العدد 5369 - الجمعة 19 مايو 2017م الموافق 23 شعبان 1438هـ

الباحث عمر الشهابي: الطائفية لم تكن المفسر الرئيسي للأحداث قبل العام 1900

حدد عاملين غذيا نمو الإثنوطائفية كمحرك

وثيقة قرارات المؤتمر الوطني البحراني في العام 1923
وثيقة قرارات المؤتمر الوطني البحراني في العام 1923

من بين العديد من الوثائق والصفحات المصورة، استعرض الباحث عمر هشام الشهابي في محاضرة بعنوان «تاريخ تسييس الطائفة في البحرين» وثيقة من المكتبة البريطانية بخط اليد عنوانها «قرارات المؤتمر الوطني البحراني» موقعة بتاريخ 29 أكتوبر تشرين الأول من العام 1923 وفيها مطالب أعيان ورؤساء عشائر وعلماء وتجار يمثلون أهالي البحرين.

مطالب بوسائل مشروعة

وجاء في الوثيقة «اننا على ثقة تامة من أن بريطانيا عادلة منصقة لا ترضى بإهانة شعب مسالم، ولا تسلم بما أجراه الميجر ديلي من نقض ما بيننا وبينها من اتفاق ومعاهدة، حيث أنه لا سبيل إلى رجوع الحق إلى نصابه إلا بإعلان مطالبنا والثبات عليها حتى تتحقق»، واحتوت الوثيقة على 6 مطالب منها: استمرار حاكمنا وأميرنا الشيخ عيسى في مباشرة الأمور الداخلية كما كان سابقًا بدون مداخلة القنصل مع المحافظة على ما بيننا وبين بريطانيا من الروابط الودية بغير زيادة أو نقصان، فيما تنوعت المطالب الخمسة الباقية بين اعتماد الأحكام بحسب الشرع الإسلامي، ومجلس شورى ينظر في مصالح البلاد، وتأليف هيئة محكمة من 4 أشخاص للنظر في دعاوى الغوص، ووقف القنصل عند نص الاتفاق الذي بين الحكومة البريطانية وحكومة البحرين، والنقطة السادسة هي انتخاب 12 شخصًا للقيام بهذا الأمر والمطالبة بتحقيقها بكل الوسائل المشروعة.

لم يكن التيار الديني موجوداً

وضمن فعاليات الموسم الثقافي الثالث والستين لجمعية تاريخ وآثار البحرين، تناول الباحث عمر هشام الشهابي، وهو مدير مركز الخليج لسياسات التنمية في دولة الكويت، ومحاضر في الاقتصاد السياسي في جامعة الخليج بالكويت ومحاضر في كلية أوكسفورد الجامعية، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد، وعمل في البنك وصندوق النقد الدوليين وشركة (مكنزي)، تحدث مساء الأربعاء (19 مايو آيار 2017) عن تسييس الطائفة في البحرين قبل العام 1900، منوهًا إلى أن حديثه عن الإثنوطائفية أو الطائفية بشكل عام لأنها تأخذ بعدًا سياسيًا وتصبح هي المحدد الرئيسي للأحداث في البلاد وتفسرها، إلا أنه أشار إلى نقطة مهمة وهي أنه قبل ذلك العام لم يكن هناك التيار الديني الذي يحرك السياسة دينيًا، إنما حدث تطور جذري ارتبط بالحداثة وبناء الدولة.

ويوضح أكثر بالقول «عندما قرأت بعض الكتب التي ألفت في تلك الفترة مثل «قلائد النحرين في تاريخ البحرين» لناصر الخيري و»عقد اللآل في تاريخ أوال» لمحمد علي التاجر، و»ملوك العرب» لأمين الريحاني و»التحفة النبهانية» وهي كتب تناولت أحداثًا قبل العام 1900، بدا واضحًا أن السرد السياسي يركز على قصص الحكام والغزوات والقبائل وخلافاتها، ومناورات بين امبراطوريات وبعض العوائل الحاكمة والاقتتال الداخلي، وقد تجد بعض التلميحات للطائفية والإثنية لكنها ليست هي المفسر الرئيسي لتلك الأحداث.

المحرق والمنامة آنذاك

وحدد عاملين رئيسيين غذيا نمو الإثنوطائفية كمحرك أساسي للوضع السياسي في البحرين؛ الأول هو التركيبة الاقتصادية الاجتماعية في البحرين والتي طرأت في القرن التاسع عشر والتغيرات التي شهدتها، والثاني هو العلاقة مع الاستعمار البريطاني. فمثلما نعرف حدثت تغيرات كثيرة في ذلك القرن الذي أسماه إيريك هوبزباوم (عصر رأس المال) في كتابه الذي حمل ذات العنوان، وعرض فيه تحولات الحياة الأوروبية بين عامي 1789 و1848، حيث حصل فيه نمو اقتصادي كبير كالثورة الصناعية التي دخلت أوجها في هذا العصر، وكان لها تأثيراتها في الخليج حيث كانت الطبقة الثرية الجديدة تريد لبس اللؤلؤ وبهذا شهدنا قفزة اقتصادية كبيرة، وكان المركز الرئيسي لتجارة اللؤلؤ في الخليج هي البحرين، وكان لذلك انعكاسات كبيرة على البلد، ثم أن هناك تطورات تكنولوجية غيرت الوضع من ستينيات القرن (التاسع عشر)، حيث بدأت البواخر البريطانية تصل إلى البحرين والخليج العربي وأصبحت البحرين البحرين جزءًا من تجارة المحيط الهندي والإمبراطورية البريطانية، وانعكس ذلك على نمو البحرين وتحديدًا على مدينتي المحرق والمنامة، وتحولت المحرق إلى عاصمة اللؤلؤ في الخليج والعالم لأن سفن اللؤلؤ ترسو بها، فيما أصبحت المنامة العاصمة التجارية وترسو فيها البواخر البريطانية، وبالعودة إلى العام 1860 فقد كان تعداد سكان المنامة حوالي 8 آلاف نسمة قفز إلى حوالي 25 ألف في العام 1904، وشهدت حركة تجارة نشطة وتطورا مدنيا، لكن كان هناك بيروقراطية بسيطة كالاعتماد على الشيخ وأمير السوق والفداوية ولم تكن هناك ضرائب كبيرة.

دور اجتماعي وسياسي

إلا أن المحاضر الشهابي يشير إلى أنه ما بعد العام 1900 أصبح كل شيء يفسر تحت الاثنية والطائفة، ومع أن الطائفية والإثنية كان لها الدور الاجتماعي والسياسي، وكانت هناك صور للتفرقة والمعاملة الدونية، لكن أقول أننا لا نستطيع قراءة ما قبل ذلك العام من باب الإثنوطائفية التي جاءت كمحرك رئيسي للسياسة بعد هذه الفترة، وهذا الجانب أشار إليه الباحث نادر كاظم في كتابه (استعمالات الذاكرة) بقوله ان الاستنتاج الذي نخلص إليه من هذه الشواهد التاريخية (قبل القرن العشرين) أنه لم يكن هناك مطابقة تاريخية بين الطائفة والموقف السياسي في البحرين)، موضحًا الشهابي «بل أنا أزيد وأقول ان قراءة المشهد أساسًا عبر الإثنية والطائفة لا يفي كثيرًا في فهم تلك المرحلة، فلم تكن الطائفة هي الطريقة التي يتم فيها التحشيد السياسي».

المحاضر عمر هشام الشهابي
المحاضر عمر هشام الشهابي

العدد 5369 - الجمعة 19 مايو 2017م الموافق 23 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:19 ص

      للتوضيح الدكتور عمر هو ابن المرحوم المهندس هشام عبدالملك الشهابي الرئيس السابق لجمعية المهندسين البحرينية وكان رئيساً سابقاً لاتحاد المهندسين العرب، ونائب رئيس الاتحاد العالمي للمنظمات الهندسية، و العضو المؤسس بجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد).. رحمه الله كان شخصا مهذبا خلوقا همه الوطن اولا واخيرا ولم ينجرف وراء المظاهر الكاذبة او الطائفية البغبضة رحمه الله

    • زائر 2 | 11:54 م

      مبدع الدكتور

    • زائر 5 زائر 2 | 4:42 م

      فعلا مبدع الدكتور عمر شخصية بحرينية أصيلة
      البحث رائع وأسلوب الصحفي سعيد محمد غاية في النقل والمعالجة الممتعة
      شكرا للوسط وشكرا لجمعية تاريخ وآثار البحرين

اقرأ ايضاً