العدد 88 - الإثنين 02 ديسمبر 2002م الموافق 27 رمضان 1423هـ

الحاج أمين الحسيني

يصادف هذا الشهر ذكرى افتتاح المؤتمر الإسلامي العام الأول الذي بدأ جلسته في المسجد الأقصى في ديسمبر/كانون الأول 1931 بدعوة من الحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى فيها، وكان القصد من الدعوة تنبيه العالم الإسلامي إلى الخطرين الاستعماري واليهودي المحدقين بفلسطين والحرم المقدسي الشريف، وغيرهما من المقدسات الإسلامية.

ولد أمين الحسيني في القدس العام 1895 وتلقى تعليمه الأولي بها قبل أن ينتقل إلى الأزهر ليستكمل دراسته العليا هناك. وأدى فريضة الحج وهو لم يزل شابا فلازمه لقب الحاج طيلة حياته. وكان لدراسته في مصر وتعرفه على قادة الحركة الوطنية آنذاك أثر في اهتمامه المبكر بالسياسة. ثم التحق بعد ذلك بالكلية الحربية بإسطنبول التي تخرج فيها برتبة ضابط صف.

والتحق بالجيش العثماني لكنه بعد فترة قصيرة آثر العمل مع الثورة العربية، فانضم إلى جيش الشريف حسين بن علي بهدف إقامة دولة عربية مستقلة وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى.

عقب صدور وعد بلفور قرر الحاج أمين الحسيني العودة إلى القدس وبدأ الكفاح ضد الوجود اليهودي والبريطاني هناك، فأنشأ العام 1918 أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين الحديث وهي «النادي العربي» الذي عمل على تنظيم مظاهرات في القدس العامين 1918 و1919، وعقد آنذاك المؤتمر العربي الفلسطيني الأول هناك.

تسببت تلك المظاهرات في اعتقاله العام 1920، لكنه استطاع الهرب إلى الكرك جنوب الأردن ومنها إلى دمشق، فأصدرت الحكومة البريطانية عليه حكما غيابيا بالسجن 15 عاما، لكنها عادت وأسقطت الحكم في العام نفسه بعد أن حلت إدارة مدنية برئاسة هربرت صموئيل محل الإدارة العسكرية في القدس، فعاد إليها مرة أخرى.

انتخب مفتيا عاما للقدس عقب وفاة كامل الحسيني المفتي السابق، فأنشأ (المجلس الإسلامي الأعلى) للإشراف على مصالح المسلمين في فلسطين، وعقد المجلس في المسجد الأقصى مؤتمرا كبيرا العام 1931 سمي (المؤتمر الإسلامي الأول) حضره مندوبون من مختلف البلدان العربية والإسلامية.

وأصدر الحاج أمين الحسيني فتوى اعتبرت من يبيعون أرضهم لليهود والسماسرة الذين يسهلون هذه العملية خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين. ونشـــط الحــــاج أمين في شــــــراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى أيدي اليهود وضمها إلى الأوقاف الإسلامية.

رأى الحسيني أن الشعب الفلسطيني لم يكن مؤهلا لخوض معركة عسكرية بطريقة حديثة، فأيد الجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية. وفي الوقت نفسه كان يعمل بطريقة سرية لتكوين خلايا عسكرية اعتبرت النواة الأولى التي شكل منها عبدالقادر الحسيني فيما بعد جيش الجهاد المقدس.

رفض الحاج الحسيني مشروع تقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي طرح في يونيو/ حزيران 1937 وقاومه بشدة، فعملت السلطات البريطانية على اعتقاله، لكنه التجأ إلى الحرم القدسي الشريف فخشيت بريطانيا من اقتحام الحرم حتى لا تثير مشاعر الغضب لدى العالم الإسلامي، فظل الحاج أمين الحسيني يمارس دوره في مناهضة الاحتلال من داخل الحرم.

وبعد اغتيال حاكم اللواء الشمالي إندروز أصدر المندوب السامي البريطاني قرارا بإقالة المفتي أمين الحسيني من منصبه واعتباره المسئول عن الإرهاب الذي يتعرض له الجنود البريطانيون في فلسطين. واجتهدت السلطات البريطانية في القبض عليه لكنه استطاع الهرب إلى يافا ثم إلى لبنان عبر مركب شراعي، فقبضت عليه السلطات الفرنسية لكنها لم تسلمه إلى بريطانيا، وظل في لبنان يمارس نشاطه السياسي.

واضطر إلى الهرب من لبنان مرة أخرى بعد التقارب الفرنسي البريطاني، فتنقل بين عدة عواصم عربية وغربية، وصل أولا إلى العراق ولحق به بعض المجاهدين، وهناك أيد ثورة رشيد عالي الكيلاني، ثم اضطر إلى مغادرتها بعد فشل الثورة فسافر إلى تركيا ومنها إلى بلغاريا ثم ألمانيا التي مكث فيها أربعة أعوام.

وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله بعد النكبة الكبرى العام 1948 وشددت عليه الرقابة. وظل على تلك الحال إلى أن اندلعت ثورة 1952 في مصر، فتعاون مع قادة الثورة في نقل الأسلحة سرا إلى سيناء ومنها إلى الفدائيين الفلسطينيين في الداخل، واستمر على هذه الحال حتى قرر العام 1959 الهجرة إلى سورية ومنها إلى لبنان، واستأنف هناك نشاطه السياسي فأصدر مجلة «فلسطين» الشهرية، وظل في لبنان حتى توفي العام 1975 ودفن في مقبرة الشهداء

العدد 88 - الإثنين 02 ديسمبر 2002م الموافق 27 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً