العدد 5346 - الأربعاء 26 أبريل 2017م الموافق 29 رجب 1438هـ

السعودية تعلن ثالث عملية اندماج بين مصارفها في تاريخها

الوسط - المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

بعد مرور ما يقارب عقدين من الزمان على آخر عملية اندماج في المصارف السعودية أعلن كل من البنك السعودي البريطاني (ساب) والبنك الأول (الهولندي سابقاً) بدء مناقشات مبدئية لدرس اندماج المصرفين، والتي تعد ثالث عملية اندماج في تاريخ العمل المصرفي بالسعودية ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الخميس (27 أبريل/ نيسان 2017).

وبحسب اقتصاديين ومتخصصين في العمل المصرفي تحدثوا لـ«الحياة» فإن عمليات الاندماج تولد اقتصاديات كبيرة تسهم في دعم الاقتصاد المحلي، وهي عملية إيجابية في نواحٍ عدة، منها التوسع المستقبلي وتحقيق كفاءة التشغيل ورفع الربحية وتعظيم الملكية والقدرة على مواجهة المتغيرات المالية المستقبلية، مشيرين إلى أن عمليات الاندماج في المصارف تحمل جوانب سلبية تتلخص في خفض عدد الموظفين «فصلهم»، وأخرى تتعلق بانخفاض معدلات التنافسية في السوق المصرفية وإمكان حدوث ما يعرف بـ«الاحتكار».

وقال الخبير الاقتصادي والمصرفي فضل البوعينين لـ«الحياة»: «اندماج المصارف السعودية ليس بالأمر المحدث بل هو امتداد لعمليات اندماج سابقة، لكن يبدو أن التوجه نحو اندماج البنك السعودي البريطاني (ساب) والبنك الأول يحمل في طياته رؤية جديدة عما كانت عليه الاندماجات السابقة، خصوصاً وأن هدف الاندماج يعتقد أنه جزء من قرار دخول بعض حملة الأسهم الرئيسين في ساب للاستثمار في البنك الأول، والدخول إلى مجلس الإدارة لتحقيق ذلك الهدف الذي يبدو أنه بات قريباً».

واستطرد بالقول: «عملية الاندماج بين المصرفين قد يتشكل منها أحد أكبر المصارف في السعودية ليضاف إلى المصارف الرئيسة الأخرى، وهذا أمر إيجابي في التوسع المستقبلي وتحقيق كفاءة التشغيل ورفع الربحية وتعظيم الملكية والقدرة على مواجهة المتغيرات المالية المستقبلية».

وتابع: «ومن جهة أخرى فمع فتح السوق المحلية للمصارف الأجنبية مستقبلاً فالأكيد أن تنافسية المصارف المحلية ستكون على المحك، ما يستوجب تعزيز قدراتها المالية».

وزاد: «هناك جانب مهم وهو البحث عن كيانات مصرفية كبرى قادرة على الدخول للأسواق العالمية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعظيم حجم المصارف ذات الخبرات الجيدة والعلاقات مع المصارف الأجنبية، إضافة إلى سلامة تعاملاتها الخارجية وبعدها عن القضايا المحدثة».

ويرى البوعينين أن اندماج المصارف يقلص من التنافسية في ما بينها ويعزز مفاهيم احتكار القلة، وقال: «أعتقد أن خلق كيانات مصرفية كبرى أكثر منفعة من الاندماجات التي قد تقلص التنافسية في السوق وتعزز احتكار القلة. فعدد المصارف الحالية لا يتوافق مع الحاجة، إذ يفترض أن تتضاعف المصارف في السعودية لا أن تتقلص بالاندماج».

وأضاف: «الاندماج من الأدوات النافعة لتشكيل كيانات أكبر وتعظيم الأصول ومواجهة المخاطر غير أنه لا يخلو من المحاذير المهمة ومنها تسريح الموظفين وإغلاق بعض الفروع وتقلص عدد المصارف والانعكاسات السلبية على التنافس ورفع كفاءة الخدمات والانتشار في المدن».

وشدد على أهمية إنشاء مصارف جديدة في السعودية، وزاد: «أشدد على أهمية إنشاء مزيد من المصارف في مقابل الاندماجات المهمة وبما يحقق التوازن الأمثل في السوق، كما أن كبر مساحة المملكة يستدعي التوسع في تراخيص المصارف، ولا مانع من إعطاء رخص مرتبطة بفروع داخل مناطق محددة أو مصارف متخصصة».

وأردف قائلاً: «المرحلة المقبلة تستدعي التوسع في القطاع المالي وزيادة عدد المصارف وقدرتها التمويلية لمواجهة الطلب المتنامي من القطاع الخاص الذي يفترض أن يكون المحرك الحقيقي للاقتصاد».

ولفت البوعينين إلى أن التمويل مفتاح التنمية والمحرك للقطاع الخاص وما لم تفتح السوق المصرفية لمصارف أجنبية كبرى ويسمح بإنشاء مصارف جديدة وإلا سنصل إلى مرحلة الاختناق التمويلي قريباً، والتي ظهرت مطلع العام الماضي، وأخشى أن تعود.

وزاد: «من جانب آخر فاتساع دائرة المصارف وتنوعها وزيادة عددها يمكن أن يقلص المخاطر في الأزمات».
في المقابل أشار أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة في حديثه لـ«الحياة» إلى أن الاندماج بين الشركات والمؤسسات المالية «المصارف» يعد أحد سمات هذا العصر والذي تتنافس فيه الاقتصاديات الكبرى، قائلاً: «عملية الاندماج تعمل على توفير رؤوس أموال كبيرة إضافة إلى تحسين البيئة الاستثمارية للمصرف، وكلما زادت هذه العوامل تتحقق لدينا نتائج مالية مرتفعة، لاسيما مع زيادة القوة المالية للمصرف بعد الاندماج، إذ يصبح رأس المال كبيراً إضافة إلى توسع قاعدة العملاء».

واستبعد وجود احتمار للعمل والسوق المصرفي في حال حدثت اندماجات بين المصارف السعودية، مرجعاً ذلك إلى وجود عدد كبير من المصارف التي تعمل داخل السوق المحلية، ما يخلق التنافسية في العمل في ما بينها ويقلل من وجود احتمار في الخدمات المصرفية».
وأشار إلى أن سلبيات عمليات الاندماج تتلخص في الاستغناء عن عدد من الموظفين، وقال: «من إيجابيات عمليات الاندماج هو تقليص المصاريف الإدارية وتقليص الكوادر البشرية العاملة في كلا الشركتين أو المصرفين المراد اندماجهما، ما ينتج منه تضرر للموظفين جراء الاستغناء عنهم».

من جانبه، أوضح دكتور الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور فاروق الخطيب في حديثه لـ«الحياة» أن عمليات الاندماج الحالية المتوقعة بين البنك السعودي البريطاني والبنك الأول تعد من خطوات التحول إلى كيانات اقتصادية قوية لها القدرة على المنافسة عالمياً بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وقال: «الاندماج بين المصارف السعودية سيخلق كيانات مالية كبيرة ويعزز تنافسيتها مع المصارف العالمية، إضافة إلى زيادة توسعها في السعودية من خلال تعدد فروعها، إضافة إلى تضاعف عدد عملائها».
منوهاً إلى أن من السلبيات التي يمكن حدوثها في عمليات الاندماجات هو عدم التكافؤ في الحصص بين المصارف المندمجة»، وزاد: «مؤسسة النقد معنية بوضع الشروط والمعايير لكل من المصارف الراغبة في الاندماج للحصول على النصيب العادل عند الاندماج وتكوين كيان واحد جديد».

وفي سياق متصل قال المصرفان في بيانين منفصلين: «إن ذلك يأتي بناء على قرار مجلس إدارتي البنكين»، مشيرين إلى أن درس الاندماج لا يعني بالضرورة أن عملية الاندماج ستتم بين الطرفين، وفي حال تم الاتفاق فسيخضع ذلك لشروط منها موافقات الجهات الرقابية المعنية في المملكة وموافقة الجمعية العامة غير العادية لكل من الشركتين.

ونوه المصرفان اللذان يبلغ مجموع رأس ماليهما 26.4 بليون ريال إلى أنه تم التنسيق مع مؤسسة النقد العربي السعودي في ما يخص متطلبات الاندماج قبل البدء في هذه النقاشات، ولكنه لا يزال من الواجب الحصول على الموافقات الرسمية قبل إتمام عملية الاندماج، علماً بأنه ليس من المتوقع أن ينجم عن عملية الاندماج في حال إتمامها تسريح الموظفين بصفة إجبارية.
يذكر أن المصرفين يشترك في ملكيتيهما كل من شركة العليان السعودية الاستثمارية المحدودة التي تملك 21.73 في المئة من البنك الأول، و16.95 في المئة من بنك ساب، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تملك 10.50 في المئة من البنك الأول، و9.74 في المئة من بنك ساب.

يذكر أن حالات الاندماج في المصارف السعودية تقتصر على حالتين سابقتين حدثت في التسعينات من القرن الماضي، كان أولى تلك الحالات عام 1996 عندما اندمج كل من بنك القاهرة السعودي والبنك السعودي المتحد، وبعد مرور ثلاثة سنوات سجلت المصارف السعودية ثاني عملية اندماج لها عندما اندمج البنك السعودي المتحد مع البنك السعودي الأميركي والتي حدثت عام 1999، نتج منها مجموعة «سامبا» المالية أي البنك السعودي الأميركي.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً