العدد 5368 - الخميس 18 مايو 2017م الموافق 22 شعبان 1438هـ

تفكيري الزائد... هل هو مرض؟

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

كثيراً ما كتبت عن أهمية النظر للأمور بنظرة عقلانية ومحاولة مقاومة الكثير من الأفكار والمشاعر السلبية، والتي من الممكن أن تكون طريقا سهلا للاضطرابات والأمراض النفسية مثل الاكتئاب والوسواس، كتبت كل ذلك وانا في وضعي المعتاد، ولكني اليوم أكتب وانا في وضع صحي ضاغط، جعلني لا أتوقف عن التفكير في حالاتي الصحية وتبعاتها وخاصة على ابنتي وأسرتي، وهذا ما جعلني أفكر في كتابة هذا المقال، فهل وصل تفكيري الزائد لحالة المرض، لعل أول طريقة لي لمقاومته بطريقتي السيكولوجية هو عدم الاستسلام له ومحاولة الكتابة كالمعتاد.

فهل صحيح أن هناك مرضا اسمه التفكير الزائد. حقيقة وبصورة علمية لا يوجد ما يسمى «مرض التفكير الزائد»، بل هو مرحلة ما قبل الاكتئاب أو الوسواس القهري أو القلق، والتي من الممكن أن تصيب أي شخص باختلاف مستواه العلمي أو الأسري أو الاقتصادي.

التفكير الزائد عادة يأتي عندما تطاردنا فكرة معينة ونحتاج للوصول إلى قرار معين حولها لنجد أنفسنا نقوم بالآتي: التحليل الزائد للفكرة، مناقشة مع الذات حول كيفية الوصول للقرار السليم، وربما طرح عدة حلول للوصول لما تريد. ثم يدخل الفرد بعد ذلك في مرحلة التشكيك في الحلول المطروحة ومراجعة كل حل ونتائجه على حدة.

المشكله الكبرى التي تنتج من التفكير الزائد هو أنه يدخلك في حلقة لا متناهية من التفكير في أمور فرعية، تبعد كل البعد عن المشكلة الأصلية، وقد تصيبك بالاكتئاب والقلق الدائم.

ولنتكلم في الحلول والتي احاول شخصيا تطبيقها في الفتره الحالية، وهي خلق الوعي، حيث ان من الطبيعي ان يأخذنا التفكيرالزائد الى دائرة التفكير السلبي، ولهذا من المهم أن نعي ماهية الافكار التي تدور في وعينا حتى يتم السيطرة عليها، ولعل اول خطوة هي كتابة هذه الافكار ورصدها، كما أن التحدث الى شخص موثوق به ومشاركته هذه الافكار وجعلة كالمنبه والمدرب لك يساعد في ايقاف هذه الدائرة.

كما ان الاستعانة بالتمارين الرياضية تعمل على زيادة هرمون الاندروفين والسيرتونين اللذين يقللان أعراض القلق والاكتئاب، كذلك من اهم الخطوات هو تحديد وقت سواء نص ساعة او ساعتين لاتخاذ القرار، فكثيرا ما يأتي التفكير الزائد من العجز عن اتخاذ قرار، سواء طريقة علاج معينة او عرض وظيفي، لهذا فان تحديد وقت والتفكير بجميع جوانب الموضوع هو امر مهم يحد من التفكير الزائد.

كما ان من أكثر الطرق نجاحا تدريب العقل على الانتباه المتعمد، وهو ما يستخدم في العلاج المعرفي، واعتقد أنه نجح معي في هذه الفترة، وهو التركيز على الفترة الحاضرة بغض النظر عما سيحدث في المستقبل.

إن القدرة على التفكير هي نعمة من نعم الله على الانسان، والتي تمكنه من العمل بالافكار والمفاهيم، فالتفكير يؤدي الى المنطقية والحكمة في اتخاذ القرار، ولكن كما يقال في الامثال «كل شي يزيد عن حده ينقلب ضده».


# فاطمة_السيكولجست: إذا شعرت بأن سفينتك تغرق، فقد يكون هذا هو الوقت المناسب للتخلُّص من الأشياء غير الضرورية التي تُثقلها.

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 5368 - الخميس 18 مايو 2017م الموافق 22 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً