العدد 89 - الثلثاء 03 ديسمبر 2002م الموافق 28 رمضان 1423هـ

الدهون قضية الشهرة

الأغذية التي تحتوي على بروتينات عالية وكربوهيدرات قليلة أصبحت آخر صيحة في هوليوود ولكن الشعبية الزائدة لهذه الأغذية قد أحدثت ضجيجا في عالم الطب. إن الخطة الناجحة هي الخطة التي تقوم على عدم الشعور بالجوع ونقصان الوزن المريح، طبقا لما كتب على غلاف الكتاب. إن جيري هليويل وكاثرين زيتاجونز من الذين يشهدون على ذلك لأنهما أصبحتا من المشاهير في عالم النحافة. وبعد بيع ما يزيد على عشرة ملايين نسخة من هذا الكتاب في جميع أنحاء العالم ما زالت «الثورة الغذائية الجديدة» لروبوت آتكنز تسير بنجاح في قوائم أفضل المبيعات. ومع أن شعبية هذا الغذاء قد أوجدت مجموعة مشابهة من برامج خاصة بإنقاص الوزن ومعجبين مشهورين، فإن شركة شوجر بسترز تثير الآن ضجة طبية كبيرة.

لقد قامت مجموعة من الأطباء ممثلة في لجنة أطباء الطب المسئول (PCRM) بعمل حملة تحذير من المخاطر الصحية على المدى البعيد والمرتبطة بنظام اتكنز للحمية واحتمال اتخاذ إجراء قضائي ضد الأطباء الذين يوصون باتباع هذا النظام الغذائي. وتلقى الحملة التي تقوم بها المجموعة دعما من عدد من خبراء التغذية البريطانيين. إن نظرية آتكنز للحمية تقوم على أساس أن الكاربوهيدرات تحفِّز الجسم على إنتاج الأنسولين الذي يتسبب بدوره في تكوين الدهون. ويقول الطبيب البارع إنه عند التخلص من الكاربوهيدرات يبدأ الجسم في حرق الدهون المخزونة به لتوليد الطاقة - ويعني هذا أن الدهن يحرق نفسه بطريقة فعالة - ما يجعل المرء أنحف بشكل أسرع. وتعرف هذه العملية بالكُتان ومن تأثيراتها الجانبية الغثيان، والنفس الكريه، وفقدان الشهية بسهولة. ويمكن أن تحتوي قائمة الطعام المثالية المحفِّزة على بيض بالنسبة لطعام الافطار ولحم بقر مع شريحة جبن (دون تناول كعك محلى) عند الغذاء وكوكتيل القريدس (الروبيان) مع شريحة من لحم البقر عند العشاء. أما ويندي دويل من نقابه أطباء التغذية البريطانية فهي من بين الأشخاص الذي لا يقبلون هذه المزاعم بشأن «نظام الحمية العجيب». وتعتقد أن هناك دليلا يثبت بأن هذا الغذاء خطير.

تقول دويل إنك تتوقف عن تناول الألياف المهمة لصحة المعدة. إن هذا الغذاء تنقصه المواد المغذية وإنك تتناول الكثير من الدهون المشبعة والتي لها علاقة بازدياد مستوى الكوليسترول، تضيف: «أعتقد أن الحملة التي تقودها لجنة اطباء الطب المسئول (PCRM) تعتبر تحذيرا مبكرا مفيدا لمهنة الطب» ويقول نيل بارنارد، رئيس PCRM «إن نظام الحمية الذي يوصي به آتكنز هو تماما كنوع الغذاء الذي سيسبب سرطان القولون وأمراض الكلى والقلب وهشاشة العظام اذا ما أعطي للناس». وتعترض جهات صحية كثيرة بما فيها جمعية مرضى القلب الأميركية على هذا الغذاء منذ ظهوره.

إن نظام الحمية الجديد لا يجعلك تفقد الوزن بشكل اسرع من أي نظام حمية آخر، ولم يقم آتكنز أبدا بنشر أية أوراق بحوث دقيقة تدعم مزاعمه بخصوص نظام الحمية الذي يروج له. ويشجع بارنارد أولئك الذين أصيبوا بأعراض جانبية نتيجة اتباعهم هذا النظام بأن ينشروا هذه الأعراض على موقع PCRM على شبكة الانترنت. ويبدو أن هناك الكثير من الأدلة الطريفة التي تقول إنه على رغم النجاح الكلامي لهذا الغذاء إلا أنه لا يناسب الأفراد جميعهم.

«لقد أصابني هذا الغذاء بمرض حتى أنني لا أود الاقتراب منه ثانية». «مازلت أشعر بالصداع»، هذاما بحثه أحد القراء في قسم آراء الزبائن على موقع آمازون على الإنترنت ويقول آخر: «لقد فقدت بعض الوزن ولكني عانيت من هذا الغذاء. وبنهاية الاسبوع أصبحت شخصا مريضا شبه مخبول». وردا على هذه الانتقادات تظهر، مديرة التعليم والبحوث لمكتب الخدمات والمعلومات الطبية والصحية لاتكنز كوليت هايمووتز مدافعة عن هذا النظام: «أود أن أقول إنه بصفتي طبيبة سريرية لمدة أربعين عاما إنه لو كان اتكنز يقتل الناس لأصبح الأمر واضحا الآن». وأضافت قائلة إنه لا يوجد أي بحث يثبت أن نظام الحمية الجديد يسبب أي مشكلات صحية. وعلى العكس فإن كوليت ترفض النظرية القديمة التي تقول إن النسبة القليلة من الدهون تعني انخفاضا في أمراض القلب. إن هذه النظرية ما زالت بحاجة إلى دليل بعد انفاق البلايين من الدولارات على البحوث. وتزعم كوليت بأن هناك في الواقع دلائل كثيرة على أن نظام اتكنز للحمية يحسن بالفعل حال الشرايين - كما تخفض بعض الدهون المستويات السيئة للكوليسترول. أما بالنسبة للاتهام الخاص بنقص القيمة الغذائية فإنه يجب أخذ فيتامينات مساعدة مع أي غذاء للحمية، كما تقول كوليت.

وبينما توصف الفكرة بمقاضاة الأطباء لترويجهم نظام حمية اتكنز بأنها منافية للعقل، كما تقول كوليت، إلا أن عدم وجود بحوث منشورة في هذا المجال يبدو أنها قد أثرت عليه.

وفي العام الماضي قام اتكنز بتأسيس مؤسسة غير ربحية ستقوم بتمويل الدراسات الغذائية في كلية طب ألبرت اينشتاين، كما تقول كوليت. ومهما يكن الدليل الذي سيتم التوصل إليه في هذه الكلية، فإنه لن يؤدي إلا لكثير من الدراسات المتناقضة. إن الموضوع بأسره مربك بشكل قد يدفع بالشخص المتبع للحمية إلى البحث عن صندوق بسكويت بالشوكولاته خصوصا إذا ما أخذ المرء المزاعم السيئة المتبادلة بين اتكنز وPCRM. وطبقا لمزاعم اتكنز فإن PCRM هي مجموعة نباتية متطرفة لحقوق الحيوان - وهذا ما ينكره بارنارد، مع أنه يعترف أن جدول أعمال منظمته يحتوي على المعاملة الانسانية للحيوانات. وفي هجوم مضاد يشير بارنارد إلى الاعتراضات التي تثار في عالم التغذية عندما أصيب اتكنز (71 عاما) بأزمة قلبية في وقت مبكر من هذا العام. ويزعم اتكنز أن الأزمة القلبية كانت بسبب التهاب ولا علاقة لها البتة بالغذاء.

وما زاد الأمور تعقيدا هو أن كلا من اتكنز وPCRM يتم فرض الرقابة عليهما بين فترة وأخرى من قبل الجمعية الطبية الأميركية - مع أن الطرفين يقولان إن ذلك لن يثنيها عن تحدي المعرفة الطبية المقبولة. وقد قامت إدارة خبراء التغذية وعلاقتها بالبدانة في المملكة المتحدة بمحاولة للتخلص من الدهون وتبني وجهة نظر موضوعية متزنة بالنسبة للأدلة المتوافرة بخصوص الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين. وتشير آخر النتائج التي توصلت اليها الإدارة إلى أن هناك بعض الأدلة على سرعة التحسن ومقدار النقص في الوزن مع تناول مثل هذه الأغذية. ولكن ذلك يرجع بشكل أكبر إلى فقدان السوائل من فقدان الأغذية المعادلة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاربوهيدرات. وتتحدث نتائج تقرير الإدارة أيضا عن تأثيرات ضارة محتملة على كثافة العظام ومشكلات تتعلق بالتغذية على المدى البعيد.

ومع أن هناك فوائد محتملة من استخدام نظام متزن بروتيني كاربوهيدراتي في غذائنا، إلا أننا نحتاج إلى عمل مزيد من الدراسات على المدى البعيد.

وتقول رئيسة المجموعة ديمبنا بيرسون إنه يجب علينا أن نتوخى الحذر بالنسبة لإعطاء الناس وسائل بسيطة. إن المهم هو تناول غذاء متوازن يحتوي على الكاربوهيدرات. إن السبب الذي يفقد فيه الناس الوزن مع نظام اتكنز هو انهم يتوقفون عن أكل الأشياء التي اعتادوا عليها. إن الكُتان يجعل الناس لا يشعرون بالجوع. وتؤيد هذا الرأي ويندي دويل. «إن الذي يحدد نجاح نظام الحمية هو عدد السعرات التي تتناولها بالمقارنة مع عدد السعرات التي تستهلكها. ويزيد عدد السعرات في جرام الدهن والبروتين عن الكاربوهيدرات».

لربما يكون هذا هو صلب الموضوع. فلندع جانبا جميع الخلافات الطبية ونزوات الشهرة وحتى التوصيات الجادة لأصدقاء. وهناك نصيحة واحدة مفيدة: إذا ما أردت انقاص وزنك فتناول كميات قليلة من الطعام. إن هذا شيء سهل في الواقع... أليس كذلك؟

العدد 89 - الثلثاء 03 ديسمبر 2002م الموافق 28 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً