العدد 5380 - الثلثاء 30 مايو 2017م الموافق 04 رمضان 1438هـ

تقاعس وزارة

حسين مدن comments [at] alwasatnews.com

ناشط اجتماعي ورئيس صندوق جرداب الخيري السابق

يُذكر بأن الأقوال أكثر جرأة من الأفعال، ويُذكر أيضاً أننا كعرب نَكْرَهُ القول بلا فعل، ونَمقُتُ الوعد بلا تنفيذ.

ألا يحق لنا، إذن، أن نتفاءل بعد أن أَفرَحَ صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر قادة الجمعيات الخيرية في مملكة البحرين، بتوجيهاته السامية والقيمة، والتي جاءت في وقتها، بشأن سرعة تنفيذ طلبات الجمعيات الخيرية، للحصول على رخص جمع المال وخاصة قبل شهر رمضان المبارك؟

نُشرت دراسة حديثة في إحدى الصحف المحلية في 6 مايو/ أيار العام 2017م، مصدرها الجمعيات الخيرية في البحرين، عن مشكلة تصاريح جمع المال. بعدها بيومين فقط، أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مشكورة، تصريحاً في 8 مايو عن توجيهات لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، يوجه فيها الجهات المختصة وبالحرف الواحد؛ « بتعجيل الإجراءات التي تكفل قيام الجمعيات الخيرية بدورها في تقديم خدماتها الخيرية وبخاصة في شهر رمضان المبارك، مع التشديد على الالتزام بالقوانين والأنظمة التي تنظم الأموال والتبرعات». أليست هذه تعليمات واضحة لهذه الجهات بالعمل على سرعة إتمام الإجراءات اللازمة للطلبات المتأخرة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وخاصة قبل شهر رمضان، شهر الله؟

كان لهذه التعليمات من سموه صدى طيب وواسع لدى رجال الخير المتطوعين في هذه الجمعيات، كونها ستخفف عليهم الكثير من الجهد والتعب في متابعة عملية إصدار رخصهم لجمع المال المتأخرة لدى الوزارة، والبدء في استخدامها والاستفادة منها في هذا الشهر الكريم لخدمة عوائلهم الفقيرة المتعففة.

انتظر إداريو الجمعيات بعض الوقت لتصل هذه التوجيهات للوزارة المعنية لتنفيذها، إلا أنه خاب ظنهم، وبدلاً عن ذلك، توالت رسائل الرفض لطلباتهم التي تقدموا بها للوزارة وكالعادة بدون إعطاء سبب لذلك الرفض. كأنك «يا بو زيد ما غزيت».

لنعطي مثالاً فقط عن إحدى الجمعيات الخيرية الصغيرة العاملة ضمن المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، والملتزمة بقرارات وأنظمة جمع المال من بداية صدورها، والمتعاونة مع الوزارة في كل تعاملاتها. تقدمت هذه الجمعية بطلب رخصة لجمع المال في يونيو/ حزيران العام 2014م فَرُفض طلبها بدون سبب. تقدمت مرة أخرى في مايو 2016م فرفض هذا الطلب أيضاً وبدون سبب. أعادت طلبها للمرة الثالثة في يناير/ كانون الثاني العام 2017م فرفض هذا الطلب أيضاً وبدون سبب. تقدمت بالطلب الرابع في أبريل/ نيسان من هذا العام فجاء رفض الطلب سريعاً أيضاً وبدون معرفة السبب، وخاصة أن هذا الرفض جاء بعد أن صدرت التوجيهات الأخيرة من صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر. لاتزال الجمعية الآن تنتظر رد الوزارة على طلبها الخامس الذي تقدمت به في أبريل أيضاً بعد رفض طلباتها الأربعة! أبَعدَ كل ذلك، هل تستطيع الوزارة أن تتشدق بمساعدتها للجمعيات الخيرية في الوقت الذي تعمل على إعاقة عملها وتجفيف منابع دخلها؟ هل هذا هو ما تستحقه الجمعيات الخيرية التي تدعم استراتيجيات الدولة وتزيح عن كاهلها عبئاً كبيراً يتمثل في رعاية الأسر الفقيرة المتعففة بالنيابة وخدمة المجتمع وتنميته المستدامة؟

لاتزال الجمعيات الخيرية حتى كتابة هذا المقال وحلول الشهر الفضيل، تستلم رسائل رفض عن طلباتها المستوفية البيانات التي بعثتها وتبعثها للوزارة. وإذا صحت إحصائية الوزارة التي أصدرتها حديثاً عن أن عدد التراخيص الصادرة خلال الفترة حتى شهر رمضان المبارك ومنذ بداية عام 2017م وصل عددها إلى 54 ترخيصاً فقط من 580 منظمة أهلية تقريباً، فإن ذلك يعتبر «مذبحة» للجمعيات، أي أن ذلك يمثل نحو 9 في المئة فقط من مجمل المنظمات الأهلية وليس الجمعيات الخيرية فقط. خاصة أن هذه الفترة تتضمن فترة شهر رمضان المبارك الذي تنشط فيه الجمعيات في طلب تراخيص لجمع المال لجمعياتهم.

طالبت الجمعيات الخيرية بحل دائم لهذه المشكلة على أساس أن جمع المال هو أصلاً من صميم عملها، ولكنها في نفس الوقت تحاول الاستفادة من أي بصيص أمل ينقذها، ومنها أهمية تعجيل إصدار الرخص في هذا الشهر الفضيل حيث إنها فترة مهمة لجمع المال واستلام تبرعات المحسنين لإيصالها لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين.

تعلم الوزارة بالطبع عن مقدار الضرر الكبير الذي لحق بالجمعيات وبمواردها المادية، وهذه الجمعية كمثال، حيث لا تستطيع جمع المال لكونها لا تملك ترخيصاً، كما ألزمتها الوزارة بذلك. تقع هذه الجمعيات الخيرية جميعها تحت مظلة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وهي المسئولة عنها مباشرة. أليس من مهماتها متابعة أمور هذه الجمعيات والتنسيق بينها وبين أية جهة حكومية مختصة أخرى لها علاقة غير مباشرة بهذه التراخيص؟ أليس من مهماتها أيضاً أن تكون وسيطاً فاعلاً وصادقاً ومدافعاً بجد عن حق هذه الجمعيات في حماية دخلها الذي تعتمد عليه من أية ضغوطات أخرى غير واقعية؟ أليس من واجبها، على أقل تقدير، تنفيذ توجيهات صاحب السمو الملكي الذي أثلج بها صدور هذه الجمعيات في بداية هذا الشهر؟ فلماذا لم تمتثل الوزارة وتتجاوب مع هذه التوجيهات السامية؟ فأي تقاعس أكثر من هذا؟

إقرأ أيضا لـ "حسين مدن"

العدد 5380 - الثلثاء 30 مايو 2017م الموافق 04 رمضان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:57 ص

      المستعان بالله

    • زائر 4 | 5:54 ص

      من أمن العقوبة أساء الأدب ، الوزارة ليس عليها رقيب وتصرفاتها بدون خجول أو مهابه .
      فعلى الجمعيات الصبر والبلاء لا يدوم

    • زائر 3 | 2:39 ص

      ويريدون نصدقهم إن تراخيص جمع أموال الخمس ومعرفة مصادرها بيتم بطريقة كلش سلسة.. واضحة لعبتكم

    • زائر 2 | 2:22 ص

      الوزارة تقول انها لاحول لها ولاقوة في هذا الموضوع وربما الحكومة ايضا لاحول لها ولاقوة فإلى أين المشتكى يوجه الخطاب ياكرام

    • زائر 1 | 1:29 ص

      إن إضعاف العمل الخيري أو تقويته يرجع مسئولية ذلك للحكومة ،لأن لو نحمله وزارة معينة ستضيع المسألة في التسويف تارة وفي التجاهل تارة ثانية والتغافل تارة ثالثة

اقرأ ايضاً