العدد 5336 - الأحد 16 أبريل 2017م الموافق 19 رجب 1438هـ

الاقتراض اللغوي وأصول بعض التعبيرات في اللهجة البحرينية

«الثقافة الشعبية» في العدد السابع والثلاثين...

غلاف العدد السابع والثلاثين
غلاف العدد السابع والثلاثين

يكتنز العدد السابع والثلاثون من مجلة «الثقافة الشعبية» بموضوعات غاية في الأهمية والإحكام في تناولها من قبل أسماء مهمة وفاعلة في المشهد الثقافي العربي عموماً، وفي بلدانها خصوصاً.

الباحث الأنثروبولوجي البحريني حسين علي يحيى ساهم بورقة بحثية يبدو أنها ستنشر على أجزاء، بالإشارة إلى الجزء الأول منها، حملت عنوان «الأصول المعجمية لبعض التعبيرات الأجنبية ذات الصبغة التراثية في اللهجة البحرينية»، اعتمد فيها بحسب ما كتب على إجراء مسح ميداني لرصد ما تبقى على الألسن أو في محفوظات الذاكرة الشعبية من ألفاظ وتعبيرات ذات أصول معجمية غير عربية متداولة في اللهجة البحرينية المحكية، وكذلك استقصاء الألفاظ والعبارات ذات الصلة مما له علاقة مباشرة بموضوع البحث، إضافة على تنظيم حلقة نقاشية، وتنظيم منتدى ثقافي تفاعلي.

أما منهجية البحث وتقنياته فيجملها في الآتي: انتظام البنية الهيكلية لعرض مادة البحث في إطار مجموعة من الحقول المعجمية، وفق تبويب قائم على إيراد كل مجموعة من الكلمات ترتبط بدلالتها، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها. كما اعتمدت الدراسة التداولية مقاربة منهجية في دراسة ظاهرة الاقتراض اللغوي في العامية البحرينية «مركّزة في إيراد البنية اللغوية الأصلية للمفردات والتعبيرات الأعجمية المنتقاة، ووصف ما قد يطرأ على بنيتها اللغوية المتحولة من تحوير بعد التعريب».

الاقتراض اللغوي ليس حكراً على العرب وحدهم، وخصوصاً إذا ما عرفنا أن العزلة لا تنتج تطوراً في اللغة ولا تُكسب دخيل مفردات أو لهجات، ولا تنشأ عنها حاجة إلى مثل ذلك الاقتراض. وحدهم الذين نأوا عن البشر وعن الاجتماع البشري، ضمن مجموعات محدودة، وفي عزلة عن العالم من حولهم يكتفون بما قرّ عندهم من لغة ووسيلة اتصال.

الجذور الرباعية والخماسية

الباحث يحيى يحيلنا إلى المراجع اللغوية التي أولت هذا المبحث أهمية؛ إذ يورد النحاة واللغويون القدامى مقاييس للاستدلال على أعجمية اللفظة المعرّبة، فعند الخليل بن أحمد الفراهيدي (100هـ 170هـ - 718م 786م)، يرى أن مقياس ذلك يتمثل في خلوها من أصوات الجذور الرباعية والخماسية. أما سيبويه (148هـ - 180هـ / 765 - 796م) فيركّز في تمييز ما أعرب من الألفاظ الأعجمية، على ظاهرتي الإلحاق والإبدال التي يرى بموجبها أن العرب لا يغيرون من الحروف الأعجمية ما ليس من حروفهم البتّة، فربما الحقوه ببناء كلامهم.

يقدم يحيى نماذج من تلك التعبيرات، نجملها فيما يأتي: البنك: المصرف، بورهوز: توليد الكهرباء (Power Hous)، بوليس خانه: مركز الشرطة، بيت الباليوز: بيت المعتمد البريطاني (Baliuz وتعني القنصل في الإيطالية)، الحفيز: Office، الرستة: فارسية وتعني الشارع، لستيشن: محطة وقوف الحافلات، الطابو: إدارة المساحة، وأصلها لاتيني: Topography، وفي اليونانية تعني وصف الأرض ورسمها، كراندوه: الاسم الشعبي المبتذل الذي يطلقه العامة على أماكن الدعارة، وجاء من مصطلح أطلقه البريطانيون على منطقة مخصصة لهذا الغرض، ويرجعها البعض إلى تعبير: Grand dole، ويعني الدمية الكبيرة، ويرجعه آخرون إلى تعبير: Grand of all، بمعنى أرض للجميع. كمرك: دائرة الجمارك، وهي من أصل تركي، وغيرها من المفردات.

بدأ العدد بـ «مفتتح»، بقلم المدير العام، رئيس تحرير المجلة، علي عبدالله خليفة، الذي تناول «ثقافتنا الشعبية وأيادي الجيل الجديد»، وأهمية إدخال الثقافة الشعبية في مناهج وزارات التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي، «كمنهج إثرائي متكامل للمرحلة الثانوية»؛ حيث بادرت وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين بهذه الخطوة. سبق اتخاذ مثل هذه الخطوة اجتماعات عديدة أثمرت عن اتخاذ هذا القرار.

فن العرْضة

المفتتح تناول من جانب آخر، فن العرضة، التي كانت رقصة للتنادي إلى الحروب القبلية، وتحولت «إلى رقصة استعراضية تؤدى في أفراح الزواج وفي المناسبات الوطنية الكبرى»، مشيراً إلى أن لها أصولاً فنية وتقاليد مرعية، وأدوات ومعدات تدخل بها السيوف والبنادق التقليدية والأعلام وأنواع الطبول والدفوف، وأن مهام المشاركين تتنوّع وكذلك مقاماتهم الاجتماعية، من عازف الدفوف والطبول والمنشدين وملقن النصوص الشعرية وحملة البنادق، والراقصين بالسيوف من ملوك وأمراء ووجهاء.

إشارة خليفة إلى فن العرضة جاءت تنويهاً إلى الدورة التدريبية التي نظمتها جمعية العرضة البحرينية للأطفال، والتي اعتبرها خليفة، خطوة متقدمة «لتواصل الجيل الجديد مع فنون وأصول وأساليب أداء فن العرضة». مشيراً خليفة إلى أن هذا التوجّه «يعلي الدلالة على قيمة الثقافة الوطنية وأهمية مبدعيها وأصالة انتمائهم، وعلى رفض تغريب ثقافة المجتمع، وامتهان كرامة منتجيها».

كما احتوى العدد إضاءة على تحديات التدريب على فنون العرضة البحرينية، تركيزاً على الدور الذي تقوم به جمعية العرضة البحرينية؛ إذ إن التدرّب على أصول الإيقاع بأنواعه، وحفظ أصول وتقاليد الأداء وابتداع النصوص الشعرية الجديدة المعبّرة عن هذا الزمن، كل ذلك من بين التحديات التي يمكن لجمعية العرضة البحرينية أن تتجاوزها، وتؤسس إلى جيل جديد يمكنه أن يأخذ بهذا الفن إلى آفاق توسّع من الاهتمام وبه، وتكرّسه كواحد من الفنون التي تعبِّر عن تاريخ وحاضر شعوب منطقة الخليج العربي.

الإثنورياضيات

البروفيسور في المدرسة العليا للأستاذة في الجزائر، أبوبكر خالد سعدالله، تناول موضوع «تفعيل دور الثقافة الشعبية في تدريس الرياضيات للأطفال»، منطلقاً من «الإثنورياضيات»، وهي الأنثروبولوجيا الثقافية للرياضيات وتدريسها «دراسة الممارسات والأفكار الرياضية في علاقاتها مع مكونات الحياة الثقافية والاجتماعية»، والفائدة من وراء ذلك المبحث، انطلاقاً من آراء بعض الباحثين، من كون المبحث يساعد على تدريب المفاهيم الرياضية والعلمية للتلميذ في المدرسة إذا ما كُيِّفت بالشكل المناسب مع المناهج الدراسية.

مصطلح الإثنورياضيات، ظهر في سبيعينيات القرن الماضي، عل يد عالم الرياضيات البرازيلي أبيرتان دامبروزيو. ويعرّج سعد الله في ورقته على تجربة رواد تخصصوا واهتموا بهذا المبحث، دراسة وتقصياً ورصداً في عدد من البلدان من بينها: بوركينا فاسو، وريادة خليفة طراوري، الذي يعتبر أول مختص في الإثنورياضيات، بتلقي دراساته العليا في الاختصاص من جامعة كويبك بمونتريال الكندية في العام 2006. كما تتتبّع الورقة شواهد تعبيرية في الثقافة الشعبية لبلدان مثل أنغولا ومدغشقر من خلال الرسم على الحجارة والصخور والرمال، من خلال الطابع الهندسي المتميز الذي تهتم به الإثنورياضيات.

وفي موزمبيق تركّز الورقة على جهود الباحث الهولندي الأصل، والموزمبيقي الجنسية باولس جرديس (1952 – 2014)، والذي كرس حياته لهذا النوع من الدراسات في إفريقيا، وخرج بحصيلة كبيرة من المؤلفات والدراسات، من بينها 60 كتاباً، وأكثر من 100 بحث حول الإثنورياضيات في إفريقيا.

«من بين دراسات جرديس، دراسة شكل مصيدة من صنع محلي في موزمبيق وخصوصياتها الهندسية؛ إذ لاحظ السكّان أن هذا الشكل جيد لصيد السمك وغيره، من خلال أشكال الفتحات المضلعية السداسية، وكيف يتم نسيجها». يخلص البروفيسور سعد الله في ورقته إلى تزايد الاهتمام والبحث في حقل الإثنورياضيات الذي لم يعد حصراً على بعض البلدان؛ إذ تفيد الإحصائيات بأن عدد الأطروحات في هذا المجال تجاوز في البرازيل حتى العام الجاري، 150 أطروحة دكتوراه وماجستير، فيما بلغ 50 أطروحة في موزمبيق ونحو 100 بين الولايات المتحدة ونيوزلندا، بالإضافة إلى المئات من الأبحاث والإسهامات في المؤتمرات العالمية.

خريطة العدد

تضمن العدد الموضوعات الآتية: دور العجيب في بناء الشخصية... سيرة الملك سيف بن ذي يزن أنموذجاً، لصفاء ذياب، التجربة والطب الشعبي لدى ابن الجزَّار، لحمادي ذويب، السمك ورمزيته في جزيرة تاروت، لجعفر البحراني، الموالد القبطية: مولد الأنبا شنودة نموذجاً، لأشرف أيوب معوض، الأغنية الشعبية والتغيرات الاجتماعية في الأردن، لسعيد بوكرامي، المرأة والتراث الموسيقي ببلدة القدح الشمال الغربي التونسي، لنوال جلالي، المعمار بالمغرب إلى عهد الحماية الفرنسية بين الأصالة والتأثير الأوروبي: مدينة تازة أنموذجاً، لجلال زين العابدين، مهنة القصارين في البحرين (1930م - 1970م... دراسة ميدانية، لحسن أحمد المديفع وحسين محمد حسين، الحلى الفضية المغربية: فن قروي عريق، لرحمة ميري، إضافة إلى بابيْ: جديد النشر وأصداء.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً