العدد 5334 - الجمعة 14 أبريل 2017م الموافق 17 رجب 1438هـ

«ماكنزي»: تحولات النمو و«الصفقة الاجتماعية الجديدة» قوى هائلة تتطلب استجابات مدروسة لاحتوائها على بذور الفرص الاستثنائية

قالت شركة «ماكنزي آند كومباني» للاستشارات، في نشرة فصلية صادرة عنها في أبريل/ نيسان 2017، بعنوان «القوى العالمية تلهم رؤية جديدة للتقدم»: «إن تحولات النمو، والصفقة الاجتماعية الجديدة كلها قوى هائلة تتطلب استجابات مدروسة لأنها تحوي في داخلها بذور الفرص الاستثنائية. ويحتاج القادة الذين يبلغون هذه الفرص إلى التشكيك في فرضياتهم الخاصة والتفكير في خيارات جديدة. من سيقوم بهذا الأمر سيحقق تنافساً أكبر فاعلية، وأكثر قدرة على الإسهام في إيجاد حلول أوسع؛ وصولاً إلى تحقيق تقدم جديد أكثر شمولية».

وجاء في نشرة شركة ماكنزي أن «النمو آخذ في التحول، والاضطراب في ازدياد، والتوترات الاجتماعية في تصاعد، وإن مواجهة هذه القوى الديناميكية سيساعد على صياغة استراتيجية أفضل، ومستقبل أكثر إشراقاً».

وأضافت «من الطبيعي أن تغيب الاتجاهات طويلة الأجل في ظل وجود التغيرات قصيرة الأجل، وصولاً إلى مرحلة عدم الوضوح. فعلى سبيل المثال، تحقق التكنولوجيا تقدماً مذهلاً، إذ يتمتع الكثير من الناس في الوقت الحالي بالصحة، والتعليم، والتحول إلى الطبقة الوسطى عالمياً أكثر من أي وقت مضى عبر التاريخ البشري. لكن في الوقت ذاته، بدأت وتيرة التقدم الذي شهده العالم بعد الحرب الباردة متكئاً على الأسواق التنافسية والعولمة والابتكار يفقد بريقه. وبدأت هذه التناقضات تبرز في السياسة، وبدأت الاتجاهات الكامنة وراءها في إعادة تشكيل بيئة الأعمال. وقد بات من الضروري على قادة الشركات حالياً أن يعيدوا التفكير في كيفية المنافسة، وأن يتعاونوا في صياغة رؤية مجتمعية تساعد الأفراد على مواجهة التغيرات التكنولوجية المدمرة».

وذكرت نشرة شركة ماكنزي أن «الرؤية الواسعة لتكثيف المنافسة، والحاجة المتنامية للتعاون تنطوي على عدد من التحديات، لكنها في الوقت ذاته تقدم فرصة عظيمة. نسمع عن هذه التحديات والتساؤلات كل يوم في محادثاتنا مع قادة الأعمال: إلى متى يمكن للمصادر التقليدية الخاصة بالتنافس القدرة على الصمود في مواجهة التحولات التكنولوجية؟ كيف سيؤثر التغير الحاصل في توقعات المستهلكين والمجتمع على نماذجهم التجارية؟ ماذا يعني أن تكون شركة عالمية في حين تخضع مزايا التكامل الدولي إلى مراقبة شديدة؟».

وأضافت «نتطلع من خلال هذه النشرة إلى مساعدة قادة الأعمال على اكتشاف هذه الفرص بإيضاح تسع قوى عالمية رئيسية وبيان تفاعلاتها. يكتنف التوتر كل واحدة من هذه القوى، لذا سنصطلح عليهم بـ «البوتقات» أو المساحات التي تتفاعل فيها القوى المركزة والتي تكون فيها ردود الفعل القائمة غير واضحة. وبالتالي، فإن هذه البوتقات هي مساحات ينبغي الاعتناء بها، في الوقت الذي أصبحت فيه حُمّى الابتكار مرتفعة.

وتعكس البوتقات الثلاث الأولى «التحولات العالمية للنمو» في الوقت الحالي. فعلى رغم أن عولمة المنتجات والخدمات الرقمية آخذة في الصعود إلا أن التجارة التقليدية والتدفقات المالية قد توقفت، الأمر الذي يدفع بنا إلى مرحلة ما وراء العولمة.

وتسلط القوى الثلاثة التالية الضوء على «التعجيل بتخريب النشاط الصناعي»، ولذا تشهد الرقمنة (التحول الرقمي)، والتعلم الآلي وعلوم الحياة تقدماً وتضافراً في جهودها من أجل إعادة تعريف ما تقوم به الشركات وبيان حدود النشاط الصناعي.

أما القوى الثلاث الأخيرة فتؤكد على الحاجة إلى التعاون من أجل «إبرام اتفاق اجتماعي جديد» في العديد من البلدان. ومن هنا يتعين علينا التعاون من أجل حماية أنفسنا من «الجانب الضار» لبعض الجهات الخبيثة الفاعلة، كمجرمي الإنترنت والإرهابيين. كما سيشكل التعاون بين قطاع الأعمال وبين الحكومات أمراً حاسماً في تحفيز تقدم الطبقة الوسطى والاضطلاع بالتجارب الاقتصادية اللازمة لتحقيق النمو».

وذكرت النشرة «في الوقت الذي يسعى فيه قادة الأعمال إلى التنافس والتعاون بأساليب جديدة، فإن عليهم أن يتحلوا بالشجاعة: إن كنا نعتبر التاريخ مرشداً لنا، فإننا نخوض اليوم عملية تقدم يمكن أن تساعد في خلق غد مثير».

تحولات النمو العالمي

قالت نشرة شركة ماكنزي: «مثل النمو المعتدل تحدياً للأفراد، كما دفع الشركات لتوخي نهج دقيق في تحديد الفرص، ووضع الرهانات، ودعمها بموارد كافية. فالفرص كبيرة، ولاسيما بالنسبة للقادة الذين يدركون التحولات التي تمر بها ديناميات النمو العالمي مع تغير طبيعة العولمة، وتعاظم أهمية نمو الأسواق الناشئة، وتأثير التكنولوجيا على مفاضلتنا بين الموارد المتاحة».

ما وراء العولمة

وذكرت نشرة شركة ماكنزي «لاتزال العولمة في تقدم مستمر، لكنها تواجه تحديات مضادة شديدة. فمشاعر مناهضة العولمة في ازدياد، وقد كان للدول ردود فعل تجاهها: فالمملكة المتحدة تمضي قدماً في إجراءاتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، أما الولايات المتحدة الأميركية فقد تراجعت بالفعل عن الشراكة العابرة للمحيط الهادئ (TPP) وربما تجري تغييرات على اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا الشمالية (NAFTA) كما يبدو. في الوقت ذاته، فإن مقاييس العولمة التقليدية آخذة في التباطؤ. وقد بلغ النمو التجاري مقارنة بنمو الناتج المحلي الإجمالي في هذا العقد نصف ما بلغته في أواخر التسعينيات ومطلع القرن الحادي والعشرين، في حين انخفضت بشكل حاد تدفقات رؤوس الأموال العالمية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منذ الأزمة المالية في العام 2008 / 2009 ومنذ ذلك الحين لم تعد إلى ما كانت عليه قبل الأزمة. ويشكل العمل جنباً إلى جنب مع هذه التيارات المتقاطعة دعوات للتوطين والاعتراف بالاختلافات الواضحة في الأذواق المحلية، مما يجعلها أكثر كلفة وتعقيداً من التنافس على الصعيد العالمي (...) في نهاية العام 2016، أعلنت شركة هيونداي أنها ستنتج عدة نماذج جديدة في الصين للتنافس مع العلامات التجارية المحلية».

وأضافت النشرة «لم تكن العولمة يوماً ما قوة متجانسة لا يمكن وقفها، كما قال بانكاج غيماوات من جامعة نيويورك منذ زمن طويل. وفي الوقت الذي تزداد فيه تعقيدات العولمة، لايزال التنافس المحلي آخذاً في الازدياد على المستوى العالمي».

الهند والصين وإفريقيا وجنوب شرق آسيا: أسواق بمليارات الأشخاص

ذكرت نشرة شركة ماكنزي «شهدت البرازيل وروسيا تعثراً في بعض الأحيان، في حين بدأت بعض الأسواق الناشئة الأخرى، وخاصة في إفريقيا وجنوب شرق آسيا تكتسب أهمية أكبر (...) ثلاث كيانات جغرافية - هي الهند والصين وإفريقيا - يعمل التوسع الحضري فيها على تمكين السكان الذين يتجاوزون المليار نسمة، إلى جانب كيان رابع هو جنوب شرق آسيا والذي يضم أكثر من نصف مليار نسمة. تمتلك هذه الكيانات إمكانات للاستمرار في التوسع بشكل هائل».

وأفادت النشرة «تواجه الهند تحديات منها الانتقال إلى توسع حضري أكثر استدامة، وبناء قاعدة صناعية في الهند، بالإضافة إلى مشاركة المرأة في الاقتصاد العام، والاستفادة الكاملة من القدرات العقلية الفنية في البلاد للنهوض بسلسلة القيمة (...) وفي الصين، بدأ معدل النمو في التراجع، وعلى رغم التغييرات المؤسسية الكبيرة التي طرأت خلال العقد الماضي، فإن البلاد بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لاستكمال انتقالها من نموذج النمو القائم على الاستثمار إلى النمو القائم على الإنتاجية، فضلاً عن أن التحديات الديمغرافية التي ستواجهها الصين قريباً ستزيد من الحاجة إلى هذا التحول (...) وتتمتع إفريقيا، والتي يتوقع أن يفوق سن العمل فيها جمهورية الصين والهند، بأكبر قدر من الإمكانيات. لكنها هي الأخرى تواجه تحديات كبرى، مثل: تعبئة مواردها المحلية، تنويع اقتصادات الدول الفردية بشكل قوي، زيادة التوسع الحضري، تسريع تطوير البنية التحتية عبر الحدود، وترسيخ التعاون الإقليمي. إن الإخفاق في تحقيق أي من هذه الأمور ربما يعطل عجلة النمو».

وأشارت النشرة إلى أن «النمو السابق في جنوب شرق آسيا اعتمد على توسع القوى العاملة وانتقالها من الزراعة إلى الصناعة. ومن أجل ضمان استمرار النمو مع تلاشي هذه العوامل، فإن المنطقة بحاجة إلى استثمار كبير في البنية التحتية التي تدعم الرقمنة والتحضر (...)، ولاتزال الفرصة الكبيرة قائمة: نتوقع أن يأتي نصف النمو العالمي تقريبا خلال السنوات العشر المقبلة من هذه الجغرافيات».

هل هناك محدودية في الموارد؟

ورداً على هذا السؤال، أفادت النشرة بأن «التقدم المحرز في مجال التحليل، والتشغيل الآلي، وإنترنت الأشياء، إضافة للابتكار في بعض المجالات كعلم المواد تشكل بالفعل مستقبلاً واعداً للحد من استهلاك الموارد. للتكنولوجيا تأثير في عملية إنتاج الموارد، فقد شهد إنتاج الغاز والنفط ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة التقدم في عمليات التكسير الهيدروليكي، وحفر المياه العميقة، واستخراج النفط المعزز».

صفقة اجتماعية جديدة

وأوضحت نشرة شركة ماكنزي «لو استطاع قادة القطاع الخاص والعام والقطاع الاجتماعي التعاون في إبرام صفقة اجتماعية جديدة، فإنهم سيشكلون مستقبلاً أكثر إشراقاً للأفراد ولقطاع عريض من المؤسسات. ويقضي قادة الأعمال عادة 30 في المئة من وقتهم على المشاركة الخارجية، ولكن من خلال تقييمهم الخاص، فإن القليل منهم يفعل ذلك بفعالية».

تجارب النمو الاقتصادي

بينت النشرة «نحن على أعتاب موجة جديدة من التجارب اليوم، لأننا لا نمتلك إجابات واضحة على بعض التحديات التي تلوح في الأفق أمامنا (...) تم تطبيق محاولات مختلفة للتقشف ولإصلاحات هيكلية، لكن ثبت أن هذه المشاريع غير كافية لاستئناف النمو، وعليه اتجه قادة الأعمال في مختلف أنحاء العالم إلى تنفيذ تجارب متداخلة السياسات، بحثاً عن حلول أكثر فاعلية».

وخلصت النشرة إلى أن «تحولات النمو، وتعجيل التخريب، والصفقة الاجتماعية الجديدة كلها قوى هائلة تتطلب استجابات مدروسة لأنها تحوي في داخلها بذور الفرص الاستثنائية. ويحتاج القادة الذين يبلغون هذه الفرص إلى التشكيك في فرضياتهم الخاصة والتفكير في خيارات جديدة. من سيقوم بهذا الأمر سيحقق تنافساً أكبر فاعلية، وأكثر قدرة على الإسهام في إيجاد حلول أوسع؛ وصولاً إلى تحقيق تقدم جديد أكثر شمولية».

العدد 5334 - الجمعة 14 أبريل 2017م الموافق 17 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً