العدد 5363 - السبت 13 مايو 2017م الموافق 17 شعبان 1438هـ

وجه المنامة البحريني

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حين تزور قلب المنامة ليلاً تجده هادئاً حزيناً، وتجدها تعاني من الغربة أغلب لياليها وأيامها، إلا في أيامٍ وليالٍ معدودات على امتداد العام، حيث يعود لها أهلها فتأخذهم ويأخذونها بالأحضان.

ليلة الجمعة الأخيرة كانت من هذه الليالي القليلة التي تفرح فيها المدينة القديمة، بعد أن جلا عنها أغلب أهلها وتركوها تعاني الوحدة والوحشة مع الأغراب.

في الجمعة الأخيرة، كانت المنامة القديمة تحتفل بمناسبة النصف من شعبان، حيث عُلّقت الزينات ووزعت الحلويات، وفتحت البيوت القديمة أبوابها لاستقبال الأطفال في ملابسهم الجديدة.

كان الزحام شديداً، وأعداد السيارات على مداخلها أكثر بكثيرٍ من المعتاد، في ليالي الجمع الأخرى. كانت مناسبة فرح، استقبلت خلالها المساجد والمآتم روّادها، الذين جاءوا ليستمعوا للجلوات والأناشيد الدينية مما يحفل به التراث، حيث عمّت مظاهر الفرح والابتهاج التي كشفت ما يعمر القلوب من حب واطمئنان.

الجاليات التي تعيش في المنامة القديمة، وأغلبهم من الآسيويين من دول شبه القارة الثلاث، الهند وباكستان وبنغلاديش، كانوا حاضرين في هذه الاحتفالات، بعضهم يشارك في الخدمة، وبعضهم يتردد على المضائف مع أطفاله وبناته، وآخرون يتبادلون التحية مع سكّان هذه الأحياء الشعبية، في تعايشٍ وألفةٍ نادراً ما تجدها في دولٍ أخرى.

هذه الحالة، نجدها في مثل هذه المناسبة أيضاً، في المناطق الأخرى من البحرين، وسطاً أو شمالاً، شرقاً أو غرباً، مع غلبة العنصر المحلي، حيث لاتزال هذه المناطق تحتفظ بدرجة كبيرة، بترابطها وتماسكها الاجتماعي، وروحيتها وألفتها، وهذه جوهرةٌ يجب ألا يفرّط فيها الناس، في هذا الزمن الصعب. فالمشاركة في هذه المحافل والمنتديات الشعبية، وفي هذا الإحياء، إضافةً إلى جانبه الديني، من شأنه أن يقوّي العزائم ويعزّز إرادة الحياة، ويرسّخ الرغبة في التغلب على المصاعب والتحديات.

حضور هذه المجالس ليس ترفاً أو حاجةً زائدةً، بل هو ضرورة نفسية وروحية، لمصلحة المجتمع الذي يتعرّض لضغوط متواصلة، سياسية واقتصادية ومعيشية؛ وهو ضرورةٌ أيضاً من أجل تعزيز الهوية الوطنية التي تتعرّض للاستلاب، بعدما أصبح البحرينيون جميعاً مجرد أقليةٍ في بلادهم، وأصبحت نسبتهم دون الخمسين في المئة، في ظلّ سياسةٍ غير واعية، تؤدي إلى إغراق السوق بالأجانب، من دون ضوابط أو حدودٍ أو قيود.

في مثل هذه المناسبات، تستعيد المنامة روحها وألقها، ودفئها ومشاعرها، عاصمةً للبحرينيين، أما المناطق الأخرى، فالحركة فيها لا تقل وهَجاً وألقاً. تنتشر المضائف التي يعبّر فيها الناس بسجيتهم عن حبّهم وبساطتهم وانفتاحهم، وتُعمر المساجد بالرواد. يبادلونك التحيات ويستقبلونك بالبسمات، دلالة الألفة وانشراح الصدور.

على هامش هذه الاحتفالات الجميلة، تبرز ظواهر اجتماعية سلبية أيضاً، لعل أبرزها ميل بعض الشباب الصغار لاستخدام الدراجات النارية ليس في الشارع الرئيسي فحسب بل حتى في الطرقات الداخلية الضيقة، التي تزدحم بالمارة أو السيارات المتوقفة، وما يسببه ذلك من إزعاج ومضايقات للناس، وبالذات للأطفال والنساء. وهي ظواهر طارئة حريٌّ بمعالجتها بالحسنى، وخصوصاً أنها لا تليق بالمناسبة ولا تليق بهذه الفئة من الشباب.

عوداً على بدء، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، عطّر الله أيامكم بالخيرات، وأذهب عنكم الأحزان، وأدام عليكم الأفراح.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5363 - السبت 13 مايو 2017م الموافق 17 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 7:38 ص

      دراجه هوائية وأخرى ناريه
      قد لا تكون علاقة النار بالدراجتين محل نصب او محل رفع ، فكلتا الدراحتين على عجلتين. احداهما لقطع المسافات اسرع الأخرى أبطأ. فحوادث الدراجات الهوائية ليست كلها مميته ولا جميع حوادث الدراجات الناريه تاخذ صاحبها إلى الجنه. فلما الدراجه ناريه اذا?¿

    • زائر 12 | 6:27 ص

      زاءر 7 يبدو انك لاتعلم انه اكثر شعب البحرين من البحارنه وليس جزء من المنامه الى نهاية شارع البديع كله قرى بحارنه وسترة لوحدها تكفى والدير وعراد وسماهيج البحرين كلها قرى وساكنيها بحارنه يعنى نحن نمثل 75 بالمءة بحارنه يبدو انك جديد فى البحرين متباركين شيعة على بمو لد منقد البشريه

    • زائر 9 | 4:36 ص

      ادام الله الخير والبهجة على قلوب الجميع.

    • زائر 7 | 3:10 ص

      احترم ان لك طائفة مناسباتها التي تحتفل بها و لكن لا تعمم هذه المناسبات على جميع البحرينيين قول انها مناسبة طائفية يحتفل بها جزء من شعب البحرين و ليس جميع البحرينيين

    • زائر 16 زائر 7 | 8:04 ص

      احتفلوا بمناسبات اهل البيت احفاد النبي المختار وينرالمشكلة

    • زائر 17 زائر 7 | 2:27 م

      السيد تكلم عن البحرينيين كمواطنين وانت تتكلم عنهم كطائفيين. شتان بين الثرى والثريا. متى راح تنضجون؟ هذا هو التفكير الطائفي المغلق تماما.

    • زائر 6 | 2:07 ص

      أمس كنت في زيارة لبيت الطواش محمد خلف التراثي في قلب المنامة فريق الحمام ، لم اشاهد احد من اهل المنامة !!!
      بل طوفان من الاجاليات الاجنبية !! ، قبل 35 سنة كانت المنامة مختلة تماماً تضج بأهلها ،، الله يرحم زمان

    • زائر 4 | 1:27 ص

      للمظاهر الجميلة بالمنامة وجهان واحد أيجابي والثاني سلبي , فالجميل تعريف الاجانب بهذه الاحتفالات وهدايتهم أما السلبي فمزاحمة المواطن أينما يكون , الله يعودنا جميعا بألف خير وسلام ونطلب من الله الفرج لكل محتاج وجعلنا الله وأياكم من المستعدين للقاء شهر المغفرة والرحمة بمكارم الأخلاق والسلام.

    • زائر 2 | 12:32 ص

      والله يا سيد كلام بليغ ومبكى
      الله لعلى المنامة وأهلها الطيبين

    • زائر 1 | 10:50 م

      عيل تعال شوف الرفاع والحد وغيرها كيف هجرها أهلها ولايلتقي أحد مع أحد والأجانب من الجنسيات التي ذكرتها تارسة لدير وصاروا أبناء البلد وبن البلد أجنبي .

    • زائر 3 زائر 1 | 1:25 ص

      الحق على اهل تلك المناطق لماذا يتركون منازلهم؟ انه الجشع و عدم المسؤلية و الانتماء للمكان هم يأجرون مساكنهم للاجانب ثم يبكون على الوضع .

    • زائر 14 زائر 3 | 7:12 ص

      عيل وين إروحون البحرينيين اذا اهل المنامة طلعو منها واهل الحد طلعو منها واهل الرفاع طلعو منها .. اسافرون يعني

    • زائر 5 زائر 1 | 1:52 ص

      بالعكس اهل الحد بعدهم في ديرتهم

    • زائر 10 زائر 5 | 5:18 ص

      لو لم يكن هناك بعض المناسبات جليلة التي تجمع أهلها إليها لتستأنس بهم ويستأنسون بها لكانت المنامة مرحومة منذ زمن، لا ندري هل وحشتها بسبب هجرة أهلها أم بسبب سياسة جلب العمالة الأجنبية بلا حساب

    • زائر 8 زائر 5 | 6:37 ص

      آتمنه وآفرح

    • زائر 13 زائر 8 | 7:08 ص

      أيش تقول انت

اقرأ ايضاً