العدد 115 - الأحد 29 ديسمبر 2002م الموافق 24 شوال 1423هـ

العمل الطلابي بين ذاكرة طواها التاريخ وواقع يشكو العزوف

نادي التصوير حال مجهرية تحبوا

مدينة عيسى ـ فاطمة الحجري 

29 ديسمبر 2002

عندما نهم بالحديث عن النشاط الطلابي في الأوساط الجامعية، فإن الأجيال الجامعية التي تخرجت قبل عشر سنوات وربما أكثر تجر الحسرة وتتنهد بعمق... ربما تذكرها لفظة النشاط الطلابي بأحلى سنوات الدراسة، عندما كان النشاط الطلابي عملا به شيء من القدسية، ينخرط به الطلبة ليعملوا في إطاره بإيمان شديد بعيدا عن القضية.

كان الجيل السابق، وقبل أن تظهر على الساحة الطلابية قضية العزوف عن النشاط الطلابي، يتحمس بصدق للعمل، يبدع وينتج بأقل الأدوات والإمكانات.

أتذكر إن مدير العلاقات العامة السابق في جامعة البحرين محمد البنكي جلس في صيف 2001 خلال إدارته للورشة الإعلامية الصيفية التي لا تزال باقية في أذهان كثير من الطلبة الذين شاركوا فيها يروي للطلبة كيف كان النشاط الطلابي في عهده، وكيف كان الطلبة يسهرون الليل بطوله يخططون ويعدون وينفذون أحلامهم ومشروعاتهم الطلابية، على رغم محدودية الدعم الذي لا يقارن بالدعم الحالي الذي تتلقاه الأندية والجمعيات الطلابية.

وقال البنكي أيضا: «كان للعمل الطلابي معنى مختلفا ومذاقا مختلفا، كنا على رغم صغر سننا وتجربتنا نشعر بأننا لابد وأن نقدم الكثير، وما زلنا حين نلتقي بالأصدقاء الذين افترقنا عنهم بانتهاء الحياة الجامعية نتلذذ في سرد الذكريات والمفارقات».

الجيل الذي تلا ذلك الجيل الذي بقت بصماته واضحة في سجلات الجامعة لم يحمل الذكريات نفسها، ولم يذق حلاوة العمل الطلابي بالروح ذاتها، كثيرون دخلوا الجامعة وخرجوا منها ولم يكلفوا أنفسهم عناء المشاركة الطلابية، فكانت الجامعة بحياتهم مرحلة عبور ليس إلا.

جيل اليوم، قد يفلح في تسجيل علامة فارقة، فبعد انقضاء فعاليات مهرجان العيد الوطني الذي تحتضنه الجامعة سنويا ويقصده الجامعيون وغير الجامعيين لفت الأنظار لعينات قد تخرج من الجامعة وفي روحها ذكريات مشابهة لذكريات البنكي، وقد يأتي عليها يوما تروي للأجيال التي تخلفها حكايات كثيرة عن نشاط طلابي خاص.

نادي التصوير نقطة جديدة بيضاء تضاف إلى رصيد النشاط الطلابي في جامعة البحرين على رغم حداثة التجربة والإشهار الذي لم يمض عليه سوى بضعه أشهر...وفي احتفالات العيد الوطني استطاع المنتسبون لهذا النادي الوليد أن يثبتوا للنوادي والجمعيات الأخرى المشاركة أنهم موجودون بقوة على الساحة وأنهم يعرفون ما يفعلون وما يقدمون من نشاط ذي علاقة وثيقة بتخصصهم الفني الدقيق.

الهيئة من الخارج كانت مجسما لكاميرا كبيرة، وفي جعبتها معرضا للصور الفوتوغرافية صممته ونفذته سواعد الطلبة، لذلك استحق أن ينال إعجاب الكثيرين الذين وقفوا منبهرين بما استطاع تقديمه هذا النادي الذي اشهر قبل شهر رمضان بأيام قليلة.

«البحرين في عيوننا» كان الشعار المحفز للقاء والعمل كالفريق الواحد، طلبة من تخصصات مختلفة وميول وأهداف مختلفة جمعهم حب العمل وهواية التصوير الفوتوغرافي، توحدوا وأنجزوا... موجه النادي فريد البيات اعتبر الـ 20 مشاركا الذين ساهموا في إخراج أول عمل باسم النادي جميعهم فائزون، وقال: «انتقى فريق التحكيم الأعمال المشاركة من بين مجموعة أعمال، كانت الأعمال الخالية تقريبا من أخطاء التصوير(...) الفرق ما بين الفائز بالمركز الأول والمراكز التالية طفيف جدا، لذلك اعتبر المشاركة فوز لهم جميعا».

الطالب محمود دشتي الذي يعتبر القائم بأعمال النادي لحين انتخاب مجلس الإدارة أشرف على المعرض من الألف إلى الياء وتولى التخطيط الهندسي حسب ما يؤكد باقي زملاءه قال إلى «الوسط» : «شاركت بثلاثة اعمال وحققت المركز الثاني، هذه أول مشاركة لي في العمل الطلابي على رغم أنني أكاد أنهي دراستي الجامعية(...) مع نادي التصوير شعرت بلذة العمل الطلابي، ولم يكن هدفي الفوز بقدر ما كان هدفي أن تنجح المشاركة الطلابية باسم النادي».

محمود وزملاءه يفكرون جديا في تبني مشروع إصدار مجلة دورية متخصصة في مجال التصوير، تفتح زوايا فيها لمشاركات الطلبة تكون بمثابة سجل يحفظ إنتاج الطلبة ويدخره للأجيال القادمة.

ويصر محمود على المضي قدما في مجال التصوير والتخطيط لمعارض تخصصية أخرى مقبلة تحتضن إبداعات الطلبة، وأثنى على التسهيلات والدعم من قبل الجامعة لإنجاح المعرض.

أحمد جميل باقر سنة ثالثة في كلية إدارة الأعمال أكد أنه يعشق التصوير، لكنها هواية مكلفة كما قال، وهذا ما يجعله يستعين بأصدقائه من طلبة تكنولوجيا التعليم الذين تتوافر لهم كاميرات وأدوات التصوير بحكم تخصصهم.

ويقول: «عزمت على المشاركة في اللحظة الأخيرة، قلت أجرب حظي، وفزت بالمركز الثالث مكرر».

ويضيف: «نأمل أن توفر الجامعة أدوات التصوير التي نعجز عن توفيرها للنادي، هي تجربة جميلة أن نجد من يوجهنا ويعلمنا خصوصا وإن الطلبة يدعمون بعضهم بعضا ويشجع كل منا الأخر من أجل أن نستمر ونتواصل».

علي خميس الغانم سنة ثالثة في تخصص علوم الحاسوب لم يشارك في أعمال فوتوغرافية لضيق الوقت ولكنه شارك بالجهد العضلي الذي تطلبه إنجاز المجسم وتصميم المعرض، قال: «كانت لي تجارب عدة في العمل الطلابي، ولكنني أحببت العمل مع نادي التصوير بحجم تجربته الحديثة، ونتمنى أن لا يقتصر نشاط النادي على التصوير الفوتوغرافي ويمتد للتصوير الرقمي والتصوير بالفيديو».

الحاصلة على الجائزة الأولى في المسابقة زهراء ميرزا سنة ثالثة فنون تربوية أكدت أنها لم تدخل عالم التصوير إلا بعدما درست مقرر التصوير المدرج في خطتها الدراسية وتقول: «عالم التصوير عالم رائع، وتخصص تجد فيه الجديد في كل يوم ولا تكفيك الأساسيات فقط (...) لم أتوقع الفوز، ولم اخطط للمركز الأول، في بداية الدراسة شعرت بالصعوبة، بدأنا من الصفر وتعلمنا الكثير ولا يزال علينا الكثير لنتعلمه».

نوف الحجي التي شاركت بأكبر عدد من الأعمال قالت: «بدأنا ولم نكن نعرف أجزاء الكاميرا، كنا نصور ولا ندرك الأخطاء، وبعد ما تعلمنا الأساسيات على يد البيات صرنا نعرف نختار الزوايا، ونوظف الإضاءة، ونقدر سرعة الغالق وفتحة العدسة (...) وجودنا في النادي سيطور من قدراتنا ويشجعنا على استمرار ممارسة هواية التصوير».

ناريمان عبدالله سنة ثالثة فنون تربوية شاركت هي الأخرى بست صور في أول مشاركة لها في معرض للتصوير، قالت: «أن التجربة الأجمل أننا نتعلم من أخطائنا بدأنا ونحن لا نعرف شيئا واليوم نصور بطريقة صحيحة، وتجربة النادي التي جعلتنا نتعلم من بعضنا ونستعرض تجاربنا معا تدفعنا إلى المواصلة».

أما أميرة ضاحي التي تتخرج الفصل المقبل من كلية التربية فازت بالمركز الثالث مكرر شاركت بثلاثة أعمال وأكدت أن تعلم الأساسيات بشكل علمي جعلها تتفادى الوقوع في الاخطاء ذاتها مجددا، وقالت: «التصوير عالم واسع وله تخصصات عدة وسأتخذ منه هواية أمارسها أوقات الفراغ، لكننا نحتاج إلى مقر واسع به معدات التصوير، ونحتاج إلى قاعة تدريب إذ يلزمنا المزيد من التدريب وعلينا أن نعلم الدفعات الجديدة لكي تتولى مسئولية النادي بعد أن نتخرج».

«نريد مقرا في جامعة مدينة عيسى حتى نستقطب طلبة المسائي الذين لا يمارسون أي نشاط طلابي، نحتاج إلى كاميرات وعدسات وهذه كلها مكلفة ولا طاقة لنا على تحمل كلفتها».

عاد أحمد باقر ليقول: «التصوير فن من الفنون الراقية عالميا، والمصور في الدول المتقدمة له وضعه الخاص واحترامه الخاص، فهو مقدر جدا في الكثير من الدول، ولكننا في البحرين لا نعي بعد أهمية المصور المحترف، ولا يزال المجتمع ينظر له بدونية بدليل أن النسبة الأغلب من استوديوهات التصوير التجارية يشتغل فيها الأجانب، وإن قاربها البحريني فإن الرواتب تكون متدنية لدرجة لا يستطيع فيها الاستمرار في العمل مع متطلبات المعيشة اليومية، لذا نتطلع ان يكون للمصور وضعه الذي يستحقه».

البيات يخطط لمعرض جديد ولدورات تدريبية في التصوير الفوتوغرافي والتصوير الرقمي، ويقول: «أطمح إلى إنشاء استديو رقمي في الجامعة يعود مردوده المادي على النادي، ويكون ساحة تدريب وتعليم للأنشطة غير الصفية التي يقصدها الطالب برغبته لا مجبرا، خصوصا وأن مؤسسات من القطاع الخاص متحمسة ومستعدة لتقديم الدعم (...) سنقدم اقتراحا لعمادة شئون الطلبة، وسننتظر الموافقة لنمضي في التطبيق».

ويضيف: «في مشاركة العيد الوطني صمم الطلبة استديو خاصا بهم كان ذو طابع تراثي أضافوا إليه اللمسات القديمة كالجرة والنافذة القديمة والسلال، وقد لاقى اقبالا كبيرا».

طموحات كثيرة تحدوا الطلبة منتسبي نادي التصوير، الحماس أكثر ما يميزهم بحكم تجربتهم الوليدة، إلى أين سيأخذهم الحماس؟ لا نعرف... لكننا نعرف أن التجربة أما أن تكون كتجربة جيل البنكي الحماسية التي ظلت قابعة في ذاكرة الجامعة على رغم تعاقب الأجيال، وأما أن تكون عابرة قد لا تفلح الذاكرة في استرجاعها وهي تطوف على ذكريات أيام الدراسة بعد أعوام

العدد 115 - الأحد 29 ديسمبر 2002م الموافق 24 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً