العدد 5381 - الأربعاء 31 مايو 2017م الموافق 05 رمضان 1438هـ

العادة تُفقد الدهشة

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عندما نعتاد على أمرٍ ما أو خبرٍ ما، فإننا نتقبّله، فلا نعود نندهش منه كما نندهش من الأمور المفاجئة أو الجديدة التي تطرأ على حياتنا. وهناك كثيرٌ من الأمور التي أصبحت عادةً ونراها يومياً ولا نندهش لحدوثها، ولنا من الأمثلة الكثير والكثير.

فعلى سبيل المثال، أمس سمعنا عن حل جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، وأيّاً كانت أسباب الإغلاق، فإنّنا لم نندهش أو نستغرب من هذا الأمر، ذلك أنّ العادة تخلق لدى الإنسان قبولاً (وإن كان غير راضٍ عن الحوادث التي حوله).

ليس هذا فقط، فأيضاً عمل مجلس النوّاب أصبح عادةً عندنا ولا نندهش مما يقومون به، سواءً كان الأمر لا يصب في مصلحة النّاس الذين انتخبوهم أو كان بعيداً عن طموحات وآمال النّاس، كالتحدّث عن سعر «قواطي الطماطم»!

لا ندري هل هذه بلادة في المشاعر التي تؤدّي إلى عدم الدهشة من الأمور العظيمة، أم هي الطبيعة البشرية التي ما أن تعتاد على أمرٍ لا تستغربه ولا تندهش منه؟ أم أنّ الترويض لقبول العادة هو السبب؟

اليوم نحن تعوّدنا على المناوشات التي تحدث بين المعارضة والشرطة، وتعوّد أهل شارع البديّع على رائحة مسيّل الدموع والإطارات المحروقة، على رغم أنّ هذا الأمر يجب أن يستدعي الدهشة وليس التعوّد والعادة!

ما بالنا يا أهل البحرين؟ لماذا أصبحت العادة تُفقدنا الدهشة؟ ولماذا لا نجنح عليها ونثور؟ ولماذا لا نُرجع الأمور إلى نصابها ونبدأ حواراً وطنياً حقيقياً ومن ثمّ مصالحة؟ فالكلمة الطيّبة صدقة، وللأسف هي التي أصبحت مثار الدهشة هذه الأيام!

ولا نتكلّم عن الأمور السياسية فقط، فالأمور الاجتماعية هي الأخرى أصبحت عادةً بعد أن كانت في يومٍ من الأيام أمراً يثير الدهشة، فلو وجدنا ابناً لا يبالي بأمّه ولا يقوم بواجبه تجاه والديه، ولا يلبي أو يستجيب لطلباتهم، نسمع مقولة «أولاد آخر زمن» من دون أن تحرّك فينا ساكناً!

أصبحنا نعتاد على الفوضى ولا نندّهش منها، وقد يكون العامل السياسي هو السبب، أو ربما العامل الاقتصادي المؤّثر في حياة النّاس هو السبب، أو قد يكون العامل النفسي والإنكسار هو السبب. أيّاً كان السبب، لابد أن نُغيّر ما بداخلنا من تعوّد على أمور لا يجب أن نتعوّد عليها، بل يجب أن نندهش ونحاول أن نُعدّل!

العادة تُفقد الدهشة، فلذلك لا تجعلوا حياتكم في رتابة وعادة مقيتة، بل حاولوا تغييرها بما يجعلكم سعداء. ونحن لسنا سعداء اليوم، ولكنّنا نريد الحصول على السعادة، فمن سيضع الأيادي من أجل سعادتنا؟ ننتظر هذه اليد الذهبية التي حتماً ستثير الدهشة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5381 - الأربعاء 31 مايو 2017م الموافق 05 رمضان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 7:30 ص

      تحية طيبة لك سيدة مريم
      (ان الله لا يغير ما بقوم ختى يغيرو ما بانفسهم) سواء تغير سلبي او ايجابي
      لو ان القوم انتهجو الفوضى و اللؤم و التطفيف فإن الله سوف يتركهم لما لما يريدون من فوضى و بؤس و فساد و قلة حيلة و هذا واقعنا العربي و الاسلامي البؤيس
      و لا يكفي ان نرغب في التغيير الايجابي و لكن لا بد من العمل (والعمل الصالح يرفعه) و الجد و الاجتهاد للتخلص من النتانة و العفانة و الانتهازية و رفض التدمير الذاتي للنفس و المجتمع في كل مناحي حياته الاجتماعية و المالية و القضائية و التعليمية
      د. حسن الصددي

    • زائر 8 | 6:32 ص

      المشكلة في فقد القدرة التغيير و التاثير
      فيصبح التعود و التاقلم و الكبت و هو الاخطر هو السبيل الوحيد

    • زائر 7 | 1:57 ص

      شكرآ أخت مريم مقال يفتح شهية الضمير. . ويغذي العقل. .
      ((العرادي ))

اقرأ ايضاً