العدد 2318 - الجمعة 09 يناير 2009م الموافق 12 محرم 1430هـ

معالجة المخلفات الصلبة في البحرين (2)

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

هناك استراتيجيات عديدة للتخلص أو خفض آثار المخلفات الصلبة ولكن تختلف هذه الاستراتيجيات من دولة لأخرى معتمدة على رؤى المسئولين في المواقع التنفيذية وقدرة الحكومات المحلية على الاستثمار المالي في اختيار التكنولوجيا الحديثة والمناسبة للمعالجة المتكاملة للنفايات. في مقالة الأسبوع الماضي ذكرنا البدائل المتنوعة والمستخدمة عالميا للتخلص من النفايات الصلبة كالطمر الصحي، و تدوير المخلفات، وتحويل المخلفات إلى أسمدة عضوية صناعية، و حرق المخلفات مع إنتاج طاقة، وأخيرا حرق المخلفات بدون إنتاج طاقة.

مملكة البحرين اختارت الطمر الصحي أو دفن المخلفات كوسيلة وحيدة للتخلص من النفايات الصلبة منذ أمد طويل إذ تعتبر هذه الوسيلة هي الأرخص من ناحية الكلفة المالية ولكن يعتبرها البيئيون الأسوأ. من ناحية أخرى فإننا يمكننا مقارنة هذه الاستراتيجية المحلية مع الأولويات الاستراتيجية الحكومية الحديثة لمعظم دول العالم الأخرى -خاصة المتقدم- والتي تركز أولا على التوعية لخفض تولد المخلفات الصلبة للفرد في اليوم ومن ثم تدوير المخلفات ومن ثم الحرق وأخيرا الطمر. هذا هو التسلسل الهرمي المشهور لاستراتيجية إدارة المخلفات الصلبة وبذلك نثمن الخطوة الأخيرة لوزارة البلديات للتفكير في سبل أخرى لإبدال الوسيلة الحالية المعتمدة كليا على الطمر التي تعتبر وسيلة غير مستدامة.

لكن الإشكالية الحالية هو اختيار تكنولوجيا تعتمد على الحرق مع إنتاج الطاقة كبديل للطمر وبذلك واجهت الوزارة المذكورة سهام البيئيين المحليين الناقدة لهذا التوجه بل التوبيخ المباشر لعدم اختيار وسائل أنسب لإدارة المخلفات الصلبة. فما هي أسباب رفض هؤلاء لهذا التوجه؟ ومن ثم محاولتهم الحصول على مساندة الرأي العام المحلي لتأييد وجهة نظرهم وخاصة أن تكلفة الاستثمار الحكومي في هذا القطاع قدر بـ750 مليون دولار.

مما لا شك فيه أن القلق الرئيسي لسكان جزر البحرين -وخاصة المناطق القريبة للموقع المختار لمحطة الحرق والذي لم يعلن عنه- نابع من اهتمامهم بالجوانب البيئية والصحية -خاصة كبار السن- وأيضا جوانب السلامة والأمان في المحطة وخاصة في حال حصول تسربات ومستوى الاحترافية للعاملين في غرفة التحكم.

الآثار السلبية المتوقعة قد تمدد لتشمل جودة الهواء بسبب زيادة تركيز الملوثات وبسبب نقل المئات من المركبات للمخلفات من مختلف مناطق البحرين إلى المحطة، وبسبب إنتاج المحطة لرماد الفحم (ناتج من عملية الحرق)، و سيسبب إنشاء المحطة زيادة إنتاج البحرين من غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، وأخيرا الروائح الكريهة للقمامة.

الملوثات الرئيسية والمسببة للمشكلات الصحية والمنبعثة من مداخن مواقد إحتراق القمامة هي: الجسيمات العالقة المتطايرة، الرصاص، الزئبق، مركبات الدايكسن والفيوران، المركبات الكربونية العضوية، أكاسيد النيتروجين والكبريت. مما لا شك فيه أن بعض هذه المركبات مسرطنة خاصة في حال زيادة تركيزها عن مستويات تم إقرارها بواسطة منظمة الصحة العالمية.

لكن يمكننا القول إن تركيز معظم هذه الغازات والمواد قد تم خفضها مع النمو الطبيعي لتكنولوجيا الحرق على مدى 30 سنة الماضية وخاصة مع التقدم في أنظمة التحكم والأجهزة الدقيقة ومراقبة مداخن الحرق بواسطة الأجهزة الحكومية المعنية لذلك فمع احترامي للرأي المعارض فإن التطبيق الصحيح لتكنولوجيا الحرق وزيادة درجة الوعي المحلي قد يساهمان في إيجاد حلول لمشكلة النفايات الصلبة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2318 - الجمعة 09 يناير 2009م الموافق 12 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً