العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه الذي فاوت بين العباد، وفضّل بعض خلقه على بعضٍ حتى في الأمكنةِ والبلاد، والصلاة والسلام على أشرف الموجودات محمد وآله السادة الأمجاد.

وبعد فيقول الراجي لعفو ربه الغفور محمد علي آل عصفور: إن الناس قد صنّفوا كتب التواريخ والسير وذكروا ما وقع في العالم من أبناءِ أبناء البشر، حتى لا يتركوا منها أرضا إلا عينوها طولا وعرضا، ووصفوا البلدان شرقا وغربا، وقطّعوها إربا إربا، لأن منهم من أتى على ذكر مصر وإفريقيا، وأيام الفراعنة والأكاسرة، والخلفاء الأمويين، ومنهم من رغب في ذكرِ بغداد والأهوال والشداد والخلفاء العباسيين والسلاطين السلاجقة، ومنهم من تعلّق قلبه بذكر الهند وأفيالها، فأتي بما يكشف عن حالةٍ، وكم ألّفوا في وصف البلدان كتابا، وقالوا صوابا، إلاّ إنهم ـ شكر اللّه سعيهم ـ ما رمّموا في ذكر البحرين فصلا ولا بابا، أو ذكروا وتقصّوا خطابا، اللّهم إلاّ أن يقال إنهم اقتصروا على الزبد، واختصروا ومالوا في المطالب إلى قول المتأخرين واقتصروا.

إذ البحرين من المدن العظيمة، إو لها ذكر في الجغرافية القديمة، مع ما فيها من الوقائع، وما خرج عنها من الودائع، فلذا أحببت تأليف كتاب مستقلّ حيث أذكر تلك القرى الفاخرة التي تخرج منها القرى الظاهرة، حتى يسير فيها من كان خبيرا وبالمطالب بصيرا، وباللّه أستعين، فإنّه خير موفّق ومعين.

فأقول: اتّفقت كلمة علماء الجغرافية قديما وحديثا على أن البحرين جزيرة من جزائر بحر فارس؛ وإنما سميت بحرينا لأنها واقعة بين بحر عمان وبحر فارس.

قال المسعودي بعد ذكر جمل من الأخبار عن البحر الحبشي ومقداره وسعة خلجانه ما هذا لفظه: ويتشعّب من هذا البحر خليج آخر وهو بحر فارس، وينتهي إلى بلاد الأبلّه والخشبات وعبّادان من أرض البصرة، وعرضه في الأصل خمسمائة ميل، وطول هذا الخليج ألف وأربعمائة ميل، وربما يصير عرض طرفيه مائة وخمسين ميلا، وهذا الخليج مثلث الشكل، ينتهي أحد زواياه إلى بلاد ابلّه، وعليه مما يلي المشرق ساحل فارس من بلاد دورق الفرس، ـ إلى أن قال ـ: ويقابل ما ذكرنا من مبدء ساحل كرمان والسند بلاد البحرين وبلاد عمان، وفي ذلك الساحل مدينة البرارة والقطيف من ساحل هجر، وفي هذا الخط وقعت جزائر كثيرة مثل جزيرة خارك وخاركو، وبينه وبين بوشهر فراسخ فيها مََغَاصُ اللؤلؤ، ـ إلى أن قال ـ: وهذا البحر وهو خليج فارس ويعرف بالبحر الفارسي، عليه ما وصفنا من البحرين، وفارس، والبصره، وعمان الى رأس الجمجمة، ومن البحرين إلى بوشهرثلاثين فرسخا، وفيها عيون كبار كعين السجور وسيأتي تفصيله إن شاء الله.

والإحساء واقعة من طرف قبلة البحرين، والقطيف على سمت شمال البحرين، وهذه الجزيرة شراعية الشكل، قال بعض علمائنا(رض): إنها كالشراع المرمي على البحر الموّاج.

قال الدميري: ومن مسقط إلى رأس الجمجمة خمسون فرسخا وهذا آخر بحر فارس، وطوله أربعمائة فرسخ، وفي هذا البحر جزائر كثيرة كعمان، والخطّ (الخاركي)، ومسقط، والبحرين، والقطيف، والإحساء، ـ إلى أن قال ـ: ورأس الجمجمة جبل متّصل ببلاد اليمن، فمن هنالك تنطلق المراكب إلى البحر الثاني، وأما البحرين وجزيرة خارك ففيهما مغاص اللّؤلؤ، وللغواص واللّؤلؤ وحيوانه أخبار عجيبة.

وبالجملة فالبحرين على ما قيل: عبارة عن مملكة وسيعة وساحة فسيحة، من جانب ينتهي إلى البصرة وآخر إلى عمان، فبمرور الأيام والشهور قطّعوها وأخذوها الأجانب، وأما الآن فالبحرين يطلق على جزيرة أوال فقط، فطوله من الشمال إلى الجنوب سبعة فراسخ، ومنتهي عرضها فرسخين، وأغلب أهاليها إماميّ المذهب، وعدد نفوسها ـ على ما قيل ـ مائة وخمسين ألفا، والظاهر أنه اكثر، فالتّجار وأهل المراكب وأرباب المعاملات مقيمون في بندر المنعمة المشهور بالمنامة، وحكّامها وأهل المناصب ساكنون في المحرّق، وهما من اكبر العمران فيها.

قال شيخنا العلاّمة الشيخ ياسين: والخطّ سيف البحرين وإليه تنسب الرماح الخطّيه، وفي القاموس مثله، إلاّ أنه قال: لأنها تُحمل من بلاد الهند وتُباع هنا.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً