العدد 5365 - الإثنين 15 مايو 2017م الموافق 19 شعبان 1438هـ

إيران... و«سيرة نور الآريين» للموسوي

عقيل الموسوي
عقيل الموسوي

فضيلة الموسوي – شاعرة وكاتبة بحرينية 

تحديث: 16 مايو 2017

صدرت عن دار الفارابي رواية للكاتب البحريني عقيل الموسوي بعنوان «أريامهر نامه: سيرة نور الآريين». وهي أول عمل أدبي للكاتب الذي يهتم بالثقافة الإيرانية خصوصاً.

رواية كتبت ببالغ الشغف والإعجاب بتاريخ إيران الممتد من قبل ظهور الإسلام، ودول فارس الإخمينية، والساسانية عبر ديانتهم القديمة: الزرادشتية. يقف الموسوي على إرث فارس، ينظفه بفرشاة تنقيب الآثار، ويزيل عنه تراكمات تكلّست على رموزها القديمة في الدروع. تأنى في وصف تلك الرموز ودلائلها بفن وحرفية عالية. رموزٌ كلما عرج عليها زمن ما، أو دين أو سلالة حاكمة، تطورت لتلائم كل جديد.

يتداخل في الرواية زمن معاصر للربيع العربي يقف فيه الموسوي كمحاضر يقارن بين ثورات العرب والفرس. ويشرح بموضوعية منقطعة النظير لتاريخ الدولة البهلوية القومية الايرانية، وكيف انتصرت الهوية القومية على الدينية في وعي متفرد للإيرانيين. لم يفته أمر وهو يقوم بمسح دقيق على زمن الشاه البهلوي المخلوع، والارهاصات التي حدثت في تلك الفترة مثل تأميم النفط، وحكومة مصدّق المنتخبة والانقلاب عليها، وتورّط إيران في الحربين العالميتين الأولى والثانية بسبب موقعها الجغرافي.

تخصص الرواية قسماً مهماً لمغامرات الشاه لإنجاب ولي العهد، ومروره بزوجات ثلاث: فوزية وثريا وفرح. فرح بهلوي التي أنجبت ولي العهد وتسميها الرواية بلقبها الملكي «الشاهبانو». وتأخذ الرواية منحى مشوّقاً حين يتواصل (الراوي) بـ «الشاهبانو» بالإيميل، ثم يلتقيان في باريس. تستمر اللقاءات وتكثر أسئلة تستفز «الشاهبانو». يقول المؤلف: «روايتي حرّكت فيها مشاعر مختلطة فأغضبتها، وأبهجتها، واستفزتها، وآلمتها، وأبكتها».

ثمة فصل مثير ووافر يشرِّح الماسونية العالمية وتأثيرها على الماسونية الإيرانية التي كانت إحدى أهم أسباب معارضة المؤسسة الدينية المحافظة، والتي أدّت في نهاية الأمر إلى قيام الثورة الإسلامية.

تتوافر لقارئ هذه الرواية موسوعة لتاريخ إيران. إيران الحوزة متمثلة في مشهد وقُم، إيران الدولة الصفوية والحالة الصوفية العرفانية، وإيران البهلوية والعلمانية ذات التوجه الماسوني المشبوه، وإيران وشاهها حين مارس دور شرطي الخليج، ثم أخيراً إيران الثورة وقيام الجمهورية الاسلامية.

ربما أجمل ما في الرواية أن كل ذلك البحث المضني جاء من راوٍ عربي وليس إيرانياً. وعلى رغم ذلك، راح يسرد التاريخ كما كتبه الإيرانيون أنفسهم وليس كما كتبته الأمم التي نازعتهم أو انتصرت عليهم. ولا يخفي الكاتب أساس منطلقاته، ويبدو ذلك واضحاً من خطوط الغلاف التي جاءت بخط فارسي، ثم العنوان «أريامهر نامه» وهي كلمة فارسية تعني: سيرة نور الآريين. وأيضا هناك الرموز التي كانت تراث فارس الذي استقوى بها الشاه لبناء دولته، وقد وقفت على رقعة شطرنج تحركها الأزمنة والأديان والأهواء. يصف الشاه دوره في دولته: «لست إلا آرياً نسجتني الأيام في السجادة الإيرانية التي تتفرع منها بقية النقوش والخطوط والألوان» ولذا كان يحلو للشاه استخدام «أريامهر: نور الآريين» لقباً ملكياً.

الرواية آسرة، سلسة، جذابة، لم يفلت منها عنصر التشويق الذي يحبس أنفاس القارئ حتى آخر الصفحات وهو يواصل لهفته في لذة المعرفة، والغور عميقاً في عالم غير مطروق. هي رواية يتوافر فيها من شروط الإبداع ما يجعلها بحق ممتعة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً