العدد 2204 - الأربعاء 17 سبتمبر 2008م الموافق 16 رمضان 1429هـ

معرض «العريض» يحط رحاله في الوطن

غادر معرض الشاعر البحريني الكبير إبراهيم العريض العاصمة الفرنسية (باريس) ليحط رحاله في العاصمة البحرينية (المنامة)، ليأخذ موقعه في منزل الشاعر الذي تحول إلى مركز ثقافي مهم يحمل عنوان «بيت الشعر» إذ احتضن المنزل احتفالية ثقافية تاريخية مهمة نظمها مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بمناسبة حلول الذكرى المئوية لميلاد الشاعر، وذلك مساء يوم الاثنين الموافق 15 سبتمبر/ أيلول الجاري.

صاحب الاحتفالية تنظيم أمسية موسيقية أحيتها الفنانة الجادة غادة شبير التي ستؤدي قصيدة «القبرة» للشاعر إبراهيم العريض، كما سيتم الإعلان عن مسابقة خاصة تحمل اسم الشاعر العريض وستكون مفتوحة لكل من يرغب في المشاركة من الجنسين في أي مجال من مجالات المسابقة سواء الفنية أو الأدبية أو الفكرية أو الشعرية.

وبهذه المناسبة صرحت رئيس أمناء مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، بأن المعرض الذي سيتواصل على مدى شهر كامل سيفتح المجال أمام المهتمين والمثقفين للاطلاع على تاريخ حياة شخصية أدبية مهمة أثرت الساحة الفكرية والشعرية، مع الاطلاع على إبداعات العريض التي تركت بصماتها على الأدب العالمي عموما، والعربي خصوصا.

وأكدت أن مركز الشيخ إبراهيم، وبالتعاون مع منظمة «اليونسكو»، أقام للشاعر الكبير إبراهيم العريض احتفالية تاريخية مميزة في باريس، انطلقت فعالياتها في شهر يوليو/ تموز الماضي وتواصلت لغاية شهر أغسطس/ آب من العام الجاري، وذلك بمناسبة حلول الذكرى المئوية لميلاد الشاعر البحريني الكبير إبراهيم العريضن إذ أقيمت الاحتفالية في البهو الرئيسي بمقر المنظمة بحضور عدد كبير من الأدباء والكتاب والشعراء والمفكرين العرب والأجانب والمهتمين بالشأن الثقافي في مختلف دول العالم.

وأضافت الشيخة مي أن «مركز الشيخ إبراهيم يعنى بالمثقفين والمفكرين المبدعين في البحرين والعالم ككل، فكيف إذن بشخصية أدبية كشخصية إبراهيم العريض التي قدمت للعالم صورة للمفكر المبدع الذي تمكن من خلال أدبه وشعره من الوصول إلى العالمية وإعطاء صورة عن المبدع العربي»، مشيرة إلى أن المركز قرر نقل المعرض من باريس إلى البحرين بعد أن حقق الهدف من تنظيمه في عاصمة الثقافة العالمية، إذ اطلع على محتوياته عدد كبير من الزوار المهتمين بثقافات العالم الذين تمكنوا من التعرف على واحد من كبار الشعراء العرب في العالم ككل، الذي تنتسب جذوره إلى أرض البحرين الذي عشقها وحاكاها في قصائده الشعرية. كما يتطلع المركز إلى نقل المعرض إلى البحرين من أجل فتح المجال أمام المثقفين والمهتمين وكذلك الشباب لزيارة المعرض الذي سيتواصل على مدى شهر في «بيت الشعر» الذي يضم جزءا مهما من مكتبة الشاعر وصورا تمثل مراحل حياته المختلفة ولقاءه بشخصيات دولية وسياسية وأدبية مهمة، وكذلك مراسلاته مع كبار أدباء عصره ومنهم: فدوى طوقان وميخائيل نعيمة والشيخ أحمد آل خليفة ونزار قباني... وغيرهم، مع تخصيص ركن لعرض لوحات فنية نفذتها الفنانة البحرينية لبنى أمين استوحتها من روح أشعار إبراهيم العريض بما يعزز فكرة الاحتفالية ويتناغم مع أهدافها.

وقالت رئيسة مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم في كلمة لها كانت قد ألقتها بهذه المناسبة، إن «هذه الفعالية التي تحمل اسم المبدع والأديب شاعر البحرين الكبير إبراهيم العريض تمثل فرصة سانحة للمهتمين للوقوف عن كثب على تاريخ العريض صاحب النسيج الثقافي الذي تداخلت في إبداعاته فلسفه الهند وشعر فارس وبلاغة العرب، مشيرة إلى أن الاسم الذي انتقل إلى كل مكان وهو في قامته الطويلة وظله الممتد على مساحة شاسعة من الإنتاج الشعري والمسرحي، هو حاضر بيننا اليوم بإنسانيته وشعره وبخطابه الحضاري المجدد والمؤكد على الدوام أن المبدع لا يمكن أن تُحجب عنه إرادته ولا يُغيب ولا تصادر منه قدراته الفاعلة والناتجة عن إيمان راسخ بأن الثقافة للجميع، وبأنها رسالة أبدية تنتقل من يد إلى أخرى مُتلقية تُدرك أننا من دونها نبقى بلا هوية».

وأكدت الشيخة مي أن «العريض في مئويته هوية للجميع وحدث يجمعنا مع الثقافات الإنسانية ليذكرنا بأن الإبداع يبقى رغم كل التحديات».

ومما يذكر أن فكرة إقامة احتفالية بمناسبة حلول الذكرى المئوية لميلاد الشاعر الكبير إبراهيم العريض الذي تفتخر به أرض البحرين، جاءت بعد أن طرحت منظمة «اليونسكو» فكرة تكريم شخصية مميزة من البحرين وذلك بحلول مئويته في العام 2008 وقد تم اختيار الشاعر إبراهيم العريض إذ لا يمكن أن تكون هناك شخصية ثقافية مؤثرة يصل عمرها إلى مئة عام تستحق التكريم أكثر من الشاعر إبراهيم العريض الذي أثرى مكتبات العالم بأشعاره وفكره الثقافي المميز، إذ تحل مئويته هذا العام.

وقد تبنى مركز الشيخ إبراهيم فكرة الاحتفالية لتقديره الكبير لهذه الشخصية الذي أثرت في ثقافة البحرين عموما، وتركت بصمات واضحة على الفكر البحريني، كما أن التكريم يأتي ضمن أهداف المركز الداعية إلى الاهتمام بالثقافة والمثقفين وكل الشخصيات التي أثرت بشكل أو بآخر في الثقافة المحلية والعربية وحتى الأجنبية.

العريض في سطور

عاش إبراهيم العريض طفولته وفتوته في الهند بعيدا عن لغته الأم وتراثه الشعري، وهناك تأسس وعيه الثقافي أولا، ومن هذه المرحلة اكتسب إبراهيم انفتاحا على ثقافات العالم. وحين استقر في وطنه بدأت رحلته مع اللغة العربية والتراث الأدبي القومي، وتمكن في فترة قصيرة من أن يتجذّر في اللغة والتراث وأن يسيطر على الأدوات اللازمة للقول الشعري.

وبهذا الانفتاح الذي عرفه إبراهيم على الآخر الثقافي، لم يكرر المشهد الشعري في البحرين، بل حاول أن يتجاوزه ويؤسس لمستوى جديد وتحرير الشعب من رواسب الخطاب الشعري، ليخرج بالشعر من عباءة التراث والنسج على منواله، أي من كونه حالة لغوية بيانية ويدخل إلى النفس البشرية بكل أغوارها وأحلامها وصبوتها، ليصبح حالة إنسانية تقتنص اللغة المناسبة، وبذلك قلبت المعادلة الشعرية رأسا على عقب، وبعد أن كانت تقف على رأسها أصبحت تقف على قدميها. اللغة والعبارة تخضعان لأحوال النفس، ولا تُصبّ النفس في قوالب اللغة الجاهزة، وبذلك أحدث إبراهيم العريض وجيله انطلاقة في الروح الشعرية، وفي العبارة الشعرية، وكانوا تمهيدا لانطلاقة أوسع قام بها الجيل التالي لهم من الشعراء.

وظلّ إبراهيم العريض خلال ثمانية عقود يعيش للشعر وفي الشعر، وخلال هذه المدة الطويلة أخرج الكثير من الدواوين والقصص والمسرحيات الشعرية، وقدم إضاءات نقدية مهمة للتراث الشعري.

سيرته الذاتية

شاعر من البحرين، ترأس المجلس الوطني التأسيسي العام 1973 وأصبح بعد ذلك سفيرا متجولا بديوان الخارجية العام 1975. ولد في مارس/ آذار العام 1908 بمدينة مومباي بالهند من أب بحريني وأم عراقية ذلك أثناء وجود أبيه هناك متاجرا في اللؤلؤ. ماتت أمه بعد ولادته بشهر، فأوكل أبوه تربيته إلى امرأة هندية. عاش طفولته وصباه الأول في الهند ودرس في مدارسها الابتدائية والثانوية حتى تخرج العام 1925 وعاد إلى البحرين وتعلم اللغة العربية وآدابها على يد الأديب الشاعر سلمان التاجر.

عمل مدرسا للغة الإنجليزية وفتح له مدرسة أهلية خاصة كان من بين تلامذتها مفكرون ووزراء وأدباء عرفوا بعد ذلك. وقام العريض في هذه المدرسة بكتابة بعض المسرحيات باللغتين العربية والإنجليزية وأخرجها لتمثل على خشبة المدرسة، أهمها مسرحية «وامعتصماه».

اشتغل مترجما في إحدى شركات النفط، ثم رئيسا لدوائر الترجمة في شركات النفط العاملة في إمارات الخليج من 1937 إلى 1967. استعارته حكومة الهند خلال الحرب للعمل في إذاعتها (1944 - 1945).

اشترك في المؤتمرات الأدبية المنعقدة في دمشق والقاهرة والكويت والإسكندرية وبغداد وغيرها، ممثلا بدعوة خاصة، ابتداء من مؤتمر الدراسات العربية الرابع للجامعة الأميركية ببيروت 1954 - إلى المؤتمر الرابع للكتاب الآسيويين الإفريقيين بنيودلهي العام 1970.

توقف العريض عن كتابة الشعر في مطلع الخمسينيات بعد صدور ديوانه «شموع». أكثر من ربع قرن كتب خلاله بضع قصائد قليلة ختمها بقصيدة طويلة بعنوان «مذكرات شاعر». وتبوأ العريض في هذا الربع الزمني الخالي من الشعر عددا من المراكز المهمة كان قي مقدمتها رئاسة المجلس الوطني التأسيسي العام 1973، وأصبح بعد ذلك سفيرا متجولا بديوان الخارجية العام 1975 وهو منصب ظل يشغله حتى توفى في العام 2002م.

العدد 2204 - الأربعاء 17 سبتمبر 2008م الموافق 16 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً