العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ

تحقيق: المحافظون الصامتون قد يحسمون التصويت في استفتاء تركيا

 ريزة (تركيا) – رويترز 

تحديث: 12 مايو 2017

تتدلى صور للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على واجهات مساجد ومراكز ثقافية ومواقع بناء وجسور على طول الطريق السريع إلى بلدته التاريخية ريزة على الساحل الشمالي المطل على البحر الأسود.

وارتفعت بنايات سكنية شاهقة في منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الزراعة والصيد ويتوقع البدء قريبا في تشييد أول مطار في ريزة وهو من نوعية المشروعات التي يعول عليها إردوغان وأنصاره في نجاح الاستفتاء المقرر يوم الأحد (9 أبريل/ نيسان 2017) بشأن تعديلات دستورية ستمنح الرئيس صلاحيات واسعة إذا وافق عليها الناخبون.

وينظر الليبراليون الأتراك وبعض الحلفاء الغربيين إلى التعديلات الدستورية بعين الريبة خشية أن تؤدي مُثله الإسلامية وقيادته المتسلطة إلى تراجع العلمانية والديمقراطية لكن ينظر إلى إردوغان في مسقط رأسه على أنه رجل ورع ووطني وعامل.

وقال علي موتلو عم إردوغان (84 عاما) لرويترز في بلدة جونيجو، التي كان يقضي فيها إردوغان الصيف في منزل العائلة خلال سنوات المراهقة "لم يكن مثل الصبية النمطيين الذين يبحثون عن اللهو والشغب".

وتابع يقول "لم يكن والده يملك مالا ولم يقدم لابنه الكثير من الناحية المالية. طيب (إردوغان) قام بذلك كله بنفسه. اكتسب ذلك." ويحظى مولتو باحترام كبير من السكان وانحنى البعض لتقبيل يده وهو يجلس للحديث في مقهى.

لكن إردوغان، وهو أقوى زعماء تركيا نفوذا منذ مصطفى كمال أتاتورك الذي أسس الجمهورية العلمانية الحديثة قبل نحو مئة عام، أكثر زعماء تركيا إثارة للجدال أيضا.

وتشير استطلاع الرأي إلى سباق متقارب يتقدم فيه معسكر "الموافقة" بفارق طفيف لكن نصف الناخبين تقريبا يرفضون التعديلات التي ستغير نظام الحكم البرلماني برئاسة تنفيذية يقول إردوغان إنها ضرورية لمد البلاد بالقوة.

وحتى حول ريزة توجد جيوب للمعارضة بين المحافظين الأتراك وهم ورغم تأييدهم لمبادئ حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي لا يشعرون بارتياح تجاه السلطات الواسعة التي ستتجمع في قبضة فرد واحد.

وظهرت لافتة واحدة تعارض التعديلات على طريق قرب جونيجو حيث حصد حزب العدالة 90 في المئة من الأصوات في آخر انتخابات عامة في نوفمبر تشرين الثاني 2015.

وقال إبراهيم جيلان ويعمل نادلا في مطعم قريب للأسماك "لماذا أقول نعم؟ إنني لست من الأغنام. توجد جمهورية ودستور لماذا نلقي هذا كله".

وتابع يقول "إنني لا أفهم لماذا يريد الرئيس المزيد من السلطات التي لا يملكها."

ويخشى بعض الأتراك من الوقوع في خلاف مع أصدقائهم وجيرانهم لكنهم قالوا إنهم سيصوتون ضد إردوغان. وأشارت بعض مراكز استطلاعات الرأي إلى أنه يوجد عدد خفي من أنصار "لا" يصعب تقديره.

وقال مراد جيزيجي، الذي قالت شركته جيزيجي إن التأييد بنعم يبلغ 53 في المئة في أحدث استطلاعاتها في أول ابريل نيسان، إن نحو 13 في المئة من الناخبين التقليديين في حزب العدالة لم يحسموا قراراتهم أو انضموا إلى معسكر "الرفض".

 تمجيد الشخصية

نشأ إردوغان وهو ابن لقبطان فقير في حي كاسيمباسا الذي يغلب عليه أبناء الطبقة المتوسطة في اسطنبول، ويطرح إردوغان نفسه على أنه نصير الأتراك المحافظين المتدينين الذين تعرضوا للقهر من قبل النخبة العلمانية على مدار عقود.

وكان النمو الاقتصادي القوي في العقد الأول لإردوغان في السلطة كرئيس الوزراء ابتداء من عام 2002 حجر الزاوية الذي بنا عليه انتصارات انتخابية متعاقبة لحزب العدالة والتنمية.

وقال مالك المقهى مصطفى أوجول (65 عاما) وهو يتذكر إردوغان عندما كان يتجول في شوارع جونيجو "قبل إردوغان لم يكن يوجد سوى سيارة أو اثنتين في الحي كله. الآن كم تملك كل أسرة (من سيارات)؟"

ورفض الرجل الخوض في مسألة النمو المتباطئ لكنه قال "يقولون إن الاقتصاد بطيء والتضخم عند 11 في المئة...لولا إردوغان لكان مثل 70 في المئة".

لكن بعض الذين أيدوا إردوغان خلال العقد الماضي ساخطون على نحو متزايد من تنامي حالة تمجيد الشخصية لزعيم أشرف بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو تموز الماضي على عمليات تطهير طالت عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين وأسفرت عن طردهم من العمل أو اعتقالهم.

وقال الكاتب والمعلق روزين جاكر الخبير في الحركات السياسية الإسلامية في تركيا إن المعارضين المستترين داخل حزب العدالة الذين يعتقدون أن إردوغان تراجع عن بعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية قد يشكون عاملا أساسيا في حسم التصويت المقرر يوم 16 ابريل نيسان.

وقال في تصريحات بثت مؤخرا على موقع ميديا سكوب دوت تي. في "توجد الآن متناقضات خطيرة بين المشهد السياسي ورؤية إردوغان والأشخاص الذين نقلوا حركة حزب العدالة إلى المكانة التي عليها الآن".

وكما في ريزة وعلى بعد ألف كيلومتر إلى الشرق يندر وجود لافتة عليها كلمة "لا" في حي كاسيمباسا بمدينة اسطنبول. لكن وتحت اللافتات العديدة المؤيدة للتعديلات الدستورية بالشوارع الضيقة لا يقتنع الجميع بالتأييد.

وقال حقان أوفالي (25 عاما) الذي يعمل في متجر للمجوهرات "لدي شكوك. حدثت الكثير من الأمور الجيدة لكن الأثرياء يزدادون ثراء والفقراء يزدادون فقرا. تبخر الاستثمار هنا وهذا أثار غضبا وفطر القلوب".

وتابع يقول "اعتقد أنك ستجد انعكاس ذلك يوم الأحد".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً