العدد 5364 - الأحد 14 مايو 2017م الموافق 18 شعبان 1438هـ

الفشل ليس خياراً... لنصنع عالماً لا يتداعى

لوك شانتبي

نائب رئيس مجلس الإدارة لشئون المبيعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة أسبن تك

بهدف إنشاء عالم لا ينهار تتوافر أمامنا فرصة ضخمة تقدر قيمتها بقرابة 20 مليار دولار في هذه الصناعة. ويجب على الشركات المصنعة الحصيفة أن تركز على الحد من الأعطال غير المخطط لها مع زيادة استغلال الأصول، إذ تمثل كلتا العمليتين أكبر الفرص للتحسين المالي في عمليات الإنتاج. وربما كان ألبرت أينشتاين يلمح إلى التصنيع الذكي عندما قال: «إذا كان لدي ساعة لحل مشكلة سأقضي 55 دقيقة للتفكير في المشكلة، وعندئذ يمكنني حلها في 5 دقائق».

تطور الصيانة

تطورت الصيانة في العقود الخمسة الماضية، كتطبيق لتقديم خدمة أفضل للصناعات التحويلية فيما يتعلق بالموثوقية والتوافر. ومع ذلك فإن التغيير وشيك، والأساليب الحالية من قبيل التعامل مع الأعطال أولاً بأول، وجداول الصيانة الدورية، والصيانة التي تستند إلى الاستخدام، والصيانة القائمة على الحالة وتلك القائمة على الموثوقية، لم تعد مثالية إلى ذلك الحد. فلا يزال هناك تحديان رئيسيان. أولاً على الرغم من التعقيد المتزايد لمبادرات الصيانة، فإننا لا نجد علماً دقيقاً بوسعه أن يحدد مواعيد إجراء عمليات التفتيش وخدمة الآلات. وثانياً تركز منهجيات الصيانة الحالية على التلف الناتج عن الاستعمال المعقول (الاهتلاك) باعتباره السبب الرئيسي للعطل. وهو الأمر الذي يتجاهل حرفياً حقيقة أن 80 في المئة من الإهلاك والأعطال في المعدات الميكانيكية ناجم عن العمليات. وعززت شركة بوينج هذا الرأي، وهي شركة لا يستهان بها عند الحديث عن الصيانة القائمة على الموثوقية. إذ تعترف بوينغ بأن ما يصل إلى 85 في المئة من جميع أعطال الآلات والمعدات يحدث عشوائياً، بغض النظر عن مدى تواتر عمليات الفحص والخدمة.

بينما ينوه بيتر رينولدز، محلل ARC، إلى أن «الحل الذي يعتمد على الدلائل يتحقق عندما تكون هناك معرفة سليمة بآليات الأعطال التي من المحتمل أن تسبب التدهور الذي يؤدي إلى فشل حتمي للنظام».

ومع ذلك يقول واقع الصناعة اليوم أنه من أجل تحقيق أقصى قدر من الربحية، فإنه ينبغي للعمليات أن تكون قرب الحدود الرئيسية ما أمكن ذلك. وهو الأمر الذي يمكن أن يكون ضاراً، إذ سرعان ما تهتم العمليات بنقطة تشغيلية غير مرغوب فيها، مما يتسبب في إهلاك وأعطال في تلك النقطة. ويعني هذا ضرورة أن تتخذ قرارات الصيانة من خلال فهم أفضل للتأثير على الأصول والعملية برمتها. فهناك حاجة إلى جيل جديد من القدرات التحليلية لتوفير رؤى أعمق للأصول والعمليات والتفاعل بينها. وفي حين يحتاج المشغلون إلى حلول تنبؤية بغية التنبيه إلى وجود مشكلة وشيكة، ينبغي للبرنامج أن يمتلك المقدرة على توجيههم بعيداً عن المشكلات من خلال أسلوب التوجيه الوصفي. وهذا يتطلب امتلاك مزود الحلول لخبرة عميقة، مع القدرة على استخراج البيانات من أنظمة التصميم والإنتاج والصيانة.

الجيل التالي من إدارة أداء الأصول

ومن منظور أوسع، لاحظت ماكينزي وشركاه أن بوسع «طرق وتحليلات جديدة تماماً وبأسعار معقولة في مجال التصنيع -بحيث توفر سهولة الوصول إلى البيانات من مصادر البيانات المتعددة، جنباً إلى جنب مع خوارزميات النمذجة المتقدمة ونهج وضع تصور سهل الاستخدام- أن تزود الشركات المصنعة بطرق جديدة للسيطرة وتحسين جميع العمليات في جميع أنحاء عملياتها بأكملها».

كما تبلور مجموعة أرك للأبحاث هذا الرأي: «مع استراتيجية جيدة للتدابير الوقائية، تصبح مجموعات العمليات والصيانة أكثر تعاوناً، ويمكنها تبادل المعلومات لإدارة القضايا الحرجة والقيود التشغيلية، مع تحسين الأداء التشغيلي بوجه عام. فمن شأن جمع المعلومات من حلول تشغيل وصيانة متفرقة أن يحسن من فعالية كلا المجالين، ويوفر فرصاً جديدة لإدارة المخاطر وتحسين الأداء».

وفي خطوة نحو مستقبل التصنيع، يطبق APM 2.0 التحليلات المتقدمة التي تتنبأ بالمشكلات وتحدد الإجراءات اللازمة لينفذها المشغل. ومع نظرة شاملة للعمليات والأصول، فإن برمجيات APM من آسبن تجمع بين تحليلات الأصول، ونمذجة الموثوقية والتعلم الآلي بغية التحليل والفهم والتوجيه. وتتيح مبادئ تحليل البيانات وعلوم البيانات وضع استراتيجية الموثوقية، والتي تشمل التعلم الآلي. ولأنه تكنولوجيا تحليل تنبؤي مهيمنة في عالم تكنولوجيا المعلومات اليوم، فإن التعلم الآلي على أصول التصنيع يتطلب معرفة بمجال معين من العمليات الكيميائية والأصول الميكانيكية وممارسات الصيانة، وما إلى ذلك.

ولتحقيق طفرة صناعية، يحتاج تعلم الآلة لتفسير وإدارة بيانات الاستشعار والصيانة المعقدة المعضلة. وفي نهاية المطاف، يمكنه تحديد ظروف وأنماط التشغيل التي يمكن أن يكون لها تأثير ضار على الأصول من خلال الإحاطة بأنماط العمليات ودمجها مع معلومات الأعطال. وتوافق شركة ليونديل باسيل، وهي واحدة من أكبر شركات البلاستيك والكيماويات والتكرير في العالم، على أن بوسع APM أن يحقق قيمة كبيرة: «برنامج آسبن تك الجديد لتحليل الأصول يحتوي على مجموعة فريدة من تقنيات النمذجة والبيانات. ومن شأن الاستفادة من التبصر في العمليات المتاحة في هذا البرنامج الواعد أن يمكننا من العمل عند أقرب نقطة ممكنة من ذلك الحد الحقيقي. وبالنسبة لوحدة أوليفينات على مستوى عالمي، فإن قيمة ما نتحدث عنه هنا تصل إلى ملايين الدولارات سنوياً».

نظام ناجح تأخر كثيراً

في حين يمكن للتحليلات التنبؤية أن تقلل من حالات العطل، إلا إن الخلل نادراً ما يقع في معزل. فالحقيقة أن عشرات من مشكلات الموثوقية والعمليات والأصول تحدث في الآن نفسه. ويطرح ذلك مشكلة نظامية بالنسبة إلى RCM، وهو نهج صيانة حالي يجري تقييمات ثابتة، عن طريق تأخير عملية اتخاذ القرار. وعلى هذا النحو، يلزم إجراء تقييم ديناميكي، إذ يتعين تقييم التحذيرات الجديدة إلى جانب الظروف النشطة الأخرى لتحديد الأولويات وتخصيص الموارد. ومع ذلك لا يمكننا معالجة كل شيء دفعة واحدة. إن النظام الناجح ضرورة لمعالجة المشاكل وتحديد أولوياتها، وفقاً لمستوى المخاطر التي تمثلها. ومع برنامج APN من آسبن، يؤدي كل إنذار جديد إلى إعادة حساب للمخاطر لضمان أن يتم استخدام أحدث تقييم.

ومع ذلك تحتاج الشركات حتى تنجح إلى اعتماد نهج شامل عند تنفيذه. فهي أولاً تحتاج إلى التعريف الواضح بأهدافها، وهذا يساعد في حل المشكلة بشكل فعال. وثانياً من الضروري للشركات أن تتبنى عالمها القائم على البيانات. وعليها ثالثاً أن تفرق بين المؤشرات المعوقة وتلك المساعدة، وكذلك كيفية التجاوب معها. ونجد رابعاً أن المزيج الصحيح من الأفراد والتكنولوجيا والاستراتيجية والحلول أمر ضروري - جنباً إلى جنب مع استخدام دراسات الحالة ذات الصلة. وخامساً تحتاج الشركات إلى استثمار الوقت وإتقان التكنولوجيا بشكل جيد. ويجب عليها سادساً، أن توائم بين برنامج التحليلات المعتمد وأهداف العمل. ولا بد للشركات. سابعاً أن تستخدم البرمجيات والأجهزة المناسبة لحل المشاكل. وثامناً على الشركات التنفيذ الجيد غير المتواني. فحينما يكون التميز التشغيلي والربحية على المحك، فمن الضروري أن تنجح الشركات في تطوير أفضل استراتيجية لأداء الأصول.

وتبقى حقيقة أن الفشل ليس خياراً، حينما تكون الغاية هي صنع عالم صلب لا يتداعى.

إقرأ أيضا لـ "لوك شانتبي"

العدد 5364 - الأحد 14 مايو 2017م الموافق 18 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً