواف الجليدية. ونظرا إلى أن المياه العذبة أقل كثافة، فإن تزايد وجودها على السطح يحد من التبادلات مع اعماق المحيط ذات درجات الحرارة الأعلى. ونظرا إلى أن كميات الطاقة محدودة اكثر، فإن المياه على السطح تتجمد بدرجة أعلى.
وقد أظهرت دراسة حديثة أن تغير مستوى الطوف الجليدي خلال الفترة بين 1979 و2017 قد يكون مرتبطا بالتغيرات في المحيط الهادئ الاستوائي.
وأكد دافيد سالاس إي ميليا أن "وجود محيط هادئ استوائي شرقي بارد نسبيا يصب في اتجاه توسع مساحة الطوف الجليدي".
وللإحاطة بشكل أفضل بتطور الطوف الجليدي في انتاركتيكا، يجمع الباحثون بين بيانات من الأقمار الاصطناعية وعمليات حفر ميدانية، على غرار ثلاثة علماء من هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية بدأوا تمضية فترة الشتاء في قاعدة دومون دورفيل الفرنسية شرق القارة القطبية الجنوبية.
وأوضح الكسندر فلوتار عبر "سكايب" أن "هذه البيانات ستسمح بتحسين تمثيل الطوف الجليدي" في النماذج المناخية للتقرير المقبل للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
هذا العالم في الأرصاد الجوية هو أحد الباحثين الـ 23 الذين يمضون فترة الشتاء في القاعدة الفرنسية. وهو وصل الى دومون دورفيل في 21 ديسمبر/كانون الأول 2016 وسيغادرها في ديسمبر/كانون الأول 2017.
وتستخدم البيانات التي يجمعها مع زميلين في الهيئة الفرنسية للأرصاد الجوية لتوسيع قاعدة بيانات عالمية يستعين بها علما المناخ لتطوير النماذج المناخية.
ولفت الكسندر فلوتار إلى أن "كل واحدة من البيانات مهمة هنا"، نظرا إلى العدد القليل من نقاط المراقبة في القارة الضخمة التي توازي مساحتها 28 مرة مساحة فرنسا.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً