العدد 2502 - الأحد 12 يوليو 2009م الموافق 19 رجب 1430هـ

«إسرائيل» وحكم مصر

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في تقريرٍ لها من رام الله، نشرت «القدس العربي» الخميس الماضي تقريرا لافتا عن اهتمام القيادات السياسية والأمنية في «إسرائيل» بوراثة الرئيس حسني مبارك من الآن.

الصحيفة نقلت عن مصادر فلسطينية أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتابع حالة الرئيس المصري الصحية، حيث تتوقع تخليه عن منصبه لصالح ابنه جمال، الذي يتولى منصبا قياديا في الحزب الحاكم. واللافت أكثر أن هذه المصادر أشارت إلى أن «إسرائيل» تعمل خلف الكواليس مع الإدارة الأميركية لنقل السلطة إلى جمال (أو أحد أركان الحكم) بصورة سلمية للحفاظ على العلاقات الجيدة بين القاهرة وتل أبيب، ومثل هذه الموافقة الأميركية على توليه سوف يشعره بأنها ساعدته على الوصول إلى الرئاسة لضمان التزامه بالعلاقات المصرية الإسرائيلية.

هذا ما نقلته «القدس العربي»، أما صحيفة «معاريف» الإسرائيلية فأشارت إلى تقديرات إسرائيلية رسمية تشير إلى أن الرئيس المصري سينهي مهام منصبه قبل انتهاء ولايته، وأنّه يعمل الآن على التحضير لتوريث ابنه الرئاسة. وأشارت إلى أن الرئيس البالغ 81 عاما، ينوي تعجيل عملية التوريث قبل نهاية ولايته بعد سنتين. والأغرب أن الصحيفة أشارت إلى أن هذه الأمور عُرضت في مباحثات إسرائيلية أجريت مؤخرا بشأن مستقبل النظام في القاهرة!

المصادر الإسرائيلية ادعت أنّ وفاة حفيد الرئيس أضعفته كثيرا، وهو أمرٌ يصعب قبوله لمن عرفوا الرئيس بحيويته ونشاطه وجولاته، وآخرها موقفه المتصلب بشأن الحصار في ذروة الهجوم على غزة، أثناء حضوره قمة الكويت في يناير/ كانون الثاني الماضي. مع ذلك ذهب الإسرائيليون إلى القول إن وفاة حفيده أضعفت حيويته، وشجّعه على اتخاذ القرار باعتزال الحياة السياسية، وأنه يفضل أن يراقب عملية تسليم السلطة إلى ابنه جمال وهو على قيد الحياة.

الإسرائيليون كانوا أول من تكلّم عن النهاية الوشيكة للملك حسين بسبب المرض القاتل، وعودته من أميركا لنقل السلطة من أخيه الأمير الحسن لابنه الملك عبدالله الثاني. وهم أول من تكلّم عن نهاية ياسر عرفات، فلديهم كما يبدو الكثير من الأسرار التي لا يعرفها العرب عن أنفسهم وعن حكامهم ودولهم. ووفق السيناريو الذي رسمه «صنّاع القرار» في تل أبيب، فإنّ الرئيس مبارك سيُعلن عن اعتزاله الحياة السياسية في المستقبل القريب وتبكير موعد الانتخابات، فهذا هو ما آلت إليه أوضاع مصر الاعتدال بعد ثلاثين عاما من معاهدات السلام.

الوجه الآخر لمصر الكرامة والعروبة، يمكن أن نراه في شخصيةٍ مستقلةٍ كالوزير السابق يحيى الجمل، وهو فقيهٌ دستوريٌ كبير، وصاحبُ قلم رشيق. ظهر على قناة «الجزيرة» قبل ليلتين، ليتحدّث عن الدستور الذي يهدف تاريخيا إلى إنهاء «شخصنة الدولة»، إلا أن الدولة في مصر أصبحت مشخصنة في كل شيء، وتم إقصاء الناس فيها عن كل شيء حسبما قال.

وعن المرحلة التي تمر بها مصر قال إنها مرحلة عابرة لم تمر بمثلها في تاريخها، فقد أصبحت «عزبة بيد مجموعةٍ من الأشخاص». وأضاف بخبرته المتراكمة قائلا: «كل ما أُدخل على الدستور من تعديلات كان للأسوأ، والمشكلة أن ما يحدث في مصر من سوءٍ يُصَدّر لبقية الدول العربية، فالبرلمانات تأتي بالتفصيل وليس بالانتخابات الحرة الحقيقية».

حمى الله مصر العزيزة وأقالها من عثرتها، ورفع هامتها شامخة بين الأمم.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2502 - الأحد 12 يوليو 2009م الموافق 19 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً