العدد 5380 - الثلثاء 30 مايو 2017م الموافق 04 رمضان 1438هـ

السياسة سرقت الحب!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

في البحرين، كل شيء غارق في السياسة حتى الثمالة، كل حدث في البلاد، لابد له من أن يصبغ بالسياسة التي باتت تلاحقنا حتى في منازلنا وأعمالنا وأوقات فراغنا، ولا أبالغ إذا قلت أننا نصبح عليها وننام عليها!

السياسة في هذا الوطن، أخذت من الأطفال أحلامهم ومستقبلهم، ومن الكبار سعادتهم، والأهم أنها سرقت الحب والطيبة من نفوس الناس، من الزوج والزوجة والأبناء والأخ والجار والصديق، فالكل مشغول بها، حتى تجمدت المشاعر وتبلدت الأحاسيس بيننا.

منذ أعوام، ونحن نصحو على صوت السياسة وضجيجها، وصرنا لا ننام إلا على صوت نشازها الذي لا ينتهي، لم تعد الناس هي ذات الناس التي عرفناها وعشنا معها، أعمارنا تصرمت ونحن نترقب مآل السياسة وخواتيمها، ولم نلتفت إلى أن أعمارنا باتت أقصر والشيب غزا محيانا، وباتت البسمة غائبة عنا، واستغراقنا في السياسة هو السبب.

عندما أقول إن السياسة سرقت الحب، فذلك لأننا استغرقنا فيها لدرجة أننا نسينا طعم الحب الجميل ونكهته، وبتنا نحب بمعيار السياسة ونكره بها، ولم نلتفت إلى أن الحب لغة أسمى من كل لغات السياسة وتعقيداتها التي لا تنتهي.

السياسة سرقت من البحرينيين أكثر الأشياء جمالاً فيهم، سرقت من نفوسنا الحب والتعايش الذي كنا نتنفسه ونعيش به، سرقت منا طيبتنا ونقاء قلوبنا، سرقت منا طموحنا بأن نعيش حياتنا كباقي الأمم والشعوب، سرقت منا فرحتنا وسعادتنا وابتسامتنا.

استغراقنا في السياسة، جعلنا لا نرى جمال ما حولنا، انشغلنا بها، حتى نسينا أن في هذه الدنيا، أشياء كثيرة فيها من الجمال والخير، أكثر ما في السياسة من مآسٍ وآلام، حتى أطفالنا باتوا لا يشعرون بقيمة طفولتهم ولا براءتها، ولا يعيرون لمستقبلهم شأناً ولا وزناً، فما بالك بالكبار!

السياسة فتتت علاقاتنا الاجتماعية ومزقت مجتمعاتنا الصغيرة، وأصابت حياتنا بالحزن والكآبة، لأنها لغة القوي مقابل الضعيف، وليست لغة الحب مقابل الحب، هي لغة لا تعرف الأخوة والجيرة والصداقة ولا العطاء!

جعلنا من السياسة شماعة نعلق عليها كل أحزاننا، مع أننا نحن من يصنع سعادتنا بنفسنا، إن أردنا ذلك وسعينا له وثابرنا من أجله، حملنا السياسة كل إخفاقاتنا، مع أننا نحن من نصنع نجاحاتنا بإرادتنا، حملنا السياسة كل مشاكلنا، ناسين أن الحب هو الطريق الأجدى الذي يجب أن ننشغل به ونشتغل!

نحن نريد لهذا الوطن مستقبلاً أجمل، مستقبلاً لا يشعر فيه الناس بأنهم غرباء في أرضهم، نريد أن تعود السعادة إلى وطننا وقلوبنا، ونعيد فرحة هذه الأرض التي لم تعد تعرف طعم الحب، منذ أن غرقت في بحر السياسة وأمواجها!

أعرف يقيناً أن هذه الأمنيات، في واقعٍ كالذي أغرقتنا فيه السياسة، هي أشبه بشيء من المحال، ولكنها طريق لا نملك بديلاً عنه، إذا أردنا لهذا الوطن أن يرتاح، ولقلوبنا أن تجد شيئاً من السعادة، ولأبنائنا أن يروا قليلاً من المستقبل الجميل لهم.

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 5380 - الثلثاء 30 مايو 2017م الموافق 04 رمضان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 7:43 ص

      تحية لك استاذ حسن
      كم من سياسي و مفكر محترم هدفه التنوير و التخطيط لسير المجتمع الآمن و التنبيه من الاخطار
      انها ليست السياسة اذا و انما التطرف الديني و الافلاس الاخلاقي هو ما يصيب الانسان بلوثة سريعة و ربما عاهة لان المقصود هو غسيل المخ و هذا ما يعمد اليه المفسدون و المخربون و الذين يحبون ان تشيع الفاحشة
      لو قرءت مقالات سياسية فانك تشعر بالتنوير و لكن اقرء و اسمع مقال ديني غير متزن لترى حجم رد الفعل في النفوس المريضة و الغير واعية و قلب كل الموازين و المشاعر في لمح البصر
      د. حسن الصددي

    • زائر 2 | 5:00 ص

      احسنت استاذي كلامك على الجرح افتقدنا الحب والاحساس بالأمان

    • زائر 1 | 4:32 ص

      ليست سياسة وإنما صراع بين الحق والباطل
      ويحق لنا ان نفني أعمارنا في معركة تقرر مصيرنا في الدنيا والآخرة

اقرأ ايضاً