العدد 5326 - الخميس 06 أبريل 2017م الموافق 09 رجب 1438هـ

مخازن التفكير والتنمية المستدامة (2)

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التكامل في عناصر بناء المشاريع الموجهة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة مقوم استراتيجي في العمل والإنجاز، وينبغي في سياق ذلك التوجه، تشخيص الاتجاهات والمتطلبات المنهجية التي تساهم في البناء المُؤسَسَ لذلك التكامل، وإدراكاً للأهمية الاستراتيجية للمشروع الذي تسعى إلى بنائه المحافظة الجنوبية، وتعزيزاً للخطوات التي جرى التأكيد عليها في معالجتنا لواقع مقومات المشروع في المقال السابق، نرى ضرورة أن يؤخذ في الاعتبار جملة من القضايا كمداخل مهمة في تعزيز مقومات أهداف مشروع المحافظة الجنوبية.

السياحة التاريخية والبيئية محور مهم في منظومة مقومات المشروع، ويتمثل ذلك في القيمة الجمالية والحضارية للبيئات الساحلية، والمعالم الطبيعية والفطرية والتنوع الحيوي في البيئات البحرية والبرية، والمعالم التاريخية والأثرية والثقافية والتراثية، وتلك المقومات في حاجة إلى توفر ضمانات صون بقائها، ما يتطلب تشخيص المهددات والمخاطر المحيطة بواقع بقائها، ويمكن حصرها في الأنشطة غير الرشيدة وتدهور معالم البيئات الطبيعية، والسلوك غير الرشيد في العلاقة مع البيئات الساحلية وتشويه مظهرها البيئي والجمالي والحضاري، والقصور في الاهتمام بالمعالم التاريخية والأثرية، ويمكن تشخيص أسباب ذلك الخلل في:

1 - ضعف الإجراءات القانونية والرقابية والبناء المؤسسي المعني بصون معالم النظم البيئية.

2 - ضعف الوعي والمسئولية الاجتماعية للقطاعات الاجتماعية والمخططين الاستراتيجيين في ضرورة اعارة الاهتمام بخصوصية المعالم البيئية.

3 - القصور في الاهتمام بالمعالم التاريخية والأثرية وفي بناء خطط حمايتها وتنميتها.

إن ذلك الواقع يؤكد ضرورة البحث عن حلول مُؤسَسَة في بعدها الاستراتيجي، ونرى أن العوامل المزكية في الحل والتغيير الإيجابي في تجاوز ذلك الواقع، تتمثل في تبني الإجراءات الآتية:

1 - بناء وتطوير القواعد القانونية والبناء المؤسسي المعني بالرقابة وفرض المخالفات على الأنشطة غير الرشيدة في البيئات الطبيعية.

2 - تبني المعايير الحديثة المتوافقة مع المعايير الدولية في الشأن التنموي التي تراعي خصوصية البيئات الطبيعية، وتحافظ على بقائها كثروة للأجيال الحالية والمقبلة.

3 - بناء استراتيجية مؤسسة في مناهج أهدافها في إعادة تأهيل وتطوير البيئات الطبيعية البحرية والساحلية والبرية.

4 - دراسة وبناء خطة تنموية لترميم وصيانة وتطوير مواقع المعالم التاريخية والأثرية والارتقاء بمظهرها الجمالي والسياحي.

القانون والبناء المؤسسي البيئي معادلة مهمة في البناء التكاملي لمشروع التغيير البيئي، وإنجاز أهداف المشروع الوطني للتنمية المستدامة، ومملكة البحرين تتبنى مجموعة من القواعد القانونية في شأن حماية البيئة، إذ يتبنى الدستور والميثاق الوطني مبدأ حماية البيئة وصون مواردها، والتشديد على البناء القانوي والمؤسسي لصون النظام البيئي وتنمية معالمه الطبيعية، ووجود التشريعات والأنظمة القانونية المتعددة المحاور في الشأن البيئي، وتعدد البناء المؤسسي المعني بمهمات ووظائف تخطيط وإدارة وتقييم ورقابة المشاريع البيئية والتنموية، وتوفر السلطة البيئية المختصة المعنية بتقييم ورقابة المشاريع البيئية والتنموية، بيد أنه على رغم توافر البناء المؤسسي والقانوني في الشأن البيئي، نرى أن هناك جوانب ضعف في قواعد التنظيم القانوني في الشأن البيئي تتمثل في:

1 - قدم وضعف قواعد التشريع البيئي المنظم لحماية البيئة وتنميتها.

2 - ضعف القواعد القانونية المنظمة للرقابة البيئية وآلية تطبيق القوانين على الأنشطة البيئية والتنموية.

3 - خلو القانون البيئي من القواعد القانونية التي تقرر تشكيل القضاء البيئي والنيابة البيئية.

4 - عدم تضمين القوانين البيئية بالقواعد التي توفر الحصانة القانونية لنشطاء العمل المدني البيئي، وتجيز لمؤسسات المجتمع المدني في رفع قضايا المخالفات البيئية أمام المحاكم المختصة.

5 - عدم توافر القواعد القانونية التي تجيز الاستفادة من نشطاء العمل المدني البيئي في الرقابة البيئية والضبطية القضائية في الشأن البيئي.

بالقراءة المتمعنة لذلك الواقع، يمكن تشخيص جملة من الأسباب المؤسسة لذلك في منظومة التشريع البيئي، تتمثل في تداخل وتشتت القوانين واللوائح والأنظمة المنظمة لحماية البيئة وتنميتها، وعدم توافر الآلية الفاعلة في التنسيق المؤسسي في مجال متابعة إنفاذ القوانين والأنظمة في الشأن البيئي، وضعف الرقابة البيئية على الأنشطة والمخالفات البيئية، وعدم وجود خطة منهجية لبناء التشريع البيئي المُؤسَسَ في مناهجه القانونية، وضعف فاعلية السلطة التشريعية وعدم تجاوبها في تبني مبادرة إصدار قانون ينظم آليات حماية البيئة، وذلك الواقع يؤكد أهمية تبني العوامل المزكية للحل المتمثلة في:

1 - مراجعة القوانين وتنسيقها، وأن يعمل المجلس الأعلى للبيئة في تنظيم ورشة عمل مختصة بمشاركة ممثلين من السلطة التشريعية والبلدية ومؤسسات القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني وذوي الخبرة والاختصاص لدراسة مفاصل ومرتكزات مشروع القانون البيئي الوطني، والعمل في بناء نظام قانوني مُؤسَسَ في معالجة القضايا البيئية.

2 - تتولي السلطة التشريعية وفق مخرجات الورشة المختصة التعجيل في إصدار تشريع بيئي وطني حديث يراعي الخبرات والمعايير الدولية الحديثة في شأن بناء القواعد القانونية المؤسسة في حماية البيئة وتنميتها.

3 - اعتماد إدارة متخصصة في المحافظة الجنوبية تعنى بالرقابة، وتطبيق القوانين ومعالجة ورفع المخالفات البيئية إلى جهات الاختصاص وفرض الغرامات على المخالفات البيئية.

4 - تعزيز الحوكمة الرشيدة في معالجة القضايا البيئية.

الوعي والسلوك البيئي مقوم مهم في معادلة تطبيق القوانين البيئية، ويساهم في تحقيق جودة المنجز للمشاريع البيئية، وتؤكد المؤشرات أن هناك اهتماماً بهذا الموضوع الحيوي ويتمثل ذلك في وجود البناء المؤسسي المختص في الشأن البيئي، ووجود الخطط والبرامج والأنشطة المهتمة بمعالجة القضايا البيئية، وكذلك وجود المجتمع المدني الناشط في الشأن البيئي، والاهتمام بقضايا التعليم المدرسي والجامعي في الشأن البيئي، إلى جانب الاهتمام الإعلامي بقضايا البيئة، وعلى رغم ذلك نرى أن هناك ضعفاً بيناً في الوعي البيئي للمجتمع يتمثل في:

1 - ظاهرة إعداد وتنفيد السياسات والخطط التنموية التي لا تأخذ في الاعتبار خصوصية المعالم البيئية.

2 - ضعف الوعي البيئي للمخططين الاستراتيجيين في إعداد وتنفيد الخطط التنموية.

3 - تصاعد الأنشطة غير الرشيدة في العلاقة مع معالم النظام البيئي.

4 - قصور في آلية فرض القواعد القانونية على المخالفات البيئية.

5 - ضعف المسئولية الاجتماعية والوعي البيئي للعاملين في الرقابة البيئي.

إن ذلك الواقع نتيجة طبيعية لجملة من الأسباب تتمثل في ضعف الخطط والبرامج الموجهة لبناء الوعي والسلوك البيئي للمجتمع، والقصور في فاعلية القواعد القانونية في شأن فرض المخالفات البيئية، وكذلك القصور في الرقابة على الأنشطة غير الرشيدة في ردع المخالفات البيئية، وذلك يؤكد ضرورة تبني مجموعة من العوامل المزكية للحل تتمثل في:

1 - إعداد دراسة تقييم مستوى الوعي البيئي لمختلف القطاعات والفئات الاجتماعية والمخططين والإداريين الاستراتيجيين ومتخذي القرارات التنموية والبيئية.

2 - تحديد الاتجاهات المنهجية لبناء الوعي والسلوك البيئي.

3 - إعداد وثيقة إدخال المفاهيم البيئية في المناهج التعليمة.

4 - إعداد خطة منهجية للتعليم الجامعي تضع في اعتباراتها إدخال المساق البيئي في مناهج التعليم الجامعي.

5 - تفعيل الأنشطة المدرسية في القضايا البيئية.

6 - دعم المشاريع الإعلامية في تعزيز الرسالة البيئية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5326 - الخميس 06 أبريل 2017م الموافق 09 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً