العدد 2207 - السبت 20 سبتمبر 2008م الموافق 19 رمضان 1429هـ

أميركا و«إسرائيل» في «خريف» يوم القيامة

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

أميركا يا إخواني بنوكها في حالة إفلاس، وربيبتها «إسرائيل» مات كل ملوكها ولم يبقَ من حكامها إلا مشروع إدارة شركة متعددة الجنسية مرشحة للانكشاف أمام الفساد وإعلان إفلاسها كما يحصل الآن مع البنوك الأميركية وهي المرشحة للفناء الذي تحمل بذوره في داخلها كما يقول رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق أبراهام بورلاغ.

وأميركا يا إخواني وبحسب ليس فقط كل استطلاعات الرأي بل وطبقا للمعلومات المؤكدة التي نمتلكها من بعض كبار القوم ممن هم على علاقة وطيدة مع حكامها ليسوا بصدد ولا هم قادرون على شن حرب جديدة، والسبب الرئيسي هو إنهاك جنودهم وجنرالاتهم وإنذار العسكر والمدنيين على حد سواء وفي طليعتهم غيتس ورايس، الرئيس بوش بعدم الإقدام على أية مغامرة جديدة, لا بل إن ثمة من يؤكد من هؤلاء الأصدقاء الكبار أن غيتس إنما أخذ تعهدا من بوش بعد شن حرب جديدة حتى يقبل بتسلم وزارة الدفاع من سلفه المستقيل.

وإن جميع اللاعبين الأساسيين في المشهد الدولي والمتجرئين منهم على أميركا في ظل انحسار نفوذها ليملأوا الفراغ الذي تركته هنا أو هناك باتوا مجمعين على أن زمن القول الواحد والحكم الواحد والأمر الواحد للعالم قد ولى، وبالتالي لابد من العمل بكل مسئولية وجرأة على تدعيم قرارات الاستقلال الوطني والعمل مع أكثر من لاعب دولي وإقليمي لاجتراح الحلول المناسبة لكل قضية، وجعل أميركا أمام الأمر الواقع بل وأمام الجدار؛ إما أن تقبل أو فإنها مرشحة للخروج من اللعبة كقدر محتوم.

وليس مهما في ميدان السياسة كما هو الحال في ميدان الحياة العامة هو من يضرب الضربة الأولى، بل المهم من يستطيع أن يحافظ على أكبر عدد من النقاط وأفضل الامتيازات في نهاية اللعبة، لأن الفراخ يتم تعدادها في نهاية الخريف كما يقول المثل الإيراني الشهير.

إنه يوم البرزخ أو يوم المحشر أو سمه ما شئت، لكنه في كل الأحوال هو يوم اقتراب ساعة الحساب والقيامة.

وهنا بالذات فإنه ليس مهما أن اعترف الأميركيون بسوءاتهم أم لم يعترفوا، وأذعن الأوروبيون بخطأ انجرارهم على غير بصيرة وراء المشروع الأميركي الإمبراطوري النزعة أم لم يذعنوا، فإن ذلك لن يغير من الأمر في شيء.

فحتى نوري المالكي نفد صبره وضاق صدره وأخذ يهاجم حكم بول بريمر والقوانين التي تركها إرثا سيئا يثقل على صدور العراقيين كما جاء في الأخبار.

كرزاي هو الآخر غير راضٍ بل مستاء جدا من منهج الإهمال واللامبالاة التي تتبعها قوات التحالف تجاه خططه ونظرته لمستقبل بلاده التنموي، فهم بنظره لا يهتمون إلا بالأمن وأمن قواتهم فقط لا غير.

أما باكستان قصتها أعقد بكثير من أن تلخص بجملة أو عبارة واحدة وإن كان مقال أحد الأميركيين من أصل هندي أو باكستاني قد لخص المفارقة الأميركية في التعامل مع حكم الجنرالات هناك بالقول الفصيح والذي لا يقبل التأويل عندما قال: «إن باكستان ليست سوى «لملوم» ووهم بريطاني فاشل حاول فبركة دولة حان الوقت لإعادة رسم حدود ولاياتها الخمسة من جديد» أي تركها تتخاصم داخليا إلى أن تنقسم إلى خمس دول مسلمة كما كانت أيام الحكم البريطاني، اثنان أو ثلاثة منها ستلتحق بالهند والباقي تشكل كيانات جديدة منفصلة، كما جاء في «الواشنطن بوست».

بل فلننظر إلى ردود فعل ما كان حتى الأمس القريب يسمى بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية أي أميركا اللاتينية أو بالأحرى بقايا الممالك الحضارية الهندية الحمراء التي أسقطها البيض من حسابات التاريخ والجغرافيا وحرمتها «المدنية» الإنجلو سكسونية من التطور بسبب حروب الإبادة الشهيرة:

انظروا إليها كيف تنتفض اليوم مستذكرة كل ذلك الألم وكل تلك المعاناة وتحاول الانتقام رمزيا إلى كرامتها من خلال ما سمي بحرب السفراء.

وأخيرا وليس آخرا روسيا التي حاولت ولاتزال «مرافقة» الفيض الامبريالي على العالم، لكنها فقدت أعصابها في النهاية بعدما ديست كرامتها بالتراب في الحرب الجورجية الأخيرة الأمر الذي دفع بها لأن تطلق تسمية 11 سبتمبر/ أيلول الروسية على حرب القوقاز الأخيرة التي اخترعتها واختلقتها جماعة المحافظين الجدد بمثابة الورقة الأخيرة قبل انتهاء اللعبة في العراق. أليس كذلك؟!

نعود إلى العراق ونقول، إذا أردنا فهم ما يجري في «بطن» المالكي علينا أن ندقق ونتعمق فيما يحصل حول خانقين وديالى وكركوك، بل وأبعد من ذلك وهو ما يثير البكاء كما الضحك, عندما نقرأ أخيرا تصريحا للمدعو جلال أمين وهو من سكان البصرة «السود» والذي يقال إنه من بقايا مملكة الزنج في العراق, حسب رواية الكاتب والمؤرخ اللبيب رشيد الخيون كما ورد في صحيفة «الشرق الأوسط»، إذ يطالب أي جلال أمين بما مضمونه، ودائما حسب رواية الزميل الخيون «بحكم ذاتي لجماعته في الوقت الذي نرى فيه رجلا أسود مثل أوباما يصل إلى مرتبة أو امتياز حقه بالترشح للرئاسة الأميركية».

ومع ذلك يبقى ثمة من يطالبنا بعدم «التشدد والتعصب» لاستقلال قرارنا الوطني والقومي وإبداء بعض المرونة والعقلانية في التعاون مع ما سمي بمبادرات السلام مرة وبالتسوية مرة أخرى وبالالتحاق بركب العولمة دائما، وكأننا قصر أو قاصرون ولم نبلغ سن الرشد.

ونحن من جانبنا نقول لهؤلاء الطيبين منهم أو «الخبثاء» لا سمح الله: اللعبة انتهت يا إخواننا ولم يبقَ إلا أن نحتفل عالميا بنهاية الأحلام الامبراطورية، وصدقوني حتى لو جاء جون مكين إلى الحكم وليس فقط باراك أوباما ليس أمامه إلا أن يسدل الستار على الحلم الإمبراطوري الأميركي الذي سوق له المحافظون الجدد، وسيضطر إلى تغيير تعامله مع الآخرين ليس تواضعا منه ولكن هكذا هو حكم موازين القوى وهذه هي نهاية لعبة القمار، بعد أن بلغت القلوب الحناجر في كل إنحاء الدنيا من فعل «الصديقة» أميركا

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 2207 - السبت 20 سبتمبر 2008م الموافق 19 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً