العدد 5378 - الأحد 28 مايو 2017م الموافق 02 رمضان 1438هـ

(رسالة مواطن) ..."خصومات لول" بريئة كبراءة أصحابها لكن "خصومات الحاضر" أكثر فتكاً بأهلها ..هل نتعظ بشهر رمضان؟

شهر رمضان من الأشهر التي حرّم الله فيها أي سلوكي عدائي بينك وبين نفسك وبين أهلك، كزوجتك وأبنائك وذويك. التصالح والتصافي مع الله في مقدمة الأمور وأعظمها، وذلك بنية عقد جديد وتوبة جدية جديدة لا نقض فيها ولا تزييف ولا خداع ولا تدليس، وهو شهر لتصفية النفوس والنيات. في السابق كنا نشاهد أو نسمع عن خصومات من حولنا وإن كانت بسيطة كثقب الأبرة، لكن تكبر لتصبح بحجم القبة وتكثر في شهر رمضان! والسبب الجهل المركب المعشش في ما يسمونهم وكالات الأنباء (نسوان الفريق)!
أتعرفون الأسباب؟ منها إحدى النساء لم ينتابها صحن الهريس في ذلك اليوم من جارتها على رغم أن السبب تبيّن فيما بعد أن الهريسة خلصت، أو إحداهن تدّعي أن جارتها تارة تلقي التحية من بعيد وتارة لا تلقيها، ثم تبيّن أنها ضعيفة النظر. وكما تعرفون لا توجد في ذلك الزمن تلك التقنية كالعدسات اللاصقة أو وسائل العلاجات الحديثة كما هي اليوم نعيشها، حيث تبقى الخصومة قائمةً حتى تكبر لتصبح كرة الثلج أو تتكسر الأبواب ليقوم حكيم العائلة بالمصالحة.
اليوم مع التبصر الفكري ونمو العلاقات ووفرة وسائل الاتصالات الحديثة، ظهرت خصومة حديثة أيضاً عن ذي قبل، تعرف (بالجفاف) الخلقي أي الخصومة البيضاء، حيث تخلو الزيارات والارتباطات بين الأسر وتنتقل وتكثر بين الزوجين أو بين الأصول والفروع، حيث يمر شهر أو أكثر دون أن يبادر أخٌ بالإتصال بأخيه أو يزوره في بيته أو على الأقل يرسل بطاقة رمضانية أو عيدية بـ"الواتس أب"، بينما تجد معه علاقات أخوية يومية وصفحات من "الواتس أب" حتى تنهي بطارياتهما كل يوم.
أحد الأصدقاء يروي لي أنه يعرف إخوةً لا يعرف أحدهم الآخر إلا في الأحزان، حين يفقدون قريباً من أقاربهم، فيلبسون لباس الحزن الأسود، ويتظاهرون بالحزن، فيصطفون صفوفاً في مكان التعزية مكونين حرف u لكن "تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى"، وحينما تنقضي أيام التعزية، يفترقون ويرجعون إلى بيوتهم كالغرباء.
"رسالة مواطن" أوجّهها لأصحاب القلوب القاسية الجافة المتنافرة، وأخص بها الأشقاء من لحم ودم واحد، وأقولها بوضوح: إن الصيام شهر تقربٍ إلى الله تعالى، ولن يقربكم إليه ولن ينفعكم جوعكم وعطشكم، مادامت نياتكم غير متصافية، ومادمتم متعادين خصماء متفرقين فيما بينكم كأخوة يوسف (ع). فلتكن لكم في شهر الله فرصة في الصيام كي يذيب الخصومة، ويبعد التنافر، ويقتلع الأسنان الحادة التي تنهش في لحومكم.
إنها فرصة لتقوي العلاقات الأخوية، وتقرّب المياه الساخنة بينكم، فمجالس الذكر في هذه الليالي لا تحلو من دونكم ومن دون جمعتكم وترابطكم. عودوا كما كنتم رحماء أوداء فيما بينكم، واطردوا الشيطان الرجيم، وتواسوا بالصراط المستقيم، وإلا كم من صائم ليس له إلا الجوع والعطش.

مهدي خليل




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً