الخطوط وأشكالها تُعتبر جمالا وفنا خاصين؛ كونها تُعتبر من أروع أنواع الفنون... ولما يتمتع به فنّ الخط العربي من تنسيق وانحناء ومد ورشاقة، فضلا عن الخصوصية الإبداعية في حروفه التي تمتاز بالليونة والتي تبدو وكأنها تنحدر في اتجاه شكل هندسي، نتحاور مع الخطّاط عادل الشهابي:
متى بدأت ممارسة فن الخط العربي؟
- ابتدأت ممارسة الخط منذ الصغر، فبدأت مشواري بالرسم وعشقته لكونه يجسد الواقع والطبيعة والخيال، واتجهت بعدها للخط لروعته وجماليته فاستطعت أن أمزج بين الرسم والخط في لوحاتي لتظهر بعدها لوحة فنية ذات نسق هندسي، فالخط العربي استطاع أن يصل للعالمية بقوته وفنه وروعته ليصبح من أجمل الفنون.
هل تؤيد المزج بين الرسم والخط؟
- نعم إنني من المؤيدين للمزج بين الرسم والخط، ولكن لو استطاع الرسام أن يجيد الخط، أو الخطاط أن يجيد الرسم فهذا نور على نور، ولكن لو أبدع أي شخص في فن الخط أو فن الرسم فهذا نور وإبداعه لن يختفي.
إنني من الأشخاص اللذين يحبذون المزج بين الفنين، لأنه لو تأملنا في الخط لوجدناه يمثل شكلا هندسيا وبالتالي يعتبر الخط لوحة فنية وهذا يجعلنا نرسم بالخط أو نخط بالرسم متى شئنا.
متى أحسست بالتذوق في الخط؟
- أحسست بتذوق الخط في المرحلة الثانوية من دراستي، إذ لاحظ المدرسون أن لدي موهبة في الخط والرسم، فكان اهتمام المدرسين ووقوف الأهل معي وخصوصا أخي الأكبر عامر الذي قام بتدريسي أسس الخط وهندسته، استطعت أن أتذوق الخط وأبدع فيه لدرجة أنني أصبحت يوما ما مدرسا للخط في بعض المعاهد في البحرين.
كيف وصلت للتدريس رغم انك عندما بدأت ممارسة الخط في سن مبكرة من العمر؟
- لقد ذكرت لك مسبقا وقوف أخي الأكبر عامر الذي استطاع أن يحوِّلَني من هاوٍ للخط إلى محترف، جعل من اسمي أن يصل إلى بعض المهتمين بالخط في بعض المعاهد ومن المهتمين من الهاوين أن أقوم بتعليمهم الخط وفنونه.
هل تعتقد أن هناك اهتماما بتعلم الخط؟
- نعم، لا أخفي عليك هناك الكثير من العائلات تريد تعليم أبنائها فن الخط العربي، وهناك الكثير من الناس يرغبون في تعلم الخط إذا لاحظوا لديهم موهبة أو رغبة في فنّ الخط، كما أن هناك بعض الأشخاص من دول عربية أو أجنبية يقومون بتعلم الخط لكي يدرسوا فنّ الخط العربي ويتعلمون أصوله.
ما هي الخطوط التي تقوم بخطها وتجيد فنها؟
- هناك الخط الفارسي، الذي عمل الإيرانيون على تحويل صورته العربية بما يتوافق مع الذوق الإيراني إلا أن الذهنية الإيرانية المبدعة لدى الفنانين الإيرانيين لم تكتفِ بذلك بل جعلت صورته الجمالية تنبع من شكل حروفه التي تم دمجها بشكل رائع مع رسوم فنية غاية في الجمال الأمر الذي تفتقده بقية الخطوط.
ويعتقد بعض أساتذة الخط في العالم العربي أن الخط الفارسي هو من أصعب الخطوط معتبرين أن من لا يجيد فنّ رسمه لا يعتبر خطاطا.
وقد نلاحظ أن الخط الفارسي قد ظهر إلى الوجود في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري على يد نخبة من الفنانين. وأن أهم مواطن جمال الخط الفارسي هو ليونة حروفه واستدارتها التي تدل على روعة وفنّ في التنسيق والرشاقة والمد والدوران. وهناك الخط الكوفي، والنسخ والرقعة، والثلث.
هل تعتقد أن للخطاط حرية في تعديل الخط وزخرفته؟
- نعم، إن الخطاط قد يتعمد أثناء عمله استعمال الزخرفة للوصول إلى القوة في التعبير والاستفادة من التقويسات والدوائر المطرزة من طيف الألوان فضلا عن الدقة في الرسم، وأنه من الممكن أن يربط الخطاط بين الكلمات ليصل إلى تأليف مساحة فنية أو خطوط منحنية وملتفة لكي يظهر فيها الخطاط عبقريته في الخيال والإبداع.
هل تفضِّل وجود جمعية تعنى بالخط وفنونه؟
- إنني ليس فقط أفضِّل، بل أتمنى وجود جمعية تحتضن محترفين وموهوبين وهاوين للخط، فبوجودها ستسعى إلى تنمية المواهب والقدرات وإتاحة الفرص للهواة وإيجاد المحيط اللازم لأجل إبراز الإبداعات الفردية الخلاقة لدى الهواة الجدد وتنميتها.
إضافة إلى ذلك إن من المهمات الرئيسية التي ستكون للجمعية هي إيجاد سبل مبتكرة وحديثة لتطوير وازدهار فن الخط، ومن ثم نقلها إلى ثقافات الأمم الأخرى.
كما أتمنى أن تكون هناك جلسات أسبوعية أو شهرية يناقش فيها الخطاطون سبل تطور الخط وتداول آخر مستجدات فن الخط العربي.
ما هي أحدث الفنون في الخط في رأيك؟
- إن الخط يتجاوز دوره الوظيفي القديم تماما لدى بعض الخطاطين الشباب، وهو لديهم يعانق التشكيل دون أن يتخلى عن لوحاته الفنية الأصيلة، كما في لفظ الجلالة وآيات القرآن الكريم إضافة إلى الشعر العربي.
فاللوحة هنا تتشكل على إيقاعات مختلفة؛ اللون يصبح جزءا أساسيا منها بعيدا عن الأسود والأبيض، أما الكتلة فتغدو انسيابية أكثر باتساق لافت مع الأشكال التي يبتكرها الخطاط وهي أشكال لا تبتعد في مجملها عن رموز الحياة العربية من خيل ومعمار وقباب ومآذن تتطلع إلى السماء وإليها ترنو.
هل اشتركت في معارض للخط؟
- شاركت في معارض عديدة داخل البحرين وخارجها وحصلت على جوائز وشهادات تقديرية من المهتمين بالخط العربي.
هل هناك مدارس للخط العربي؟
- توجد مدارس للخط العربي للمؤسسين في هذا الفن مثل المدارس الكلاسيكية للخط الكلاسيكي النسخ.
أيضا الخط يدخل في مجال الفن التشكيلي أي تحويل الخط أو تحول الخط للفن التشكيلي.
في نظرك كمحترف للخط العربي كيف تنظر إلى واقع فن الخط العربي الذي يبدو أنه متجه نحو التغييب شيئا فشيئا؟
- الخط العربي جاء معبِّرا عن كثير من الفترات التي مر بها؛ فهناك لوحات قديمة وهناك لوحات جديدة ومحدثة نستطيع الربط بين خطاطي الماضي وخطاطي الحاضر، المحاولات عديدة لكن لو قسناها وقارنّاها بالوجوه الأخرى للفنون وحتى للمسائل التراثية بشكل عام نرى أن الاهتمام بالخط العربي أضعف بكثير من الاهتمام بالفنون الأخرى.
نحن في البحرين مثلا لا نرى معارض للخط العربي مثل أي فنٍّ آخر، فهناك معارض تقام للفنون التشكيلية ولكن للخط العربي لا نرى شيئا.
إقامة المعارض ستجعل الموهوبين والمحترفين يعيدون سمعة الخط العربي للوجود وألا يقتصر وجوده في المآتم أو المساجد، بل نريده أن يصل إلى كل بيت وكل محفل وكل أثر عندنا.
هل تعتقد أن ظهور الكمبيوتر كان له أثر في تطوير الخط وخصوصا الخط العربي؟
- نعم، بوجود الكمبيوتر استطاع الخطاطون أن يطوروا في هندسة وفنون الخط العربي كما يريده الخطاط، وبما أن للخط العربي قدسية معينة فإنه فرض نفسه على الكمبيوتر، فنرى الخطاطين قد اتجهوا إلى الكمبيوتر وقاموا بزخرفة الخط وهندسته، وهذا ما نراه الآن في برامج الخطوط الخاصة بالكمبيوتر.
العدد 2162 - الأربعاء 06 أغسطس 2008م الموافق 03 شعبان 1429هـ
الى الاستاذ المبدع دائما عادل الشهابي
اتمنى لك الابداع دائما من كل قلبي
انا تلميذك المبتدء مهدي